"نصائح هامة لمرضي السكر"-حوار مع الدكتور/ هاني عبد الرحمن – استشاري الأمراض الباطنة 2024.

ورد الينا الكثير من الاستفسارات عن مرض السكر ومخاطره فكان لموقع اشراقة هذا اللقاء مع الدكتور/ هاني عبد الرحمن – استشاري الأمراض الباطنة حول هذا المرض الذي يعتبر الآن من أمراض العصر نتيجة للضعوط النفسية التي يعاني منها الانسان:

بداية نرحب بالدكتور/ هاني عبد الرحمن ونستهل حديثنا معه عن طبيعة مرض السكر:

س: ما هو مرض السكر ؟
ج: مرض مزمن ترتفع فيه نسبة السكر في الدم أكثر من المعدل الطبيعي مما يؤدى إلى ظهور أعراض مرضية و قد يؤثر على وظائف بعض أعضاء الجسم.

س: قد يقول المريض أحيانا لماذا أنا ؟؟؟!!00 فبماذا تجيبه ؟
ج: أجيبه بأنها إرادة الله و أنه لا يوجد سبب واحد قاطع لمرض السكر و لكن قد يكون هناك استعداد للإصابة بالمرض.

س: ما هي أنواع مرض السكر؟
ج: هناك أنواع كثيرة لمرض السكر أهمها النوع الأول الذي غالبا ما يصيب الصغار أقل من 25 سنة و لكن يمكن أن يظهر في سن أكبر و يعتمد هذا النوع على حقن الأنسولين اليومي و ذلك لأن البنكرياس في هذا النوع لا يفرز أنسولين
النوع الثاني يظهر في الأشخاص فوق سن الأربعين و غالبا ما يكون في وجود وزن زائد و في هذا النوع يبدأ العلاج بعمل نظام غذائي لإنقاص الوزن و العلاج بالأقراص و إذا لم يستجب المريض يتم تحويلة إلى حقن الأنسولين.
أما سكر الحمل فيبدأ أثناء فترة الحمل و قد ينتهي بعد الولادة مباشرة و لكن في 15% من الحالات يعود للظهور و يستمر بعد ذلك.
و هناك أنواع أخرى منها السكر الثانوي أي أن له سبب واضح غالبا ما يكون بسبب استخدام بعض العقاقير الطبية المسببة لمرض السكر دون استشارة الطبيب أو بسبب بعض الأمراض التي تصيب البنكرياس أو الغدد الصماء.
كذلك هناك حالة ما قبل الإصابة بمرض السكر و هي حالة ترتفع فيها نسبة السكر عن المعدل الطبيعي و لكنها لا تكفى لتشخيص المرض أي أنها حالة بين الطبيعي و بين مرض السكر.

س: و كيف يمكن تشخيص مرض السكر و تقييم الموقف؟
ج: يتم ذلك بتحليل نسبة السكر في الدم و ليس في البول بالطريقة السليمة و هناك أربعة تحاليل هامة:

1- تحليل السكر صائم
في الصباح و ليس في المساء و هذا هام جدا و لو كانت النتائج من 70 إلي 110 مجم% فهي نتيجة طبيعية و من 111 إلي 139 مجم% فهي حالة ما قبل الإصابة بمرض السكر.أما إذا كانت النتيجة أكثر من 140 مجم% فهو مريض بالسكر.
2- تحليل السكر بعد الأكل بساعتين:
و يفضل أجراء هذا التحليل في الصبح بعد الإفطار لحين تنظيم السكر ثم يتم التحليل بعد الغذاء بساعتين للتأكد من أنة لا يرتفع وقت الغروب و هذا التحليل يعكس مدى التزام المريض بالنظام الغذائي و العلاجي و النسبة الطبيعية من 120 ألي 140 مجم%.
3- تحليل هيموجلوبين سكري ( سكر الخلية ):
و هو تحليل يعكس حالة السكر في الدم خلال الشهرين أو الثلاثة أشهر السابقة.
4- التحليل الأخير هو قياس الزلال السكري و مجموعة الكوليسترول و دهون الدم.

بعد تشخيص المرض يجب أن تحدد أهداف العلاج:
أهداف قريبة:
أن تتخلص من أعراض المرض فهي كثيرة و مزعجة مثل الجوع الشديد و كثرة التبول و العطش و نقص الوزن والضعف و سرعة الإجهاد و عدم التركيز .

أهداف بعيدة و هي الهدف الأكبر:
تجنب حدوث مضاعفات المرض فهي قد تكون خطيرة و أهمها إصابة شبكية العين و أمراض الشرايين الصغرى و الكبيرة مثل أمراض القلب و المخ و الكلى و الأطراف كذلك القدم السكري و التهاب الأعصاب الطرفية.

س: هل حقيقي أن مرض السكر لا يمكن أن يصيب شخص إلا عن طريق الوراثة؟
ج: غير حقيقي لأن هناك عوامل أخرى يمكن أن تسبب المرض بالإضافة ألي عامل الوراثة.

س: هل مريض السكر يورث كل أولاده بالمرض؟
ج: لا .. إطلاقا و كثير من أبناء مرضى السكر لم يصابوا بالمرض لأن مرض السكر في الوراثة صفة متنحية و ليست صفة سائدة.

<STRONG><FONT size=6 face="Comic Sans MS">

شكرا لك

نصائح رائعه
يالغلا

يعطيك الف عاااااافيه دقدوووووقتي:)
يعاافيج ربي نورتي موضووعي غاليتي

الحب فى الله – للشيخ عبد الرحمن السديس 2024.

الحب فى الله – للشيخ عبد الرحمن السديس
الحب فى الله – للشيخ عبد الرحمن السديس
الحب فى الله – للشيخ عبد الرحمن السديس

دار

الحب فى الله – للشيخ عبد الرحمن السديس


الحمد لله، نحمده – تعالى – حق حمده – سبحانه – لم يزل بديعًا خلاَّقًا، أودعَ البريَّة مشاعرَ نوازِعَ وأشواقًا، وأعقبَها جزاءً وِفاقًا، ربِّي لك الحمدُ العظيمُ لذاتِك، حمدًا وليس لواحدٍ إلاَّكَ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةً تعمُر القلبَ إشراقًا، والروحَ ندًى وإيراقًا، وأشهد أن نبينا وحبيبَنا وسيدَنا محمدًا عبد الله ورسوله أزكَى العالمين أرُومةً وأعراقًا، صلَّى الله وبارَك عليه نهَلَنا من الحب الطهور كأسًا دهاقًا، وعلى آله الطيبين المُترَعين حنانًا وإشفاقًا، وصحابته الغُرِّ الذين انبَثَقَ بهم الحقُّ انبثاقًا، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ تنافُسًا في الجِنان واستباقًا، وسلَّم تسليمًا كثيرًا أبدَ الدهر رقراقًا.

أما بعد، فيا عباد الله: اتقوا الله حقَّ تقاته، واعلموا أن تقواه أعظم مِصداق، وأقوى ميثاق، من استعصَم بها فاز وفاقَ، وحاز من البرِّ والخيرات أنفسَ الأطواق: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) [البقرة: 197].

وأكثِر من التقوى لتحمَدَ غِبَّها *** بِدارِ الجَزَا دارٌ بها سوف تنزِلُ
وسارِع إلى الخيرات لا تُهمِلَنَّها *** فإنك إن أهملتَ ما أنت مُهمَلُ

أيها المسلمون: في عالمٍ يموجُ بالفتن والأزمات، ويصطخِبُ بالمِحَن والمُتغيِّرات، وتبصُّرًا في خَلَجات النفس الإنسانية ومساتِرها السنيَّة تتبدَّى في إشراقٍ وبهاءٍ، ونضارةٍ وصفاءٍ صفةٌ أخَّاذةٌ بديعة، وقيمةٌ لشَدَّ ما هي خلاَّقةٌ رفيعة، جُبِل عليها الإنسان، واستقرَّت منه في مُغرورقِ الجَنان، في وارِفِ أفيائها أناخَت النفوس ركائبها، فحازَت شريف مآرِبها، ونَجَت من نزَوَاتها ومعاطبها، انطوَى عليها العُبَّاد والنبلاء، والزُّهَّادُ والأصفياء، والخاصةُ والدهماء.

وصفوةُ القول: إنها لم تُغادِر قلبًا إلا تصبَّتْه، ولا وِجدانًا إلا سبَتْه؛ بل اتَّصَف بها الباري – جل في علاه -، وكذا حبيبُه ومُصطفاه – صلى الله عليه وسلم -، تلكم – يا رعاكم الله – هي: صفة الحب والمحبة.

يقول – سبحانه -: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [المائدة: 42]

ويقول – عزَّ اسمه -: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي) [طه: 39]

ويقول – تعالى -: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا) [مريم: 96]
والوُدُّ: هو خالصُ الحب.

وفي منزلة الحب الأفيلة يقول العلامة ابن القيم – رضي الله عنه -: "هي المنزلة التي إلى عالمِها شمَّر السابقون، وعليها تفانَى المُحبُّون، وهي الحياة التي من حُرِمَها فهو من جملة الأموات، والنور الذي من فقَدَه فهو في بحار الظلمات".

الحبُّ كم لبَّى له النُّبلاءُ *** فتمايَلَت حاءٌ هناك وباءُ
أرَجٌ وِدادٌ ولهفةُ ذي ضَنَى *** وتصبُّرٌ وتجمُّلٌ وصفاءُ

أيها المؤمنون: أودعَ الباري – تعالى – في العقول معاقدَ الفهم والإدراك، وعضَّدَها بنصوص المنقول الدِّرَاك، ووشَّى الأفئدةَ بلواعِجِ العواطِف، والأشواق اللواطِف، فانتشَى الإنسانُ بحبُّ ما فُطِر عليه، لذلك كانت أشرف الأرواح وأصفاها أسناها محبوبًا وأسماها؛ كحب الرحمن الواحد الديَّان، وحب القرآن، وحب سيد ولد عدنان – عليه الصلاة والسلام -، وحب أوصاف الجمال والكمال، ومكارم الخِلال، ومحاسن الجَلال مما لا يُناسبُ إلا جواهر النفوس الزكيَّة: (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) [البقرة: 165].

فالمراضي المرغوبة، والمحابُّ المطلوبة، والنوازِع المشبوبة لا تتفتَّقُ أزهارها إلا بأريجِ الحبِّ وبليجِ نسائمِه، فلله ما خالطَ هذا الخفقُ السنِيُّ النفوسَ إلا كساها من الغِبطة والنَّدَى أنضَر لَبُوس، وألقًا في الجوارح وسعادةً في الروح، وبهجةً تغدو في الحنايا ولا تروح، كيف وقد عُلِّق عليه الإيمان؟!

يقول – صلى الله عليه وسلم -: ((ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا)) [أخرجه البيهقي وغيره].

فهذا الحب المُجتمعي المُتقارب الذي حثَّ عليه المصطفى – صلى الله عليه وسلم – هو من تآصُر الأمم غرائسها، ومن نهضتها نقادِسها، وما فرَّطَت فيه المجتمعات إلا بهَطَتْها المِحن، وضرَّستها الإِحَن.

