الأمير أحمد بن طولون (220-270هـ/ 20 سبتمبر 835 – مارس 884م) أمير مصر ومؤسس الدولة الطولونية في مصر والشام
ولد بسامراء ، وقيل : بل تبناه الأمير طولون . وطولون قدمه صاحب ما وراء النهر إلى المأمون ، في عدة مماليك ، سنة مائتين ، فعاش طولون إلى سنة أربعين ومائتين فأجاد ابنه أحمد حفظ القرآن ، وطلب العلم ، وتنقلت به الأحوال ، وتأمر ، وولي ثغور الشام ، ثم إمرة دمشق ، ثم ولي الديار المصرية في سنة أربع وخمسين ، وله إذ ذاك أربعون سنة .
كان من عادة الولاة الكبار الذين يعيِّنهم الخليفة للأقاليم الخاضعة له أن يبقوا في عاصمة الخلافة؛ لينعموا بالجاه والسلطان والقرب من مناطق السيادة والنفوذ، وفي الوقت نفسه ينيبون عنهم في حكم تلك الولايات من يثقون فيهم من أتباعهم وأقاربهم، ويجدون فيهم المهارة والكفاءة. وكانت (مصر) في تلك الفترة تحت ولاية القائد التركي "باكباك" زوج أم أحمد بن طولون، فأناب عنه وفقًا لهذه العادة ابن زوجته "أحمد" في حكم مصر، وأمدَّه بجيش كبير دخل مصر في 23 من رمضان 254هـ، وما إن نزل مصر حتى واجهته مصاعب عديدة ومشكلات مستعصية، وشغله أصحاب المصالح بإشعال ثورات تُصرِفه عمّا جاء من أجله، لكن ابن طولون لم يكن كمن سبقه من الولاة؛ فسرعان ما اشتدَّ نفوذه، وأخمد الفتن التي اشتعلت بكل حزم، وأجبر ولاة الأقاليم على الرضوخ له وتنفيذ أوامره، وكانوا من قبل يستهينون بالولاة، ولا يعبئون بقراراتهم؛ استخفافًا بهم، ويعملون على ما يحلو لهم.
وازدادت قدم ابن طولون رسوخًا، وقويَ سلطانه بعد أن أسندت ولاية مصر إلى "يارجوخ" والد زوجة ابن طولون، فعمل على تثبيت صهره، وزاده نفوذًا بأن أضاف إليه حكم الإسكندرية، ولم يكتفِ ابن طولون بما حقق من نفوذ في مصر؛ فتطلع إلى أن تكون أعمال الخراج في يده، وكان عامل الخراج يُعيَّن من قِبَل الخليفة العباسي، ولم يكن لوالي مصر سلطان عليه، غير أن أحمد بن طولون نجح في أن يستصدر من الخليفة "المعتمد على الله" في 256-279هـ قرارًا بأن يضيف إليه أعمال الخراج؛ فجمع بهذا بين السلطتين المالية والسياسية، وقويت شوكته، وعظم سلطانه، وكان أول عمل قام به أن ألغى المكوس والضرائب التي أثقل بها عامل الخراج السابق كاهل الشعب
عمل أحمد بن طولون على تقوية نفوذه في مصر, فشرع في تحصين البلاد, وإِعداد الجيش وتسليحه, وإنشاء السفن الحربية, وتطلع إلى حماية حدوده الشمالية, فمد سلطانه إلى بلاد الشام بما فيها الثغور سنة 264هـ/ 878م, بموافقة الخلافةالعباسية بعد شعورها بعجز قواتها عن الدفاع عن الحدود أمام البيزنطيين. فنظّم شؤون الشام والثغور, وترك بها قوّات كثيرة, ووزع الحاميات في المدن الرئيسية فجعل حامية في دمشق, وثانية في الرقة, وثالثة في حَرّان. كما ضم إلى دولته منطقة بُرقة, وعمل على ضمّ الحجاز.
