تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » تلخيص كتاب الايمان لابن تيمية او جولة في الكتاب

تلخيص كتاب الايمان لابن تيمية او جولة في الكتاب 2024.

دار

دار
دار
وبعد
الايمان نفحة ربانية يقذفها الله في قلوب من يختار من اهل الهداية ويهيء لهم سبل العمل بمرضاته ويجعل قلوبهم تتعلق بمحبته وتانس بقربه
فهم في رياض المحبة يرتعون وفي جنان الوصل يمرحون احبهم الله فاحبوه ورضي عنهم فرضوا عنه رضي الله عنهم لاخلاصهم له العمل وتفانيهم في الطاعة فرضوا عنه لما اغدق عليهم من فضله ورحمته ثم كانوا من اهل محبته الذين وصفهم بقوله(فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) المائدة54
تقربوا منهم ودنوا منه بالطاعات فدنا منهمك بالمغفرة والرضوان كما نطق الحديث القدسي
((وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ،ورجله التي يمشي بها ، ولئن سألني لأعطيته ولئن استعاذني لأعيذنه )إخراجه البخاري
هذا الشعور الذي يحتلج في الصدر ويلمع في القلب هو الذي يضيء جوانب النفس ويبعث فيها الثقة بالله والانس به والطمأنينة بذكر الله ( الا بذكر الله تطمأن القلوب )
هذا هو الايمان الذي عبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم في معرض حديثه عن ابي بكر الصديق رضي الله عنه ( (انه ماسبقكم بكثرة صلاة ولا صوم إنما سبقكم بشئٍ وقر في قلبه)
هذا الشئ الذي وقر في القلب هو المجال الذي يتفاضل به الناس ويتفوات به الرتب انه الايمان …..

دار

فعندما تأدي واجباتك الدينية من صلاة زكاة وصيام ونسك فانت مسلم عادي اما انك تبلغ الدرجات العلى وتفوز بالطمأنينة في القلب وبالاحساس العارم يفجر في صدرك وبالسعادة تفيض على سعادة نفسك وبالقرب بلا حواجز من ربك تشعر به في ذاتك وتعيش معه في اعماقك ويعكس بالنضارة على قسمات وجهك فهذا دونه شد الرحال ويتوقف على مدى ما عندك من اقبال وهو الميدان الذي يتفاضل به الرجال

دار
ولما كان الايمان له هذا الشأن الخطير والسر الكبير سمت همة مؤلف الكتاب وهو الشيخ ابن تيمية رحمه الله الى تأليف كتاب تحت عنوان الايمان ترنوا اليه العيون ويبلغ مسار النجوم ولا غر و فليس هذا على المؤلف بعجيب فنه ممن عناهم الشاعر

اذا غامرت في شرف مرموم …………………..فلا تقنع بما دون النجوم

فطعم الموت في امر حقير ……………………..كطعم الموت في املا عظيم
والان لنستعرض اهم مواضيع الكتاب بلمحة موجزة توضح للقارئ الخطوط العريضة للكتاب

دار

يستهل المؤلف رحمة الله كتابه بتخصيص جانب منه حول مفهوم الكتاب مقارنا بينه وبين مفهوم الاسلام
عارض نصوص القران والسنة الواردة في هذا السبيل مشيرا الى حديث جبريل وغيرة من الاحاديث التي تجمع بين الاسلام والايمان مفرقا بين مفهوم كلا منها وان الاسلام يتجه الى الاعمال والايمان تتجه الى الاعتقاد وان مفهوم الاحاديث النبوية يدل على ان الاسلام اعم من الايمان والايمان اخص منه وان كل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمن
وكما ان الاية تدل على هذا الفرق في قوله تعالى
(قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا ولمُا يدخل الايمان في قلوبكم _)

و يتطرق المؤلف في هذا الخصوص الى اراء كثير من العلماء من التابعين ومن بعدهم منهم من يؤيد هذا المنحى ومنهم من يعتبر الايمان و الاسلام شيئا واحدا مستدلين
بقول الله(" ان الدين عند الله الاسلام ") على اعتبار ان الدين يشمل الايمان و بحديث جبريل با اعتبار انه لو امن بالله و ملائكته و كتبه و رسلة و اليوم الاخر لكن لم يفعل اركان الاسلام لما نفعه ايمانه و بعد ان يرد على و جهات النظر عند كل فريق يعود فيؤكد الفرق بين مفهوم الايمان و الاسلام و ان الاية نطقت بذلك ( قالت الاعراب ) و نطق الحديث باتفريق بين مفهوميها ودالالة كل منهما.