فلا والحق! لولا الحب صارَت *** قلوبُ الناس خاليةً يَبابًا
به ذُبْنا كأنسابٍ وذابَت *** مواجِدُنا وقد كانت صِعابًا

إنه الحب الطهور المُطرَّز بالرِّقَّة العاطرة، والمشاعر المشبوبة الماطِرة في حنانٍ مُنساب، وإباءٍ غلاَّب، وتقاربٍ للوُدِّ سكَّاب؛ حيث ينطلق بين العالمين آشعةً للحق والهدى هادية، وسعادةً مُرتسمةً في المباسِم بادية، ومسرَّةً في السُّوَيْداء شادية، وذاك ترجمان قوله – صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثٌ من كُنَّ فيه وجَدَ بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يحبَّ المرءَ لا يُحبُّه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يُقذَفَ في النار"؛ متفق عليه.

أيها الأحبة الأوِدَّاء: حيَّهلاً إلى مناجاةٍ للحبيب – صلوات الله وسلامه عليه – مشرقة بالضراعة والطمأنينة لاستدرار جيَّاش الحب والسكينة، ولكن أيَا قلوب المُحبِّين! لُطفًا أنصِتِي وعِي، ويا مشاعر تسمَّعي تسمَّعي.
دعا – صلى الله عليه وسلم – ربَّه قائلاً: ((اللهم إني أسألك حبَّك وحبَّ من يُحبُّك وحبَّ العمل الذي يُقرِّبُني إلى حبِّك))[أخرجه الترمذي].

الله أكبر! أيُّ حبٍّ عظيمٍ هامِر زكيٍّ غامِر، أرشَفَنا إيَّاه المُجتَبى – بأبي هو وأمي – عليه الصلاة والسلام – القائل: ((المرءُ مع من أحبَّ))[أخرجه مسلم في "صحيحه"].

ونُشهِدُ الله أننا نُحبُّه ونحبُّ رسوله – صلى الله عليه وسلم – حبًّا يفوقُ حبَّ النفس والولد والوالد والناس أجمعين.

نبيَّ الهدى والعدل والحبِّ والنَّدَى *** طوَى ذِكرُك الآفاق والأنجُم الزُّهْرا
نحبُّكَ حبًّا لا سبيل لوصفِه *** تغلغلَ في أرواحنا طاهر المَسْرَى

إخوة الإيمان: وبعد أن تأصَّل من تجبُ له محبَّةُ الجَنان، وتمثُّلها بالأركان، إنه من سبَى اللُّبَّ، وتسابَقَت لطاعته كتائبُ الحب: حبيبُنا محمد – صلى الله عليه وسلم -، فإن آية ذلك خُبْرًا وخَبَرًا اتباعُ سنَّته واقتفاءُ سيرته في كل الأحوال كي ننعم بحب الكبير المُتعال.

فيا أيها المُحبُّون: أنَّى وعلامَ وكيف وحتَّاما يكون الحب المُؤصَّلُ الرَّصين، والمنهجُ النبوي الأمين، مدى الأعمار والسنين قصرًا على مُحدَثاتٍ ومخالفات، وانبِتاتٍ عن معين السنة البَلْجاء أيِّ انبِتات، ليت شِعري! إنه الحب الهَباء الأخفّ، وفي الموازين هو الأطَفُّ.

سَلْهم عن الحب الصحيح ووصفِه *** فلسَوف تسمعُ صادقَ الأخبار
إحياءُ سنَّته حقيقةُ حبِّه *** في القلب في الكلمات في الأفكار

أما البَوح الذي ترجَمَ نوابِض الإحساس، وجلَّى في خفَرٍ مقاصِد الأنفاس، فكان أشذَى من الآس: بَوحُ حبِّ صحابة الحبيب – رضي الله عنهم – أجمعين -، وأزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين لحبيبهم – صلى الله عليه وسلم -.

وتلك معانٍ لا يعيها إلا صِحاحُ الوِجدان، ولا يُفسِّرُها إلا قاموس القلوب الترجمان، فالحبُّ الزاخِر بأزكَى العواطِف وأنبَل المشاعر خيرُ مهادٍ للتراحُم بين الآباء والأبناء، والزوجين الكريمين، وسعادة الأسرة دون مَيْن، ومشاعر الرِّضا والوِداد لا تنمو إلا في رياض الحبِّ ورُباه، ينأَى بها عن الإجداب العاطفيّ الذي تسعَّرَت به كثيرٌ من البيوتات جرَّاء ويلات الفضائيات ووسائل الاتصالات التي بثَّت كثيرًا من الزعازِع والفتن والتحدِّيات.

الحبُّ وردٌ في القلوب مُؤرَّجٌ *** فسعادةٌ وتواصُلٌ وهناءُ
جمع الخِصالَ كريمَها وعزيزَها *** وتتوَّجَت بأريجه الكرماءُ

فيا حملة الأقلام، ورادَة اللِّثام، ورجال الفكر والإعلام: لا بُدَّ من تأصيل ثقافة الحب والتَّحنان روحًا ووجدانًا، وتعامُلاً وتخاطُبًا وتبيانًا.

أما السماسرة الإمَّعات فهم الذين يُفسِدون الأفئدة والأذواق، ويُلوِّثون رقراق الأشواق بشباب الأمة وفتياتها بجراثيم الغرائز والفُجور، وقصص الإسفاف والتزييف والزُّور المطوِّحة في الأوحال والشرور، وقد تجسَّرت خائنةُ الأعين وما تُخفِي الصدور من الكيد والبُهتان، وسلب الحياء والامتهان، ويخدعون الأغرار مُختلسين منهم نفيس الأوقات والأعمار، بوَجْدٍ مُحرَّمٍ صفيق خدَّاعِ البريق، لا بهاء له ولا رحيق؛ بل مآلُه الويلُ والحريق.

إن هؤلاء والمُنحَطّ لدمارُ الجيل وداؤه، وشِقوتُه وبلاؤه، ولكن ها هو الجيلُ الواعدُ – بحمد الله – شبَّ عن الأطواق، ولاحَت مخايِلُ يَنْعِه وشموخه في الآفاق.

ألا فاتقوا الله – أيها المؤمنون -، وأفعِموا قلوبكم بحب الله ورسوله واعمروها، وزَكُّوها بالطاعات واغمُروها، تسعَدوا تفوزوا، وللهُدى تحُوزوا.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [آل عمران: 31].

اللهم إنا نسألك حبَّك وحبَّ رسولك – صلى الله عليه وسلم -، اللهم اجعل حبَّك وحبَّ رسولك – عليه الصلاة والسلام – أحبَّ إلينا من أنفسنا وأهلينا وأموالنا، ومن الماء البارد على الظَّمَأ، إنك خيرُ مسؤولٍ وأكرمُ مأمول.

أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولكافة المسلمين والمسلمات من جميع الذنوب والخطيئات، فاستغفروه وتوبوا إليه، إن ربي لغفورٌ رحيم.

الخطبة الثانية:
الحمد لله، جعل محابَّه إلى الجِنان سبيلاً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبد الله ورسوله اتخَذَه المولى صفيًّا خليلاً، من امتثَلَ حبَّه فيا بُشراه نَهَلَ من السعادة سلسبيلاً، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه وعلى آله الأطهار وصحابته الأبرار المُفضَّلين تفضيلاً، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ، صلاةً وسلامًا يتعاقبان بكرةً وأصيلاً.

أما بعد، فيا إخوة الإسلام: ومن المحابِّ التي انعطَفَ إليها جَنانُ الإنسان فجَرَت في حناياه بأصدق الشعور وأهمَى الوِجدان: حبُّ البلاد والأوطان التي لا تُعمَر إلا في ظلال الكرامة والأمن والأمان، والعدل والنظام والاطمئنان، ولن يُوطَّد ذلك راسخَ الأركان إلا بالاعتصام بشِرْعة الديَّان، واجتنابِ الفُرْقة والنِّزاع والانقسام والعُدوان.

ألا فليكن منكم بحُسبان أن المواطنة الصالحة ليست هُتافاتٍ تُردَّد ولا شِعاراتٍ تُعدَّد؛ بل هي إخلاصٌ وإيجابيات وشفافيةٌ ومِصداقيَّات، وقِيمٌ ومبادئُ عصيَّاتٌ عن المُساومات، أبِيَّةٌ عن الإملاءات والتدخُّلات، معي الوعي بعواقب الأمور واعتبار والمآلات، وألاَّ يُعرَّض الأمنُ والاستقرار والمصالحُ العُليا في الأوطان للفوضى والفساد والاضطراب، ولا المُقدَّرات والمُكتسبات للنَّهْب والسَّلْبِ والاحتراب، وأن تتضافَر الجهود وتتَّحِد المواقف على حماية الأوطان ومُعالجة قضاياها بكل تعقُّلٍ وحكمة، وتفطُّنٍ ويقظةٍ لمكائد الأعداء ومطامِع الألِدَّاء، ولله درُّ القائل:

بلادي هواها في لساني وفي دمي *** يُردِّدها قلبي ويدعو لها فمي
ولا خيرَ فيمن لا يُحبُّ بلادَه *** ولا في حليف الحب إن لم يُتيَّم

فيا أحبَّتنا الأكارم:
كونوا في تحقيق مصالح أوطانكم سُعاة، ولوحدة أطيافها رُعاة، ولدرء المفاسِد عنها دُعاة، ولرخائها واستقرار حُماة، تبلغوا المجدَ وتغنَموا، وتُحقِّقوا السُّؤدَد وتنعَموا.

حفِظَ الله بلادَنا بلاد الحرمين الشريفين وسائر بلاد المسلمين من مُضِلاَّت الفتن ما ظهر منها وما بَطَن، إنه قريبٌ مُجيب.

ألا وصلُّوا وسلِّموا – رحمكم الله – على النبي المُختار الأمين، قدوةِ المُحبِّين صلاةً وسلامًا أزكَى من الروح والرياحين، كما أمركم بذلك ربُّكم ربُّ العالمين فقال – تعالى – قولاً كريمًا – في الكتاب المبين: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56].

فصلِّ ربِّ وسلِّم كلَّ آونةٍ *** على المُشفَّع وانشُر هديَه فينا
وآلهِ الغُرِّ والأصحابِ من حفِظوا *** عهدَ النبي وبَرُّوه مُوفِّينا

اللهم صلِّ وسلِّم على الحبيب المُجتبَى، والرسول المصطفى، وعلى آله الطيبين وصحابته الغُرِّ الميامين، وارضَ اللهم عن الأربعة الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك ورحمتك وكرمك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأدِم الأمن والاستقرار في رُبوعنا، اللهم من أرادنا وأراد عقيدتنا وقيادتَنا وبلادَنا وأمنَنا بسوء فأشغِله بنفسه ورُدَّ كيدَه في نحره، واجعل تدبيره تدميرَه يا سميع الدعاء.

اللهم احفظ هذه البلاد وسائر بلاد المسلمين حائزةً على الخيرات والبركات، سالمةً من الشرور والآفات، برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أيِّد بالحق إمامنا ووليَّ أمرنا، اللهم وفِّقه لما تحب وترضى، وخُذ بناصيته للبر والتقوى، وهيِّئ له البطانة الصالحة التي تدلُّه على الخير وتُعينُه عليه.

اللهم إنا نلهجُ إليك بأوفر المحامد وأسناها، وبذُرَى الشكر وأرقاها على مننتَ به على عبدك خادم الحرمين الشريفين من مطارف الصحة والسلامة والإبلال يا ذا المِنَّة والجلال، اللهم وكما أسبغتَ عليه ثيابَ الصحة الضافية وحُلَل السلامة والعافية اللهم فأدِم عليه من حُلل العافية أضفاها، ومن ثياب الصحة أوفاها، ونضرعُ إليك يا الله أن تُعيدَه إلى وطنه وذويه وشعبِه ومُحبِّيه مُكلَّلاً بتمام العافية، وحُلل السلامة الضافية.

