تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » فرائض الطاعات رأس مال المسلم، ونوافلها أرباحه

فرائض الطاعات رأس مال المسلم، ونوافلها أرباحه 2024.

فرائض الطاعات رأس مال المسلم، ونوافلها أرباحه
فرائض الطاعات رأس مال المسلم، ونوافلها أرباحه
فرائض الطاعات رأس مال المسلم، ونوافلها أرباحه

دار

فرائض الطاعات رأس مال المسلم، ونوافلها أرباحه

الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر


الحمد لله الذي له ما في السموات والأرض، وله الحمد في الأولى والآخرة، وهو الحكيم الخبير، يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها، وما ينزل من السماء وما يعرُج فيها، وهو الرحيم الغفور، أحمده – سبحانه – يعلم خائنةَ الأعين وما تخفي الصدور.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيي ويميت، وهو حي لا يموتُ، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير.

ذلكم الله ربكم، لا إله إلا هو، خالق كل شيء فاعبدوه، وهو على كل شيء قدير، لا تدركه الأبصارُ وهو يدرك الأبصارَ وهو اللطيف الخبير.

وأشهد أن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- عبدُ الله ورسوله، البشير النذير، والسراج المنير.

صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أولي الهمم العالية، والعزائم الماضية في السبق إلى كل خير، والبعد والنأي عن كل فتنة وشر.

أما بعد:
فيا أيها الناس، اتقوا الله؛ فإن تقوى الله -تعالى- نجاة من كل هلَكة، وسبب لكل خير ورحمة، وأمَنة من النار، ووراثة الجنة دار الأخيار.

عباد الله:
لكل عاقل طريقةٌ متبعة ومتجددة في المحافظة وزيادة رأس ماله، وتلافي موجبات خسارته أو إقلاله، وتقليل مصروفاته من دون حرمان نفسه من متعة مباحة، أو بخل بنفقة واجبة، ويتفاوت الناسُ في ذلك تفاوتًا كبيرًا حسب عقولهم واهتدائهم بهدى ربِّهم، أو إعراضهم عن هداه، أو اتباع أحدهم لهواه، وما سوَّل له الشيطان له وأملاه، كما أن للدراسات والتجارِب آثارًا واضحة في النجاح أو الإخفاق في هذا المسلك.

عباد الله:
وكذا فإن من المتفق عليه عند الناس – بَرِّهم وفاجرِهم – أن رأسَ مال المرء هو مقتنياتُه، وما يملكه من حاجياته، الذي يتسبب به أو يسوقه لله لديه من خبرة ومهارات، وكذا ما يوفِّره من دخلِه إليه، فهذا هو مفهوم جملة الناس لرأسِ المال، ومحل عنايتهم وتقديرهم لمن اعتنى بالمحافظة عليه وتنميتِه، لكن الشرائع الإلهية التي أنزلها الله – تبارك وتعالى – هدايةً لخلقه قرَّرت أن رأس مال المرء الحقيقيَّ هو عملُه وكسبه؛ من نيةِ قلبه، وعمله، وهمته، وميله، أو صدوده، وحبه وبُغضه، ورجائه لربه وخوفه، ورغبته ورهبته، وأقوال لسانه، وما يصدر عن جوارحه من فعل أو ترك مقصودين، فما وافق الشرعَ وابتُغي به وجهُ الله، فهو له، وما خالَفَه ولم يتقرَّبْ به إلى الله -تعالى- بل تُوُجِّه به إلى غيره، فهو عليه.

ذلكم – أيها المسلمون – لأن نيَّاتِ القلوب وقُصُودَها وحركاتها، وما يتبع ذلك من أقوال الألسن وحركات الجوارح خيرِها وشرِها – هي موجباتُ طيب حياة الإنسان أو نغَصِها وتكدُّرِها، وسعادته في الآخرة بحسب صلاحها وفسادها؛ فالأعمال التي تصاحب المرءَ في نُقلته من دنياه لآخرته وقرينه في قبره وجاه…. أو سبب خزيه في آخرته، فيتعين على العاقل أن يُعنى برأس ماله الذي هو عمله وأن يصلحه……. وبركته في دنياه وآخرته، فإن غفل عنه وأهمله أو تعمَّد فسادَه وضلاله، كان وبالاً عليه في عاجل أمره وآجله، فإن عمله هو كسبُه الذي سيحاسب عليه – أي يقرَّر به ويُعَدُّ ويحصى عليه – حين يقف بين يدي ربه – تبارك وتعالى – حتى يعترف بعمله خيرِه وشره، ويقرَّ بأهليته واستحقاقه الجزاءَ عليه من فضل أو عَدل فلا ظلم؛ كما قال – سبحانه – في صادق قِيلِه، ومُحكَمِ تنزيله: ﴿ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ [التغابن: 7]
وقال – سبحانه -: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [فصلت: 46]
وقال – سبحانه -: ﴿ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [الأنعام: 160]
وقال -تعالى-: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 30]، وقال -تعالى-: ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49].

