أحب الشتاء هذا الضيف العزيز الذى طالما اشتقنا إليه ونحن نمسح عنا عرق الصيف الملتهب ..
أحب الشتاء وأشعر بالسعادة عند قدومه ..
أحب الشتاء وكم أشتاق إليه فى وسط لهيب الشمس ..
أحب الشتاء وأرى فيه الخير ، أرى فيها القرب من الرحمن .. أراها يذكرنى بالنار وشدتها ..
أحب الشتاء حيث أرى فيها الوقت الطويل لأنجز ما أريد من قراءة وكتابة ..
أحب الشتاء حيث اقترب فيها من ربى فهى ربيع المؤمن كما ورد ..
كله خير ..
يقول فضيلة الأستاذ عبد الرحمن سعد – صحفي مصري في جريدة الأهرام :
( ليس من المبالغة أن يُقال إن فصل الشتاء كله خير..
ويكفي أن برده وصقيعه يذكران بزمهرير جهنم ،
بل إن طينه وترابه الذي يذوب ويرخو بفعل مياه الأمطار المنهمرة فيه لمما يوجه دعوة إلى ذلك الكائن الضعيف
المخلوق من هذا الطين ( الإنسان ) بأن يرق قلبه، وتلين جوارحه لذكر ربه. قال تعالى :
( أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ
وَلاَ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الأمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ) سورة الحديد:16 ..
ربيع المؤمن ..
وقد أخرج لنا الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
عن النبي عليه الصلاة والسلام قال ( الشتاء ربيع المؤمن )
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: السيوطي – المصدر: الجامع الصغير – الصفحة أو الرقم: 4929
خلاصة حكم المحدث: حسن
وزاد فيه : ( طال ليله فقامه وقصر نهاره فصامه ) .
الراوي: [أبو سعيد الخدري] المحدث: الزرقاني – المصدر: مختصر المقاصد – الصفحة أو الرقم: 553
خلاصة حكم المحدث: حسن .
ويقول ابن رجب الحنبلي رحمه الله :- ( إنما كان الشتاء ربيع المؤمن ؛ لأنه يرتع فيه في بساتين الطاعات
، ويسرح في ميادين العبادات ، ويتنزه قلبه في رياض الأعمال الميسرة فيه ،
كما البهائم في مرعى الربيع فتسمن وتصلح أجسادها ،
فكذلك يصلح دين المؤمن في الشتاء بما يسر الله فيه من الطاعات ،
فإن المؤمن يقدر في الشتاء على صيام نهاره من غير مشقة ولا كلفة تحصل له من جوع ولا عطش ،
فإن نهاره قصير بارد، فلا يحس فيه بمشقة الصيام )
كتاب لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف
الغنيمة الباردة ..
كتب الدكتور محمد الرمانى – عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الوقفة الثانية :
– ( والشتاء هو الغنيمة الباردة :- ففي المسند وعند الترمذي رحمه الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال
:- ( الصَّومُ في الشِّتاءِ الغَنيمةُ الباردةُ )
الراوي: عامر بن مسعود و أنس بن مالك و جابر بن عبدالله المحدث: الألباني – المصدر: صحيح الجامع – الصفحة أو الرقم: 3868
خلاصة حكم المحدث: حسن
وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول :- ألا أدلكم على الغنيمة الباردة. قالوا بلى. فيقول الصيام في الشتاء.
ومعنى كونها غنيمة باردة، أنها غنيمة حصلت بغير قتال ولا تعب ولا مشقة،
فصاحبها يحوز هذه الغنيمة عفوا صفوا بغير كلفة.
وأما قيام ليل الشتاء فلطوله يمكن أن تأخذ النفس حظها من النوم ثم تقوم بعد ذلك إلى الصلاة
فيقرأ المصلي ورده كله من القرآن وقد أخذت نفسه حظها من النوم
فيجتمع له فيه نومه المحتاج إليه مع إدراك ورده من القرآن، فيكمل له مصلحة دينه وراحة بدنه.
يروى عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :- مرحباً بالشتاء تنزل فيه البركة ،
ويطول فيه الليل للقيام ويقصر فيه النهار للصيام.
