تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » صحة حديث

صحة حديث 2024.

دار

في البداية جزيل الشكر للغالية مامي نور لانها نبهتني ان هذا القول غير صحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو ما جعلني ابحث عن تخريجه

دار

السؤال : هناك قول اشتهر على ألسنة الناس على أنه حديث ، ولا أدري صحة ذلك ، (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً ، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً) فأرجو التوضيح .

الجواب :
الحمد لله
أولا :
هذا الكلام مع شهرته لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم .
قال الشيخ الألباني رحمه الله :
"لا أصل له مرفوعاً ، وإن اشتهر على الألسنة في الأزمنة المتأخرة" انتهى من "السلسلة الضعيفة" (8) .
وجاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " ( المجموعة الثانية 3/269 ) :
" ليس بحديث مرفوع عن الرسول صلى الله عليه وسلم " انتهى.
ثانياً :
أما من حيث المعنى :
فالشق الثاني منه وهو قوله : (واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً) فهو صحيح المعنى ، وفيه الحث على العمل للآخرة ، ودوام الاستعداد لها ، وهذا أمر مرغوب مطلوب .

ولهذا المعنى شواهد كثيرة من الكتاب والسنة ، فيها الأمر بالاستعداد للآخرة وللقاء الله بالعمل الصالح والمبادرة بذلك .
وأما الشق الأول منه ، وهو قوله : (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً) فله وجه مقبول ، ووجه آخر مردود :
أما الوجه المقبول : فهو إذا فهم على أنه دعوة إلى الأخذ بالأسباب ، وبذل الوسع في تحصيل الرزق ، والاهتمام بعمارة الأرض فيما يرضي الله عز وجل .
أو يقال : إن معنى قوله : (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً) : هو التمهل في عمل الدنيا ، وعدم المسارعة به كعمل الآخرة ، بل يتمهل ويتأنى ويزهد فيه لأنه ـ على افتراض أنه مخلد في الدنيا ـ سيأتيه كل ما يريد من الدنيا ، وسيأخذ منها كل ما يريد ، ولكن .. ما لا يأتيه اليوم قد يأتيه غداً … وهكذا يكون هذا الكلام في الحث على الزهد في الدنيا وليس كما يفهمه كثير من الناس .

قال ابن الأثير رحمه الله :
" الظاهر من مَفْهُوم لفظِ هذا الحديث : أمَّا في الدنيا فَلِلْحثِّ على عِمارتها ، وبقاء الناس فيها حتى يَسْكُن فيها ، ويَنْتَفع بها من يَجيء بعدك ، كما انْتَفَعْت أنت بعَمَل من كان قبلك ، وسَكَنْتَ فيما عَمَرَه ، فإنّ الإنسان إذا عَلم أنه يَطُول عُمْرُه أحْكَم ما يَعمَلُه ، وحَرصَ على ما يَكْسِبُه ، وأمّا في جانِب الآخرة فإنه حَثٌّ على إخلاص العمل ، وحُضُور النّيَّة والقَلْب في العباداتِ والطاعات ، والإكْثار منها ، فإِنّ من يَعْلم أنه يموت غَداً يُكْثر من عبَادَته ، ويُخْلِص في طاعتِه، كقوله في الحديث الآخر : ( صَلِّ صَلاَة مُوَدِّعٍ ) .

