سأصبح مهندسا لأبني مستشفى ثم أصبح طبيبا لأعالج المرضى.
جعل أمامه الهدف الكبير على مقدار طموحه التي بعلوها عانقت عنان السماء ‘ ورغم طموحه وآماله لم يفقد الجزء الجميل من طفولته وأخذ يلعب بالكرة التي رافقته من صغره.
وأخذ يسابق الزمن الذي بدأ يأخذ منه أحلى أيام طفولته ليحوله من ذاك الطفل الحالم إلى الرجل الناضج.
هذه هي أيامه الأخيرة في الدراسة الثانوية والتي سوف تحدد مصيره الذي سيبنى عليه مصير آماله وأحلامه..
مرت الأيام طويلة عليه بعد الجهد الذي بذله في المذاكرة والحفظ وإلى أن حان موعد النتيجة النهائية..
يذهب إلى البقالة المجاورة ليشتري صحيفة اليوم التي سوف تظهر فيها أسماء الناجحين…
وما أن أمسك الصحيفة رن هاتفه.. رد مستعجلا وقد كان المتصل هو صديقه خالد الذي كان يشاركه الحلم في أن يصبحا طبيبان..
خالد: السلام عليكم..
صالح: وعليك السلام يا خالد..
خالد: صالح النتائج ظهرت..
صالح: أعلم فقد اتصلت حينا هممت في فتح الجريدة لبحث عن الأسماء الناجحين..
خالد: لا عليك فقد بحثت لك معي..
صالح: و…..
خالد: مبارك يا صالح ألف مبروك.. لقد حصلت على الترتيب الثاني على المملكة…
صالح: الحمد الله.. الحمد الله..
فرح صالح وارتاح بعد معاناة دامت فترة الانتظار.. وقد قرر مسبقا دخول كلية الطب بإحدى الجامعات الدولية ‘وعندها قرر السفر للدراسة في الخارج.
وقبل الرحيل ذهب ليودع والداه اللذان وكسائر الآباء والأمهات يتمنون لأولادهم الأفضل دائما والأحسن..ولكن الأمهات دائما لا يستطعن التغلب على عاطفتهن فذرفت الأم دموع الفرح والحزن ‘ فرِحةً بنجاحه وحزينة لرحليه عنهم فهو مازال صغير مهما كبر.
أم صالح: أنتبه لنفسك يا ولدي ‘ ولا تنسى صلاتك‘ أهم شيء صلاتك.
أما والده فقد كان فرحته أكبر من حزنه في أن يصبح ولده طبيبا..
والفرحة تغمره قال لولده:
ارفع رأسي يا دكتور صالح وبالتوفيق إن شاء الله..
سافر صالح بعد لحظات وداع طويلة بين الأهل والأصحاب..مع عبرة خنقته لدى لحظات الوداع الطويلة..
مرت الشهور والسنين بين المكالمات والرسائل للأهل والأحبة.. وهاهو الآن الدكتور صالح قد أنهى دراسته.
عاد الآن إلى أحضان والدته التي كانت تذرف الدموع الاشتياق..وإلى والده الذي افتقده لأنه كان وحيده..
بفضل دعاء والداته العجوز و والده تيسرت له كل السبل و تسهلت عليه أمور كثيرة في إيجاد وظيفة جيدة بسبب بره لهما..
مرت الأيام والشهور حتى أصبح له مركز مهم في المستشفى وذلك لنشاطه وحبه لعمله وحب المرضى له بسبب لطفه معهم.
وكما هي عادة كل أم أن ترى لولدها زوجة صالحة، وخاصة انه لا ينقصه شيء..وذات يوم قالت له:
لقد بحثت لك يا بني عن بنت الحلال التي سوف تسعدك..
وافق لأنه كان واثق من أن أمه لن تفعل شيء قد يضره ‘ وبالفعل تمت الخطبة و الزواج وذهب إلى جدة ليتم الزواج ‘ بقى بجدة بعد الزواج ما يقارب ثلاثة شهور ‘ بعدها عاد إلى الرياض ليرتب وضعه الجديد الذي يلائم وضعه الحالي.
وبعد أن أتم أموره‘ اتصلت به زوجته لتخبره أنها حامل وأن أخاها سعيد سيأتي بها إلى الرياض حالما يستقر وضع الجنين..
لم يدري ما يفعل حتى موعد مجيئها سوى الانتظار بفارغ الصبر.
وجاء اليوم الموعود…
في ذلك اليوم كانت المناوبة على د. صالح فبدل مناوبته بمناوبة صديقه د. خالد حتى يستطيع استقبال زوجته وأخيها سعيد.
كانت سعادة صالح لا توصف فها هي سهى آتية لتقيم معه في ببيت والده.
وهو في طريق الذهاب إلى المطار لاستقبال زوجته، لم يدرك أن سرعته أعلى من الحد المسموح به في ذلك الطريق.
في الجانب الآخر، كان د. خالد في المستشفى يتابع مرضاه إلى أن تم استدعاؤه إلى قسم الطوارئ، د.خالد لاستقبال المصاب وما هي إلا لحظات حتى وصل المصاب ليكتشف بأن المصاب هو…….. رفيق عمره صالح..
انهمرت الدموع عندما رأى رفيق دربه وأخوه وصاحبه وهو في هذه الحالة فقد كانت إصابته خطيرة وبليغة، وبينما د. خالد يحاول إنقاذه إذا بالوقت قد فات وأتت الساعة التي لابد منها وها هو صالح يرفع إصبعه معلنا بذلك خروج الروح إلى بارئها وهنا أعلنت الأجهزة صرخة مدوية وبصوت واحد أفزعت د.خالد ومن معه معلنة أيضاً خروج روحه..
وهنا دق ناقوس الألم والحزن العميق ليخبرنا بوفاة صالح إثر حادث مروري كان نتيجة لانفجار إحدى إطارات السيارة وخروجها عن السيطرة..
بينما بقى سعيد وأخته سهى ينتظران صالح الرجل الذي لن يأتي..
لأنه رحل لمقابلة أحد غيرهم.. مقابلة ربه..
وبقي صالح الرجل الذي لن يأتي..
سؤالي هي حقيق أم من نسج الخيال ؟؟
صدق الدنيا ما تسوى
وحده نحيفة يسلمممو