لقد خلقنا الله تعالى في هذه الحياة واقتضى بحكمته
أن تكون حياتنا مزيجا من السرور والفرح والحزن والترح
ولهذا فإن خير مانواجه به تقلبات الحياة ومصائب الدنيا
الصبرعلى الشدائد والمصائب
فاعلمي أختي الغالية أن الله إن ابتلاك بشدة أو مصيبة
فهي علامة حب منه سبحانه وتعالى لك
( إنَّ عِظمَ الجزاءِ مع عِظمِ البلاءِ ، وإنَّ اللهَ إذا أحبَّ قومًا ابتَلاهم ،
فمَن رَضي فله الرِّضَى ، ومَن سخِط فله السَّخطُ )
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني –
المصدر: صحيح الترمذي – الصفحة أو الرقم: 2396
خلاصة حكم المحدث: حسن
ونزول البلاء خيرٌ للمؤمن من أن يُدَّخر له العقاب في الآخرة ،
وكيف لا وفيه تُرفع درجاته وتكفر سيئاته ،
قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( إذا أرادَ اللَّهُ بعبدِه الخيرَ عجَّلَ لَه العقوبةَ في الدُّنيا ،
وإذَا أرادَ اللَّهُ بعبدِه الشَّرَّ أمسَك عنهُ بذنبِه حتَّى يوافيَ بِه يومَ القيامة)
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني –
المصدر: صحيح الترمذي – الصفحة أو الرقم: 2396
خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح
إذا علمتِ هذا يا رعاك الله فلا تكرهي وقوع ذلك البلاء
قال الحسن البصري رحمه الله :"لا تكرهوا البلايا الواقعة ،
والنقمات الحادثة ، فَلَرُبَّ أمرٍ تكرهه فيه نجاتك ،
ولَرُبَّ أمرٍ تؤثره فيه عطبك – أي : هلاكك – ."
وقال الفضل بن سهل : "إن في العلل لنعَماً لا ينبغي للعاقل أن يجهلها ،
فهي تمحيص للذنوب ، وتعرّض لثواب الصبر ،
وإيقاظ من الغفلة ، وتذكير بالنعمة في حال الصحة ،
واستدعاء للتوبة ، وحضّ على الصدقة . "
وإن كنت تبحثين في البلاء عن الأجر
فلا سبيل إليه إلاَّ بالصبر
ولكن ليس أي صبر!!
إنما الصبرالذي يكون عند الصدمة الأولى
بمجرد أن تعلمي بالمصيبة وتسمعي بالخبر السيء
يجب أن تصبري وتحتسبي
وتعلمي أن الله ما أخذ وله ما أعطي،
وأن كل شيء عنده بأجل مسمي.
هذا هو الصبر الذي يحمده فاعله ويؤجر
قال الشيخ بن باز رحمه الله:
الصبر الذي فيه الثواب، والأجر هو ما يحصل عند أول المصيبة من موت قريب،
أو مرض، أو مفاجأة بشيء يضر الإنسان يصبر، ويحتسب، ولا يجزع،
ولا يتكلم بسوء، ولا يفعل ما لا ينبغي عند الصدمة الأولى،
فيثاب على ذلك، أما إذا فعل ما لا ينبغي،
ثم صبر بعد ذلك هذا ما ينفع، الصبر لا بد منه سوف يقع،
سوف يتسلى بعد ذلك إذا طالت المدة كصبر البهائم هذا لا ينفع،
الصبر الذي فيه الأجر العظيم عند الصدمة الأولى،
عند أول ما تنزل به المصيبة من موت، أو غيره يتحمل،
ولا يجزع، ولا ينح، ولا ينتف شعراً، ولا يشق ثوباً،
ولا يرفع صوته بالنياحة، هكذا يكون الصبر، بل يتحمل،
يسأل ربه التوفيق، ويقول: إنا لله وإنا إليه راجعون قدر الله وما شاء فعل،
ولا يجزع، ولا يفعل ما لا ينبغي، ولا يقل ما لا ينبغي."انتهى
وقال الشيخ العثيمين رحمه لله
"الصبر الذي يثاب عليه الإنسان هو أن يصبر عند الصدمة الأولي
أول ما تصيبه المصيبة، هذا هو الصبر.
أما الصبر فيما بعد ذلك، فإن هذا قد يكون تسليا كما تتسلي البهائم.
فالصبر حقيقة أن الإنسان إذا صدم أول ما يصدم يصبر ويحتسب ،
ويحسن ان يقول: ( إنا لله وإنا إليه راجعون،
اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها)."انتهى
وأما إذا تبرمتِ في أول الأمر، ثم لما يئستِ صبرتِ لأنه لا خيارغيره ،
فإنكِ قد حرمتِ نفسكِ من أجر الصبر وثوابه
فلا فائدة من الصبر حينئذ.
قال علي رضي الله عنه : " إنك إن صبرت إيماناً واحتساباً ،
وإلا سلوت سلو البهائم " ،
وعزَّى رجلاً في ابن له مات
فقال : " يا أبا فلان إنك إن صبرت نفذت فيك المقادير ، ولك الأجر ،
وإن جزعت نفذت فيك المقادير ، وعليك الوزر "
فحاولي أختي في الله في تلك اللحظة أن تفرّي إلى الله
وتلجئي إليه فهو سبحانه وحده مفرج الكروب ،
وما أعظم الفرحة إذا نزل الفرج بعد الشدة
قال الله تعالى : ( وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ *
الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ *
أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ )
وأخيرا غاليتي لن تشتاقي إلى الجنة إلا إذا ذقت مرارة الدنيا،
فكيف تشتاقين للجنة وأنت هانئة في الدنيا ؟
نسأل الله أن يرزقنا الصبر وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه.
وجزاك الله خير
ولا حرمك الاجر
اللهم رافع السماء وباسط الأرض مسير السحاب هازم الأحزاب
اللهم من عليها بالعفو والمغفرة و أجعل السعي لطاعتك
غايتها والجنة مسكنها و أكفلها برحمتك
وجميع المسلمين ..
اللهم آمين