تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » التدريب على المرحاض

التدريب على المرحاض 2024.

  • بواسطة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

التدريب على المرحاض ::

الكاتب: أ.د. عبد الرحمن إبراهيم

يعد ذلك من الأمور الهامة بالنسبة للطفل ففي الوقت الذي يصارع فيه الطفل ليصبح منفصلاً عن الأم ويتمرن على أن يقول "لا"، يعتقد الأهل أن الوقت حان ليتعود الطفل على استعمال المرحاض. وتختلف المجتمعات في توقيت متى تبدأ بتدريب الطفل كما وتختلف بطريقة التدرب المرحاضي، والحقيقة أن هناك موعد بيولوجي يدلنا على الموعد الذي يمكن البدء فيه بذلك.

نحن نعلم أنه يمكن تدريب الأطفال قبل أن يبلغوا السنة الأولى من العمر لأنهم مزودون بمنعكس معدي كولوني Gastrocolic Reflex وهذا يعمل منذ بداية الحياة، فإذا رغبت الأم، تستطيع أن تدرب ابنها بصورة انعكاسية على استعمال المرحاض منذ بداية الحياة وهذا ينجح بسهولة عند الذين يكون منعكسهم الكولوني قوي فالأم تضعهم على المرحاض البلاستيكي بصورة منتظمة مباشرة بعد أن يأكل وبعد فترة من تكرار ذلك فإن إحساسهم بمقعد المرحاض يحرض حركات الأمعاء وهذه الطريقة غير شائعة، وليست مرغوبة في مجتمعنا، ومن الأفضل للطفل أن يمارس التدريب المرحاضي بصورة إرادية وليست انعكاسية.

ويوجد عدة شروط يجب توفرها قبل بدء التدريب المرحاضي ففي البدء يجب أن يكون تعصيب المصرات اكتمل عند الطفل (أي أصبح قادراً إرادياً على السيطرة على المصرات) وإلا فالأهل سوف يواجهون صعوبات كثيرة. ويمكن معرفة تحقق هذا الشرط بصورة غير مباشرة بملاحظة قدرة الطفل على المشي فعندما يكون الطفل لا يزال يدرج. فسيطرته على مصراته لا تكون كاملة ولكن عندما يصبح بإمكانه الركض باتجاه معين ثم التوقف فجأة أو تغير اتجاهه فجأة فهو المؤشر على اكتمال النخاعين وبالتالي السيطرة على المصرات.

أما الشرط الثاني فإنه من الأمور المساعدة على التدريب المرحاضي بالنسبة للطفل أن يكون قادراً على الاتصال الكلامي بحيث يمكنه أن يخبر أمه متى يريد الذهاب للمرحاض، وذلك شيء أساسي في مجتمعنا بسبب طريقة تصميم المرحاض الإفرنجي الذي غدا شائعاً، فالطفل لا يستطيع استعمال المرحاض لوحده، وإذا وضعنا أنفسنا مكانه لبرهة فالجلوس على المرحاض يمكن أن يكون مخيفاً بشدة بالنسبة للطفل لأن قدماه مرفوعتان عن الأرض ولا يوجد طفل يحب هذا الشعور نهائياً (أي كون قدماه مرفوعتان عن الأرض) بل يحب بقاء قدميه على الأرض كما أن ثقب المرحاض الإفرنجي أو حتى ما يدعى بالمرحاض التركي أو العربي يبدو كبيراً والطفل يخشى السقوط ضمنه ولهذا كله تم استعمال "النونية" potty seat لمنع الطفل من الوقوع بالمرحاض، ولهذا فمن الأسهل للطفل أن يتعلم التدريب المرحاضي باستعمال النونية الموضوعة على الأرض إذ يمكنه الذهاب إليها بنفسه والنظر إليها، مع العلم أن العائلات الأمريكية لا تستعمل النونية، بل تضع الأطفال على المرحاض مباشرة لذلك يمكن لبعضهم أن يصاب بخوف شديد ويمكن أن يحدث لديهم نوع من الرعب أو الرهاب المبكر.