قال بعض أهل العلم :
المراد من هذا الحديث غَيْرُ السَّابق إلى الفَهْم من ظاهره ؛ لأنّ النبي صلى اللّه عليه وسلم إنما نَدب إلى الزُّهْد في الدنيا والتَّقْلِيل منها ومن الانْهمَاك فيها والاسْتِمتاع بلَذَّاتها ، وهو الغالب على أوَامره ونَواهيه فيما يتعلق بالدنيا ، فكيف يَحُثُّ على عِمارتها والاسْتِكْثار منها ، وإنما أراد – واللّه أعلم – أنّ الإنسان إذا عَلِم أنه يعِيش أبداً قَلَّ حِرْصُه ، وعَلِم أنّ مَا يُريدُه لَنْ يَفُوتَه تَحْصِيلُه بتَرْك الحِرْص عليه ، والمُبَادَرة إليه ، فإنه يقول: إن فاتَنِي اليَوْم أدْرَكْتُه غَداً ، فإِنّي أعيش أبداً ، فقال عليه الصلاة والسلام : اعْمَل عَمَل من يَظُنُّ أنه يُخَلَّد ، فلا يحْرِص في العمل ، فيكون حَثًّا لَهُ على الترك والتَّقْلِيل بِطَرِيقَة أنيقة ، من الإشَارة والتَّنْبيه ، ويكون أمْرُه لعَمَل الآخِرة على ظاهره ، فيَجْمَع بالأمْرَيْن حَالَة واحدة وهو الزُّهْد والتَّقْلِيل ، ولَكِن بلَفْظَيْن مُخْتَلِفَيْن ، وقد اختَصَر الأزهري هذا المعْنى فقال : معْناه : تقْدِيم أمْرِ الآخِرة وأعْمَالِها حِذَارَ المَوْت بالفَوْت على عَمل الدنيا ، وتَأخير أمْر الدنيا كَراهيَة الاشْتِغال بها عن عَمل الآخرة " انتهى من "النهاية" (1/927) .

ومثل هذا قاله المناوي رحمه الله في "فيض القدير" .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" هذا القول المشهور ، لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو من الأحاديث الموضوعة ، ثم إن معناه ليس هو المتبادر إلى أذهان كثير من الناس من العناية بأمور الدنيا ، والتهاون بأمور الآخرة ، بل معناه على العكس ، وهو المبادرة والمسارعة في إنجاز أعمال الآخرة ، والتباطؤ في إنجاز أمور الدنيا ؛ لأن قوله : ( اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً ) يعني أن الشيء الذي لا ينقضي اليوم ينقضي غداً ، والذي لا ينقضي غداً ينقضي بعد غدٍ ، فاعمل بتمهل وعدم تسرع ، لو فات اليوم فما يفوت اليوم يأتي غداً ، وهكذا .
وأما الآخرة : فاعمل لآخرتك كأنك تموت غداً ، أي : بادر بالعمل ، ولا تتهاون ، وقدِّر كأنك تموت غداً ، بل أقول : قدِّر كأنك تموت قبل غد ؛ لأن الإنسان لا يدري متى يأتيه الموت .
وقد قال ابن عمر رضي الله عنهما : (إذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وخذ من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك) .
هذا هو معنى هذا القول المشهور .

إذاً : فالجواب :
أن هذا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن معناه : ليس كما يفهمه كثير من الناس من إحكام عمل الدنيا وعدم إحكام عمل الآخرة ، بل معناه المبادرة في أعمال الآخرة ، وعدم التأخير والتساهل فيها ، وأما أعمال الدنيا فالأمر فيها واسع ، ما لا ينقضي اليوم ينقضي غداً وهكذا " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (فتاوى مصطلح الحديث/شروح الحديث والحكم عليها) .
أما إذا فهم قوله : (اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً) على أنه دعوة إلى الرغبة في الدنيا والتشبث بها ، والحرص على ما فيها من ملذات وشهوات ، فهذا فهم مردود ، لا تأتي بمثله الشريعة ، وإنما تأتي دائما بالترغيب في الآخرة ، واتخاذ الدنيا مزرعة وسبيلا إليها .
والله أعلم .

موقع الاسلام سؤال وجواب

غاليتي كلمة صدق جزااااك ربي كل خير
وجعل ما قمتِ بنشره في موازين حسناتك
رفع الله قدرك وأعلا شأنك
تقبلي التقييم جزيت خيرا على البحث المميز
تسلم يديك
وشكرا للتوضيح
بارك الله فيكِ
وجزاكِ الله خيراً
ونشكر لكنّ حرصكنّ على الصحيح من الأحاديث
النبويه الشريفه ومحاربة كل ما هو منكر وباطل

دار

مشكورة كتير على التوضيح وبارك الله فيك

استفدت كتير من الشرح لانني كنت دائما احكي لابني ليجتهد

تسلمي ويارب ينور عليك ويفرج كربك ويسهل امرك ويغفر ذنبك ويوسع رزقك

جزاك الله خير الجزاء
سلمت يداك على بحثك حول الصحيح
اسال الله لك الثبات والصلاح

الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.