دار

بعد ذلك يعود المؤلف فيعرص الاراء المختلفة حول معنى الايمان و هل هو الكلمة فقط ؟- التلفظ بالشهادتين – او هو التصديق القلبي فقط ؟اوهل هو الكلمة و التصديق معا ؟ او هما معا مع دخول الاعمال في الايمان ؟ و هل الايمان يزيد و ينقص ؟ وهل يعتبرالعاصي مؤمنا ؟ اوغيرمؤمن ؟ وهل المنافق مسلم ؟ او غير مسلم ؟ و ماهو النفاق الذي يخرج عن الاسلام ؟ و ماهو نفاق العمل و المنافق الاعتقاد ؟ و ها يسوغ ان يقول المسلم " انا مؤمن؟ او لا بد ان يضيف اليها كلمة – ان شاء الله – الى غير هذه الاراء و الخلفات مما سيجده القارئ مفضلا .

دار

ويستوقفنا منهج المؤلف وهو يعرض لكل هذه الاراء المتضاربة ويجيب على هذه التساؤلات المتباينة فيوضح رأي كل فريق ووجهة نظره واستدلالاته وبراهينه السمعية والعقلية ثم يفندها الواحدة تلو الاخرى نابذا كل رأي يتعارض مع النصوص الكتاب والسنة او آراء السلف من الصحابة والتابعين
يعرض المؤلف لكل ذلك باحثا منقبا مستقصيا لا يدع شيءا يتعلق بموضوعه الا تناوله واشبعه بحثا وتمحيصا متطرقا الى مختلف الارء من الفرق الاسلامية ومواقف العلماء من لدن الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم الى المتأخرين حتى عصره ذاكرا الاراء بكل تجرد ووضوح بقوله للمحسن احسنت وللمسىء أسأت تسعفه في ذلك حافظة وقادة وذاكرة فريدة لكل ماورد في كتاب الله وسنته رسوله الله يستشهد بهما لما يذهب اليه من اراء وما يجنح له من مواقف واضعا نصب عينيه كتاب الله ورسوله المصدرين اللذين لن يضل المسلمون ما تمسكوا بهما

وكل خير في اتباع من سلف …………………..وكل شر في ابتداع من خلف

موضحا ان المفاهيم الاسلامية للالفاظ تؤخذ كما فسرها الرسول صلى الله عليه وسلم وكما فهمها الصحابة الكرام لان تفسير الرسول هو الاصل وهو الذي ينبغي هو المقبول لانهم فهموا من الرسول المعاني والدلالات التي تدل عليها الالفاظ

والمؤلف يشرح باسهاب اراء الفرق الاسلامية حول حقيقة الايمان ويفند راي من يقول هو التصديق القلبي فقط وينتهي المؤلف في كتابه الى بحث موضوع طريف هو موضوع الاستثناء في الايمان وهو ان سأل المسلم هل انت مؤمن ؟بماذا يجيب؟هل يقول انا مؤمن ؟او بضيف ان شاء الله

موضحا ان هذا السؤال اخترعته المرجئة حتى يحرجون اهل السنة ويوقعوا المسؤول في الفخ المنصوب توصيلا الى ما يؤيد قولهم ان الاعمال ليست من الايمان


دار

ايها القارىء سوف تجد كل هذا واكثر في هذا الكتاب الجليل الذي سكب فيه المؤلف رحمه الله عصارة فكره وغزارة علمه وقوة ذاكرته وحدة ذكائه وسعة اطلاعه

كتاب الايمان تحقيق حسين يوسف الغزال بتصرف

دار


أختي الغاليه حيّاكِ الله على موضوعكِ الرائع
وسلِمت يداكِ على أنتقائكِ القيّم
جعل ما خطت يداكِ في ميزان حسناتكِ
بارك الله لكِ على هذا السعي المتميز
والمثابره الصادقه
ثبتكِ الله على ما يحبه ويرضاه
أختي واسمحي لي بهذه الإضافه البسيطه
إن من حكمة الله الربانية أن جعل قلوب عباده المؤمنين تحس وتتذوق وتشعر بثمرات الإيمان لتندفع نحو مرضاته والتوكل عليه – سبحانه وتعالى -.

