حقيقية وليست من نسج الخيال
ما الذي حصل في مشفى حمدان وكيف هجرت المشفى وترك المرضى في العناية المركزة وتحت أي ظرف ؟؟
شهادة أحد المتطوعين في العمل الإسعافي :: 2962012
بدأت القصة مساء يوم الأربعاء بقطع الكهرباء عن المشفى ليبدء العمل بالمولد الكهربائي الذي يمكنه ان يستمر في العمل ليومين فقط استمرت طيلة الليل حتى فجر الخميس بدأت القذائف تنهال على الأهالي منذ الساعة الرابعة صباحا وبدأت تتوافد على المشفى الإصابات عشرات الإصابات كانت تتوالى وراء بعضها بالدخول والوصول الى المشفى إلا انها كانت تصل بوضع حرج جدا نتيجة التأخر بإسعافها وتعرضها لنزف شديد ومضاعفات … بدأنا نزف الشهيد تلو الشهيد حتى لم يبقى مكانا نحفظ فيه جثامين الشهداء وكل هذا ونحن نستخدم المولدوالكهرباء مقطوعة كنا نعاني من نقص حاد في لكادر الطبي قياسا إلى كم الاصابات وخطورتها وجهنا نداء تلو النداء لحضور جميع أطباء المدينة غير ان الكثير منهم كانوا قد نزحوا مع النازحين عنها ومن تبقى لم يكن القصف الشديد يسمح له بالحضور ..جرحى في كل مكان وحالة من الصخب ومصارعة الموت تضج في درهات المشفى ..انتهى النهار الصعب بكل مافيه من مآسي وغرفة العناية المركزة ملئى بالمصابين والحالات الحرجة … وما أن بدأ صباح يوم الجمعة حتى عاود القصف مستهدفا محيط المشفى كاملا وقد دكت جميع البيوت الملاصقة وبدأت تنهال القذائف والشظايا علينا ثم انتقل القصف ليستهدف المشفى نفسها …
كان صباح يوم الجمعة من اسواء ايام حياتي القذائف تنهمر في منطقة المشفى الجيش الحر بدءبالانسحاب تحت ضغط القصف العنيف والمركز للطيران والدبابات والمدفعية .. الكهرباء لازالت مقطوعة ودوي صوت المولد لايزال مسموعا بقسوة ..الجرحى ومصابي اليوم السابق لازالوا في المشفى بالعشرات الكادر الطبي في حيص بيص ..غرفة العناية المركزة تكاد تنفجر ..اهالي المصابين يتراكضون لايعرفون مايفعلون بجرحاهم والقصف فوق رؤسنا ..
تم اتخاذ القرار بإخلاء المشفى
كان هناك سيارتين فقط وكان الكادر الطبي مؤلف من8اشخاص وعدد من الممرضين والمتطوعين كلهم ضمن هاتين السيارتين تم ارسال الجرحى العاديين مع ذويهم حسب ما وجد ..ولكن الخيار الصعب كان بالنسبة للمرضى الموجودين في العناية المركزة لايمكن نقلهم الى اي مكان والمولد الكهربائي شارف على الانتهاء من الوقود وهؤلاء المرضى اغلبهم ليس لهم امل في الشفاء وخاصة في ظل الامكانات والظروف المتوفرة تم ارسال البعض منهم الى بيوت نسميها تمنيا امنة .. اصبح اطلاق النار كثيف جدا جدا العدد الذي بقي في المشفى
في العناية المشددة 7 والجثث حوالي 6 خرجنا من احد الحواري تحت القصف ولكن كان قرارا صعبا وقف الأطباء في حيرة من امرهم الدموع تملأ العيون والارتباك سيد الموقف جيش النظام يتقدم والاخبارتتوالي انهم ينفذون الاعدامات الميدانية في طريقهم كانت رسالتهم للمشفى واضحة من خلال القصف ماذا نفعل بهولاء المرضى ؟؟؟ قدم داخل المشفى وأخرى خارجها يجب أن يتخد القرار الصعب .. اصعب موقف شهدته في حياتي …. كان موقفا لاينتمي للانسانية .. إما نموت كلنا وإما أن نترك الجرحى في غرفة العناية المركزة تحت رحمة هذه العصابة ..
أحد المصابين كانت قد بترت ساقه بقذيفة وحالته صعبة جدا وخطيرة كان يئن وقد أنزله البعض إلى الساحة أمام المشفى على السرير الذي ثبت عليه هو والاجهزة التي لايستطيع نزعها وجهاز التنفس الاصطناعي وعندما ساد الهرج والمرج مع نزول قذيفة في عين المكان ركض الجميع باستثناء المصاب على السرير صار يصرخ هرعت نحوه علني استطيع فعل شيء له اردت ان اعود به الى غرفة العناية وصلت به إلى داخل المشفى في مكان اعتقدت أنه افضل ما هو متاح امامي ..ماذا أفعل ؟؟.. همس في أذني احملني معك سأعطيك 100000 ليرة فقط اخرجني من هنا .. نظرت حولي كيف ؟ الكل رحل .. لاوسيلة مواصلات لامكان في أي سيارة يجب ان يحمل مع الأجهزة .. ماذا نفعل ؟؟ نزلت قذيفة اخرى وإطلاق النار ارتفعت وتيرته واقترب أكثر فأكثر نحو المشفى… الساعة التاسعة الآن .. لم أشعر بنفسي نسيت المصاب ركضت نحو السيارات المغادرة ووجهي وعيناي معلقتان بالمريض وأنا أبكي كما كان غيري يبكي … تركناه في المشفى…
لم تنتهي القصة كانت المروحيات تتابعنا منذ أن خرجنا من المشفى وهي توجه الرصاص والقذائف فوقنا وتلاحقنا .. كنا مجرد كادر طبي يقوم بواجبه فقط لم يسعفه الحظ ليؤدي رسالته كاملة .. تركنا هم خلفنا مصابين يتوجعون في غرفة العناية المركزة على المنافس لن تبقيهم الكهرباء أحياء اذا انتهى وقود المولدة .. وعلمنا أنهم بعد مغادرتنا داهموا المشفى وخربوها .. ونزعوا أجهزة التنفس عن المرضى وتركوهم للموت ..
هذه واحدة من الاف الاف القصص التي تحدث كل يوم
يا الله ما النا غيرك يا الله
اللهم ارنا فيهم عجائب قدرتك
اللهم ارحم اهلي وفك كربتهم يالله
لا حول ولا قوة الا بالله
ولا نملك إلا الدعاء لهم بأن ينصرهم الله نصراً مؤزراً عاجلاً غير آجل يارب العالمين.