اللهم وفِّقه ونائبه والنائب الثاني وإخوانهم وأعوانهم إلى ما فيه صلاح العباد والبلاد.

اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم احقِن دماءهم، واحفَظ أموالهم وأعراضَهم يا رحيم يا رحمن.

اللهم احفظ مصر وأهلها من كل سوءٍ ومكروه، اللهم احفظ مصر الإسلام والتأريخ والكِنانة.

كِنانةُ الله لا حزنٌ ولا وهَنُ *** فلا تبيتي على همٍّ وتبتئسِي
كم أنجَبَت دوحةُ الإسلام من علمٍ *** وألَّقَت في هزيعِ الليل من قَبَسِ

اللهم جنِّب إخواننا المسلمين في كل مكان الفُرقة والفتن وأوائل المِحن، وأطفِئ عنهم شرارة الفتن وضراوة الإحَن، وارزقهم رأيًا سديدًا وفعلاً رشيدًا في ظل الكتاب والسنة يا ذا العطاء والمِنَّة، اللهم احفظ أمنهم واستقرارهم ورخاءهم وازدهارَهم، اللهم اجعلهم في أمنٍ وأمان، اللهم اجعلهم في أمنٍ منك وضمان، وإيمانٍ وإحسان، اللهم احفظنا وإياهم من شر الأشرار، وخطير الأخطار، وشر طوارِق الليل والنهار.

اللهم خُذ بأيدينا في المضائِق، واكشِف لنا وجوه الحقائق، اللهم رُدَّ عنا وعن بلادنا وعن سائر بلاد المسلمين كيدَ الكائدين ومكر الماكرين، واحفظنا من الفتن والبلايا والمِحَن والرَّزايا، واجعل لنا وللمسلمين من كل همٍّ فَرَجًا، ومن كل ضيقٍ مخرَجًا، ومن كل بلاءٍ عافية، واحفظنا من بين أيدنا ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا، ونعوذ بعظمتك اللهم أن نُغتال من تحتنا.

اللهم احفظ المسجد الأقصى، اللهم احفظ المسجد الأقصى، اللهم احفظ المسجد الأقصى من عدوان المُعتدين، وكيد الصهاينة المُحتلِّين الغاصبين يا ذا الجلال والإكرام.

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].
(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر: 10]، ربنا تقبَّل منا إنك أنت السميعُ العليم، وتُب علينا إنك أنت التواب الرحيم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، إنك سميعٌ قريبٌ مُجيب الدعوات.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الحب فى الله – للشيخ عبد الرحمن السديس
الحب فى الله – للشيخ عبد الرحمن السديس
الحب فى الله – للشيخ عبد الرحمن السديس

موضوع رائع
تسلم الايادي
تقبلي مروري

دار
تسلم الايادي على موضوعك الجميل

جزاكِ الله خيرا وبارك فيكِ
جعله الله فى ميزان حسناتك..~

وعباد الرحمن تلاوه خاشعه ومؤثره جدااااااااا 2024.

وعباد الرحمن تلاوه خاشعه ومؤثره جدااااااااا
http://www.safeshare.tv/w/RazOuVEQTr

دار

شكرا حبيبتي
دار

دار

جزاكي الله خير
وأحسن إليكي فيما قدمتي
دمتي برضى الله وإحسانه وفضله

تبارك الرحمن 2024.

ط¯ط§ط±
بسم ماشاء الله
مشكورة روحى
مافي صوره
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكورة على الموضوع

بس للاسف الصور لا تظهر لذلك سيتم نقل الموضوع لمنتدى المهمل

تقبلى مرورى

كيف نشكر الله تعالى على نعمه – الشيخ على بن عيد الرحمن الحذيفى 2024.

كيف نشكر الله تعالى على نعمه – الشيخ على بن عيد الرحمن الحذيفى

دار

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مُباركًا فيه كما يحبُّ ربُّنا ويرضى، له الحمدُ في الدنيا والأخرى، لا نُحصِي ثناءً على ربنا هو كما أثنى على نفسه بأسمائه الحُسنى وصفاته العُلَى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو العِزَّة والجَبروت، لا يُعجِزُه شيءٌ في الأرض ولا في السماء، وأشهد أن نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبده ورسوله المُصطفى المبعوثُ بالرحمة والهُدى، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك وخليلك محمدٍ، وعلى آله وصحبه البَرَرة الأتقياء.
أما بعد:
فاتقوا الله – أيها المسلمون – بفعل ما أمرَكم به، وترك ما نهاكُم عنه؛ فمن اتقى الله وقاه، وصرفَ عنه من المهالكِ والشُّرور ما يخشاه، وأحسنَ عاقبتَه في دُنياه وأُخراه فجعل الجنةَ مأواه.
أيها الناس:
إن نعمَ الله علينا لا تُعدُّ ولا تُحصى، قال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 18].
ونعمُ الله على الخلق منها ما يعلمُه العباد، ومنها ما لا يعلمونه، وشُكرُ نعم الربِّ – جل وعلا – بمحبَّة المُنعِم – تبارك وتعالى – من القلب الصادق، وبدوام طاعة الله وترك معاصِيه، وبالثناء على الربِّ – تبارك وتعالى – بما أنعمَ، وتعظيم النعم والتحدُّث بها تواضُعًا لله واعترافًا بفضل الله – عز وجل -، واستعمالها فيما يُرضِي الله – تبارك وتعالى – وعدم الاستعانة بها على معاصِي الله – عز وجل -.
فمن آمنَ بالله – سبحانه – وابتعدَ عن معاصِيه فقد شكرَ ربَّه العزيزَ الوهابَ.
وهذا الشكرُ على لرسالة السماوية بالإيمان أعظمُ أنواع الشُّكر، وأعظمُ أنواع الحمد لله رب العالمين.
ثم يكون بعد ذلك شكرُ كل نعمةٍ بخُصوصها إلى أصغر وأقل نعمةٍ، وليس في نعمِ الله وآلائه صغيرٌ ولا قليلٌ؛ بل كل نعم الله جليلةٌ وعظيمةٌ، يُوجِبُ الله بها على العبد الحمدَ والشكرَ، فلربنا العزيز الوهاب الثناءُ الحسن، والحمدُ والشكرُ على نعمه كلها التي نعلمُها والتي لا نعلمُها، حمدًا ينبغي لجلال وجه ربِّي وعظيم سُلطانه، حمدًا يُوافي نعمه ويُكافِئُ مزيدَ فضله.
ومن يكفر بالإيمان ويركَب المعاصي فقد كفرَ بنعمة الرسالة التي منَّ الله بها على المُكلَّفين، وكفرُ نعمة الرسالة السماوية أعظمُ أنواع الكفر.
ثم يأتي بعد ذلك: الكفرُ بكل نعمةٍ بخصوصها، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا [الإنسان: 2، 3].
ومن شكرَ نعم الله تعالى زادَه، ومن كفَر بنعم الله تعالى عاقبَه، قال الله تعالى:﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7].
وفي الحديث عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «من قال في أول يومه: اللهم ما أصبحَ بي من نعمةٍ أو بأحدٍ من خلقك من نعمةٍ فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمدُ ولك الشكرُ؛ فقد أدَّى شُكرَ ليلته، ومن قال ذلك حين يُمسِي فقد أدَّى شُكر يومه»؛ وهو حديثٌ حسنٌ.
وهل أعظمُ من نعمة الإيمان والإسلام والقرآن؟!
فيا أيها المسلمون:
اشكُروا الله تعالى واحمَدوه على هذه النعمة المُهداة، والمنَّة المُعطاة، واشكُروه على نعمه العظيمة وآلائه الجَسيمة.
ومما منَّ الله به علينا في هذه البلاد: نعمةُ الإيمان والأمان وعُموم الأمن والاستقرار، ومما خصَّ الله به هذه المملكةَ الحرمان الشريفان منبعُ الإسلام، وموطنُ نزول القرآن الكريم، وبُزوغ شمس الإسلام على البشر بالتوحيد والرحمة والعدل والسلام وكرامة الإنسان، قال الله تعالى في نبيه – صلى الله عليه وسلم – وأنزلَ عليه: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].
ومن النعم التي أُعلِنَت : توسِعةُ المسجد النبوي الشريف التوسِعةَ النافعةَ المُباركة، الضافِية الكافِية، وهي نعمةٌ من الله على جميع المُسلمين في كل مكانٍ عمومًا، وعلى أهل المدينة خُصوصًا، والتي وضعَ حجر أساسِ هذه التوسِعة خادمُ الحرمين الشريفين: الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله ووفقه -.
ومن قبلها قريبًا: توسِعة المسجد الحرام زيادة على التوسِعات السابقة من آل سعودٍ المُوفَّقين الكُرماء على الحرمين، القائمين على مصالح المُسلمين – وفقهم الله تعالى لما فيه عِزُّ الإسلام -، ونفع الله بهذه التوسِعة المُسلمين وباركَ فيها.
وجزى الله تعالى خادمَ الحرمين الشريفين الجزاءَ الأوفى على ما قدَّم ويُقدِّم لشعبه ووطنه وللإسلام والمُسلمين.
والحرمان الشريفان بركتُهما ونورُهما ونفعُهما للمُسلمين وغير المسلمين، فالله تعالى يدفعُ بالعبادة فيهما الكوارِثَ والنوازِلَ عن أهل الأرض كلها، أو يُقلِّل العقوبات النازِلة على الأرض ببركة العبادة في الحرمين الشريفين، وببركة العبادة في الأرض لله رب العالمين، قال الله تعالى:﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة: 251].
ومجيءُ خادم الحرمين الشريفين من إجازته التي كان فيها خارجَ المملكة إلى المدينة النبوية أولاً وقصدًا لزيارة المسجد النبوي الشريف والسلام على سيد البشر – صلى الله عليه وسلم -، والسلام على صاحبَيْه أبي بكر وعمر – رضي الله عنهما – له دلالاتٌ عظيمةٌ؛ منها:
أن البدءَ بزيارة المسجد النبوي الشريف والتشرُّف بالسلام على خير البشر نبيِّنا محمدٍ – صلى الله عليه وسلم -، والسلام على صاحبَيْه أبي بكر وعمر – رضي الله عنهما -، ثم إقامة حفل وضع حجر الأساس لتوسِعة خادم الحرمين الشريفين للمسجد النبوي في ساحة المسجد النبوي والمنقولة للعالَم. البدءُ بهذا في المجيءِ من السفر من الردود الصائِبة المُوفَّقة التي تردُّ على المُتطاولين والأراذِل من البشر الذين ينتقِصُون سيدَ ولد آدم نبيِّنا وحبيبِنا محمدٍ – صلى الله عليه وسلم -، والذين يُريدون أن يحجُبوا شمسَ نبيِّنا محمدٍ – صلى الله عليه وسلم – بجناح الذُّباب، أو يُريدون أن يقتلِعوا الجبلَ الطودَ الشامِخَ بنفخةٍ من أفواههم.
قال الله تعالى: ﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ﴾ [التوبة: 32].
ومن أعظم الردود على المُتطاولين على سيدنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: التمسُّك بسُنَّته من كل مسلم، وتطبيقُ شريعته، وعدم الانسياقِ وراء أعمالٍ لا يُقِرُّها الإنسان.
والتمسُّك بالتوحيد بعبادة الله وحده لا شريك له في العبادة، والدعوة إلى مشر محاسن الإسلام، ودعوة الناس إليه.
ومن نُصرة الله – تبارك وتعالى – ونُصرة رسوله – صلى الله عليه وسلم -؛ فإن نُصرة الله: أن يستقيمَ على شرع الله – تبارك وتعالى -، وأن يدعُو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن ينصُر الله في كل حالٍ.
ومن دلائل هذه الزيارة: اهتمامُه – حفظه الله – بأهل المدينة جيران رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الذين أوصَى رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم – برعاية حقوقهم، وعظَّم حقوقَهم على الأمة في أحاديث كثيرة عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.
وليعلَم العالَمُ أن دينَنا أعزُّ علينا من كل شيءٍ، ونحن بغير الإسلام لا دُنيا لنا ولا آخرة، ولا عِزَّة ولا كرامة، قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [المائدة: 5].
فتذكَّروا – عباد الله – نعمَ الله عليكم، واشكُروه على آلائه وفضله، واستقيموا على دينه، وانصُروا اللهَ في أنفُسكم، وادعُوا إلى الله – تبارك وتعالى – بهديِ رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، واتباع سُنَّته، والتمسُّك بشريعته، قال الله تعالى: ﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ * فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ [البقرة: 151، 152].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المُرسَلين وقوله القويم، أقول قولي هذا وأستغفرُ الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، وأشهد أن لا إله إلا الله الحليمُ العظيمُ، وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فاتقوا الله حقَّ التقوى، وتمسَّكوا من الإسلام بالعُروة الوُثقى.
عباد الله:
اعملوا الأسبابَ التي يرضى بها عنكم ربُّكم – تبارك وتعالى -، واجتنِبوا الأسبابَ التي تُغضِبُ الله عليكم؛ فليس بينكم وبين الله سبب إلا بالعمل الصالح، قال الله تعالى: ﴿ وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ﴾ [سبأ: 37].
وفي الحديث: عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: «الحلالُ بيِّن والحرامُ بيِّن وبينهما أمورٌ مُشتبَهات، فمن اتَّقى الشُّبهات فقد استبرَأ لدينه وعِرضه، ومن وقع في الشُّبُهات وقع في الحرام». ولا يهلِك على الله إلا هالِك.
واعلموا أن الله هو الذي يُدبِّر الكونَ كلَّه علويَّه وسُفليَّه على ما يُريد، قال الله تعالى: ﴿ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾ [هود: 107].
فعلى المُؤمن أن يعمل بأسباب النجاة، ويجتنِب أسبابَ الهلكَة، وعليه أن يثِقَ بالله ويتوكَّل عليه ويشكُر الله على السرَّاء والضرَّاء، ويصبِر على النعم، فلا يبطُرها ولا يكفُرها، ويصبِر على الضرَّاء بالاحتِساب لله – عز وجل -.
وليعلَم المسلمُ أن كل قضاءٍ يقضِيه الله عليه خيرٌ له في العاجل والآجل، إذا عمِل بالطاعة، وترك المعاصي، ولله تعالى أن يبتلِيَ عبادَه، وليس للعباد أن يمتحِنوا ربَّهم، وفي حديث سلمان – رضي الله عنه -: «عجَبًا لأمر المؤمن إن أمرَه كلَّه خيرٌ، إن أصابَته سرَّاء شكَر فكان خيرًا له، وإن أصابَته ضرَّاء صبَر فكان خيرًا له، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن».
عباد الله:
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، وقد قال – صلى الله عليه وسلم -: «من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا».
فصلُّوا وسلِّموا على سيدنا وحبيبِنا سيدِ الأولين والآخرين، نبيِّا محمدٍ – صلى الله عليه وسلم -، اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد، كما صلَّيتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، اللهم بارِك على محمدٍ وعلى آل محمد، كما بارَكتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، وسلِّم تسليمًا كثيرًا.
اللهم وارضَ عن الصحابة سادات الأمة أجمعين اللهم وارض عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحْب أجمعين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمِك ورحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم وارضَ عن الحسن والحُسين، وارضَ عن أمهما البتُول فاطمة بنت الرسول سيدة نساء العالمين، اللهم وارضَ عن ذريتها المُبارَكين إلى يوم الدين، اللهم وارضَ عن آل بيت رسولك محمدٍ – صلى الله عليه وسلم – المُبارَكين، اللهم وارضَ عن زوجات رسولك – صلى الله عليه وسلم -، وعن آل بيته الذين قال الله فيهم وفي زوجات رسوله – صلى الله عليه وسلم -: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ [الأحزاب: 33].
اللهم اغفر لنا ذنوبَنا، وإسرافَنا في أمورنا، وثبِّت أقدامَنا يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم أعِنَّا على ذِكرك وشُكرك وحُسن عبادتك، اللهم ألهِمنا رُشدَنا وأعِذنا من شُرور أنفُسنا، اللهم أعِذنا من شُرور أنفُسنا ومن سيئات أعمالنا، وأعِذنا من شر كل ذي شرٍّ يا رب العالمين.
اللهم أعِذنا من الشيطان الرجيم ومن نزَغاته ومن وساوسه، اللهم واحفَظنا وذرياتنا والمُسلمين من إبليس وجنوده وشياطينه يا رب العالمين.
اللهم اجعل بلادَنا آمنةً مُطمئنة، رخاءً سخاءً، وسائر بلاد المسلمين.
اللهم آمِنَّ في أوطاننا، اللهم أصلِح وُلاةَ أمورنا، اللهم أصلِح وُلاةَ أمورنا، اللهم وفِّقهم لما تُحبُّ وترضى، ولما فيه الخيرُ والعزُّ للإسلام والمُسلمين يا رب العالمين.
اللهم وفِّق عبدكَ خادمَ الحرمين الشريفين، اللهم وفِّقه لما تحبُّ وترضى، ولما فيه عِزُّ الإسلام والمُسلمين، اللهم أعِنه على ما فيه الخيرُ وما فيه الصلاحُ ولفلاحُ لشعبه وللمسلمين يا رب العالمين ولعِزِّ الإسلام، إنك على كل شيءٍ قدير.
اللهم إنا نسألك أن تُغيثَنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا يا أرحم الراحمين، اللهم أغِثنا يا أرحم الراحمين، اللهم أغِثنا يا أرحم الراحمين، برحمتك إنك على كل شيءٍ قدير.
اللهم اغفِر لأمواتنا وأمواتِ المسلمين، اللهم اغفِر لأمواتنا وأمواتِ المسلمين.
﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].
عباد الله:
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [النحل: 90، 91].
واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.


