السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صلح الرملة 22 شعبان 588هـ
كان لتحرير المسلمين لبيت المقدس سنة 583هـ، رد فعل سريع وعنيف في أوروبا، تجسد ذلك في وفاة البابا «أوربان» الثالث من هول الصدمة، ثم قام خليفته «جريجوري» الثامن بإرسال خطاب بابوي لكل نصارى أوروبا يدعوهم فيه إلى صيام كل يوم جمعة على مدى خمس سنوات قادمة والامتناع عن أكل اللحم أيام السبت والأربعاء وفرض ضريبة العشور عليهم بحيث يدفع كل نصراني في غرب أوروبا 10% من دخله لتمويل حملة صليبية ثالثة على الشام لاسترجاع بيت المقدس.
مات جريجوري الثامن وترك لخليفته «كليمنت الثالث» مهمة الاتصال بملوك ألمانيا وفرنسا وإنجلترا، ونتيجة هذا الاستنفار الباباوي هرع ملوك وأمراء أوروبا للاشتراك في الحملة الصليبية، وسرت روح قوية في الغرب الأوروبي، وكان أبرز ملوك الحملة فريدريك بربروسا ملك ألمانيا، وفيليب أغسطس ملك فرنسا، وريتشارد قلب الأسد ملك إنجلترا، وانطلقت الأساطيل الثلاثة، كل واحد من طريق فتمزقت الحملة الألمانية لغرق «بربروسا» عند نهر سريع الجريان بجبال طوروس، وتنافس فيليب أغسطس وريتشارد قلب الأسد فيما بينهما على أولوية الوصول وطريق الدخول للشام.
في هذه الفترة كان الصليبيون محاصرين لميناء عكا، ذلك لأن صلاح الدين قد ارتكب خطأ إستراتيجيًا في الحروب الصليبية تمثل في سماحه لفلول الصليبيين المنهزمين في كل معركة، بالتوجه إلى ميناء «صور» فتجمع بالمدينة أعداد كبيرة من المحاربين شنوا هجومًا قاسيًا على ميناء «عكا» وأرسلوا لإخوانهم الصليبيين في أوروبا، فقدمت الأساطيل الفرنسية ثم الإنجليزية على عكا وظلوا محاصرين لعكا لمدة عامين حتى سقطت المدينة في النهاية بعد دفاع باسل ومجيد من المسلمين وذلك سنة 587هـ، واقتسمها فيليب وريتشارد، ولكن سرعان ما دب الخلاف بينهما لرغبة كليهما في السيطرة والقيادة، فآثر فيليب أغسطس الرجوع إلى بلاده تاركًا رياسة الصليبيين لريتشارد الإنجليزي الذي حاول تحقيق مكاسب صليبية جديدة، فافتتح عهده بذبح ثلاثة آلاف أسير مسلم لكسب محبة وتعاطف البابوية والصليبيين في أوروبا.
قرر صلاح الدين الأيوبي التركيز في هذه الفترة على حماية بيت المقدس، وتهديد خطوط الإمداد الداخلية للصليبيين في فلسطين، وهذه السياسة الذكية والحكيمة أدت لحرمان ريتشارد والصليبيين من القيام بأي جهد للاستيلاء على بيت المقدس طيلة عام كامل، حتى أجبر ريتشارد على طلب الصلح من صلاح الدين الذي كان يواجه هو الآخر بدوره متاعب كثيرة بسبب تعب وضجر جنوده من مواصلة القتال لعدة سنوات، وهكذا كانت الأمور تدفع كلاً من الجانبيين نحو نوع من الهدنة، فالصليبيون أيقنوا أنهم لن يستطيعوا الاستيلاء على القدس مرة أخرى، والمسلمون كان عليهم أن يرتاحوا قليلاً لالتقاط الأنفاس من حروب متصلة لعدة سنوات، وهكذا تم توقيع صلح الرملة في 22 شعبان 588هـ ـ 2 سبتمبر 1192م، وكانت أهم موادها بقاء الساحل الفلسطيني فيما بين يافا وصور بأيدي الصليبيين، وبقاء القدس والداخل كله بيد المسلمين، أي أبقى صلح الرملة على الأمور على ما كانت عليه تقريبًا قبل قدوم هذه الحملة الصليبية الثالثة.
منقول من صحيفة الميثاق
معلومات قيمه ومفيده
افادك الله حبيبه
عن جد استمتعت بقراءه موضوعك
لاتحرمينا جديدك
افادك الله حبيبه
عن جد استمتعت بقراءه موضوعك
لاتحرمينا جديدك