فإن شجرة الإيمان إذا ثبتت وقويت أصولها وتفرعت فروعها، وزهت أغصانها، وأينعت أفنانها عادت على صاحبها وعلى غيره بكل خير عاجل وآجل في الدنيا والآخرة.

وثمار الإيمان وثمراته وفوائده كثير قد بينها الله – سبحانه وتعالى – في كتابه الكريم.
فمن أعظم هذه الفوائد والثمار

أولاً: الاغتباط بولاية الله الخاصة التي هي أعظم ما تنافس فيه المتنافسون، وتسابق فيه المتسابقون، وأعظم ما حصل عليه المؤمنون

قال – تعالى -: (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [يونس: 62] ثم وصفهم بقوله: (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) [يونس: 63]

فكل مؤمن تقي، فهو لله ولي ولاية خاصة، من ثمراتها ما قاله الله عنه: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّور…)[البقرة: من الآية257] أي: يخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، ومن ظلمات الجهل إلى نور العلم، ومن ظلمات المعاصي إلى نور الطاعة، ومن ظلمات الغفلة إلى نور اليقظة والذكر، وحاصل ذلك: أنه يخرجهم من ظلمات الشرور المتنوعة إلى ما يرفعها من أنوار الخير العاجل والآجل.

وإنما حازوا هذا العطاء الجزيل: بإيمانهم الصحيح، وتحقيقهم هذا الإيمان بالتقوى فإن التقوى من تمام الإيمان.

ثانياً: الفوز برضى الله ودار كرامته، قال – تعالى -: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيرحمهم الله إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [التوبة: 71-72] فنالوا رضا ربهم ورحمته، والفوز بهذه المساكن الطيبة: بإيمانهم الذي كمّلوا به أنفسهم، وكمّلوا غيرهم بقيامهم بطاعة الله وطاعة رسوله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فاستولوا على أجل الوسائل، وأفضل الغايات وذلك فضل الله.

ثالثا: ومن ثمرات الإيمان: أن الله يدفع عن المؤمنين جميع المكاره، وينجّيهم من الشدائد كما قال – تعالى -: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا… ) [الحج: من الآية38] أي: يدفع عنهم كل مكروه، يدفع عنهم شر شياطين الأنس وشياطين الجن، ويدفع عنهم الأعداء، ويدفع عنهم المكاره قبل نزولها، ويرفعها أو يخففها بعد نزولها.

ولما ذكر – تعالى – ما وقع فيه يونس – عليه السلام – وأنه (… فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ)[الأنبياء: من الآية87] قال: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء: 88]. إذا وقعوا في الشدائد، كما نجّينا يونس قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: دعوة آخي يونس ما دعا بها مكروب إلا فرّج الله عنه كربته لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. وقال – تعالى -: (… وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً)[الطلاق: من الآية4].

فالمؤمن المتقي ييسر الله له أموره وييسره لليسرى، ويجنبه العسرى: ويسهل عليه الصعاب ويجعل له من كل هم فرجاً، ومن كل ضيق مخرجاً، ويرزقه من حيث لا يحتسب. وشواهد هذا كثيرة من الكتاب والسنة.

رابعاً: ومنها: أن الإيمان والعمل الصالح الذي هو فرعه يثمر الحياة الطيبة في هذه الدار، وفى دار القرار

قال – تعالى -: (مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل: 97] وذلك أنه من خصائص الإيمان، أنه يثمر طمأنينة القلب وراحته، وقناعته بما رزق الله، وعدم تعلقه بغيره، وهذه هي الحياة الطيبة. فإن أصل الحياة الطيبة: راحة القلب وطمأنينته، وعدم تشويشه مما يتشوش منه الفاقد للإيمان الصحيح.