دار

دار
جزاك المولى خير الجزاء
يعطيك العافية وبارك الله فيك
ع اختيارك للموضوع الرائع والمهم ..جعله الله في ميزان حسناتك
دآئمآً مميزه بآختياراتك .. تسلم دياتك يالغاليه
دمتي بحفظهـ

دار

القارئ عبدالرحمن ناصر الشهري{ ويوم يعض الظالم على يديه). 2024.

دار

كيفكم اخواتي
القارئ عبد الرحمن ناصر الشهري
مقطع سمعته وهو يقرأ هذه الايه ( ويوم يعضُ الظالم على يديه..)
رائعة وتدمع لها العين
فحبيت ان تسمعوها
تفضلوا الرابط
http://www.rofof.com/9tck9yy/Abdalrhmn_nasr.html

دار

دار

شكرا لمروركما حبيباتي
للأسف مو رآضي يشتغل عندي

🙁

اهلا فيكِ
عجيب!
انا اشتغل معي وتم تحميله الى جهازي
والان ايضا جربته واشتغل معي

فضلُ صلَة الرَّحِم – الشيخ على بن عبد الرحمن الحذيفى 2024.

فضلُ صلَة الرَّحِم – الشيخ على بن عبد الرحمن الحذيفى

دار

الحمد لله الذي خلقَ من الماء بشرًا فجعله نسبًا وصِهرًا وكان ربُّك قديرًا، والذي جعل بين العباد وشائِجَ ووصائِلَ ووصَّى بها خيرًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا ضدَّ لربِّنا ولا نِدَّ وكان الله سميعًا بصيرًا، وأشهد أن نبيَّنا وسيِّدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه بعثَه الله بشيرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى الله بإذنه وسِراجًا مُنيرًا، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ وعلى آله وصحبِه صلاةً وسلامًا كثيرًا.

أما بعد:

فاتقوا الله – أيها المسلمون -، وأدُّوا الحقوق لأربابها، وأوصِلُوها لأصحابِها، يكتُب اللهُ لكم عظيمَ الثواب، ويُجِركم من أليم العقاب.

واعلموا – عباد الله – أن ربَّكم – بمنِّه وكرمِه – فصَّل في كتابِه كلَّ شيءٍ، وأرشدَكم رسولُ الهُدى – عليه الصلاة والسلام – إلى ما يُقرِّبُكم من الجنة، ويُباعِدُكم من النار، ويُسعِدكم في هذه الدار.

فبيَّن الحقوق التي لربِّ العالمين على عباده؛ لأن حقَّ الله علينا أعظم مما افترضَه علينا وأكبر مما أوجبَه، ولكنَّ الله برحمته فرضَ علينا بعضَ ما في وُسعِنا، وإلا فحقُّ الله أن يُذكَر فلا يُنسَى، ويُطاعَ فلا يُعصَى، ويُشكَر فلا يُكفَر.

وبيَّن الله حقوقَ العباد بعضِهم على بعضٍ لتكون الحياةُ آمنةً مُطمئنَّة، راضِيةً مُبارَكة، تُظِلُّها الرحمة، وتندفِعُ عنها النِّقمة، ويتمُّ فيها التعاوُن، ويتحقَّقُ فيها التناصُر والمودَّة.

فبيَّن حقوقَ الوالدَيْن على الولد، وحقوق الولد على الوالدَيْن، وحقوق ذوي القُربى والأرحام بعضِهم على بعضٍ. وكلٌّ يُسألُ عن نفسِه في الدنيا والآخرة عن هذه الحقوق والواجِبات؛ فإن أدَّاها وقامَ بها على أحسن صفةٍ كان بأعلى المنازِل عند ربِّه، وقام بأداء هذه الأمانة التي أشفقَت منها السماواتُ والأرضُ والجبالُ.

ومن ضيَّع هذه الحقوقَ كان بأخبث المنازِل عند ربِّه الذي هو قائمٌ على كل نفسٍ بما كسَبَت، لا يعزُبُ عنه مِثقالُ ذرَّةٍ في الكون.

عباد الله:

إن صِلةَ الرَّحِم حقٌّ طوَّقَه الله الأعناق، وواجبٌ أثقلَ الله به الكواهِل، وأشغلَ به الهِمَم. والأرحامُ هم القراباتُ من النَّسَب، والقراباتُ من المُصاهَرة.

وقد أكَّد الله على صِلَة الأرحام وأمرَ بها في مواضِع كثيرة من كتابه، فقال تعالى: ﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ﴾ [الإسراء: 26].

وجعل الرَّحِمَ بعد التقوى من الله تعالى، فقال – عز وجل -: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

ولعِظَم صِلَة الرَّحِم، ولكونِها من أُسُس الأخلاقِ وركائِز الفضائِل وأبواب الخيرات فرضَها الله في كل دينٍ أنزلَه، فقال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ﴾ [البقرة: 83].

وفي حديثِ عبد الله بن سلام – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال أوَّلَ مقامٍ بالمدينة: «أيها الناس! أفشُوا السلامَ، وأطعِموا الطعام، وصِلُوا الأرحام، وصلُّوا بالليل والناسُ نِيام؛ تدخُلُوا الجنةَ بسلامٍ»؛ رواه البخاري.

