تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » بيان تهافت و كذب حكاية قصيدة ‘‘ صوت صفير البلبل ‘‘

بيان تهافت و كذب حكاية قصيدة ‘‘ صوت صفير البلبل ‘‘ 2024.

  • بواسطة

دار

دار

بيان تهافت و كذب حكاية قصيدة ‘‘ صوت صفير البلبل ‘‘

شاع بين نابتة هذا العصر قصيدة متهافتة المبنى والمعنى ، منسوبة للأصمعي ،


صنعت لها قصة أكثر تهافتاً

وخلاصة تلك القصة أن أبا جعفر المنصور كان يحفظ الشعر
من مرة واحدة ،وله مملوك يحفظه من مرتين ، وجارية تحفظه من ثلاث مرات

فكان إذا جاء شاعربقصيدة يمدحه بها ،حفظها ولو كانت ألف بيت (؟!!)
ثم يقول له :إن القصيدة ليست لك
وهاك اسمعها مني ، ثم ينشدها كاملة ،

ثم يردف : وهذا المملوك يحفظها أيضاً
– وقد سمعها المملوك مرتين ، مرة من الشاعر ومرة من الخليفة – فينشدها

ثم يقول الخليفة :

وهذه الجارية تحفظها كذلك – وقد سمعتها الجارية ثلاث مرات- فتنشدها ،

دار
فيخرج الشاعر مكذباً متهماً .

قال الراوي : وكان الأصمعي من جلسائه وندمائه ، فعرف حيلة الخليفة ،
فعمد إلى نظم أبيات صعبة ، ثم دخل على الخليفة وقد غيّر هيئته في صفة أعرابي غريب
ملثّم لم يبِنْ منه سوى عينيه (!!)

فأنشده :

صــوت صفير البلبل هيّج قلب الثمــل
الماء والزهـــر معاً مع زهر لحظ المقل
وأنت يا سيـــددلي وسيددي وموللي (!)
ومنها – وكلها عبث فارغ – :

وقــــال : لا لا لللا وقد غدا مهــرولي (!)
وفـــــتية سقونني (!) قهــيوة كالعسل
شممـــــتها في أنففي (!) أزكى من القرنفل
والــعود دن دن دنلي والطبل طب طب طبلي (!)
والكـــل كع كع كعلي (!) خلفي ومن حويللي (!)
وهلمّ شرّا ( بالشين لا بالجيم ) ، فكلها هذر سقيم ، وعبث تافه معنى ومبنى .

ولم ينته العبث بالعقول ، فقد زاد الراوي أن الخليفة والمملوك والجارية لم يحفظوها ،

فقال الخليفة للأصمعي :
يا أخا العرب ، هات ما كتبتها فيه نعطك وزنه ذهباً ،
فأخرج قطعة رخام

وقال : إني لم أجد ورقاً أكتبها فيه ، فكتبتها على هذا العمود
من الرخام ،فلم يسع الخليفة إلا أن أعطاه وزنه ذهباً ، فنفد ما في خزانته (!!!) .

دار

إنّ هذه القصة السقيمة والنظم الركيك كذب في كذب ،
وهي من صنيع قاصّ جاهل بالتاريخ والأدب ، لم يجد ما يملأ به
فراغه سوى هذا الافتعال الواهن .
دار
إن القصة المذكورة لم ترد في مصدر موثوق ، ولم أجدها بعد بحث طويل إلا في كتابين ،

الأول :
إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس ، لمحمد دياب الإتليدي ( ت بعد 1100هـ )
وهو رجل مجهول لم يزد من ترجموا له على ذكر وفاته وأنه من القصّاص ، وليس له سوى هذا الكتاب .

والكتاب الآخر : مجاني الأدب من حدائق العرب ، للويس شيخو ( ت 1346هـ ) ،وهو رجل متّهم
ظنين ، ويكفي أنه بنى أكثر كتبه على أساس فاسد – والتعبير لعمر فرّوخ ( ت 1408هـ ) –
وكانت عنده نزعة عنصرية مذهبية ، جعلته ينقّب وينقّر ويجهد نفسه ، ليثبت أن شاعراً من
الجاهليّين كان نصرانياً
( راجع : تاريخ الأدب العربي 1/23) .