خامساً: ومنها: إن جميع الأعمال والأقوال إنما تصح وتكمل بحسب ما يقوم بقلب صاحبها من الإيمان والإخلاص، ولهذا يذكر الله هذا الشرط الذي هو أساس كل عمل، مثل قوله: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ… ) [الأنبياء: من الآية94]

أي لا يجحد سعيه ولا يضيع عمله، بل يُضاعف بحسب قوة إيمانه، وقال: (وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً) [الإسراء: 19] والسعي للآخرة: هو العمل بكل ما يقرب إليها، ويدني منها، من الأعمال التي شرعها الله على لسان نبيه محمد – صلى الله عليه وسلم – فإذا تأسست على الإيمان، وانبنت عليه: كان السعي مشكوراً مقبولاً مضاعفاً، لا يضيع منه مثقال ذرة.

وأما إذا فقد العمل الإيمان، فلو استغرق العامل ليله ونهاره فإنه غير مقبول قال – تعالى -: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً) [الفرقان: 23] وذلك: لأنها أسست على غير الإيمان بالله ورسوله- الذي روحه: الإخلاص للمعبود، والمتابعة للرسول- قال – تعالى -: (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً) (الكهف: 103-105) فهم لما فقدوا الإيمان، وأحلوا محله الكفر بالله وآياته حبطت أعمالهم

قال – تعالى -: (… لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ… )[الزمر: من الآية65]

(… وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)[الأنعام: من الآية88]

ولهذا كانت الردة عن الإيمان تحبط جميع الأعمال الصالحة، كما أن الدخول في الإسلام والإيمان يجُبُّ ما قبله من السيئات وإن عظمت. التوبة من الذنوب المنافية للإيمان، والقادحة فيه، والمنقصة له تجُبُّ ما قبلها

سادساً: ومن ثمرات الإيمان أن صاحب الإيمان يهديه الله إلى الصراط المستقيم، ويهديه إلى علم الحق، وإلى العمل به وإلى تلقي المحاب بالشكر، وتلقي المكاره والمصائب بالرضا والصبر قال – تعالى -: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ… )[يونس: من الآية9]

وقال – تعالى -: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ… )[التغابن: من الآية11].

ذكر الشوكانى – رحمه الله – في تفسيره (هو الرجل تصيبه المصيبة، فيعلم أنها من عند الله، فيرضى ويسلم)

ولو لم يكن من ثمرات الإيمان، إلا أنه يسلي صاحبه عن المصائب والمكاره التي تعترض كل أحد في كل وقت، ومصاحبة الإيمان واليقين أعظم مسل عنها، ومهون لها وذلك: لقوة إيمانه وقوة توكله، ولقوة رجائه بثواب ربه، وطمعه في فضله؛ فحلاوة الأجر تخفف مرارة الصبر قال – تعالى -: (… إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ… )[النساء: من الآية104]

سابعاً: ومن ثمرات الإيمان ولوازمه وفوائده وخيراته من الأعمال الصالحة ما ذكره الله بقوله: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً) [مريم: 96] أي بسبب إيمانهم وأعمال الإيمان، يحبهم الله ويجعل لهم المحبة في قلوب المؤمنين. ومن أحبه الله وأحبه المؤمنون من عباده حصلت له السعادة والفلاح والفوائد الكثيرة من محبة المؤمنين من الثناء والدعاء له حياً وميتاً، والاقتداء به وحصول الإمامة في الدين.

وهذه أيضاً من أجل ثمرات الإيمان: أن يجعل الله للمؤمنين الذين كمّلوا إيمانهم بالعلم والعمل لسان صدق ويجعلهم أئمة يهتدون بأمره كما قال – تعالى -: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ) (السجدة: 24) فبالصبر واليقين اللذين هما رأس الإيمان وكماله نالوا الإمامة في الدين

ثامناً: ومنها قوله – تعالى -: (… يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ… )[المجادلة: من الآية11].

فهم أعلى الخلق درجة عند الله وعند عباده في الدنيا والآخرة.

وإنما نالوا هذه الرفعة بإيمانهم الصحيح وعملهم ويقينهم، والعلم واليقين من أصول الإيمان
تاسعاً: ومن ثمرات الإيمان: حصول البشارة بكرامة الله والأمن التام من جميع الوجوه كما قال – تعالى -: (… وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ)(البقرة: من الآية223) فأطلقها ليعم الخير العاجل والآجل، وقيّدها في مثل قوله – تعالى -: (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ… ) [البقرة: من الآية25] فلهم البشارة المطلقة والمقيدة، ولهم الأمن المطلق في مثل قوله تعلى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) [الأنعام: 82] ولهم الأمن المقيد في مثل قوله – تعالى -: (… فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)[الأنعام: من الآية48].