كان أحمد بن طولون سياسياً محنكاًَ, وقائداً ماهراً, خبيراً بأساليب الحروب وتعبئة الجيوش, جواداً, فقد كانت له مائدة ينفق عليها ألف دينار في كل يوم يحضرها العام والخاص. وكان يبعث بالصدقات إِلى دمشق والعراق والجزيرة والثغور وبغداد وسامراء والكوفة والبصرة والحرمين وغيرها, فَحُسِبَ ذلك فكان ألف ألف ومئتي ألف دينار.
كان عادلاً يتفقد أحوال رعاياه, شديداً على خصومه يفتك بمن عصاه, ويقال إِنه أُحصي من قتله, ومن مات في حبسه, فكان عددهم ثمانية عشر ألفاً, فاستتب له الأمن, وسادت الطمأنينة.
كان يحب أهل العلم ويقرّبهم إِليه. واهتم بتعمير البلاد, فبنى مدينة القطائع, واتخذها عاصمة له, وفرّق فيها الأزقة والشوارع والسكك. كما بنى المسجد الذي عرف باسمه فيها, وأنفق على عمارته مئة وعشرين ألف دينار. وبنى قبة الهواء على جبل يشكر خارج القاهرة, وبنى البئر بالقرافة والبيمارستان في أرض العسكر. وأنشأ حمامين أحدهما للرجال, وآخر للنساء, وبنى المنظر لعرض الخيل, كما بنى قصراً لنفسه في الميدان السلطاني, الذي تحت قلعة الجبل, فسمي القصر بالميدان.
وفاة ابن طولون
وخلّف ثلاثة وثلاثين ولداً, منهم سبعة عشر ذكراً, وخلف في خزائنه أموالاً كثيرة, وسبعة آلاف مملوك, وأربعة وعشرين ألف غلام, وعدداً من الخيل والبغال والدواب. وقد خلفه في حكم الدولة ابنه أبو الجيش خمارويه.
جامع ابن طولون
شيد احمد بن طولون جامعه على جبل يشكر بعد انتهاءه من بناء قصره في المقطم فبدأ في بنائه سنة 263 هجرية : 876/ 77م وأتمه سنة 265 هجرية : 879م الجامع وإن كان ثالث الجوامع التي أنشئت بمصر، يعتبر أقدم جامع احتفظ بتخطيطه وكثير من تفاصيله المعمارية الأصلية .
شهد هذا المسجد مجموعة من الإصلاحات كانت أهمها سنة 470 هجرية : 1077/ 78م حيث قام بدر الجمالى وزير الخليفة المستنصر الفاطمى بإصلاحات في الجامع حيث تم صنع محراب من الجص بأحد أكتاف رواق القبلة هذا بالإضافة إلى محرابين آخرين صنع أحدهما في العصر الطولونى مع بناء الجامع والثاني في العصر الفاطمى وكلاهما برواق القبلة .
وفي القرن الثاني عشر الهجرى – الثامن عشر الميلادى – كان هذا الجامع يستعمل كمصنع للأحزمة الصوفية، كما استعمل في منتصف القرن الثامن عشر ملجأ للعجزة ثم أتت لجنة حفظ الآثار العربية سنة 1882م، وأخذت في إصلاحه وترميمه، إلى أن كانت سنة 1918م حين أمر الملك فؤاد الأول بإعداد مشروع لإصلاحه إصلاحا شاملا، وتخلية ما حوله من الأبنية، راصدا لذلك أربعون ألف جنيه، أنفقت في تقويم ما تداعى من بنائه، وتجديد السقف، وترميم زخارفه إلى أن أعيد ترميمه وافتتاحه في عام 2024، كواحد من 38 مسجد تم ترميمهم ضمن مشروع القاهرة التاريخية، وقد أعلنت وزارة الثقافة أن إعادة ترميم الجامع تكلفتها تجاوزت 12 مليون جنيه.