دار
ويبدو أن الرجلين قد تلقفا القصة عن النواجي ( ت859هـ ) _

وقد أشار شيخو إلى كتابه ( حلبة الكميت ) على أنه مصدر القصة ، ولم أتمكّن من الاطلاع عليه ،
على أن النواجي أديب جمّاع ، لا يبالي أصحّ الخبر أم لم يصحّ ، وإنما مراده الطرفة

فهو يسير على منهج أغلب الإخباريين من الأدباء
ولذا زخرت مدوّنات الأدب بكل ما هبّ ودبّ ، بل إن بعضها لم يخلُ من طوامّ وكفريّات .
وتعليقاً على كون الإتليديّ قصّاصاً ، أشير إلى أن للقصّاص في الكذب والوضع والتشويه تاريخاً
طويلاً ، جعل جماعة من الأئمة ينهون عن حضور مجالسهم ،وأُلّفت في التحذير منهم عدة مصنّفات
( راجع : تاريخ القصّاص ، للدكتور محمد بن لطفي الصباغ ) .

دار
ثمّ اعلم أيها القارئ الحصيف أن التاريخ يقول :

إن صلة الأصمعي كانت بهارون الرشيد لا بأبي جعفر المنصور
الذي توفي قبل أن ينبغ الأصمعي ،ويُتّخذ نديماً وجليساً
ثم إن المنصور كان يلقّب بالدوانيقي ، لشدة حرصه على أموال الدولة ،

وهذامخالف لما جاء في القصة


ثم إن كان المنصور على هذا القدر العجيب من العبقريّة في الحفظ

دار
فكيف أهمل المؤرخون والمترجمون الإشارة إليها ؟

أضف إلى ذلك أن هذا النظم الركيك أبعد ما يكون عن الأصمعي وجلالة قدره ، وقد نسب
له شيء كثير ، لكثرة رواياته ،وقد يحتاج بعض ما نُسب إليه إلى تأنٍّ في الكشف والتمحيص
قبل أن يُقضى بردّه ، غير أن هذه القصة بخاصة تحمل بنفسها تُهَم وضعها ، وكذلك النظم ،

وليس هذا بخافٍ عن اللبيب بل عمّن يملك أدنى مقوّمات التفكير الحرّ .
دار
ولم أعرض لها إلاّ لأني رأيت جمهرة من شُداة الأدب يحتفون بالنظم الوارد فيها ويتماهرون في
حفظه ، وهو مفسدة للذوق ، مسلبة للفصاحة ، مأذاة للأسماع .
وبعد : فإنه يصدق على هذه القصّة

قول عمر فرّوخ رحمه الله :
( إن مثل هذا الهذر السقيم لا يجوز أن يُروى ،ومن العقوق للأدب وللعلم وللفضيلة أن تؤلف الكتب لتذكر أمثال هذا النظم) .

دار

المصدر

المجلة العربية – عدد ( 256 ) جمادى الآخرة 1419 ص 94
كتبها الأستاذ :عبدالله بن سليم الرشيد
في زاوية تحقيق مرويات أدبية .

دار

يسلمووووووووووو على الموضوع الحلو
تقبلي مروري
طموووووووووووووووووحي

داااااااااااائماً مواضيعك هادفه ومفيده حتى في الشعر ماشاء الله عليك

اول شي بدأت القراءه بقصة الأصمعي واستمتعت

وبعدها اتضح لي اشياء ما كنت على علم بها

الله يسعدك يارب ولا يحرمنا وجودك ولا يحرمك الأجر يالغاليه

دار

لا إله إلا الله

الكذب والتلفيق حتى في هذه القصه

الله المستعان

جزاكِ الله خير طموحي ,,, فعلا انتي مميزه

و لا تأتين إلا بالمفيد الهادف

لم أظن بأن هذه القصه ملفقه ,,,

/

/

>> الجميل علاقة الأصمعي بهارون الرشيد ,, لا بأبي جعفر المنصور

بوركتي غاليتي

مروركن الاروع أخواتي الغاليات وبارك الله فيكن
أسال الله أن يجمعني بكن تحت ظل عرشه يوم القيامة

شكرا لك غاليتي على التوضيح
جزاك الله خيرا
في انتظار مزيدا من مشاركاتك المميزة

دمت بود

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.