الأسرة هي الحضن الذي يتربى فيه الطفل والمراهق، ويأخذ منه الحب والحنان، أو يتعلم منه الكره أو النفور، لذا وجب الاهتمام بها وبدورها.
هناك دراسات عديدة تشير إلى تأثير المشكلات الأسرية في درجة توافق الأبناء، فأبناء الأسر التي توجد بها خلافات كثيرة بين الوالدين أقل درجة من حيث التوافق الاجتماعي والنفسي.
أما بالنسبة إلى معاملة الإخوة بعضهم لبعض، فالمعاملة السيئة تجعل الجو في المنزل متوتراً بصفة مستمرة، يعطل التفكير والتعلم والإنتاج الجيد، ويزيد من احتمالات وجود التنافر والكراهية بين الإخوة.
وينبغي على الوالدين رعاية هذا الجانب ووضع ضوابط للتعامل، وحدود للملكية، فلا ينحاز أحدهما أو كلاهما إلى واحد من الأبناء دون غيره ولو في أقل الأمور.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سووا بين أبنائكم حتى في القبل"والمعاملة الوالدية ذات تأثير كبير في سلوك المراهق، فلا يصح أن يعامل المراهق كطفل، بل يعامل كشخص ناضج، يحترم رأيه فيما يخص المنزل أو العلاقات بين الوالدين، أو فيما يخصه هو من دراسة أو عمل أو صداقة أو إنفاق، مع ضرورة مناقشته بشكل هادىء.
كل هذا يؤدي كذلك إلى ترشيد سلوكه في هذه الأمور. كما ينبغي أن يظهر الوالدان للمراهق ثقتهم به وبتصرفاته، وأن يصدق الوالدان المراهق فيما يقول، إلا إذا ثبت يقيناً عكس ذلك. وفي هذه الحالة يلفت نظره برفق إلى الخالفات التي يرتكبها.
هذه المرحلة مرحلة صداقة بين الوالدين والمراهق ذكراً كان أو أنثى، وتكون الصداقة ألصق بين الأب وابنه، وبين الأم وابنتها.
ويذكر في هذا الصدد كلام على بن أبي طالب عليه السلام، الذي قال فيه: "لاعب ابنك سبعاً، وأدبه سبعاً، وصاحبه سبعاً، ثم اترك له الحبل على الغارب".
ويشجع المراهق في هذه المرحلة على أن يحكي مشاكله وهمومه ومخاوفه وما يحدث له، خصوصاً الأنثى، حيث ينبغي أن تعوديها من نهاية مرحلة الطفولة على أن تحكي للأم باختصار ما مر بها أثناء النهار، سواء في المدرسة أو في الشارع، ويكون التركيز على المشكلات أو تصرفات الآخرين التي أحزنتها أو الأخطاء التي ارتكبتها هي، لتتعلم كيف تتصرف في مثل هذه الظروف.
وشعور المراهق بالنقد من والديه أو أحدهما أو أي من الكبار له، خصوصاً إذا اقترن هذا النقد بالتهكم والسخرية من المراهق، هذا الشعور بالنقد والسخرية يفتك في ثقة المراهق بنفسه وبإمكانياته.
العوامل المؤثرة في انفعالات المراهق:
تتلخص هذه العوامل في التغيرات الجسمية والجانب العقلي والعلاقات الاجتماعية والشعور الديني.
التغيرات الجسمية:
تتأثر انفعالات المراهق بنمو الغدد الصماء أو ضمورها، فنشاط الغدد التناسلية بعد سكونها طوال مرحلة الطفولة، وضمور غدد أخرى بعد نشاطها طوال الطفولة، كل هذه عمليات داخلية لها آثارها النفسية الانفعالية في الفتى أو الفتاة، كما تتأثر انفعالاته بالتغيرات الظاهرة التي تطرأ على أجزاء جسمه، وبتغير النسب الجسمية لأعضائه.