فنفى عنهم الخوف لما يستقبلونه، والحزن مما مضى عليهم، وبذلك يتم لهم الأمن.

فالمؤمن له الأمن التام في الدنيا والآخرة: أمن من سخط الله وعقابه، وأمن من جميع المكاره والشرور. وله البشارة الكاملة بكل خير، كما قال – تعالى -: (لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ… )[يونس: من الآية64]

ويوضح هذه البشارة قوله – تعالى -: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) [فصلت: 30-32] وقال – تعالى -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [الحديد: 28] فرتّب على الإيمان حصول الثواب المضاعف، وكمال النور الذي يمشي به العبد في حياته، ويمشي به يوم القيامة (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) [الحديد: 12] فالمؤمن من يمشى في الدنيا بنور علمه وإيمانه، وإذا أُطفئت الأنوار يوم القيامة: مشى بنوره على الصراط حتى يجوز به إلى دار الكرامة والنعيم، وكذلك رتب المغفرة على الإيمان، ومن غُفرت سيئاته سلم من العقاب، ونال أعظم الثواب

عاشراً: ومن ثمرات الإيمان: حصول الفلاح الذي هو: إدراك غاية الغايات، فإنه إدراك كل مطلوب، والسلامة من كل مرهوب، والهدى الذي هو أشرف الوسائل.

كما قال – تعالى – بعد ذكره المؤمنين بما أُنزل على محمد – صلى الله عليه وسلم – وما أُنزل على من قبله، والإيمان بالغيب. وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة: اللتين هما من أعظم آثار الإيمان قال – تعالى -: (أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [البقرة: 5] فهذا هو الهدى التام، والفلاح الكامل.

فلا سبيل إلى الهدى والفلاح اللذين لا صلاح ولا سعادة إلا بهما إلا بالإيمان التام بكل كتاب أنزله الله، وبكل رسول أرسله الله. فالهدى أجل الوسائل، والفلاح أكمل الغايات (7)

الحادي عشر: ومن ثمرات الإيمان: الانتفاع بالمواعظ والتذكير والآيات.

قال – تعالى -: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ) (الذريات: 55) وقال: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) [الحجر: 77] وهذا: لأن الإيمان يحمل صاحبه على التزام الحق واتباعه، علماً وعملاً، وكذلك معه الآلة العظيمة والاستعداد لتلقى المواعظ النافعة، والآيات الدالة على الحق، وليس عنده مانع يمنعه من قبول الحق، ولا من العمل به.

أيضاً: فالإيمان يوجب سلامة الفطرة، وحسن القصد، ومن كان كذلك: انتفع بالآيات.

ومن لم يكن كذلك: فلا يُستغرب عدم قبوله للحق واتباعه له. ولهذا يذكر الله- في سياق تمنع الكافرين من تصديق الرسول – صلى الله عليه وسلم – وقبول الحق الذي جاء به السبب الذي أوجب لهم ذلك وهو: الكفر الذي في قلوبهم. يعني لأن الحق واضح وآياته بينة واضحة والكفر أعظم مانع يمنع من اتباعه، أي فلا تستغربوا هذه الحالة، فإنها لم تزل دأب كل كافر.

الثاني عشر: ومنها أن الإيمان يقطع الشكوك التي تعرض لكثير من الناس فتضر بدينهم

قال – تعالى -: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا… ) [الحجرات: 15] أي: دفع الإيمان الصحيح الذي معهم الريب والشك الموجود، وإزالة بالكلية، وقاوم الشكوك التي تلقيها شياطين الإنس والجن، والنفوس الأمّارة بالسوء. فليس لهذه العلل المهلكة دواء إلا تحقيق الإيمان.

ولهذا ثبت في الحديث الصحيح عن أبي هريرة عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: (لا يزال الناس يتساءلون حتى يُقال: هذا، خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد ذلك فليقل: آمنت بالله) وفي رواية فليستعذ بالله ولينته)

وبهذا بين – صلى الله عليه وسلم – الدواء النافع لهذا الداء المهلك. وهي ثلاثة أشياء

1- الانتهاء عن الوساوس الشيطانية

2- والاستعاذة من شرّ من ألقاها وشبّه بها؛ ليضل بها العباد

3- والاعتصام بعصمة الإيمان الصحيح الذي من اعتصم به كان من الآمنين.

