لو تكلم رمضان لقال كلمات في الصميم
إن الطاعة شرف , والوقوف بين يدي الله منقبة , واغتنام موسم الخيرات غنيمة
, يهبها الرحمن من رضي عليه من خلقه .
كم ترى من طائعين في رمضان
فهذا يكثر من السجود والركوع , وذاك يحبس نفسه في بيوت الله عاكفاً على القراءة ,
وآخر يتابع أعمال البر من تجهيز سفر للصائمين ومعونة الفقراء والمساكين
, في أعمال بر ذؤوبة لا تكاد تنقطع , فمن قربهم ومنحهم تلك الفرص
وغيرهم يمضون الشهر بين اللعب والبطالة ؟
إنه التوفيق من الله , وحرصهم على البعد عما يحرمهم من هذا الخير – وهي الذنوب والخطايا -.
والأشد والأنكى من يُحرم كثيراً من الطاعات ويكون منغمساً بالمعاصي حتى في
شهر رمضان , فلا ينتهي من واحدة إلا تلبس بأخرى في حرمان موجع , وخذلان مفجع .
إن من حُرم خير هذا الشهر فهو المحروم , ومن خُذل في مواسم البر فهو المخذول .
ولا علاج لهذا إلا بالتوبة النصوح قبل بلوغ الشهر .
التوبة التي يتخلص العبد عندها من كل خطيئة تحول بينه وبين هذه الرحمات .
التوبة التي تؤهل العبد لأن يدخل في زمرة من رضي الله عنهم وأيدهم وأعانهم على مراضيه .
فلنكن منهم فهي الفرصة التي إن فاتت فات كل خير
كم سيموت من خلق قبل رمضان بأيام بل وساعات !
كيف لو نوى أكثرهم أنه سيغتنم الشهر ويتقرب لربه كم سيُكتب
له الأجر بإذن الله تعالى .
ومن أمد الله في عمرهم وأنسأ له في أثره وبلغ الشهر, وكان قد نوى فعل الخير
أستفاد من هذه النية توفيقا , وحاسب نفسه عند كل تفريط إذ سيراجعها ويقول لها :
ألم تكن تنوي اغتنام الموسم فأنت في الأمنية فكوني مع الصادقين .
فانوِ الخير , واعقد العزم , واشحذ الهمة , تكن من الفائزين .
العزيمة الصادقة
فلتكن لنا عزيمة على المحافظة على الصلوات وأدائها مع الجماعة
, وتؤدينها يا أمة الله في أول وقتها .
لتكن لنا عزيمة على الإكثار من النوافل من صلاة التروايح والسنن الرواتب وغيرها .
لتكن لنا عزيمة على ختم القرآن وتأمله وتدبره , والإنتفاع بعظاته .
لتكن لنا عزيمة صادقة على العمرة ولزوم الذكر والإعتكاف
والصدقة وغيرها من القربات .
إبراء الذمة من الصيام الواجب
عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ:
"كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلا فِي شَعْبَانَ"
رواه البخاري: 1849، ومسلم: 1146
قال الحافظ ابن حجر -رحمه الله-: "
ويؤخذ من حرصها على ذلك في شعبان أنه لا يجوز تأخير القضاءحتى
يدخل رمضان آخر" [فتح الباري: 4/191].
المسارعة في إنهاء الأعمال التي
قد تشغل المسلم في رمضان عن العبادات
حاول أن تتفرغ قليلا من أشغال الدنيا هذا الشهر , جهز أغراض
رمضان والعيد قبل الشهر للتفرغ فيه للعبادة ,كثير من الناس هيئ الله
من الأسباب ما يجعله متفرغاً هذا الموسم بخلاف أصحاب المهن ,
فلماذا لايغتنم المتفرغ هذا الموسم بالطاعات الكثيرة كالصلة والدعوة والتفرغ للعبادات .
