يطرأ على المجتمع خلال شهر رمضان بعض التغيرات السلوكية، فيتأخر وقت بدء العمل ووقت بدء الدراسة وتزداد الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية حتى ساعة متأخرة من الليل وكأنه أصبح طبيعياً في شهر رمضان أن يسهر المرء بالليل وينام حتى ساعة متأخرة بالنهار فكل الظروف تهيأ خلال شهر رمضان لتشجيع مثل هذا النظام اليومي للصائم. أضف إلى ما سبق أن هناك تغيراً سريعاً في نمط تناول الطعام من النهار إلى الليل (الصوم خلال النهار والإفطار في الليل) والذي يصاحبه بعض التغيرات العضوية (الفسيولوجية) في الجسم.
من ناحية علمية لابد من التفريق بين تأثير الصيام وتأثير التغيرات السلوكية في المجتمع على النوم.
يرتبط شهر رمضان لدى الكثير بالسهر خلال الليل. وتحدث تغيرات في نسق حياة المجتمع ككل مما يساعد على السهر خلال الليل. فساعة بدء الدوام لدى المسلمين تتأخر خلال رمضان وتنشط المحلات التجارية حتى ساعة متأخرة من الليل وكذلك القنوات الفضائية وتكثر اللقاءات الاجتماعية بين الأقارب والأصدقاء حتى ساعة متأخرة من الليل. وينتج عن السهر نقص حاد في عدد ساعات النوم خلال الليل لدى البعض مما قد يسبب الخمول والنعاس وتعكر المزاج خلال النهار.
وقد وجدنا في دراسة سابقة أجريناها على طلاب كلية الطب (عينة مكونة من 56طالباً وطالبة) أنه لا يوجد اختلاف في مجموع ساعات النوم التي ينامها الطالب خلال شهري شعبان ورمضان فقد نام الطلاب نفس عدد الساعات خلال شهر شعبان والثلاثة الأسابيع الأولى من رمضان. ولكن الاختلاف كان ظاهراً وجلياً في مواعيد وقت النوم والاستيقاظ فقد تأخر وقت النوم لدى الطلاب من الساعة 11.30مساءً إلى حوالي الساعة الثالثة فجراً خلال الأسبوع الأول من رمضان واستمر هذا التغير في الأسابيع التالية وتأخر وقت الاستيقاظ من الساعة 6.30صباحاً إلى الساعة 8.45صباحاً خلال الأسبوع الأول من رمضان والساعة 9.15صباحاً في الأسبوع الثالث من رمضان. ولم يصاحب ذلك تغير في عدد أو مدة الغفوات خلال النهار.
والمفارقة أنه بالرغم من حصول الطلاب على نفس عدد ساعات النوم فإنهم كانوا يشتكون من زيادة حادة في النعاس خلال نهار شهر رمضان وهذا قد يعزى إلى احتمالات منها: التغير المفاجئ في مواعيد النوم والاستيقاظ احتمال وجود تغيرات فسيولوجية مصاحبة للصيام كتغير إفراز هرمون النوم (الميلاتونين) خلال الصوم، أو احتمال وجود بعض العوامل النفسية أو تغير المزاج التي تصاحب الصيام وتؤثر على النوم. وتبقى كل الاحتمالات السابقة نظرية وتحتاج إلى تأكيد.
وفي دراسة أخرى، قمنا بمقارنة نمط النوم خلال شهري شعبان ورمضان لدى ثلاث مجموعات، المجموعة الأولى ضمت مواطنين سعوديين، وضمت المجموعة الثانية مقيمين مسلمين، وضمت المجموعة الثالثة مقيمين غير مسلمين (أي لا يصومون خلال رمضان). وأظهرت الدراسة كما هو متوقع تأخر مواعيد النوم والاستيقاظ لدى المسلمين مواطنين ومقيمين وإن كان تأخر مواعيد النوم أكثر لدى المواطنين، ولكن النتيجة اللافتة للنظر في هذه الدراسة كانت تأخر مواعيد النوم لدى المقيمين من غير المسلمين بالرغم من عدم تغير أوقات بدء العمل الصباحي لدى هذه المجموعة. وهذا يدعم الفكرة القائلة إن سبب تغير نظام النوم في شهر رمضان هو تغير نمط الحياة لدى المجتمع ككل وليس الصيام.
هل تحدث تغيرات فسيولوجية تؤثر على النوم خلال الصيام؟
هناك بعض العوامل التي قد تؤثر على فسيولوجية النوم خلال الصيام. فتغير نمط ومواعيد ونوعية الأكل الفجائية من النهار إلى الليل قد ينتج عنها زيادة عمليات إنتاج الطاقة (الأيض) خلال الليل مما قد يؤدي إلى زيادة درجة حرارة الجسم خلال الليل. ففي العادة تنقص درجة حرارة الجسم حوالي نصف درجة مئوية قبل النوم مما يساعد على النوم ولكن نتيجة لزيادة الأكل في رمضان خلال الليل قد ترتفع درجة حرارة الجسم مما قد يؤدي لزيادة النشاط وعدم الشعور بالنوم خلال الليل. ويتبع ذلك خلال الصيام انخفاض درجة حرارة الجسم أثناء النهار والشعور بالنعاس أو بصورة مبسطة تغير الساعة الحيوية في الجسم . وهذه إحدى النظريات المطروحة عن علاقة الصوم بالنوم ولها ما يدعمها من الدراسات.
ولكن هذه النظرية لم تتطابق مع بحث أجريناه على مجموعة من المتطوعين الأصحاء، حيث لم نجد أي اختلاف في النظام المعتاد لدرجة حرارة الجسم بين شعبان ورمضان كما أننا لم نجد أي تغير مهم في النظام (الإيقاع) اليومي لإفراز هرمون النوم (الميلاتونين) خلال الشهر الكريم. كما أن دراسات وقياسات النوم الموضوعية في المختبر لم تظهر أي تغير في جودة النوم خلال شهر رمضان. وبالرغم من شعور الصائمين بالنعاس خلال النهار إلا أن القياسات الموضوعية لزيادة النعاس في المختبر لم تظهر أي زيادة في النعاس خلال شهر رمضان عند حصول الصائم على نوم كاف خلال الليل.
وقد أظهرت الدراسة السابقة زيادة وزن الصائمين خلال شهر رمضان وزيادة نسبة الدهون المكونة للجسم وهذا يعود للإفراط في الأكل خلال الليل.
لذلك وبناءً على الدلائل المتوفرة من الأبحاث يبدو أن الصوم في حد ذاته لا يؤثر على جودة النوم ولا يسبب زيادة النعاس خلال النهار. وأن التغيرات التي تحدث في النوم خلال شهر رمضان قد يكون مردها إلى تغير نمط الحياة خلال شهر الصوم.
فلو ان الناس تلتزم بالنوم بعد صلاة التراويح لتفيق للسحور و لتراويح الفجر سيخرج رمضان و قد اكتسب الفرد صحة جيدة و عادة جميلة
ارضى ربنا الله و كسب الصحة و راحة البال