( عبير ) شابة في العشرين من عمرها بعد أيام من عودتها من رحلة شهر العسل الممتعة والتي كانت في ربوع سويسرا وتحديدا في ريفها الساحر اتصلت على إحدى صديقاتها المقربات بنفسية { متشنجة } وعين { باكية } تندب حظها وترثي لمستقبلها وتتألم من حاضرها وكأن سقما مستعصيا اعتراها ووجعا دائما أضناها
وكانت قد نقمت من قرار زوجها بالخروج سويا لمرة واحدة أسبوعيا وهي ترى أن مرة واحدة لا تروي ظمأ ولا تسمن ولا تشبع من جوع ! 000
وقد بادرتها الصديقة بنصيحة من { العيار الثقيل } وبدون أي دخول في التفاصيل قالت لها : تصرف زوجك هذا تصرف ينبو الصبر فيه عن القلب ولا يبقى معه تأس ومن كانت تلك بداياته !! { تعني الزوج }
وأوصتها بالتمرد على زوجها وأن تقف بوجهه وإن أصر على رأيه فبيت أهلها أعز وأكرم من البقاء مع هذا الجبار القاسي !! وكادت عبير أن تأخذ بتلك النصيحة السقيمة لولا بقايا من وعي وفهم أدركت معه أن تلك الصديقة أسقطت مشاكلها وتجاربها الخاصة عليها وصدّرت إليها جروحها !!
مشهد يتكرر وموقف دائم الحضور وللأسف أن الكثير يستشير من يحبه وهذا خطأ فادح فليس بالضرورة أن يملك من تنبض لهم قلوبنا عقلا ناضجا وفكرا سديدا ورأيا حكيما
وللأسف قد تكون الأم أو الأخ أو الصديقة المخلصة غير ملائمين تماما للاستشارة وأغلب الظن أن الرأي سيكون مبني على عاطفة ولن يخلو من انحياز تام وربما أشار أحدهم برأي أفسد به العلاقة كاملة ! 0000
يقول د ارثر كاليندرو : { لا تستشير شخصا معجبا بك لأنه سيتغافل عن مواطن القصور فيك ! }
وبعض الناس لا يتردد عن تقديم المشورة حتى وإن لم يملك الأدوات الكافية التي تمكنه من تقديم الحل المناسب وربما هدم برأيه بيوتا وشرد أسرا وبذر أحقادا وهو أقرب ما يكون لمن يتجرأ في الفتيا
ويذكر احد الإستشاريين قد سمعت شخصا من الدهماء يحرم مسألة معقدة بكل بساطة أحسب أنها لو عرضت على عمر رضي الله عنه لجمع لها أهل بدر !!
وأعرف من تصدر للاستشارات الزوجية والتربوية وهو لم يتجاوز الرابعة والعشرين من عمره ولم يتزوج بعد !
وتلك بعض التوجيهات النافعة بموضوع الاستشارة :
1- إن الإنسان في حال الأزمات البحث ربما يتعرض لضغط عاطفي رهيب يحول بينه وبين التفكير في الحل السليم لذا لا إشكالية في الاستشارة ولكن بعد بذل الجهد أولا في البحث عن حل وللأسف أن البعض يغرق في شبر من الماء وتراه مع مشكلة سهلة كمن افترسته الأحداث وغالته أغوال الدهر فيعبث القلق في أحلامه وتتسلط الأحزان على قلبه ولا تراه يعمل عقله ولا يبذل أي جهد في غيجاد مخرج لأزمته
2- المستشار ليس قاضيا { يحكم } بل هو مرشد { يدل } لذا يجب أن يبتعد المسترشد عن تلميع نفسه وتحسين صورته عند المستشار ولا ينفع المسترشد تجريم الطرف الثاني وإدانته وتحميله المسؤولية حتى وإن أشبع احتياجا داخليا
3- من مانعات الخروج من الأزمات البحث عن حلول توافق { الهوى } فربما يستشير أحدهم ولكن لن يرضيه إلا حل واحد فقط ! لذا إن استشرت من تثق برأيه فخذ به وإن لم ترتح ابتداء لوروده ولم تغتبط لسماعه
4- المستشار ليس ساحرا أو كاهنا بل هو بشر مجتهد ودوره يتوقف عند إبداء النصيحة فتغير الأوضاع المتراكمة من سنين والشفاء من تتابع الآلام ومعاناة الأوجاع لن يكون برسالة أو اتصال بل برحلة شاقة مجهدة حافلة بالتضحيات وتغيير بعض العادات
ومضة قلم :
في كثير من الأحيان 000 خسارة معركة تعلمك كيف تربح الحرب 0000 !
احتارت كلماتي حقيقا وانا اقرء موضوعك الاكثر من رائع واقتنعت بكل حرف دونتيه
ويبدو انه سيطيب لي ا الجلوس في موضوعك الاستشاري للتزود من منهال عطائك الامحدود
اقف احتراما لقلمك المبدع ولشخصك الاروع
ودمتم بألف خير وعافية
موضوعك يحمل بين طياته اروع الحكم
وتبقي الاستشارة سنة نبينا صلى الله عليه وسلم لكن فلنعرف من نستشير
لك ودي
وفعلا تبقى الإستشارة سنة نبينا الذي أمرنا بها في أمورنا عندما يستعصي علينا من شيئ بشرط أن يكونوا من ذوي الخبرة
ودمت بألف خير