العمليات العقلية
يتغير إدراك الفتى للعالم المحيط به نتيجة للنمو العقلي في جوانبه المتمايزة، وتتأثر انفعالاته بهذا التغير، وتؤثر بدورها في استجاباته، فقد يغضب جدا لموقف فهمه فهما خاطئاً، أو ظن أن الآخرين يسخرون منه، فلابد من توضيح كل موقف، حتى لا يفهم أي موقف فهماً خطأ.
العلاقات العائلية:
يتأثر النمو الإنفعالي للفتى بالجو الاجتماعي السائد في عائلته فأي مشاجرة تنشأ بين والده وأمه تؤثر في انفعالاته.
وتكرار هذه المشاجرات يؤخر نموه السوي، ويعوق اتزانه الانفعالي. ومغالاة الوالدين في السيطرة على أمور حياته اليومية، والاستمرار في معاملته كطفل صغير يحتاج إلى إرشاد دائم، وإعاقة ميوله وهواياته وإخضاعه لاختيار الوالدين لمهنته المقبلة، وإهمال تدريبه على ضبط انفعالاته منذ طفولته، كل هذا يؤثر تأثيراً ضاراً في نموه الانفعالي.
وقد يؤثر المراهق على هذه البيئة، أو يكبت هذه الثورة في نفسه، ليعاني بذلك ألواناً مختلفة من الصراع النفسي.
دور الأسرة:
ولذلك ينبغي أن يراعي الوالدان ما يأتي:
- ألا يتشاجرا أمام الأطفال أو المراهقين، أو حتى إشعارهم بأي خلافات بين الوالدين، ذلك لأن الطفل أو المراهق سيكره هذه البيئة المليئة بالخلافات، وقد يكره أحد الوالدين- بسبب الخلاف – أو يكرههما معاً، فلابد أن يشعر أن العلاقة بين الوالدين لطيفة دائماً.
- أن يسوى أي خلاف – حتى الخلافات المادية – بعيدا عن الأولاد. وباختصار فأي خلاف في وجهات النظر بين الوالدين لا يتم الجدال حوله بصوت مرتفع أمام الأبناء، ولكن بالتعقل وبصوت هادىء يتسم بالحب والاحترام بين الوالدين.
- ألا يتدخل الوالدان في كل أمور حياة المراهق، لأنه يريد أن يشعر بالاستقلال، فإنه أصبح رجلاً، والتوجيهات لا تأتيه في صورة أوامر، ولكن نأخذ رأيه أو نستشيره في حلول وبدائل مختلفة للمشكلة التي نناقشها، ونحاول إقناعه بالحل السليم، وذلك بإظهار مميزات هذا الحل وإظهار عيوب الحلول الأخرى ثم نجعله يختار، وحتى لو أصر واختار الحل غير السديد، فلا بأس إذا كان الأمر يتحمل ذلك.
- أن يشجع الوالدان المراهق على الاستقلال والاعتماد على نفسه مع توجيهه عندما يلزم الأمر بالنصيحة العابرة، وملاحظة سلوكه ومعرفة سيرته، كأنهما يتركانه حراً، ولكن في الوقت نفسه يحتويانه بين ذراعيهما.
- أن يلفت نظره عندما يغضب بشده لأسباب تافهة، مع توجيهه إلى أهمية السيطرة على نفسه أثناء الغضب، حتى لا يتفوه بألفاظ جارحة أو يسلك سلوكا شاذا.
- العناية بالجانب المالي للفتى، فلا يضيّقا عليه فينحرف ليحصل على المال أو يشعر بالدونية، ولا يسرفا في إعطائه فينحرف أيضاً.
- معرفة جماعة الأقران التي ينتمي إليها الفتى ضرورية، حتى تعرفا من هو وكيف يسلك.
- نصح الفتى واستشارته في السلوكيات الخاطئة التي تسلكها جماعته أو عناصر منها، حتى يتجنب هو مثل هذا السلوك.
- إذا اتضح أن الجماعة التي ينتمي إليها الصبي منحرفة أو فيها بعض أشخاص منحرفين، فلا يصح أن تأمر المراهق فجأة بتجنب هذه المجموعة، فإنه لن يفعل، ولكن ينبغي تغيير الأفراد من حوله بالتدرج، ولا تستعجل الوقت.
تم نقله من مجله