والمرأة في الإسلام درة مصونة، وجوهرة مكنونة،
عفيفة لا تعرف المكر ولا الخداع ولا حيل الساقطات في الفتنة.
فإذا كانت في بيت أبيها ملأت البيت نوراً وتقى وهداية،
وإذا ذهبت إلى بيت زوجها حفظته في نفسه وماله وعرضه،
وغرست ثمرة الحياء والعفة في نفوس أبنائها.
فضائل العفاف
1- العفة من سبل الفلاح: قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ *
الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ *
وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ *
إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ *
فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}
قال ابن كثير:
«والذين قد حفظوا فروجهم من الحرام، فلا يقعون فيما نهاهم
الله عنه من زنا ولواط، لا يقربون سوى أزواجهم التي أحلها الله لهم»
(تفسير القرآن العظيم: 3/318)
ولا شك أن هذا المعنى ينطبق على الرجال والنساء معاً.
2- العفة عنوان الصلاح: قال تعالى:
{فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ}،
قال ابن كثير رحمه الله:
فَالصَّالِحَاتُ{ أي من النساء }قَانِتَاتٌ{ قال ابن عباس وغير واحد: يعني مطيعات لأزواجهن:
{حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ} قال السدي وغيره: أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها وماله.
وقوله: {بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} أي المحفوظ من حفظه الله
(تفسير القرآن العظيم:1/642).
3- العفة سبب في المغفرة: قال تعالى:
{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ
وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ
وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ
وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}.
فبين الله في هذه الآية أن حفظ الفرج وصيانته عن الحرام
من جملة أسباب المغفرة والأجر العظيم يوم القيامة.
4- العفة تلبية لنداء الرحمن: قال تعالى:
{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ
إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ
أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ
أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ
الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ
لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
قالت عائشة رضي الله عنها: «يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله
{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}
شققن مروطهن فاختمرت بها.
وعن صفية بنت شيبة قالت: بينا نحن عند عائشة،
فذكرنا نساء قريش وفضلهن فقالت عائشة رضي الله عنها:
إن لنساء قريش لفضلاً وإني – والله – ما رأيت أفضل من نساء الأنصار
أشد تصديقا بكتاب الله ولا إيمانا بالتنزيل ، لقد أنزلت سورة النور
{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}
انقلب إليهن رجالهن، يتلون عليهن ما أنزل الله إليهم فيه،
ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته، وعلى كل ذي قرابته،
فما فمنهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل، فاعتجرن به،
تصديقا وإيمانا بما أنزل الله من كتابه، فأصبحن وراء رسول الله صلَّ الله عليه وسلم معتجرات ،
كأن على رؤوسهن الغربان.
فأين نساء المؤمنات اليوم من المسارعة إلى العمل بكتاب الله تعالى
وسنة رسوله صلَّ الله عليه وسلم؟
أين هن من الحجاب الكامل الساتر البعيد عن التبرج والفتنة؟
أين هن من طاعة الله عز وجل في الأمر بالحشمة والعفاف؟
5- العفة مفتاح الفرج: قال تعالى:
{وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}،
قال عكرمة : هو الرجل يرى المرأة فكأنه يشتهي،
فإن كانت له امرأة فليذهب إليها وليقض حاجته منها،
وإن لم يكن له امرأة فلينظر في ملكوت السموات والأرض حتى يغنيه.
وكذلك أنت أيتها الأخت المسلمة الفاضلة العفيفة،
فإن الله عز وجل قال: {وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ}.
6- بالعفة كملت مريم:فلما ذكر الله تعالى مريم امتدحها فقال:
{ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ
رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ}.
7- العفة مخالفة لطريق الهالكين: قال تعالى:
{يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ
عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ
الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا *
يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا}.
قال ابن كثير:
(يخبر تعالى أنه يريد أن يبين لكم أيها المؤمنون ما أحل لكم
وحرم عليكم مما تقدم ذكره في هذه السورة وغيرها
{وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}
يعني طرائقهم الحميدة واتباع شرائعه التي يحبها ويرضاها
{وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ}
أي من الإثم والمحارم، وقوله:
{وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا}
أي يريد أتباع الشياطين من اليهود والنصارى والزناة أن تميلوا عن الحق إلى الباطل ميلاً عظيما)
(تفسير القرآن العظيم: 1/625).
8- العفة مفتاح الجنة: قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم :
«إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها ، وحفظت فرجها،
وأطاعت زوجها، قيل لها : ادخلي من أي أبواب الجنة شئت»
(أخرجه ابن حبان وصححه الألباني).
وقال أيضا صلَّ الله عليه وسلم: «اضمنوا لي ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة،
اصدقوا إذا حدثتم ، وأوفوا إذا وعدتم ، وأدوا إذا ائتمنتم ،
واحفظوا فروجكم ، وغضوا أبصاركم ، وكفوا أيديكم»
(أخرجه أحمد وابن حبان وحسنه الألباني).
9- العفة تاج: ومن الذي ينكر هذه الحقيقة؟ قال ابن القيم رحمه الله:
(لم يزل الناس يفتخرون بالعفاف قديما وحديثا،
قال إبراهيم بن أبي بكر بن عياش : شهدت أبي عند الموت فبكيت،
فقال : يا بني! ما يبكيك؟ فما أتى أبوك فاحشة قط)
فها هو ذا إبراهيم يفتخر وهو على فراش الموت بأنه عاش
عفيفاً طوال عمره.. فأي افتخار هذا!! وأي معنى سام!!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب : نداء إلى العفيفات "بتصرفي"
غير منقول