كتاب التوحيد شرح الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ باب من سب الدهر، فقد آذى الله 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

باب من سب الدهر، فقد آذى الله

وقول الله تعالى
دار وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ دار

في الصحيح عن أبي هريرة
-رضي الله عنه-
عن النبي
-صلى الله عليه وسلم-
قال:
دار قال الله -تعالى-: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر أقلب الليل والنهار دار
وفي رواية
دار لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر دار .

باب
من سب الدهر، فقد آذى الله.

الدهر
هو الزمان اليوم والليلة، أسابيع الأشهر، السنون، العقود، هذا هو الدهر، وهذه الأزمنة مفعولة، مفعول بها لا فاعلة، فهي لا تفعل شيئا، وإنما هي مسخرة يسخرها الله -جل جلاله-
وكل يعلم أن السنين لا تأتي بشيء، وإنما الذي يفعل هو الله -جل وعلا-
في هذه الأزمنة؛ ولهذا صار سب هذه السنين سبا لمن تصرف فيها، وهو الله -جل جلاله-
لهذا عقد هذا الباب بما يبين أن سب الدهر ينافي كمال التوحيد،

وأن سب الدهر يعود على الله
-جل وعلا-
بالإيذاء؛
لأنه سب لمن تصرف في هذا الدهر.
فمناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد ظاهرة،
وهو أن سب الدهر من الألفاظ التي لا تجوز، والتخلص منها واجب،
واستعمالها مناف لكمال التوحيد، وهذا يحصل من الجهلة كثيرا، فإنهم إذا حصل لهم في زمان شيء لا يسرهم، سبوا ذلك الزمان،
ولعنوا ذلك اليوم، أو لعنوا تلك السنة،
أو لعنوا ذلك الشهر، ونحو ذلك من الألفاظ الوبيلة، أو شتموا الزمان، وهذا لا شك لا يتوجه إلى الزمن؛ لأن الزمن شيء لا يفعل، وإنما يفعل فيه،
وهو أذية لله، جل وعلا.
باب
"من سب الدهر"
السب يكون بأشياء، والسب في أصله التنقص، أو الشتم، فيكون بتنقص الدهر، أو يكون بلعنه، أو بشتمه، أو بنسبة النقائص إليه، أو بنسبة الشر إليه، ونحو ذلك، وهذا كله من أنواع سبه،
والله -جل وعلا-
هو الذي يقلب الليل والنهار.
قال:
"فقد آذى الله" ولفظ "آذى الله"

ففيه رعاية للفظ الحديث، سب الدهر
-كما ذكرنا-
محرم، وهو درجات،
وأعلاه لعن الدهر؛
لأن توجه اللعن إلى الدهر أعظم أنواع المسبة، وأعظم أنواع الإيذاء، وليس من مسبة الدهر وصف السنين بالشدة،
ولا وصف اليوم بالسواد،
ولا وصف الأشهر بالنحس، ونحو ذلك؛
لأن هذا مقيد، وهذا جاء في القرآن
في نحو
قوله -جل وعلا-:
دار فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ دار

"في أيام نحسات"
وصف الله -جل وعلا-
الأيام بأنها نحسات.
فالمقصود في أيام نحسات عليهم،
فوصف الأيام بالنحس؛
لأنه جرى عليهم فيها ما فيه نحس عليهم،
ونحو ذلك قوله -جل وعلا-
في سورة القمر
دار فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ دار
يوم نحس،
أو يقول:
يوم أسود، أو سنة سوداء، هذا ليس من سب الدهر؛ لأن المقصود بهذا الوصف ما حصل فيها كان من صفته كذا وكذا على هذا المتكلم،
وأما سبه أن ينسب الفعل إليه،
فيسب الدهر لأجل أنه فعل به ما يسوءه،
فهذا هو الذي يكون أذية لله، جل وعلا.
قال: وقول الله تعالى
دار وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ دار

هذه الآية ظاهرة في أن نسبة الأشياء إلى الدهر هذه من خصال المشركين أعداء التوحيد، فنفهم منه أن خصلة الموحدين أن ينسبوا الأشياء إلى الله -جل وعلا- ولا ينسبوا الإهلاك إلى الدهر، بل الله -جل وعلا- هو الذي يحيي، ويميت قال في الصحيح، عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم
– قال:
دار قال الله -تعالى-: يؤذيني ابن آدم؛ يسب الدهر، وأنا الدهر دار .
قوله هنا:
دار وأنا الدهر دار
لا يعني:
أن الدهر من أسماء الله -جل وعلا-

ولكنه رتبه على ما قبله،

فقال يسب الدهر، وأنا الدهر؛
لأن حقيقة الأمر أن الدهر لا يملك شيئا،
ولا يفعل شيئا،
فسب الدهر سب لله؛
لأن الدهر يفعل الله -جل وعلا-
فيه
، الزمان ظرف للأفعال،
وليس مستقلا؛
فلهذا لا يفعل، ولا يحرم، ولا يعطي، ولا يكرم، ولا يهلك، وإنما الذي يفعل هذه الأشياء مالك الملك، المتفرد بالملكوت وتدبير الأمر الذي يجير، ولا يجار عليه.

إذا فقوله: دار وأنا الدهر دار
هذا فيه نفي نسبة الأشياء إلى الدهر،
وأن هذه الأشياء تنسب إلى الله -جل وعلا- فيرجع مسبة الدهر إلى مسبة الله -جل وعلا-؛
لأن الدهر لا ملك له، والله هو الفاعل
قال:
"أقلب الليل والنهار"
والليل والنهار هما الدهر،
فالله
-جل وعلا-
هو الذي يقلبهما،
فليس لهما من الأمر شيء.
نعم.

منقول

بارك الله فيكِ اختى الكريمه
سلمت يداكِ
لا تحرمينا من هذه الموضوعات القيمه

دار

دار

مرورك عطر متصفحي يالغلاااا
ونارهـ بحروفك
الذهبية

دار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.