( إن الله يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي ؟ اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظلَّ إلا ظلِّي ) .
يقول : قال الله عز وجل : ( المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء ) .
بجلالي : بعظمتي وطاعتي لا لأجل الدنيا
يغبطهم : الغبطة تمني مثل نعمة الغير دون تمني زوالها عنه .
الحب في الله رابطة من أعظم الروابط ، وآصرة من آكد الأواصر ، جعلها سبحانه أوثق عرى الإسلام والإيمان ،
فقال – صلى الله عليه وسلم – :
( أوثق عرى الإيمان الموالاة في الله والمعاداة في الله ، والحب في الله والبغض في الله عز وجل )
رواه الطبراني وصححه الألباني .
( من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان )
رواه أبو داود .
أنس رضي الله عنه أن النبي – صلى الله عليه وسلم –
قال 🙁 ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله ، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار)
( ما تحاب اثنان في الله تعالى إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لصاحبه )
رواه ابن حبان وصححه الألباني.
أخرجاه في الصحيحين .
والأصل في الحب والبغض أن يكون لكل ما يحبه الله أو يبغضه ، فالله يحب التوابين والمتطهرين ، والمحسنين ، والمتقين ، والصابرين ، والمتوكلين والمقسطين ، والمقاتلين في سبيله صفا، ولا يحب الظالمين والمعتدين والمسرفين والمفسدين ، والخائنين ، والمستكبرين .
ولما سئل
فقال : " العاملون بطاعة الله، المتعاونون على أمر الله ، وإن تفرقت دورهم وأبدانهم " .
والمحبة في الله هي المحبة الدائمة الباقية إلى يوم الدين ، فإن كل محبة تنقلب عداوة يوم القيامة إلا ما كانت من أجل الله وفي طاعته ، قال سبحانه :{الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين }(الزخرف 67)،
وقد روى الترمذي أن أعرابياً جاء إلى النبي – صلى الله عليه وسلم –
فقال : يا محمد ، الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم ، فقال – صلى الله عليه وسلم – 🙁 المرء مع من أحب ) .
وهى التى توقع أصحابها فى الكفر والفسوق والعصيان عياذاً بالله من ذلك .
وهناك أمور تزيد في توثيق هذا الرباط العظيم وتوطيده ، حث عليها النبي – صلى الله عليه وسلم –
ومنها : إعلام الأخ – الذي له في نفسك منزلة خاصة ، ومحبة زائدة عن الأخوة العامة التي لجميع المؤمنين بأنك تحبه ،
ففي الحديث 🙁 إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فليخبره أنه يحبه لله )
رواه الإمام أحمد وصححه الألباني وفي رواية مرسلة عن مجاهد رواها ابن أبي الدنيا وحسنها الألباني
( فإنه أبقى في الألفة وأثبت في المودة ) .
رواه مالك في الموطأ، وحسنه ابن عبد البر في التمهيد .
وقال – صلى الله عليه وسلم – :
(لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ، أوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم )
رواه مسلم .
وهناك حقوق بين المتحابين توجبها وتفرضها هذه المحبة ، ويُسْتَدل بها على صدق الأخوة وصفاء الحب ،
منها : أن تحسب حساب أخيك فيما تجره إلى نفسك من نفع ، أو ترغب بدفعه عن نفسك من مكروه ،
وقد أوصى النبي- صلى الله عليه وسلم
– أبا هريرة بقوله :
( وأحب للمسلمين والمؤمنين ما تحبه لنفسك وأهل بيتك ، واكره لهم ما تكره لنفسك وأهل بيتك ، تكن مؤمنا )
رواه ابن ماجة وحسنه الألباني .
ومنها ما تقدمه لأخيك من دعوات صالحات حيث لا يسمعك ولا يراك ، وحيث لا شبهة للرياء أو المجاملة ،
قال – صلى الله عليه وسلم – :
(دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة ، عند رأسه ملك موكل كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به : آمين ولك بمثل)
رواه مسلم
وكان بعض السلف إذا أراد أن يدعو لنفسه ، دعا لأخيه بتلك الدعوة ، لأنها تستجاب ويحصل له مثلها .
ومنها الوفاء والإخلاص والثبات على الحب إلى الموت ، بل حتى بعد موت الأخ والحبيب ببر أولاده وأصدقائه ،
وقد أكرم النبي – صلى الله عليه وسلم – عجوزاً جاءت إليه ،
وقال 🙁 إنها كانت تغشانا أيام خديجة ، وإن حسن العهد من الإيمان )
رواه الطبراني ،
ومن الوفاء أن لا يتغير الأخ على أخيه ، مهما ارتفع شأنه ، وعظم جاهه ومنصبه .
ومنها التخفيف وترك التكلف ، فلا يكلِّفْ أخاه ما يشق عليه ، أو يكثر اللوم له ، بل يكون خفيف الظل ، قال بعض الحكماء : " من سقطت كلفته دامت ألفته ، ومن تمام هذا الأمر أن ترى الفضل لإخوانك عليك ، لا لنفسك عليهم ،
فتنزل نفسك معهم منزلة الخادم " .
ومن ذلك أيضاً بذل النصح والتعليم له ، فليست حاجة أخيك إلى العلم والنصح بأقل من حاجته إلى المال ، وينبغي أن تكون النصيحة سراً من غير توبيخ .
( ما تواد اثنان في الله فيفرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما )
رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني .
{والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم }
(الحشر 10) .
منقول
جزاكِ الله خيرا اختي الغالية
سلمت يمنياك