المسكن الطيب 2024.

لست أعني بالمسكن الطيب أن يكون ذا موقع استراتيجي ، ..!
أو ذا بهو واسع بين حدائق غناء ، ..!
ولا أعني بالمسكن الطيب ذاك الذي حوى أفخرأنواع الأثاث ..
ولا أعني بالمسكن الطيب اتساع أرضه ، وزخرفت جدرانه ….

لا أعني ذلك كله ، وإن كان هذا مطلب …

المساكن الطيبة هي التي تناثرت فيها عقود الجمان ..
وتمايلت أغصان أزهار الرضا من جمال أهلها الباطني ،
وكرم نبلهم ، واتساع أخلاقهم ، وسمو مكارمهم

في المساكن الطيبة تتآلف قلوب أفراد الأسرة على قلب واحد ،
فبين الزوجة وزوجها احترام متبادل ،
وبين الأولاد والبنات تقدير متبادل ،
فالكبير يعطف على الصغير ، والصغير يحترم الكبير .
التعاون ، والحب ، والإخاء ،
والرحمة تاج على رؤوس أفراد ذاك المسكن الطيب

في المساكن الطيبة تغرد بلابل الصفاء ، وتنسكب أهازيج الوئام بين جنبات الأسرة ،
حتى تعلو السكينة ، والوقار أركان ذاك العش السعيد .
المساكن الطيبة يتعاون أفرادها على البر والتقوى ،
ويتناصح أهلها ؛ لأن الكل مرآة للآخر .
لا تسمع في جنبات المساكن الطيبة صخباً لأنغام موسيقية ،
ولا ترى فيها إعلاماً هابطاً ، ولا منظراً يهدم قيماً أو مبادئ

المساكن الطيبة محصنة من الشيطان بكثرة الأذكار من ألسنة أهلها الطيبين الطاهرين .
في المساكن الطيبة إذا جنَّ الليل تعاهد الأهل أذكار المساء ،
وإذا أشرق الصباح أشرقت معه أذكار الصباح .
هناك في المساكن الطيبة تجد أفراد الأسرة ما بين تالٍ للقرآن ، وآخر يصلي الليل ،
وثالث يراجع ما حفظه من آيات الله ، ورابع روحه تحلق مع سير الصالحين .

الهدوء ، والسكينة ، والحب ، والحنان ، ….
وكل ألوان الإستقرار الأسري تتشكل معانيها في المساكن الطيبة .
إذا اختلف أفراد المسكن الطيب على أمر ما ، فمرجعهم الكتاب والسنة ،
إليه يحتكمون ، وعلى ضوءه يسيرون .
في المساكن الطيبة يتربى الأولاد على مأدبة القرآن بطريقة تربوية صحيحة .
أهل المساكن الطيبة قدوات حسنة لغيرهم بأفعالهم قبل أقوالهم .
في المساكن الطيبة دروس إيمانية ، وأخرى ثقافية ،
وربما تاريخية يتربع على عرشها رب الأسرة ، وقد يتبادل الأدوار بقية الأفراد .
لا تخلو المساكن الطيبة من طرفة ، أو فكاهة ،
يرسمها الأهل على وجوه بعضهم البعض .

[IMG]http://emanmatr.***********/%D8%B9%D8%B5%D9%81%D9%88%D8%B13.gif[/IMG]

ذوو المساكن الطيبة لهم عطاءات ، وجهود ،
وتضحيات يشهد لها الجيران قبل الأباعد .
النجاح في المساكن الطيبة مطلب هام في كافة نواحي الحياة .
المسكن الطيب لايكون طيباً ما لم تطيب الأصول ـ
أقصد إذا صلح حجر الأساس وهم الوالدان ،
صلحت الذرية بإذن الله تعالى ـ
وعندها سترفرف أعلام السعادة على أرجاء ذلك المسكن الطيب .
هذه هي المساكن الطيبة التي ينبع الخير من أركانها ،
فأينما توجهها لا تأتي إلا بالخير .

وعلى النقيض تماماً نرى اليوم من يعتبر أسعد لحظة في حياته ..
هي تلك اللحظة التي يقضيها خارج أسوار مسكنه مع أصحابه ، أو في سفراته ،
حتى الأولاد لما فقدوا وسائل الترفيه المباحة ، وفقدوا المعاملة الطيبة ،
والتربية المثلى ، أصبح مسكنهم الثاني الشارع مع رفاق السوء .
لقد عجَّت بعض المساكن بالخلافات التي لا تنتهي ،
وبالتنافر ، والشقاق ، والخصومات ، ..
حتى غدا البيت مسرحاً للفوضى ، وعشاً هنيئاً لخيوط العنكبوت

تلك المساكن الطيبة الآنفة الذكرليست نسجاً من الخيال أنثر فيها ثمالة أفكاري ،
وإنما هي حقيقة واقعية تجدونها متى ما كان ربان السفينة ماهراً في القيادة ،
مستشعراً وهو يخوض لجج البحار قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته )متفق عليه .

حقاً هذه هي المساكن الطيبة التي نفتخر بها ،
كثر الله من أمثالها في مجتمعاتنا ، وزادها الله رسوخاً وثباتا .