وثوابُ صِلَة الرَّحِم مُعجَّلةٌ في الدنيا مع ما يدَّخِرُ الله لصاحبِها في الآخرة؛ عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: سمعتُ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: «من سرَّه أن يُبسَطَ له في رِزقِه، وأن يُنسَأَ له في أثَره فليصِلْ رَحِمَه»؛ رواه البخاري والترمذي، ولفظُه قال: «تعلَّموا من أنسابِكم ما تصِلُون به أرحامَكم؛ فإن صِلَة الرَّحِم محبَّةٌ في الأهل، مثْرَاةٌ في المال، منسَأةٌ في الأثَر».

وعن عليٍّ – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «من سرَّه أن يُمدَّ له في عُمرِه، ويُوسَّع له في رِزقِه، ويُدفَع عنه ميتةُ السوء، فليتَّقِ اللهَ وليصِلْ رَحِمَه»؛ رواه الحاكم والبزار.

وعن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال: قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: «إن اللهَ ليُعمِّر بالقوم الديارَ، ويُثمِّرُ لهم الأموال، وما نظرَ إليهم منذ خلقَهم بُغضًا لهم».
قيل: وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال: «بصِلَتهم أرحامهم»؛ رواه الحاكم والطبراني. قال المُنذريُّ: "بإسنادٍ حسنٍ".

وعن أبي بَكْرة – رضي الله عنه – قال: قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: «ما من ذنبٍ أجدرَ أن يُعجِّل الله لصاحبِه العقوبةَ في الدنيا مع ما يدَّخِرُ له في الآخرة من البَغي وقطيعة الرَّحِم»؛ رواه ابن ماجه والترمذي والحاكم.

وعن أبي بَكْرة أيضًا قال: قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: «إن أعجلَ البرِّ ثوابًا لصِلَة الرَّحِم، حتى إن أهلَ البيت ليكونون فَجَرة فتنمُو أموالُهم، ويكثُر عددُهم»؛ رواه الطبراني وابن حبَّان.

وصِلَةُ الرَّحِم لها خاصِّيَّةٌ في انشراحِ الصدر، وتيسُّر الأمر، وسَماحة الخُلُق، والمحبَّة في قلوب الخلق، والمودَّة في القُربَى، وطِيبِ الحياة وبركتها وسعادتها.

والمسلمُ فرضٌ عليه صِلَةُ الرَّحِم وإن أدبرَت، والقيام بحقِّها وإن قطعَت ليعظُمَ أجرُه، وليُقدِّم لنفسِه، وليتحقَّقَ التعاوُنُ على الخير؛ فإن صِلَة الرَّحِم وإن أدبَرَت أدعَى إلى الرجوع عن القطيعة، وأقربُ إلى صفاء القلوب.

فعن أبي ذرٍّ – رضي الله عنه – قال: "أوصَانِي خليلي – صلى الله عليه وسلم – بخِصالٍ من الخير: أوصَانِي ألا أنظُر إلى من هو فَوقِي وأن أنظُر إلى من هو دُوني، وأوصَانِي بحبِّ المساكين والدنُوِّ منهم، وأوصَانِي أن أصِلَ رَحِمِي وإن أدبَرَت، وأوصَانِي ألا أخافَ في الله لومةَ لائِمٍ"؛ رواه الإمام أحمد وابن حبَّان.

وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن رجلاً قال: يا رسول الله! إن لي قرابةً أصِلُهم ويقطَعوني، وأُحسِنُ إليهم ويُسيئُون إليَّ، وأحلُمُ عليهم ويجهَلون عليَّ. فقال: «إن كنتَ كما قلتَ فكأنَّما تُسِفُّهم المَلَّ – أي: الرماد الحارّ -، ولا يزالُ معك من الله عليهم ظَهيرٌ ما دُمتَ على ذلِك»؛ رواه مسلم.

وعن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «ليس الواصِلُ بالمُكافِئ، ولكنَّ الواصِل الذي إذا قُطِعَت رَحِمُه وصَلَها»؛ رواه البخاري.

وقطيعةُ الرَّحِم شُؤمٌ في الدنيا ونكَدٌ، وشرٌّ وحرجٌ، وضيقٌ في الصدر، وبُغضٌ في قلوب الخلق، وكراهةٌ في القُربَى، وتعاسةٌ في أمور الحياة، وتعرُّضٌ لغضب الله وطردِه.

وتكون الرَّحِمُ والأمانةُ على جانِبَيْ الصِّراط تختطِفُ من ضيَّعَها فتُردِيه في جهنَّم، كما في الحديث الذي رواه مُسلم.

فعقوبتُها أليمةٌ في الآخرة، عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: «إن الله خلقَ الخلقَ حتى إذا فرغَ منهم قامَت الرَّحِم فقالت: هذا مقامُ العائِذِ بك من القَطيعة.
قال الله: نعم، أما ترضَين أن أصِلَ من وصَلَكِ، وأقطعَ من قطعَكِ؟
قالت: بلى.
قال: فذاك لكِ»، ثم قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: «اقرءوا إن شِئتُم:
﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد: 22، 23]»؛ رواه البخاري ومسلم.

وعن أبي هريرة – رضي الله عنه – أيضًا قال: سمعتُ رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – يقول: «إن أعمالَ بني آدمَ تُعرضُ كلَّ خميسٍ ليلة الجُمعة، فلا يُقبَلُ عملُ قاطِعِ رَحِمٍ»؛ رواه أحمد.

وعن الأعمَش قال: كان ابن مسعود – رضي الله عنه – جالِسًا بعد الصبح في حلقَةٍ، فقال: "أًنشُدُ الله قاطِعَ رَحِمٍ لمَّا قامَ عنَّا، فإنا نريدُ أن ندعُوَ ربَّنا، وإن أبوابَ السماء مُرتَجَة دون قاطعِ رَحِمٍ"؛ رواه الطبراني.

وعن أبي موسى – رضي الله عنه – أن النبيَّ – صلى الله عليه وسلم – قال: «ثلاثةٌ لا يدخُلون الجنة: مُدمِنُ الخمر، وقاطِعُ الرَّحِم، ومُصدِّقٌ بالسِّحر»؛ رواه أحمد والطبراني والحاكم.

أيها المسلمون:

إن صِلَة الرَّحِم هي بذلُ الخير لهم، وكفُّ الشرِّ عنهم. هي عيادةُ مريضِهم، ومُواساةُ فقيرهم، وإرشادُ ضالِّهم، وتعليمُ جاهِلِهم، وإتحافُ غنيِّهم والهديةُ له، ودوامُ زيارتِهم، والفرحُ بنعمتهم، والتهنِئةُ بسُرورهم، والحُزنُ لمُصيبَتهم، ومُواساتُهم في السرَّاء والضرَّاء، وتفقُّدُ أحوالهم، وحِفظُهم في غيبَتهم، وتوقيرُ كبيرهم، ورحمةُ صغيرِهم، والصبرُ على أذاهم، وحُسنُ صُحبَتهم والنُّصحُ لهم.

وفي مراسِيل الحسن: "إذا تحابَّ الناسُ بالألسُنِ، وتباغَضُوا بالقلوب، وتقاطَعُوا بالأرحام لعنَهم الله عند ذلك فأصمَّهم وأعمَى أبصارَهم".

وإن القطيعةَ بين الأرحام في هذا الزمانِ قد كثُرَت، وساءَت القلوب، وضعُفَت الأسبابُ، وعامةُ هذه القطيعَة على الدنيا الحقيرة، وعلى الحُظوظ الفانِية.

فطُوبَى لمن أبصرَ العواقِب، ونظرَ إلى نهاية الأمور، وأعطَى الحقَّ من نفسِه، وأدَّى الذي عليه، ورغِبَ إلى الله في الذي له على غيرِه، وأتَى إلى الناسِ ما يُحبُّ أن يأتُوه إليه.

وإن القطيعةَ المشؤومةَ قد تستحكِمُ وينفخُ الشيطانُ في نارِها، فيتوارَثُها الأولادُ عن الآباء، وتقعُ الهلَكةُ، وتتسِعُ دائرةُ الشرِّ، ويكونُ البغي والعُدوان، وتدومُ هذه القطيعةُ بين ذوِي الرَّحِم حتى يُفرِّق بينهم الموتُ على تلك الحالِ القبيحة.

وعند ذلك يحضُرُ الندَم، وتثُورُ الأحزان، وتتواصَلُ الحسَرات، وتتصاعَدُ الزَّفَرَات، وعند ذلك لا ينفعُ النَّدَم، ولا يُداوِي الأسفُ جِراحاتُ القلوب، ويترُكون جيفَةَ الدنيا بعدَهم، فلا لقاءَ إلا بعد البعثِ والنُّشورِ. فيجثُو كلٌّ أمام الله الحكَم العدل فيقضِي بينَهم بحُكمِه وهو العزيزُ العليمُ.

والصبرُ والاحتِمالُ والمعروفُ والعفوُ خيرُ الأمور، وأفضلُ دواءٍ لما في الصدور؛ عن عُقبة بن عامرٍ – رضي الله عنه – قال: لقيتُ رسولَ الله – صلى الله عليه وسلم – فأخذتُ بيدِه، فقلتُ: يا رسول الله! أخبِرني بفواضِل الأعمال. فقال: «يا عُقبةَ! صِلْ من قطَعَك، وأعطِ من حرَمَك، وأعرِض عمَّن ظلَمَك».
وفي روايةٍ: «واعفُ عمَّن ظلَمَك»؛ رواه أحمد والحاكِمُ.

أيها المسلمون:

إن المرأةَ قد تكونُ من أسبابِ القطيعة بنقلِها الكلام، وبثِّها المساوِئ، ودفنِها المحاسِن، وتحريشِها للرِّجال، وقد ترى لحماقتِها أن لها في ذلك مصلَحة، وقد تدفعُ أولادَها في الإساءَة لذوِي القُربَى، فعليها يكونُ الوِزرُ، والله لها بالمِرصَاد.

وقد تكونُ المرأةُ من أسبابِ التواصُل بين الأرحام، وتوطِيد المودَّة بينَهم بصبرِها ونصيحَتها لزوجِها، وحثِّها على الخير، وتربية أولادها، والله سيُثيبُها، ويُصلِح حالَها، ويُحسِنُ عاقِبَتها.

فيا أيتها المُسلِمات! اتَّقينَ اللهَ تعالى، وأصلِحن بين ذوِي القُربَى، ولا تكُن القطيعةُ من قِبَلكنَّ؛ فإن الله لا يخفَى عليه خافيةٌ.

قال الله تعالى: ﴿ فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الروم: 38].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفَعَني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعَنا بهدي سيِّد المرسلين وقوله القويم، أقول قولي هذا، وأستغفرُ الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، أحمدُ ربِّي وأشكُرُه، وأتوبُ إليه وأستغفِرُه، وأشكرُه على فضلِه العَميم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العليمُ الحكيم، وأشهد أن نبيِّنا وسيِّدنا محمدًا عبدُه ورسولُه الهادِي إلى صِراطٍ مُستقيم، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وعلى آله وصحبِه ذوِي النَّهج القويم، اللهم صلِّ وسلِّم عليه كثيرًا.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله؛ فتوى الله أربَح بِضاعة، والعُدَّةُ لكل شِدَّةٍ في الدنيا ويوم تقومُ الساعة.

أيها المسلمون:

عظِّموا أوامرَ الله بالعمل بها، وعظِّموا ما نهى الله عنه باجتِنابه، ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281]، وأدُّوا حقوقَ ربِّكم، وحقوقَ عباده؛ فذلك هو الفوزُ العظيم.