ويجب أن نبقي بذهننا انه لا يوجد عند الطفل إحساساً متميز بجسمه فهو لا يفرق بين حدوده وحدود المحيط وهو يعرف أجزاء جسمه التي يلمسها ويشاهدها أكثر من غيرها وبالتالي فإنه لا يعرف الكثير عن المنطقة الشرجية، لأنه لا يلمسها إلا نادراً، وهو لا يعرف أن البراز ليس جزءاً أساسي "Not an Integral part" من جسمه وان حركات الأمعاء ستجري بصورة منتظمة قابلة للتوقع، فهو عندما يتبرز يشعر وكأنه فقد شيئاً خاصاً به (جزء من جسمهم)، وعندما تبدأ الأم بحث الطفل على إجراء حركات الأمعاء (حتى أي تعبير لطيف تستعمله لهذه الغاية) ثم تبتهج عندما تنجح في ذلك، ومن ثم تلقي البراز بعيداً، سيتساءل الطفل الذي يبلغ السنة ونصف أو سنتين (أن كان ما فعلته شيئاً عظيماً لماذا إذن تتخلص من هذا الشيء) لنتصور هنا شعور هذا الطفل.

إن البراز بالنسبة للطفل هو خسارة شيء وبالتالي لكي يقبل بتلك الخسارة عليه أن يكسب شيئاً إيجابي لتعويضها وهذا الشيء هو حب الأم فهو تنازل وخسر برازه لأنه يرى من الأفضل له خسارة برازه على خسارة حب الأم وهذا ما يسمح للأطفال بالتمرين المرحاضي، والتدريب يكون أكثر فعالية عندما يستعمل الطفل حاجته لحب الأم كدافع للتدريب بدل أن يستعمل الخوف من العقاب أو التأنيب كدافع للتدريب، وبكل الأحوال يمكن أن يدرب الطفل بأي من الطريقتين السابقتين أما التهديد أو التشجيع الإيجابي Positive encouragement ليكون أكثر نضجاً وبالتالي أكثر تقبلاً من الأهل.

وفي هذه السنة الثانية من العمر ينتقل مكان المتعة للطفل Pleasure Area من مكانه في السنة الأولى (أي الجلد والفم) إلى هيكل جسمه عامة ويشكل أكثر دقة فإن متعته تزداد خلال التخلص من البول عبر الإحليل والبراز عبر الشرج ولهذا برر العلماء لـ Freud وصف هذه المرحلة بالمرحلة الشرجية Anal stage من التطور الجنسي النفسي.

وهكذا نلاحظ أن تدريب الطفل على استعمال المرحاض بدون إحداث صراع كبير هو أمر سهل وممكن ولكنه في الواقع ليس سهلاً في مجتمعنا، لأننا عن طريق التدريب المرحاضي للطفل نطبق عليه بطريقة غير مباشرة مجموعة من القيم Unspoken values المعمول بها في المجتمع. ونطبق ضغطاً كبيراً عليه ليتمرن لأننا نعيش بمجتمع ينادي بالنظافة ونرفض القذارة (البراز والبول رمزان للقذارة) ونلاحظ عدد الإعلانات في التلفاز عن الصوابين والعطور ومزيلات الرائحة، فتنرغيب المشاهدين بأن يكون غسيلهم أنظف غسيل كما نركز على رفض الروائح الكريهة.

وهكذا فالأم تنقل مجموعة من القيم الخفية لطفلها. وتبدأ بالنظر لطفلها على انه قذر وحان الوقت لبدء التمرين المرحاضي وربما بدأت بذلك قبل أن يكون الطفل قد اكتسب السيطرة الإرادية على مصراته أو حتى يمكن أن تقوم بذلك بطريقة سلبية أو عنيفة كما أن بعض الأمهات تتسابق في التبكير على تمرين طفلها وكأنه كلما تمرن الطفل باكراً كان ذلك علامة على تفوقهنَّ.