وذلك: لأن الباطل يتضح بطلانه بأمور كثيرة أعظمها: العلم أنه منافٍ للحق، وكل ما نقص الحق فهو باطل (… فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ… ) (يونس: من الآية32)

الثالث عشر: ومنها: أن الإيمان ملجَأ المؤمنين في كل ما يلم بهم: من سرور وحزن وخوف وأمن، وطاعة، ومعصية، وغير ذلك من الأمور التي لابد لكل أحد منها.

فيلجؤون إلى الإيمان عند الخوف فيطمئنون إليه فيزيدهم إيماناً وثباتاً، وقوة وشجاعة، ويضمحل الخوف الذي أصابهم كما قال – تعالى – عن خيار الخلق: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ… )[آل عمران: 173-174]

لقد اضمحل الخوف من قلوب هؤلاء الأخيار، وخلفه قوة الإيمان وحلاوته، وقوة التوكل على الله، والثقة بوعده.

ويلجؤون إلى الإيمان عند الطاعة والتوفيق للأعمال الصالحة: فيعترفون بنعمة الله عليهم بها، وأن نعمته عليهم فيها أعظم من نعم العافية والرزق وكذلك يحرصون على تكميلها، وعمل كل سبب لقبولها، وعدم ردها أو نقصها. ويألون الذين تفضل عليهم بالتوفيق لها: أن يتم عليهم نعمته بقبولها، والذي تفضل عليهم بحصول أصلها: أن يتم لهم منها ما انتقصوه منها (أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) [المؤمنون: 61] ويلجأون إلى الإيمان إذا ابتلوا بشيء من المعاصي بالمبادرة إلى التوبة منها، وعمل ما يقدرون عليه من الحسنات لجبر نقصها.

قال – تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ) [لأعراف: 201] فالمؤمنون في جميع تقلباتهم وتصرفاتهم ملجؤهم إلى الإيمان ومفزعهم إلى تحقيقه، ودفع ما ينافيه ويضاده، وذلك من فضل الله عليهم ومنه.

وخوفاً من الإطالة نقتصر على هذه الثمرات العظيمة التي بينها المولى – عز وجل -، وبذلك نستيقن أن كتاب الله جاء تبياناً لكل شيء، وعرض قضية الإيمان من جوانبها المتعددة النافعة للناس، وبين وسائل زيادة الإيمان، ورغّبنا فيه بذكر فوائده وثماره بحكمة بالغة تليق بالحكيم العليم – جل وعلا -.

وبين المولى – عز وجل – في كتابه حقيقة الإيمان بأنه اعتقاد بالجنان، ونطق باللسان، وعمل بالأركان، ووضعنا على الصراط المستقيم، وسلمت عقول المسلمين وقلوبهم من أمراض التعطيل والتشبيه، والإفراط والتفريط، ووقع أهل البدع في الانحراف عن جادة الصواب، وطريق أهل الاستقامة؛ لأنهم ابتعدوا عن كتاب الله وسنة رسوله، وفهم الصحابة والتابعين بإحسان من علماء وفقهاء ومحدثين

ما أجمل ما يبوح به قلمكِ على مرسى شاااطئنا

فـ حين تطلقين له العنان

تتحفينا بأجمل ما يخطه البنان
فـ لله دركِ حديثكِ عن الإيمان

هذا الحديث الشجي الرنان

الذي يسمو بالروح ويحلق بها إلى أعالي الجنان
دمتي غاليتي تكلؤكِ عناية الرحمن

أختي الحبيبة الغالية
جزاك الله خير الجزاء على هذا المجهود الطيب المبارك

جهد رائع ومفيد
دار
الله لا يحرمنا منك ومن بحر عطائكِ المستمر
شاكرة لكِ ما اضفتيه إلي رصيد معلوماتي بموضوعكٍ الشيق

شاكرة لك غلاي مجهودك المتجدد والغالي ع قلبي
جزاك الله خيراً ولا خلا ولا عدم
تقبلي مروري

دار

بارك الله فيك غاليتى رائع ما قدمت

دار

ما شاء الله
جهد مميز منك اختي
بارك الله فيكِ على طرحكِ المتميز
جعل ما تقدمين في موازين حسناتكِ
اثابك الله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.