واعلموا – عباد الله – أن الله – تبارك وتعالى – لا تخفَى عليه خافِية، يُحصِي عليكم، فاعمَلوا للدار الآخرة صالِحَ الأعمال؛ فإنها دارُ القرار لا ينفَدُ نعيمُها، ولا يبلَى شبابُها، ولا تخرمُ دارُها، ولا يموتُ أهلُها.

واتَّقوا نارًا وقودُها الناسُ والحِجارة، عذابُها شديدٌ، وقعرُها بعيدٌ، وطعامُ أهلها الزقُّوم، وشرابُها المُهلُ والصَّديد، ولِباسُهم القَطِرانُ والحديد.

واعلَموا أن لله عملاً بالليل لا يقبَلُه بالنهار، وعملاً بالنهار لا يقبَلُه بالليل، وأعمالُ العباد هي ثوابُهم أو عقابُهم، قال الله تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ﴾ [الجاثية: 15].

وفي الحديث عن النبي – صلى الله عليه وسلم – عن ربِّه أنه قال: «يا عبادِي! إنما هي أعمالُكم أُحصِيها لكم، ثم أُوفِّيكم إياها، فمن وجدَ خيرًا فليحمَد الله، ومن وجدَ غيرَ ذلك فلا يلُومنَّ إلا نفسَه»؛ رواه مسلم من حديث أبي ذرٍّ – رضي الله عنه -.

وتذكَّروا تطايُرَ صُحُف الأعمال، فآخِذٌ كتابه بيمينه، وآخِذٌ كتابه بشِماله، وما ربُّك بظلاَّمٍ للعبيد.

عباد الله:

﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، وقد قال – صلى الله عليه وسلم -: «من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا».

فصلُّوا وسلِّموا على سيِّد الأولين والآخرين وإمام المرسلين.

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد.

اللهم صلِّ على سيِّدنا ونبيِّنا محمدٍ وعلى آله وأزواجه وذريَّته، اللهم وارضَ عن الصحابة أجمعين، وعن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائر أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، اللهم وارضَ عنَّا معهم بمنِّك وكرمِك ورحمتِك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أذِلَّ الكفر والكافرين يا رب العالمين ، ودمِّر أعداءَك أعداء الدين يا رب العالمين، إنك على كل شيءٍ قدير.

اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلِح اللهم وُلاة أمورنا.

اللهم إنا نسألُك أن تُفقِّهنا والمسلمين في الدين، اللهم تُب علينا وعلى المسلمين يا رب العالمين.

اللهم أعِذنا من شُرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، وأعِذنا من شرِّ كل ذي شرٍّ يا رب العالمين.

اللهم أعِذْنا وذريَّاتنا من إبليس وذريَّته وجنوده وشياطينه، اللهم أعِذ المسلمين من إبليس وذريَّته وشياطينه إنك على كل شيءٍ قدير، يا رب العالمين.

اللهم انصُر الأطفال الرُّضَّع، اللهم انصُر الأطفال الرُّضَّع، اللهم انتقِم للأطفال الرُّضَّع، والشيوخ الضُّعفاء، والأرامِل والنساء، اللهم انتقِم لهم، اللهم إنهم ظُلِموا في الشام، اللهم انتقِم لهم يا رب العالمين.

اللهم أنزِل بأسَك بالذين ظلَموهم يا رب العالمين في الشام، إنك على كل شيء قدير.

اللهم احفَظ المسلمين في كل مكان، اللهم احفَظ دينَ المسلمين ودماءَهم وأموالهم وأعراضَهم في كل مكانٍ يا رب العالمين، واكفِهم شرَّ أعدائِهم إنك على كل شيءٍ قدير.

اللهم واكفِ المسلمين شُرورَ أنفسهم، وسيِّئات أعمالِهم، اللهم واكفِهم شرَّ الأشرار، وكيدَ الفُجَّار، اللهم واجمعهم دائمًا على كلمة الحق إنك على كل شيءٍ قدير، وألِّف بين قلوبِهم يا رب العالمين، ويا أكرمَ الأكرمين.

اللهم وفِّق خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضى، اللهم وفِّقه لهُداك، واجعل عملَه في رِضاك يا رب العالمين، اللهم وفِّقه لكل خير وأعِنه على كل خيرٍ، اللهم وفِّق وليَّ عهده لما تحبُّ وترضى، وفِّقه للخير يا رب العالمين، ولما فيه كل خيرٍ للإسلام والمسلمين إنك على كل شيء قدير.

اللهم سلِّم الحُجَّاج والمُسافرين والمُعتمِرين، اللهم سلِّم الحُجَّاج والمُسافرين والمُعتمِرين، اللهم رُدَّ الحُجَّاج والمُعتمرين يا رب العالمين إلى ديارِهم سالِمين غانِمين، اللهم يسِّر يا رب العالمين أمورَهم.

اللهم إنا نسألُك يا ذا الجلال والإكرام أن تحفَظَ المسلمين في كل مكان، وفي البرِّ وفي البحر وفي الجوِّ يا رب العالمين، إنك على كل شيءٍ قدير.

اللهم إنا نسألُك أن تُعيذَنا من شُرور أنفُسنا وسيئات أعمالنا.

اللهم اشفِ مرضانا، واشفِ مُبتلانا، وانصُرنا على من عادانا يا رب العالمين، إنك على كل شيءٍ قدير.

عباد الله:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [النحل: 90، 91].

واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدْكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.


دار

دار

دارأختي الغالية
لله درك وبشرك الله فى الجنة
جزاك الله كل خير فائدة عظيمة جعلها الله في موازين حسناتك
لكِ ودى وتقديرى وتقييمي لك ياقلبي,,,دار

دار

دار

خلق الرحمة – الشيخ على بن عبدالرحمن الحذيفى 2024.


خلق الرحمة – الشيخ على بن عبدالرحمن الحذيفى

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الحمد لله التواب الرحيم، الحليم العظيم، أحمد ربِّي وأشكرُه، وأتوبُ إليه وأستغفِرُه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذُو العرش الكريم، وأشهد أن نبيَّنا وسيِّدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه المبعوث بكلِّ خُلقٍ كريم، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ وعلى آله وصحبِه الناصِرين لشرع الله القَويم.

أما بعد:
فاتقوا الله حقَّ التقوى؛ تكونوا من أهلها، فقد وعدَ اللهُ على أهلها أعظمَ الثواب، ورحِم أهلَها من العقاب.

أيها المسلمون:
ما أعظمَ نعمة الله على عبده إذا وفَّقه للإحسان لنفسِه بفعلِ كلِّ عملٍ صالحٍ، ووفَّقه للإحسان إلى خلق الله بما ينفعُهم في دينِهم ودُنياهم، فذاك الذي فازَ بالخيرات، ونجا من المُهلِكات، قال الله تعالى: ﴿ وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران: 133، 134].

ألا وإن الأخلاقَ الفاضلَة، والصفات الحسنة الحميدة لها عند الله تعالى أعظمُ المنازِل، يثقُلُ بها الميزانُ يوم الحساب، ويزكُو بها الكتاب.

عن أبي الدرداء – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: «ما من شيءٍ أثقلَ في ميزان المؤمن يوم القيامة من خُلُقٍ حسنٍ، وإن الله تعالى يُبغِضُ الفاحشَ البَذِيء»؛ رواه الترمذي، وقال: "حديثٌ حسنٌ صحيحٌ".

وعن عائشة – رضي الله عنها – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «إن المؤمنَ ليُدرِك بحُسن خُلُقه درجةَ الصائم القائم»؛ رواه أبو داود، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم، وقال: "صحيحٌ على شرطِهما".

وعن النوَّاس بن سمعان – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «البرُّ حُسن الخُلُق، والإثمُ ما حاكَ في صدرِك وكرِهتَ أن يطَّلِع عليه الناس»؛ رواه مسلم.

عباد الله:
إن الرحمة من الخُلُق العظيم أودعَها الربُّ في من شاءَ من خلقِه، وحُرِمَها الشقيُّ من الخلق، وقد رغَّب الإسلامُ في التخلُّق بالرحمة، ووعدَ الله على الرحمة الأجرَ الكريمَ، والسعادةَ الدنيويةَ والأُخرويةَ.

فقال تعالى في خاتَم الأنبياء والرُّسُل – عليهم الصلاة والسلام – نبيِّنا محمدٍ – صلى الله عليه وسلم – وفي أمَّته: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ﴾ [الفتح: 29]، وقال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 9].

وقال تعالى في رحمة الوالِدَين: ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ﴾ [الإسراء: 24].

وأخبر الله تعالى أنه أرسلَ سيِّدَ البشرَ محمدًا – صلى الله عليه وسلم – رحمةً، فقال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].

ومن ثوابِ الله للرُّحماء: أن الله يرحمُهم، ومن رحِمَه الله لا يشقَى أبدًا. عن عبدالله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «الرَّاحِمون يرحمُهم الرحمن، ارحَموا من في الأرض يرحمُكم من في السماء»؛ رواه أبو داود، والترمذي، وقال: "حديثٌ حسنٌ صحيحٌ".

ومن لا رحمةَ في قلبِه فهو جبَّارٌ شقيٌّ. عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «لا تُنزَعُ الرحمةُ إلا من شقيٍّ»؛ رواه أبو داود والترمذي – واللفظُ له -، وقال: "حديثٌ حسنٌ".

وتطيبُ الحياةُ وتصلحُ وتزدهرُ بالتراحُم والتعاطُف بين المُجتمع، وتشقَى المُجتمعات بالتظالًُم والعُدوان وفُقدان التراحُم. عن النُّعمان بن بشير – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: «مثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم مثَلُ الجسَد الواحد إذا اشتكَى منه عضوٌ تداعَى له سائرُ الجسَد بالسَّهَر والحُمَّى»؛ رواه البخاري ومسلم.

وعن أبي موسى – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «المؤمنُ للمُؤمن كالبُنيان يشدُّ بعضُه بعضًا – وشبَّك بين أصابعِه -»؛ رواه البخاري ومسلم.

والرحمةُ من أعظم خِصال الإيمان، وأجلِّ أنواع الإحسان. والرحمة هي: رِقَّةُ القلب في المُكلَّف، تُوجِبُ بذلَ الخير ونفعَ المرحوم، وكفَّ الأذى عنه.

وهي صفةُ كمالٍ في المُكلَّف اتَّصَف بكمالها نبيُّنا محمدٌ – صلى الله عليه وسلم -، وغيرُه من البشر دونَه في هذه الصفة العظيمة. قال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].

وفقدُ صفة الرحمة في المُكلَّف نقصٌ وعيبٌ يدخلُ عليه بسبب فقدِها من الشُّرور والآفات ما لا يُحيطُ به إلا الله.

وأما صفةُ الرحمة لربِّ العالمين فنُثبِتُ معناها وحقيقتَها على ما يليقُ بالله – عز وجل -، ونُفوِّضُ في كيفيَّتها، كما هو ثابتٌ عن السلف الصالح من الصحابة والتابعين – رضي الله عنهم -.

والنِّعمُ كلُّها في الدنيا والآخرة من آثار رحمة الله، تدلُّ هذه النِّعم على رحمة الله الموصوف بها أزلاً وأبدًا، كما يجبُ له – سبحانه – ويليقُ به. قال الله تعالى: ﴿ فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ﴾ [الروم: 50].

