شاع بين نابتة هذا العصر قصيدة متهافتة المبنى والمعنى ، منسوبة للأصمعي ،
وخلاصة تلك القصة أن أبا جعفر المنصور كان يحفظ الشعر
من مرة واحدة ،وله مملوك يحفظه من مرتين ، وجارية تحفظه من ثلاث مرات
فكان إذا جاء شاعربقصيدة يمدحه بها ،حفظها ولو كانت ألف بيت (؟!!)
ثم يقول له :إن القصيدة ليست لك
وهاك اسمعها مني ، ثم ينشدها كاملة ،
ثم يردف : وهذا المملوك يحفظها أيضاً
– وقد سمعها المملوك مرتين ، مرة من الشاعر ومرة من الخليفة – فينشدها
ثم يقول الخليفة :
فعمد إلى نظم أبيات صعبة ، ثم دخل على الخليفة وقد غيّر هيئته في صفة أعرابي غريب
ملثّم لم يبِنْ منه سوى عينيه (!!)
فأنشده :
الماء والزهـــر معاً مع زهر لحظ المقل
وأنت يا سيـــددلي وسيددي وموللي (!)
وفـــــتية سقونني (!) قهــيوة كالعسل
شممـــــتها في أنففي (!) أزكى من القرنفل
والــعود دن دن دنلي والطبل طب طب طبلي (!)
والكـــل كع كع كعلي (!) خلفي ومن حويللي (!)
فقال الخليفة للأصمعي :
يا أخا العرب ، هات ما كتبتها فيه نعطك وزنه ذهباً ،
فأخرج قطعة رخام
وقال : إني لم أجد ورقاً أكتبها فيه ، فكتبتها على هذا العمود
من الرخام ،فلم يسع الخليفة إلا أن أعطاه وزنه ذهباً ، فنفد ما في خزانته (!!!) .
وهي من صنيع قاصّ جاهل بالتاريخ والأدب ، لم يجد ما يملأ به
فراغه سوى هذا الافتعال الواهن .
الأول :
إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس ، لمحمد دياب الإتليدي ( ت بعد 1100هـ )
وهو رجل مجهول لم يزد من ترجموا له على ذكر وفاته وأنه من القصّاص ، وليس له سوى هذا الكتاب .
والكتاب الآخر : مجاني الأدب من حدائق العرب ، للويس شيخو ( ت 1346هـ ) ،وهو رجل متّهم
ظنين ، ويكفي أنه بنى أكثر كتبه على أساس فاسد – والتعبير لعمر فرّوخ ( ت 1408هـ ) –
وكانت عنده نزعة عنصرية مذهبية ، جعلته ينقّب وينقّر ويجهد نفسه ، ليثبت أن شاعراً من
الجاهليّين كان نصرانياً ( راجع : تاريخ الأدب العربي 1/23) .
على أن النواجي أديب جمّاع ، لا يبالي أصحّ الخبر أم لم يصحّ ، وإنما مراده الطرفة
ولذا زخرت مدوّنات الأدب بكل ما هبّ ودبّ ، بل إن بعضها لم يخلُ من طوامّ وكفريّات .
طويلاً ، جعل جماعة من الأئمة ينهون عن حضور مجالسهم ،وأُلّفت في التحذير منهم عدة مصنّفات
( راجع : تاريخ القصّاص ، للدكتور محمد بن لطفي الصباغ ) .
الذي توفي قبل أن ينبغ الأصمعي ،ويُتّخذ نديماً وجليساً
ثم إن المنصور كان يلقّب بالدوانيقي ، لشدة حرصه على أموال الدولة ،
وهذامخالف لما جاء في القصة
له شيء كثير ، لكثرة رواياته ،وقد يحتاج بعض ما نُسب إليه إلى تأنٍّ في الكشف والتمحيص
قبل أن يُقضى بردّه ، غير أن هذه القصة بخاصة تحمل بنفسها تُهَم وضعها ، وكذلك النظم ،
وليس هذا بخافٍ عن اللبيب بل عمّن يملك أدنى مقوّمات التفكير الحرّ .
ولم أعرض لها إلاّ لأني رأيت جمهرة من شُداة الأدب يحتفون بالنظم الوارد فيها ويتماهرون في
حفظه ، وهو مفسدة للذوق ، مسلبة للفصاحة ، مأذاة للأسماع .
( إن مثل هذا الهذر السقيم لا يجوز أن يُروى ،ومن العقوق للأدب وللعلم وللفضيلة أن تؤلف الكتب لتذكر أمثال هذا النظم) .
كتبها الأستاذ :عبدالله بن سليم الرشيد في زاوية تحقيق مرويات أدبية .
تقبلي مروري
داااااااااااائماً مواضيعك هادفه ومفيده حتى في الشعر ماشاء الله عليك
اول شي بدأت القراءه بقصة الأصمعي واستمتعت
وبعدها اتضح لي اشياء ما كنت على علم بها
الله يسعدك يارب ولا يحرمنا وجودك ولا يحرمك الأجر يالغاليه
لا إله إلا الله
الكذب والتلفيق حتى في هذه القصه
الله المستعان
جزاكِ الله خير طموحي ,,, فعلا انتي مميزه
و لا تأتين إلا بالمفيد الهادف
لم أظن بأن هذه القصه ملفقه ,,,
/
/
>> الجميل علاقة الأصمعي بهارون الرشيد ,, لا بأبي جعفر المنصور
بوركتي غاليتي
أسال الله أن يجمعني بكن تحت ظل عرشه يوم القيامة
جزاك الله خيرا
في انتظار مزيدا من مشاركاتك المميزة
دمت بود