دار

أيها المسلمون:
فإذا كان رأسُ المال الحقيقي في هذه الحياة هو العملَ؛ من نية القلب، وحبه وبُغضه، ورغبته وخوفه، ورجائه ورهبته، وهمتِه وميله إلى الخير والشر، وكذلك ما يتكلم به اللسانُ ويخطُّه البَنان، وكذاك ما تفعله أو تُحجم عنه الجوارحُ، أو تهواه أو تصد عنه النفوس، فإنه رصيدٌ مجتمِعٌ ولا بد، وهو مدوَّن للإنسان أو عليه بواسطة الملائكة الحفَظة الكرام الكاتبين، وسيواجَه به، والمحاسِبُ ربُّ العالمين.

قال -تعالى-: ﴿ وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا * مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ﴾ [الإسراء: 13 – 15]، وقد بعث الله الرسول هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، ومن قوله – صلى الله عليه وسلم -: ((كلُّ الناس يغدو؛ فبائع نفسَه؛ فمعتقُها أو موبقُها))


الراوي: أبو مالك الأشعري المحدث:الألباني – المصدر: صحيح الترمذي – الصفحة أو الرقم: 3517
خلاصة حكم المحدث: صحيح



وقال – عليه الصلاة والسلام – في فتن آخر الزمان: ((يصبح الرجلُ مؤمنًا ويمسي كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يَبيع دينَه بعَرَض من الدنيا))




الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني – المصدر: صحيح الترمذي – الصفحة أو الرقم: 2195
خلاصة حكم المحدث: صحيح



فلتكن همتُنا في التحقق بالصلاح، الموجب لكريم الأرباح، وتحقق الفلاح.


دار



وإذا كان عمل المرء هو رصيدَه وكسْبَه، وهو محفوظ عليه بكل حال، ومجزيٌّ به بين يدي ربِّه ذي العظمة والجلال، فلينظرِ العاقلُ لنفسه في كل يوم من يقظته إلى نومه، ويختَرْ من العمل أصلحَه وأطيبَه وأحسنه: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾ [الكهف: 46].

وقال -تعالى-: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ * قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 14، 15]، فلا تُلهنا شهوات الدنيا وزينتُها عن تجارة الآخرة ولا تجعلنا نخسرها؛ فإنَّ مَن لم يكن من المفلحين الرابحين، فهو من الخائبين الخاسرين: ﴿ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ﴾ [الأعراف: 8، 9]، فإنَّ الأمدَ محدود وغير ممدود، وإن الأجل قاطعٌ للعمل، وحائل دون بلوغ الأمل، وإن التفاوت بين العاملين كثيرٌ، والغبن يسير.

معشر المؤمنين:
إن الناس في الكسب أصنافٌ ثلاثة؛ فصنف كسبُه الحسنات، ومجانبة الموبقات، والتوبات من الزلات، وأولئك السابقون بالخيرات، وصنفٌ خلطوا عملاً صالحًا وآخرَ سيئًا، عسى الله أن يتوبَ عليهم، إن الله غفور رحيم.

وصنف ثالث هو من حبِطت أعمالُه، فبطلَت حسناتُه، وبقيِت عليه سيئاتُه: ﴿ بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 81]، فلينظر الناصحُ في عمله، وليقيِّمْ طريقته، ويحدِّد وجهتَه، وليحذَرْ من أسباب خسارته، وموجبات شِقْوته، قبل مفاجآت موتِه، ونشوب منيَّتِه، قال -تعالى-: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [الحشر: 18 – 20].

فرائض الطاعات رأس مال المسلم، ونوافلها أرباحه
فرائض الطاعات رأس مال المسلم، ونوافلها أرباحه
فرائض الطاعات رأس مال المسلم، ونوافلها أرباحه

أإسـ ع ـد الله أإأوٍقـآتَكِ بكُـل خَ ـيرٍ

دآإئمـاَ تَـبهَـرينآآ بَمَ ـوآضيعكـ

أإلتي تَفُـوٍح مِنهآ عَ ـطرٍ أإلآبدآع وٍأإلـتَمـيُزٍ

لكِ الشكر من كل قلبي

دار

دار

بآرك الله بك
وآسعدك بالدنيآ والآخرة
وجزآك الله كل خير
تقديري ..

دار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

في ميزان حسناتك ان شالله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.