⌡سيَاحةَ كشَفتْ أنّني فيِ خَطَر !⌠
.
.
.
الهدوءُ يعـمُّ المكانَ ، لا تكادُ ترى أحداً
بالأمسِ كانَ يعجُّ بالناسِ صغاراً وكبـاراً
………..⌡فأيـنَ هـمُ الآنَ ؟!⌠
الجميعُ خرجوا والبهجةُ تكسو وجوهَهم بعدَ أنْ أنْهوا جولتَهم
إلا أنا ……
خرجتُ مطَأطِئَ الرأسِ ، منكسِرَ الفؤادِ ، لماذا؟
أبسببِ الرهبةِ التي دخلتْ قلبِي حينَ دخلتُ ذلكَ المكانَ؟
أمْ أنّها الندامةُ التي اجتاحتْ كياني عندما تبيّنَ لي سوءُ حالِي!
حاولتُ تجاهلَ تلكَ المشاعرِ حتى لا أفقدَ المتعةَ التي كنتُ أشعرُ بها في تلكَ اللحظاتِ
وخاصةً أنهُ يوميَ الأخيرُ في هذه المدينةِ الجميلةِ ..
لكنّها عادتْ لتزاحمَني منْ جديدٍ حينَ بدأتُ أكتبُ إليكَ هذهِ السطورِ !!
ستجدُ في هذهِ الصفحاتِ تفاصيلَ رحلتِي هذهِ ..
لا أدري متى ستصلُكَ ؟
.
.
.
يومُ
الخميسِ ....العاشرةُ مساءً
حطّـتِ الطائــــرةُ بنا في الثامنــةِ .. توجهتُ إلى مكانِ إقامتِي
الشــوقُ للقيـــــامِ بجــولةٍ حــــولَ المدينةِ كــانَ يغمرُنــــــــي ،
ولكنّـهُ تلاشَــى أمــــامَ التعبِ والإرهــــاقِ فاستسلمـــتُ للنــومِ
لـــمْ أستيقــظْ إلا علـــى أشعـــةِ الشمسِ تغمــرُنــــي بــدفءٍ ..
آهٍ إنــهُ الصبـــاحُ والســاعةُ تشيـــرُ إلـــى التاسعــةِ والنصـفِ
يبدو أنني قدْ نمتُ طويــلاً ..اندفعتُ بسرعةٍ لتجهيزِ نفسِــي ،
وخرجتُ والشوقُ يسابقُ خطايَ للتعرّفِ على المدينةِ الفاتنةِ
يومُ الإثنين .. …
الواحدةُ صباحاً
التي كانتْ تعُـــــجُّ بالسيــــــاحِ منْ مختلفِ أرجـــاءِ العالــــــــمِ..
بالطبـــــعِ لمْ أنسَ مراكـــزَ التســـــوقِ الضخمــــةِ والمتحـفَ ،
تــذكــرتــــكَ هنــــاكَ فــــي تـــلكَ الحـــديقــــةِ الساحـــــــــــــرةِ
التــــي تدفقـــــــتِ الميـــــــــــاهُ فــــــــــي وسطِهــــــــــــــــــــا ؛
لتزيـــدَ منْ بهــــاءِ الخضرةِ المحيطـــةِ بِها منْ كلِّ الجوانبِ ..
لكمْ تمنّيتُ لــــوْ رافقْتَنـــــــــــــــي فــــــي رحلتِـــــــــي هـــذهِ ..
ولكــــنْ لا بــــأسَ فقــدِ التقطتُ لكَ الكثيرَ منَ الصورِ الرائعـةِ
لكلِّ مكانٍ قصدتُه حتى إنـــكَ ستشعــــرُ وكأنكَ كنتَ معــــــي ..
غــــداً هــــوَ يـــــومُ الـــــــــــــــــوداعِ لهــــذهِ المدينــــةِ ولذلكَ
سأقصِـــدُ ذلكَ المسجــدَ القديمَ الذي يُعَدُّ منْ أحدِ أبرزِ معالمِها
والـــــذي أرمقُهُ كــــــــلَّ صبــــاحٍ منْ نافــــذةِ غرفتِـــــــــــي ..
يومُ الثلاثاءُ .. …
الثانيةُ عشر ظهراً
اتجهـــتُ صـــــوبَ المسجـــــدِ سيــــراً علـــــــــــــى الأقـــــدامِ
إذْ لـــمْ يكـــــــــنْ بعيـــــــــــداً عــــــنْ مكــــانِ إقامتِـــــــــــــــي
تمالكتْنـــــي الدهشـــــةُ حيـــنَ رأيتُ المسجــــدَ عـنْ قــــــربٍ
متأمـــلاً عظمـــةَ الأجـــدادِ الذينَ بنَــوا هذا الصرحَ العالي ..
سورٌ صخـــــــــريٌّ قدْ أحـــــاطَ بالمسجـــــدِ منْ كلِّ جــــــانبٍ
ومِئذنةٌ بيضـــاءُ ضخمــةٌ أبتْ إلا أنْ تعانقَ سحبَ السمــــــاءِ
وتلكَ الحمــــــائمُ الجميلةُ التي تجمّعتْ معـــــاً في ســــاحتِهِ ،
كلُّهــــا قدْ شكّلتْ لــــوحةً فنيةَ تَذهـــــلُ لجمالِهـــا العقـــولُ ..