ومن فسَّر رحمةَ الله بالثواب أو النِّعم فهو مُخالِفٌ لما عليه السلفُ الصالح؛ فرحمةُ الله لا تُشبِه رحمةَ المخلوق، كما أن ذاتَ الله تعالى لا تُشبِه أحدًا من المخلوقات.

عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «لما خلقَ الله الخلقَ كتبَ كتابًا فهو عنده فوق العرش: إن رحمتِي تغلِبُ غضبي»؛ رواه البخاري ومسلم.

والرحمةُ في الإسلام يتقرَّبُ بها المُسلمُ إلى الله تعالى ببَذلِها لكل ما هو أهلٌ لها حتى البهائِم. عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «بينما رجلٌ يمشِي بطريقٍ اشتدَّ عليه العطشُ، فوجدَ بئرًا فنزلَ فيها فشرِبَ، ثم خرجَ. فإذا كلبٌ يلهثُ يأكلُ الثَّرَى من العطش. فقال الرجلُ: لقد بلغَ هذا الكلبَ من العطش مثلُ الذي كان بلغَ بي، فنزلَ البئرَ فملأَ خُفَّه ماءً ثم أمسكَه بفِيه حتى رَقِيَ فسقَى الكلبَ، فشكرَ الله له، فغفَرَ له». فقالوا: يا رسول الله! إن لنا في البهائِم أجرًا؟ فقال: «في كل كبدٍ رطبةٍ أجرٌ»؛ رواه البخاري ومسلم.

وعن عبدالرحمن بن عبدالله عن أبيه قال: كُنَّا مع النبي – صلى الله عليه وسلم – في سفَرٍ، فانطلقَ لحاجته. فرأينا حُمُرة معها فرخَان، فأخذنا فرخَيْها، فجاءت الحُمُرة – وهي نوعٌ من الطير -، فجعلَت تعرِشُ وتُرفرِفُ، فلما جاء النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «من فجِعَ هذه بولدَيْها؟ ردُّوا ولدَها إليها».

ورأى قريةَ نملٍ قد أحرقناها، فقال: «من أحرقَ هذه؟» قلنا: نحن. قال: «إنه لا يُعذِّبُ بالنار إلا ربُّ النار»؛ رواه أبو داود.

وقد جاءت الشرعيةُ بوجوب رحمة الضُّعفاء والمساكين والأيتام والمُحتاجين، وبوجوب بذلِ الرحمة لكلِّ أحدٍ هو لها أهلٌ.

عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «كافِلُ اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتَين في الجنَّة – وقرنَ بين السبَّابة والوُسطى -»؛ رواه مسلم.

وعن أنسٍ – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «من عالَ جاريتَيْن – أي: بنتَيْن – حتى تبلُغَا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتَين – وضمَّ أصابِعَه -»؛ رواه مسلم.

وقال النبي – صلى الله عليه وسلم -: «هل تُنصَرون وتُرزَقون إلا بضُعفائِكم؟!». حديثٌ صحيحٌ؛ رواه البخاري مرسلاً، ووصلَه غيرُه بإسنادٍ صحيحٍ.

وفي الحديث: «ليس منَّا من لم يرحَم صغيرَنا ويعرِف شرفَ كبيرِنا»؛ رواه أبو داود.

قال الله تعالى: ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [التوبة: 105].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفَعَني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعَنا بهدي سيِّد المرسلين وقوله القويم، أقول قولي هذا، وأستغفرُ الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية

الحمد لله مُعزِّ من أطاعه واتَّقاه، ومُذِلِّ من خالفَ أمرَه وعصاه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له لا إله سِواه، وأشهد أن نبيِّنا وسيِّدنا محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وعلى آله وصحبِه ومن اتَّبَع هُداه.

أما بعد:
فاتقوا الله واخشَوا يومًا تُرجعون فيه إلى الله، ثم تُوفَّى كلُّ نفسٍ ما كسبَت وهم لا يُظلَمون.

أيها المسلمون:
اعمَلوا بأخلاق الدين القَويم الذي رضِيَه الله لكم، ولا تغُرَّنَّكم الحياة الدنيا.

واحذَروا – عباد الله – من أسباب قسوة القلوب؛ فإن من أسباب قسوة القلوب: الانكِبابُ على الدنيا وإيثارُها على الآخرة، قال الله تعالى: ﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى [الأعلى: 16، 17].

وإن من أسباب قسوة القلوب: هو رُكوبُ المعاصِي التي تغرُّ والتي تُقسِّي القلوب؛ فأبعدُ القلوب من الله القلبُ القاسِي. قال الله تعالى: ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء: 88، 89].

وكان من دُعاء النبي – صلى الله عليه وسلم -: «اللهم آتِ نفسِي تقواها، زكِّها أنت خيرُ من زكَّاها، أنت وليُّها ومولاها، اللهم اهدِني لأحسن الأخلاق والأعمال لا يهدِي لأحسنِها إلا أنت، واصرِف عنِّي سيِّئَها لا يصرِفُ عنِّي سيِّئَها إلا أنت».

وكان يُكثِرُ – عليه الصلاة والسلام – بالدُّعاء: «اللهم يا مُقلِّب القلوب والأبصار ثبِّت قلبِي على دينِك».

عباد الله:
اشتدَّت الكُروب، وقسَت القلوب، فأصلِحوها بالقرآن وذِكر الله وطاعته، قال الله تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].

عباد الله:
﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، وقد قال – صلى الله عليه وسلم -: «من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا».

فصلُّوا وسلِّموا على سيِّد الأولين والآخرين وإمام المرسلين.

اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد.

اللهم وارضَ عن الصحابة أجمعين، وعن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائر صحابتِه أجمعين، وعن التابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، اللهم وارضَ عنَّا معهم بمنِّك وكرمِك ورحمتِك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم وأذِلَّ الكفر والكافرين، ودمِّر أعداءَك أعداء الدين يا رب العالمين.

اللهم إنا نسألُك أن تُيسِّر أمورَنا، وتشرحَ صدورَنا، اللهم أغنِِنا بحلالِك عن حرامِك، وبطاعتك عن معصيتك، وفضلِك عمَّن سِواك يا رب العالمين.

اللهم أحسِن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجِرنا من خِزيِ الدنيا وعذاب الآخرة.

اللهم إنا نسألُك العفوَ والعافية في الدين والدنيا والآخرة، اللهم أصلِح أحوالنا يا رب العالمين، وأحوال المسلمين يا ذا الجلال والإكرام.

اللهم انصر المسلمين، اللهم انصر الإسلام والمسلمين، اللهم انصر المسلمين في الشام، اللهم انصر الأطفال في الشام، اللهم انصر الشيوخ والنساء والأرامل والمسلمين الذين ظُلِموا يا رب العالمين من أولئك الظالمين.

اللهم عجِّل يا رب العالمين نقمتَك وعذابَك وأنزِل بأسَك بالظالمين في الشام الذين ظلَموا المسلمين يا رب العالمين، اللهم إنهم طغَوا وبغَوا وإنك أنت الله لا إله إلا أنت، أنت العليُّ على كل شيء، وأنت القادر على كل شيء، اللهم اكفِ المسلمين يا رب العالمين شِرارَهم، اللهم اكفِ المسلمين شرَّ الأشرار، وكيدَ الفُجَّار.

اللهم أعِذنا من شُرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، وأعِذنا من شرِّ كل ذي شرٍّ يا رب العالمين.

اللهم اجعل هذه البلاد آمنةً مُطمئنَّةً، رخاءً سخاءً، وسائرَ بلاد المُسلمين يا رب العالمين.

اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلِح اللهم وُلاة أمورنا.

اللهم خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضى، اللهم وفِّقه لهُداك، واجعل عملَه في رِضاك، وأعِنه على كل خيرٍ يا رب العالمين، اللهم وارزُقه الصحةَ إنك على كل شيء قدير.

اللهم وفِّق وليَّ عهده لما تحبُّ وترضى، ولما فيه الخيرُ للإسلام والمسلمين يا رب العالمين.

اللهم إنا نسألُك يا ذا الجلال والإكرام أن تنصُر دينكَ وكتابَك وسُنَّة نبيِّك يا أرحم الراحمين، اللهم لا تكِلنا إلى أنفُسنا طرفةَ عينٍ ولا أقلَّ من ذلك يا رب العالمين.

اللهم أعِذْنا وذريَّاتنا من إبليس وذريَّته وشياطينه وجنوده، اللهم أعِذ المسلمين يا رب العالمين من إبليس وذريَّته.

اللهم عليك بالسَّحرة، اللهم عليك بالسَّحرة والمُشعوِذين، اللهم عليك بهم، اللهم أنزِل بهم أعظم العقوبات يا رب العالمين، وأبطِل كيدَهم، ولا تُسلِّطهم على أحدٍ من المُسلمين يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير.

عباد الله:
﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [النحل: 90، 91].

واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزِدْكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

دار

دار

دار
أختي الغالية
جزاكِ ربي كل الخير وكتب أجركِ
وسلمتي ياقلبي موضوع مهم
وانار الله قلوب الجميع بذكر الرحمن
جزاك الله كل خير فائدة عظيمة جعلها الله في موازين حسناتك
لكِ ودى وتقديرى وتقييمي لك ياقلبي,,,
دارداردار
دار

جزاك الله الجنه حبيبتى
سلمت يداكِ

دار


توضيح حديث : حق المسلم على المسلم ست_ الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله 2024.

دار

دار

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"حق المسلم على المسلم ست: قيل: وما هنّ يا رسول الله؟
قال: إذا لقيته فسلّم عليه. وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشَمِّته. وإذا مرض فعُدْه، وإذا مات فاتْبَعه"
رواه مسلم.

هذه الحقوق الستة من قام بها في حقّ المسلمين كان قيامه بغيرها أولى.

وحصل له أداء هذه الواجبات والحقوق التي فيها الخير الكثير والأجرالعظيم من الله.


الأولى: "إذا لقيته فسلّم عليه" فإن السلام سبب للمحبة التي توجب الإيمان الذي يوجب دخول الجنة

كما قال صلى الله عليه وسلم :
"والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا. ولا تؤمنوا حتى تحابوا.
أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم"

والسلام من محاسن الإسلام؛ فإن كل واحد من المتلاقيين يدعو للآخر بالسلامة من الشرور، وبالرحمة والبركة الجالبة لكل خير

ويتبع ذلك من البشاشة وألفاظ التحية المناسبة ما يوجب التآلف والمحبة، ويزيل الوحشة والتقاطع.


فالسلام حقّ للمسلم.

وعلى المسلَّم عليه ردّ التحية بمثلها أو أحسن منها، وخير الناس من بدأهم بالسلام.

الثانية: "إذا دعاك فأجبه" أي: دعاك لدعوة طعام وشراب فاجبر خاطر أخيك الذي أدلى إليك وأكرمك بالدعوة، وأجبه لذلك إلا أن يكون لك عذر.

الثالثة: قوله: "وإذا استنصحك فانصح له"

أي: إذا استشارك في عمل من الأعمال: هل يعمله أم لا؟

فانصح له بما تحبه لنفسك.

فإن كان العمل نافعاً من كل وجه فحثه على فعله، وإن كان مضراً فحذره منه وإن احتوى على نفع وضرر
فاشرح له ذلك، ووازن بين المصالح والمفاسد.

وكذلك إذا شاورك على معاملة أحد من الناس أو تزويجه أو التزوج منه فابذل له محض نصيحتك، وأعمل له من الرأي ما تعمله لنفس

وإياك أن تغشه في شيء من ذلك.