والأم المرنة تعرف أن التمرين يتطلب وقتاً كما أن الوقت بدء التمرين لا تقرره بنفسها حينما تصاب بالملل من الحفاضات وتبديلها أو غسلها، أو تعتقد أن الطفل قد أصبح كبيراً بما فيه الكفاية لبدء التمرين، ولكن التمرين هو عملية متدرجة ووفق الشروط التي ذكرتها سابقاً لا يحمل أي صعوبة، وإذا كان التمرين يشوش بشكل كبير رغبة الطفل في الاستقلال فمن الأفضل تأجيله قليلاً حتى يكتسب ثقة اكبر بنفسه وإلا فالتمرين يمكن أن يتعارض مع رغبة الطفل في الاستقلال، والأم يمكن أن تصاب بالغضب وتفسر عدم اهتمامه بالتمرين المرحاضي على انه نوع من العصيان، وإذا كان الطفل يتعامل مع أم تحدُّ من قدراته على الانفصال بأوامرها المستمرة وتحديدها الكثير لفعاليته فإنه يدرك أن هذه الناحية لا يمكن للام السيطرة عليها وكأنه يقول لها (لا يمكنك أن تجبريني على فعل ذلك).

وسيدخل في حالة نضال لتحقيق الانفصال وتكوين الفردية المستقلة وهذا النضال سيتجلى في عدم رغبته في التمرين المرحاضي فهو يرفض إجراء حركات الأمعاء في المرحاض وعندما يرفض ذلك تصبح الأم أكثر فأكثر مصرةً على ذلك وكلما أصرت أكثر رفض الطفل ذلك أكثر. وهذا النضال هو حجر الأساس لبعض طباع المرء في المستقبل. ولنتذكر من الآن أن هذا التمرين المرحاضي يؤدي إلى صراع بين الأم والطفل الذي عنده صعوبات من أنواع أخرى فالتمرين المرحاضي ليس هو الأساس في الصراع بل هو تظاهرة له فالمشكلة الأساسية هي رغبة الطفل في الانفصال والاستقلال.

لقد تحدثت سابقاً عن اختلاف التطور بين الصبي والبنت فاكتساب النخاعين يتم عند الفتيات أبكر من الذكور لذلك فتطورهم الجسدي يكون أسرع كما أنهم أقل فعالية من الذكور ولهذا تكون حاجة الأم للسيطرة على فعاليتهن (أي قول لا لهن) أقل، وهذين العاملين يجعلا تمرين الفتاة أسهل فهي قادرة على ضبط المصرات والذهاب إلى "النونية" وأيضاً تؤمن الحركات العضلية البسيطة لإنزال البنطال قبل أن يستطيع الطفل الذكر تأدية هذه الأمور. كما أن صراعها مع الأم يكون أقل في هذه الفترة من الزمن. وهكذا يمكن للأم إذا لم تحدد فعالية الطفل بشدة فرفضه للتدريب يكون اقل.

وهناك ناحية أخرى تسبب مشكلة للتدريب عند الذكر ويمكن علاجها بسهولة فعندما تمرن الأم طفلتها على التبول والتغوط يتم ذلك بوضعية الجلوس وربما فعلت نفس الشيء عند تمرين طفلها -أي تحاول تمرينه على التغوط والتبول بوضع الجلوس- لكن ذلك لا يناسبه فربما شاهد والده أو أحد الذكور يتبول بوضع الوقوف، كما أن التبول بوضعية الجلوس لا يناسبه تشريحياً، فمن الأسهل تدريب الطفل على السيطرة على التبويل إذا علمناه ذلك بوضعية الوقوف، وهذه الفكرة قد لا تخطر على بال الأم لذا يأتي دور الأب الذي يمكن أن يلعب دوراّ هاماً هنا إذا كان يمضي وقتاً كافياً مع الطفل.

من كتاب (كيف نفهم الطفل والمراهق)
نشرت في الشبكة العربية للعلوم النفسية
منقول من موقع مجانين

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

الله يعطيك العافية على هالإفادةدار
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك … لك مني أجمل تحية .

موفق بإذن الله … لك مني أجمل تحية .

دار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.