طول الجامع 138 مترا وعرضه 118 مترا تقريبا، يحيط به من ثلاثة جهات – الشمالية والغربية والجنوبية – ثلاث زيادات عرض كل منها 19 مترا على وجه التقريب، مكوّنين مع الجامع مربعا طول ضلعه 162 مترا، ويتوسط الزيادة الغربية الفريدة في نوعها مئذنة الجامع، والتي لا توجد مثيلها في مآذن القاهرة ويبلغ ارتفاع المئذنة عن سطح الأرض (40,44م) فيما يربط المئذنة بحائط المسجد الشمالي الغربي قنطرة على عقدين من نوع " حدوة" الفرس وأغلب الظن أنها بنيت على أساسات المئذنة الأصلية للجامع، ذلك لأن هذه المئذنة بنيت في العهد المملوكي، ولعلها قد بنيت على طراز مئذنة جامع سامراء، وهي مربعة من الأسفل، ثم أسطوانية وتنتهى مثمنة تعلوها قبة ويبلغ ارتفاعها أربعين مترا.
وجهات الجامع الأربع تمتاز بالبساطة، وليس بها من أنواع الزخرف سوى صف من الشبابيك المفرغة المتنوعة الأشكال والمختلفة العهود، وأمام كل باب من أبواب الجامع، يوجد باب في السور الزيادة – الخارجي -، بالإضافة إلى باب صغير فتح في جدار القبلة، وقد كان يؤدى إلى دار الإمارة التي أنشأها أحمد بن طولون في شرق الجامع.
كما يوجد منبر أمر بعمله السلطان لاجين أيضا، وحل محل المنبر الاصلى، وهو مصنوع من الخشب، وهذا المنبر يعتبر من أقدم منابر مساجد القاهرة، فيعتبر من حيث القدم ثالث المنابر القائمة
ويعتبر جامع أحمد بن طولون.. أكبر مساجد مصر ثلاثة عناصر أساسية كانت تميز جامع أحمد بن طولون أكبر مساجد مصر عندما أمر بإنشاء هذا الجامع الأمير أبوالعباس أحمد بن طولون الذي يرجع أصله إلى المماليك الأتراك ومؤسس الدولة الطولونية في مصر،
ويتميز جامع أحمد بن طولون أن بناءه مقاوم للنيران و لمياه الفيضان وكان هذا طلب ابن طولون من المهندس الذى أنشأه، وعلى الرغم من أن تخطيط الجامع يتبع النظام التقليدي للمساجد "الجامعة" حيث يتكون من صحن أوسط مكشوف يحيط به أربع ظلات أكبرها ظلة القبلة، إلا أنه ينفرد بمئذنة فريدة تعد من العناصر المعمارية المهمة والأساسية للمساجد وتكاد تكون الوحيدة في العالم الآن على هذا الشكل بعد أن تداعت توأمتها في سامراء ببغداد مؤخرا أثناء القصف الأميركي للمدينة، ويقول المقريزي أن ابن طولون بنى منارة هذا الجامع على صفة جامع منارة سامراء .
ويبلغ عدد مداخل جامع بن طولون 19 مدخلاً، إلا أن المدخل الرئيسي حاليا هو المدخل المجاور لمتحف جاير أندرسون، حيث يوجد أعلاه لوحة تجديد ترجع إلى عهد الخليفة الفاطمي المستنصر بالله.
بعد سنوات طويلة تمت إضاءة ساحة ومسجد ابن طولون وكانت هناك مشاكل تعوقنا من هذا بسبب المساحة الهائلة للمسجد ومشاكل فنية في الكهرباء وبناء علي طلب أهالي السيدة زينب والمنطقة المحيطة بالجامع، لأداء صلاة التراويح في رمضان بذلنا كل جهدنا في وزارة الآثار لكي تتم إنارة المسجد كله لتحقيق طلب وأمنية الأهالي.