يصلي عندي مصل هيئ الله من الأسباب
ما جعلها فارغاً خلال أيام الشهر
فرتب جدوله علىأنه يدخل المسجد من الساعة التاسعة
صباحاً ولا يخرج منه إلا قبيل المغرب يختم خلالها
القرآن كل يومين, أعرف أن هذا لايتهيئ لكل
أحد ولكن مثله كثير ولكنهم لم يغتنموا الفرصة
كما اغتنم هو , وكل واحد أعرف بحاله
, والمقصود أن تستغل كل فرصة تتاح لك .
الحمد لله الذي أنزل القرآن، وجعلنا من خير أمة أخرجت للنّاس.
الحمد لله الذي فرض على عباده الصيام. والصلاة والسلام على من رغب
في رمضان القيام. نبينا محمد وعلى آله وصحابته الكرام.. وبعد:
شهر رمضان هو شهر القرآن. قال تعالى :
{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى
لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ}[البقرة:185]
فالقرآن كلام الله عز وجل
فمن أراد أن يناجي الخالق سبحانه من الله تعالى فعليه بقراءة
وتلاوة القرآن الكريم فهو الهدى والنور المبين
ففيه التعرفة والتبصرة بالطريق الصحيح المؤدي
إلى جنّة الرضوان بإذن الواحد الديان
فيه تبيان الحلال والحرام
فيه أخبار السابقين وأنباء اللاحقين
وفيه الفصل لما بين النّاس
كلما قرأه المسلم ثم عاد إليه، فإنّه يشتاق إليه فلا يمل من قراءته القارئ أبداً.
فمن أراد الاطمئنان فعليه بالقرآن
ومن أراد الراحة والسكينة فعليه بالقرآن
ومن أرادالخشوع والإنابة فعليه بالقرآن
قال تعالى: {أَلاَ بِذِكْرِاللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:28]·
فمن ذكر الله تعالى تلاوة وقراءة القرآن الكريم،
فهو حبل الله المتين،وهو الجد ليس بالهزل.
ومن قرأ حرفاً واحداً منه فله به عشر حسنات والله يضاعف لمن يشاء
قال صلى الله عليه وسلم : «من قرأ حرفاً من كتاب الله فله حسنة
والحسنة بعشرأمثالها·
لا أقول ألم حرفاً ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف»
[الترمذي وقال حسن صحيح]
ففضل القرآن عظيم
قال صلى الله عليه وسلم : «إنّ الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب»
[الترمذي وقال حسن صحيح].
فأحوال النّاس مع القرآن في رمضان أحوال عجيبة
فمن النّاس من لا يعرف القرآن في رمضان ولا غير رمضان.
ومن النّاس من لا يعرف القرآن إلّا في رمضان فتجده يقرأ القرآن في رمضان لعدة
أيام ثم ما يلبث أن يترك القراءة وينكب على اللعب واللهو، فهذا استبدال
الذي هو أدنى بالذي هو خير.
ومن النّاس من يختم القرآن الكريم في رمضان ولكنه لاه القلب أعمى البصيرة
لا يتدبر ولا يتأمل كلام الله عز وجل، وكأنّه في سجن؛
فإذا انسلخ شهر رمضان وضع المصحف وأحكم عليه الوثاق ولسان حاله يقول:
وداعاً إلى رمضان القادم،
وكأنّه أيقن أنّه سيدرك رمضان القادم فلا حول ولا قوة إلّا بالله. قال صلى الله عليه وسلم :
«إنّ الله يرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين»
هذا هو كتابنا إن لم نقرأه نحن فمن الذي سيقرأه إذن
أننتظر من غيرنا أن يقرأ كتابنا، والله تعالى يقول: {إِنَّ هَـذَاالْقُرْآنَ يِهْدِي
لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً}
[الإسراء:9].
يقول تعالى : {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَشِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً}
[الإسراء:82]·
وقال صلى الله عليه وسلم : «اقرؤوا القرآن فإنّه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه»[مسلم]·
وقال عليه الصلاة والسلام : «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» [البخاري]·
هذا هو الحال مع القرآن في شهر رمضان شهر القرآن.
دمتم بحب وخير
في شهر رمضان المبارك