تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » حكم الدعاء بقول : " دفع الله ما كان أعظم "

حكم الدعاء بقول : " دفع الله ما كان أعظم " 2024.

السؤال:

كثيرا ما أسمع عبارة : " دفع الله ما كان أعظم "، أفيدونا بصحة هذه العبارة ، هل معناها أن الله قد غير القدر ، وكما أعرف هذا منافٍ للعقيدة ؟

الجواب

الجواب :
الحمد لله
هذه الجملة " دفع الله ما كان أعظم " تحتمل أمرين :
الأول : أن يكون ذلك على سبيل تسلية الإنسان لنفسه ، أو لغيره ، عند حلول مصيبة أو بلاء به ؛ فيتذكر أن غيره قد نزل به من البلاء ما هو أعظم من ذلك ، وقد دفعه الله عنه .
فإذا كان هذا هو المراد ، فهي تسلية حسنة مشروعة ؛ بل قد أمر الشرع بمثل ذلك عند حلول البلاء أوالمصائب بالإنسان .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( انْظُرُوا إِلَى مَنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ) .
رواه البخاري (6490) ومسلم (2963) .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في شرحه :
" قَالَ اِبْن بَطَّال : هَذَا الْحَدِيثُ جَامِعٌ لِمَعَانِي الْخَيْرِ لِأَنَّ الْمَرْءَ لَا يَكُون بِحَالٍ تَتَعَلَّق بِالدِّينِ مِنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ مُجْتَهِدًا فِيهَا إِلَّا وَجَدَ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ , فَمَتَى طَلَبَتْ نَفْسُهُ اللَّحَاقَ بِهِ اِسْتَقْصَرَ حَالَهُ فَيَكُون أَبَدًا فِي زِيَادَةٍ تُقَرِّبُهُ مِنْ رَبّه , وَلَا يَكُون عَلَى حَال خَسِيسَةٍ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا وَجَدَ مِنْ أَهْلِهَا مَنْ هُوَ أَخَسُّ حَالًا مِنْهُ . فَإِذَا تَفَكَّرَ فِي ذَلِكَ عَلِمَ أَنَّ نِعْمَةَ اللَّهِ وَصَلَتْ إِلَيْهِ دُونَ كَثِيرٍ مِمَّنْ فُضِّلَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَمْرٍ أَوْجَبَهُ , فَيُلْزِمُ نَفْسَهُ الشُّكْرَ , فَيَعْظُمُ اِغْتِبَاطُهُ بِذَلِكَ فِي مَعَادِهِ .
وَقَالَ غَيْرُهُ : فِي هَذَا الْحَدِيث دَوَاءُ الدَّاءِ لِأَنَّ الشَّخْص إِذَا نَظَرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ لَمْ يَأْمَنْ أَنْ يُؤَثِّرَ ذَلِكَ فِيهِ حَسَدًا , وَدَوَاؤُهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلُ مِنْهُ لِيَكُونَ ذَلِكَ دَاعِيًا إِلَى الشُّكْر . وَقَدْ وَقَعَ فِي نُسْخَة عَمْرو بْن شُعَيْب عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رَفَعَهُ قَالَ " خَصْلَتَانِ مَنْ كَانَتَا فِيهِ كَتَبَهُ اللَّهُ شَاكِرًا صَابِرًا : مَنْ نَظَرَ فِي دُنْيَاهُ إِلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ فَحَمِدَ اللَّهَ عَلَى مَا فَضَّلَهُ بِهِ عَلَيْهِ , وَمَنْ نَظَرَ فِي دِينه إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَاقْتَدَى بِهِ " . وَأَمَّا مَنْ نَظَرَ فِي دُنْيَاهُ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَهُ فَأَسِفَ عَلَى مَا فَاتَهُ فَإِنَّهُ لَا يُكْتَبُ شَاكِرًا وَلَا صَابِرًا " انتهى .

لكن ينبغي الانتباه إلى أن بعض الناس قد يسلي نفسه بمثل هذا الكلام على معنى أن الله صرف عنه من البلاء ما هو أعظم مما نزل به ، يعني : أن بلاء آخر كان سينزل به ، فصرفه الله عنه ، وقدر عليه ذلك الأخف ؛ ومثل هذا هو من أمور الغيب التي لا يعلمها أحد بفكر ولا نظر ، ولا تعلم إلا بوحي من الله ، فينبغي إمساك اللسان ، والظنون عن مثل ذلك ، ورد الأمر إلى الله ، وتسلية النفس بما هو مشروع .
الثاني : أن يكون ذلك على سبيل الدعاء : أن يصرف الله عنه من البلاء ما هو أعظم مما رآه ، أو مما نزل به . والدعاء بصرف البلاء قبل نزوله ، ورفعه إذا نزل بالإنسان مشروع لا حرج فيه ؛ فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لاَ يَرُدُّ القَضَاءَ إِلاَّ الدُّعَاءُ ، وَلاَ يَزِيدُ فِي العُمْرِ إِلاَّ البِرُّ ) . رواه الترمذي (2139) وقال : حسن غريب . وحسن إسناده ابن مفلح في "الآداب الشرعية" (1/410)، والشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " (رقم/154).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( إِنَّ الدُّعَاءَ يَنْفَعُ مِمَّا نَزَلَ وَمِمَّا لَمْ يَنْزِلْ ، فَعَلَيْكُمْ عِبَادَ اللهِ بِالدُّعَاءِ )
رواه الترمذي (3548) وضعفه ، وقال ابن حجر في "فتح الباري" (11/98): " في إسناده لين " انتهى . وحسنه الألباني في " صحيح الجامع " (3409) .

على أن الأولى بالعبد أن يسأل الله أن يدفع عنه البلاء والشر كله ، فإنه لا يدري ما يكون صبره ويقينه عند ما ينزل به ، ولا يدري أي الأمور يكون خيرا له .
وقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم :
( اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ، عَاجِلِهِ وَآَجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ، وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ، اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ ، اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ تَقْضِيهِ لِي خَيْرًا ) .
رواه أحمد (25019/ط الرسالة) وابن ماجة (3846) وصححه الألباني .

والله أعلم .

الإسلام سؤال وجواب

فتوى هااامه
بارك الله فيك
وجزاك الله خير الجزاء


جزاك الله خيرا

وادخلك الله جنتة

وجعل مجهودك فى ميزان حسناتك

دار

جزاكِ الله خيرا يالغاليه

فتوى مهمه ,,, أشكركِ ع التوضيح

فتوى قيّمة ومهمّة ~
" اللهمّ أعنّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك "

باركَ الله فيكِ
وجزاكِ خير الجزاء ياغالية

جزاكم الله خيرا اخواتي الغاليات
اسعدني حضوركم العطر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.