فمن عش المسلمين فليس منهم، وقد ترك واجب النصيحة.

وهذه النصيحة واجبة مطلقاً، ولكنها تتأكد إذا استنصحك وطلب منك الرأي النافع.

ولهذا قيده في هذه الحالة التي تتأكد.

وقد تقدم شرح الحديث "الدين النصيحة" بما يغني عن إعادة الكلام.

الرابعة: قوله: "وإذا عطس فحمد الله فشمته" وذلك أن العطاس نعمة من الله؛ لخروج هذه الريح المحتقنة في أجزاء بدن الإنسان

يسر الله لها منفذاً تخرج منه فيستريح العاطس.

فشرع له أن يحمد الله على هذه النعمة.

وشرع لأخيه أن يقول له: "يرحمك الله"

وأمره أن يجيبه بقوله: "يهديكم الله ويصلح بالكم" فمن لم يحمد الله لم يستحق التشميت, ولا يلومن إلا نفسه.

فهو الذي فوّت على نفسه النعمتين: نعمة الحمد لله، ونعمة دعاء أخيه له المرتب على الحمد.

الخامسة: قوله "وإذا مرض فعده" عيادة المريض من حقوق المسلم، وخصوصاً من له حق عليك متأكد، كالقريب والصاحب ونحوهما.

وهي من أفضل الأعمال الصالحة.

ومن عاد أخاه المسلم لم يزل يخوض الرحمة، فإذا جلس عنده غمرت الرحمة.

ومن عاده أول النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسي.

ومن عاده آخر النهار صلت عليه الملائكة حتى يصبح، وينبغي للعائد أن يدعو له بالشفاء، وينفس له، ويشرح خاطره بالبشارة بالعافية،
ويذكره التوبة والإنابة إلى الله والوصية النافعة.

ولا يطيل عنده الجلوس، بل بمقدار العيادة، إلا أن يؤثر المريض كثرة تردده وكثرة جلوسه عنده، فلكل مقام مقال.

السادسة: قوله: "وإذا مات فاتْبعه" فإن من تبع جنازة حتى يصلى عليها فله قيراط من الأجر. فإن تبعها حتى تدفن فله قيراطان.

واتباع الجنازة فيه حق لله، وحق للميت، وحق لأقاربه الأحياء.

شرح
الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله

دار

جزاك الله الفردوس الاعلى ولا حرمت الاجر يالغالية سعدت وانا اتصفح موضوعك الممتع والمفيد
تقبلي ودي
دار

جزاكِ الله خير الجزاء
سدد الله خطاك ونفعه بك
سلمت يداكِ

شكرا لك علي الموضوع القيم والفائدة
ربي يبارك فيك في انتظار جديدك
بارك الله فيكن أخواتي الحبيبات وأثابكن
جزاكن الله خيراً على المرور وعلى الدعاء
تقبل الله منا ومنكن صالح الإعمال
أحبكن في الله

خطبة الامتثال لأمر الله للشيخ الدكتور / عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس حفظه الله 2024.

دار

الامتثال لأمر الله

.:: الخطبة الأولى ::.


الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له،
ومن يضلل فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كتب الرحمة والسعادة لمن أطاعه واتقاه، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره وعصاه،
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن سار على نهجه، واستقام على شريعته، ودعا بدعوته إلى يوم الدين.

أما بعــد:
أيها المسلمون!
اتقوا الله -تعالى- ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، واعلموا -رحمكم الله- أن الله تبارك وتعالى أوجب طاعته

وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم على كل إنسان، وفي كل زمانٍ ومكان، ونهى عن معصيته ومعصية رسوله عليه الصلاة والسلام،

قال الله عز وجل🙁 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ )
[الأنفال:20-21].

ولقد رتب الله على الطاعة السعادة والفلاح والفوز في الدارين (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:71]

كما رتب على المعصية، من العقوبات الدنيوية والأخروية، ما لا يُعد ولا يحصى، ولا يحد ولا يستقصى،

يقول سبحانه: (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً )
[الأحزاب:36]

ويقول عز من قائل🙁 فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [النور:63].

أي: فليحذر وليخشى من خالف شريعة الرسول صلى الله عليه وسلم باطناً وظاهراً أن تصيبهم فتنةٌ في قلوبهم، من كفرٍ أو فسقٍ أو نفاق أو بدعة،
أو يصيبهم عذابٌ أليم في الدنيا وفي الآخرة،

قال الإمام أحمد رحمه الله، في تفسير هذه الآية: "أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك"، لعله إذا رد بعض قوله، أن يقع في قلبه شيءٌ من الزيغ فيهلك.

وأعظم عقوبةً تصيب من خالف أمر الله وأمر رسوله، وأصر على المعاصي والمنكرات، أن يحال بينه وبين الإيمان الصحيح،

وبينه وبين العقيدة السليمة، والطريق المستقيم، ويبتلى بزيغ القلب، وتلبيس الشيطان وأعوانه، فيرى سوء عمله حسناً وقبيحه صحيحاً،

ولا يزال على ذلك مستمرئاً إياه، متعصباً له، مجادلاً فيه، مدافعاً عنه، حتى يموت عليه، ويبتلى بسوء الخاتمة -عياذاَ بالله من شديد غضبه،
وأليم عقابه –

قال تعالى: (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) [الصف:5]،

وقال🙁 وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) [الأنعام:110].

أما العقوبات المالية والبدنية لمن خالف شرعية الله، وسنة رسوله، وقد أخبر الله عنها في كتابه، مما جرى للأمم المكذبة لرسله،

قال تعالى🙁 فَكُلّاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [العنكبوت:40].

عباد الله!
اتقوا الله وبادروا بامتثال أوامر الله ورسوله، أسوةً بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم،

الذين كانوا يسارعون إلى امتثال الأوامر حينما يسمعونها ولا يؤخرون ذلك.

يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: [[ إذا سمعت الله يقول: يا أيها الذين آمنوا، فأصغِ لها سمعك، فإنه خير تأمر به، أو شرٌ تنهى عنه ]]

ولما نزل قوله تعالى: (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) [البقرة:144]

امتثل الصحابة للأمر، فتوجهوا قبل الكعبة وهم في الصلاة، ولما نزلت آية الحجاب:

(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ) [الأحزاب:59]

بادر نساء الأنصار فشققن مروطهن، فاعتجرن بها امتثالاً لأمر الله ورسوله.

ولما نزلت آية تحريم الخمر، التي ختمها الله عز وجل بقوله🙁 فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ) [المائدة:91]

قال الصحابة رضي الله عنهم: انتهينا.. انتهينا..

حتى رمى الإناء من رفعه إلى فيه، وأهرقها الصحابة حتى قيل: إنها جرت في سكك المدينة والحوادث والوقائع في الامتثال والمبادرة

من هذا الجيل المثالي كثيرةٌ جداً.

فأين نحن أيها المسلمون؟! أين نحن من أوامر الله ورسوله؟!

لقد وصل الأمر بكثيرٍ من الناس، أن اتخذ أوامر الله ورسوله وراءه ظهرياً، فكثيراً ما تبلغنا أوامر الله ورسوله بطرقٍ متعددة، ووسائل متنوعة،

ولكن أين الامتثال وأين أثرها فينا؟!

هل غيّرنا من واقعنا؟!

هل عدّلنا من سلوكنا؟!

وهل اتجهنا إلى العمل الصالح وتزودنا من الطاعات؟!

إن الكثير منا بعكس ذلك، باقٍ على غيه، منساقٌ مع شهواته، مطاوعٌ لنفسه وهواه، تمر عليه الأوامر الإلهية، والسنن النبوية، فلا يرفع بها رأساً،

ولا يحرك حولها ساكناً، وكأنها لا تعنيه، هذا هو واقع الكثير منا، رجالاً ونساءً، شباباً وشيباً – إلا من رحم الله-

حتى جرَّ هذا الواقع المؤلم، تفشي الجهل بدين الله بين المسلمين أنفسهم، وفقدان الغيرة على دين الله،

وانتشار العقائد والأعمال المخالفة لشرع الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحتى عمَّ التهاون بالصلاة،

وألفه كثيرٌ من مرضى القلوب، وانتشر الكسب الحرام، كأنما هو من الطيبات، وأصبح الفساد والمنكر على اختلاف وسائله،

وتعدد طرقه، أمراً مباحاً، مستساغاً عند كثيرٍ من الناس،

ولا حول ولا قوة إلا بالله!


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم🙁 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) [الأنفال:24-25].

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين، وتاب عليّ وعليكم إنه هو التواب الرحيم.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه يغفر لكم، وتوبوا إليه يتب عليكم؛ إنه هو التواب الرحيم.

دار

.:: الخطبة الثانية ::.

الحمد الله معز من أطاعه واتقاه، ومذل من خالف أمره وعصاه، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى،

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعــد:

أيها المسلمون!

اتقوا الله تعالى وأطيعوه، واتبعوا شرعه ولا تعصوه.

عباد الله! إن الواجب على المسلم عندما يسمع أمر الله وأمر رسوله، عليه أن يبادر بالامتثال،

قال تعالى:(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً) [الأحزاب:36].

أي: لا يحل لمن يؤمن بالله أن يختار من أمر نفسه ما شاء، بل يجب عليه أن ينقاد لقضاء الله وأمره، وإن كان مخالفاً لهواه،

كما لا يجوز له إذا استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعها أو يخالفها ولو كان هواه على خلافها،

لأن في قضاء الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الخير العاجل والآجل، ومخالفة أمر الله ورسوله توجب الفتنة والعذاب الأليم في الدنيا والآخرة

(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) [ق:37].

واعلموا -عباد الله- أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعةٍ ضلالة،

وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على من بعثه الله رحمةً للعالمين، وشرَّفه على الأولين والآخرين محمد بن عبد الله،

كما أمركم الله بالصلاة والسلام عليه

بقوله: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) [الأحزاب:56] .

اللهم صلِّ وسلم على إمامنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه.

اللهم ارضَ عن خلفائه الراشدين، وعن الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وارض عنا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واحمِ حوزة الدين يا رب العالمين.

اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً، وسائر بلاد المسلمين، يا رب العالمين.

اللهم انصر المسلمين في كل مكان، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك الذين يجاهدون لتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى،

اللهم انصرهم ووفقهم وأعنهم وسددهم يا رب العالمين.

اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد، يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر.

اللهم وأظهر الهدى ودين الحق الذي بعثت به نبيك صلى الله عليه وسلم على الدين كله ولو كره المشركون.

اللهم وفق إمامنا إمام المسلمين، اللهم انصره وأعزه بالإسلام، يا رب العالمين! اللهم اجعله خير ناصرٍ لهذا الدين

اللهم ارزقه البطانة الصالحة التي تدله على الخير يا أرحم الراحمين.

(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) .

عباد الله!

( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ،)

اذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ

الشيخ الدكتور / عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس
إمام وخطيب الحرم المكي الشريف
حفظه الله تعالى

دار

حفظ شيخنا الفاضل عبد الرحمن السديس وجعل ما يقدم في موازين حسناته

نقل هادف
جزاكِ الله خيرا وبارك الله لك
اثابك الله

جل تقدير لكِ أختي الغالية..
لحضوركِ العذب وتعليقك
بارك المولى فيكِ
جزاكِ الله خيراً
وجعلكِ الله من أهل التقوى والإيمان
وذخراً للإسلام والمسلمين

جل تقدير لكِ أختي الغالية..
لحضوركِ العذب وتعليقك
بارك المولى فيكِ