وعن الحسن البصري رحمه الله قال :- نعم زمان المؤمن الشتاء، ليله طويل يقومه، ونهاره قصير يصومه.
وعن عبيد بن عمير رحمه الله أنه كان إذا جاء الشتاء قال :- يا أهل القرآن طال ليلكم لقراءتكم فاقرؤوا،
وقصر النهار لصيامكم فصوموا، قيام ليل الشتاء يعدل صيام نهار الصيف.
ولهذا بكى معاذ رضي الله عنه عند موته وقال :- إنما أبكي على ظمأ الهواجر وقيام ليل الشتاء ومزاحمة العلماء بالركب عند حِلَق الذكر.
وذلك بخلاف ليل الصيف فإنه لقصره وحره يغلب النوم فيه،
فلا تكاد تأخذ النفس حظها بدون نومه كله،
فيحتاج القيام فيه إلى مجاهدة وقد لا يتمكن فيه لقصره من الفراغ من ورده من القرآن ) ..
النار وزمهريرها ..
ففى هذه الليالى شديدة البرد أجدنى أتذكر النار .. فيلهج اللسانى بالإستعاذة من النار وزمهريرها ..
فكما علمنا سلفنا الصالح أن نربط ما نراه فى دنيانا بآخرتنا .. فذكر الآخرة يزيد المرء إيماناً على إيمانه ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- ( اشتكت النار إلى ربها فقالت: يا رب. أكل بعضي بعضاً فجعل لها نفسين ؛
نفس في الشتاء ونفس في الصيف فشدة ما تجدون من البرد من زمهريرها وشدة ما تجدون من الحر من سمومها )..
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري – الصفحة أو الرقم: 3260
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
فتذكر أيها الحبيب شدة زمهرير جهنم بشدة البرد القارس في الدنيا ،
يقول أحد الزهاد :- ( ما رأيت الثلج يتساقط إلا تذكرت تطاير الصحف في يوم الحشر والنشر ).
فلا تنسَ الفقراء أيها الكريم ..
وهنا يقول فضيلة الأستاذ عبد الرحمن سعد – صحفي مصري في جريدة الأهرام :
– لا شك أن إيثار الفقراء في الشتاء بما يدفع عنهم غائلة البرد خلال ذلك الفصل له فضل عظيم، وأجر كبير..
فعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال :- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:- ( من لا يرحم الناس لا يرحمه الله )
مَن لا يَرْحَمِ الناسَ ، لا يَرْحَمْهُ اللهُ
الراوي: جرير بن عبدالله و أبو سعيد الخدري المحدث: الألباني – المصدر: صحيح الجامع – الصفحة أو الرقم: 6597
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
– ( من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته،
ومن فرّج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ؛ سترَه اللهُ يوم القيامةِ)
الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: الألباني – المصدر: صحيح الترغيب – الصفحة أو الرقم: 2333
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :-
( يُحشر الناس يوم القيامة أعرى ما كانوا قط، وأجوع ما كانوا قط ، وأظمأ ما كانوا قط ،
فمن كسا لله عز وجل كساه الله ، ومن أطعم لله أطعمه الله ، ومن سقا لله سقاه الله ، ومن عفا لله عفا الله عنه )
رواه ابن أبي الدنيا في "كتاب الأهوال" ص/ 232 ..
محمود القلعاوى
جزاك الله خير الجزاء
ونفع بك ووفقك الله لكل ما يحب ويرضي
وبلغك اعلي منازل الجنة
دمتي بحفظ الله ورعايته الكريمة
اللهم بدل الحاجة غنى والجهل علما والمرض صحة
و أجعل الدنيا هينة عليها
و أجعل العمل السعي الى رضاك والغاية رحمتك
و الجنة موعدك وحرم النار علي أمتك الضعيفة و أجعلها
في الدرجات العلا مع الصديقين والشهداء
أنت ترى عملها وتعلم غايتها
فلا تحرمها وأنت أكرم منها
وجميع المسلمين ..
اللهم آمين
وبارك اللهم فيك وسدد خطاكِ
وجعل اللهم الجنة مثوانا ومثواك وكل المسلمين
وغنمنا الله الشتاء ويسر لنا مايقربنا الى مرضاته ورضاه عنا اللهم آميين