لكن ما شدّ انتباهِي خُلُوّ المسجدِ منَ الناسِ ،
لا يوجدُ أيُّ شخصٍ وكأنهُ مهجورٌ ،
فأينَ ذهبَ الناسُ يا تُرى؟!
ذهبتْ بيَ الأفكارُ يمنةً ويسرةً ،
إلى أن وقعَ بصري على رجلٍ طاعنٍ في السنِ
يحملُ مكنسةً في يدِهِ ،
فاتجهتُ صوبَهُ وألقيتُ السّلامَ عليهِ وقلتُ لهُ:
اعتقدُ أنَّ هذا المسجدَ منْ أكبرِ المساجدِ في المدينةِ ،
بلْ هوَ أحدُ معالمِها البارزةِ
ولكنّي لاحظتُ منذُ قدومي أنهُ قديمٌ جداً وخالٍ منَ الناسِ ،
وقدْ توقعتُ أنْ أجدَهُ مزدحماً ؟!
فأجابني قائلاً :
آهٍ يا بنيّ ..
يُعدُّ هذا المسجدُ منارة منْ مناراتِ الإسلامِ
لا تراثاً خاوياً قدْ بناهُ أجدادُنا المسلمونَ
منذُ زمنٍ بعيدٍ بعدَ فتحِهم لهذهِ المدينةِ وعمّرُوهُ بالذكرِ والقرآنِ ..
ولكنّ الناسَ في هذا الزمانِ قدْ تغيّروا ،
فقدْ هجرُوا المساجدَ وصارَ القلّةُ فيهِم منْ يصلّي ..
شغلتْهم أنفسُهم ودنياهُم عن دينِهم
فصارَ همُّهُم هوَ المأكلُ والمشربُ والتمتّعُ ،
فالقلّةُ منهُم من تأتي للصّلاةِ في المسجدِ ..
ثمَّ مضى الرّجلُ ،
ومضيتُ أتجولُ في رحابِ ذلكَ المسجدِ ..
دخلتُ مُصلّاهُ ..
وما أجملَ الزخارفِ التي تُزينُه ..
وبينما كنتُ أنظرُ منْ نافذتِه لمحتُ مجموعةً منَ السياحِ الأجانبِ تتجهُ نحوَ المُصلّى ..
ولكنْ هلْ سيدخلونَ..لا أظنّ ذلك لأنّه مسجد ولايَجُوزُ دُخُولُهُم إليهِ؟؟
لم يطلْ سؤاليفقدْ دخلُوا !!
واقتربُوا منّي ، وبدؤوا يسألونَني عنِ المسجدِ _إذ لمْ يكنْ معهُم مرشدٌ_ ولمْ أدرِ ما أقولُ لهُم ..
ولكنّنِي مَعَ ذَلِك.. بدأتُ أشرحُ لهُم منَ المعلوماتِ التي عِندي رغمَ أنّها كانتْ قليلةً!
وسألَني أحدُهم ، قلتَ لنا : إنّ هذا هوَ المُصلّى ، فماذا يعني عندَكمُ المُصلّى؟
فقلتُ لهُ: يعنى المكانَ الّذي نُصلّى فيهِ ، ونعبدُ اللهَ فيهِ .
فقالَ: وهلْ تُصلّونَ فيهِ يومياً ؟
فقلتُ: نعمْ
كنتُ أُحسُّ يا صديقِي بأنّي إنسانٌ مخادعٌ ،أقولُ ما لا أفعلُ !
لأنني قليلاً ما أصلّى ..
وأقطع صلواتي وأتهاون فيها، ولا أصلّي في المسجدِ إلا يومَ الجمعةِ ..
أنهيتُ حديثِي واتجهتُ نحوَ الميضأَةِ ، وتوضأتُ ..
وكـمْ كانتِ الدموعُ أسبقُ منَ الخطا ،
فقدْ علمَتْ نفسِي تقصيرَها في حقِّها!
وكأنَّ نفسِي قدْ وجدتْ ضالّتَها
في صلاتِها بخشوعٍ ،
فهذا ما كانتْ تبحثُ عنهُ!
طمأنينةٌ .. نعمْ ،،
طمأنينةٌ تغمرُ القلبَ ،
وأمانٌ تحسُّهُ النّفسُ..
تتمنّى أنْ لا تنقضِي الصّلاةُ أبداً ..
وبعدَ الصّلاةِ أحسسْتُ بأنّني في خطرٍ ..
فكيفَ لو أنني مِتُّ على هذا الحالِ؟
هلْ سَأُحشَرُ معَ المحافظِينَ على الصّلاة …
أمْ أنّني سأكونُ معَ المتهاونِينَ فيها
قالَ تعالَى: (حَافِظُواْ عَلَى الصّلوَاتِ والصّلاةِ الوُسْطَى وَقُومُواْ للهِ قَانِتِينَ)
(إضغط على الصورة لتحميل الملف)…………
بارك الله فيك
وربي اجعلنا مقيمي الصلاه ومن ذريتنا
موضوعك غاية في الاهمية
جعلنا الله من المحافظين على الصلاة وتقبلها منا