الجوار الكنس: رؤية جديدة
لنتأمل هذه الآية الكونية التي حدثنا الله تعالى عنها، بل وأقسم بها أن القرآن حق، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم على حق، ونتأمل الهدف من ذكر هذه الحقيقة في كتاب الله تعالى……..
يقول تبارك وتعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ * وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ * وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ * إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) [التكوير: 15-19].
هذه الآيات تحدثنا عن مخلوقات كونية سماها القرآن (الخُنّس)، ولكن ما هي هذه المخلوقات وكيف فهم أجدادنا رحمهم الله تعالى هذه الآية؟
وكيف نفهمها نحن اليوم في القرن الحادي والعشرين بعدما تطورت علوم الفلك؟
لكي نتخيل عظمة وثقل هذه المخلوقات، نلجأ إلى التشبيه التالي: فلو أن أرضنا التي يبلغ قطرها 12.5 ألف كيلو متر (تقريباً) تحولت إلى ثقب أسود سيصبح قطرها أقل من سنتمتر واحد! هذا ما يؤكده علماء الفلك اليوم، ولكن ما هي قصة هذه الثقوب، وكيف تتكون، وأين توجد، وهل تحدث القرآن عنها؟
إذن سرعة الهروب بالنسبة للأرض هي 11.2 كيلو متر في الثانية، بالنسبة للقمر سرعة الهروب فقط 2.4 كيلو متر في الثانية. الآن تصور أن سرعة الهروب على سطح الثقب الأسود تزيد على سرعة الضوء، أي أكثر من 300 ألف كيلو متر في الثانية،
وبالتالي حتى الضوء لا يستطيع المغادرة، ولذلك فهو مظلم لا يُرى أبداً.
التفسير القديم للآية
إذا ما تأملنا تفاسير القرآن نجد بأن معظم المفسرين يقولون: (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ) هي النجوم، تختفي بالنهار وتظهر في الليل، فكلمة (الخُنّس) جاءت من فعل (خنس) أي استتر وغاب واختفى، هذا في اللغة، ولذلك قالوا هذه النجوم تختفي أثناء النهار فهي خُنّس. و(الجوار) تعني تجري، هم يشاهدونها تجري أمامهم و(الكُنَّس) قالوا إنها تكنس صفحة السماء عندما تغيب.
ولكن الذي يتأمل هذا التفسير يلاحظ أنه غير دقيق.. لماذا؟
إن الله تبارك وتعالى عندما قال (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ) إنما يحدثنا عن مخلوقات كونية لا تُرى، ولذلك سمى الله الشيطان بـ(الخناس)
فعندما نقرأ قوله تعالى:
(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ، مَلِكِ النَّاسِ، إِلَهِ النَّاسِ، مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ، الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ، مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ)
[سورة الناس]
فكلمة (الخناس) تعني الذي لا يُرى: (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ..) [الأعراف: 27].
إذن كلمة (الخُنّس) لا تنطبق على النجوم، لأن الله تبارك وتعالى يعطينا حقائق يقينية مطلقة لا تتعلق فقط بأهل الأرض، ولكن هذا القرآن يصلح للكون بأكمله، يعني إذا خرجنا إلى أي مكان في الكون خارج الأرض، فإن هذا القرآن صالح لكل زمان ومكان، وبما أن الله تبارك وتعالى أقسم بهذه المخلوقات وقال (فلا أقسم بالخنس) فهذا يعني أن الله تبارك وتعالى يتحدث عن أجسام أو كائنات لا تُرى أبداً، أما (الجوارِ) فتعني تجري من فعل "جرى" فهي جوارٍ تجري، و"كنّس" أي تجذب وتكنس أي شيء تصادفه في طريقها، هذه هي الصفات الثلاث لهذه المخلوقات التي حدثنا عنها القرآن.
(مئات البلايين من المجرات) فهذه النجوم لها حياة تتشكل وتولد ثم تكبر، ثم تهرم، ثم تنقضي حياتها وتموت، كما يقولون.
عندما ينفذ وقود النجم، عندما يُستهلك وقوده فإنه يشرف على الموت أو الهلاك، وهنا آية عظيمة تتجلى عندما أقسم الله تعالى بهذه الظاهرة ظاهرة سقوط النجم على ذاته، يقول تبارك وتعالى: (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى) [النجم: 1-2] فكل نجم في الكون لا بد أن يكون له نهاية، وهذه الآية (والنجم إذا هوى) ليست خاصة بنجم واحد، بل تنطبق على كل نجوم الكون.
إن هذه النجوم خانسة أي لا ترى، ومن هنا ندرك أن الله تبارك وتعالى عندما قال: (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ) فإنما هذه الكلمة صالحة لكل زمان ومكان وأن هذه الأجسام لا تُرى مطلقاً. وهذه الأجسام أيضاً يقول العلماء عنها أنها تجري مثلها مثل بقية النجوم (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) [يس: 40] لا يوجد نجم واحد ساكن في الكون كل الأجسام في الكون بما فيها الغبار الكوني والدخان الكوني وغير ذلك جميعها تتحرك بنظام محكم.
مثل مرصد (هابل الفضائي) هذا المرصد موجود خارج الأرض في الفضاء وهو يلتقط صور دقيقة جداً للمجرات والأجسام البعيدة) لقد التقط هذا المرصد صوراً عديدة لسحابة من الغبار الكوني تدور حول نفسها، تدور بحركة عنيفة جداً وبعد إجراء الحسابات وجدوا أن سبب دوران هذا الدخان والغبار الكوني هو وجود ثقب أسود يبتلع هذه الغيمة من الدخان، فعندما يبتلعها تماماً يتشكل إعصار ودوامة ويدور هذا الغاز والغبار الكوني يدور بسرعة هائلة حول هذا الثقب وفي النتيجة يمتص هذا الثقب كامل هذا الغبار الكوني، ولذلك قالوا إن هذه الأجسام تعمل مثل المكنسة الكهربائية، كأنها مكنسة تشفط وتجذب أي شيء يقترب منها لمسافة معينة.
وهكذا تتجلى أمامنا أهم صفات الثقب الأسود وهي أنه لا يرى وأنه يجري بسرعات كبيرة وأنه يكنس ويجذب أي شيء يجده في طريقه وهذه الصفات الثلاثة هي ما حدثنا عنه القرآن في ثلاث كلمات عندما قال تبارك وتعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ، الْجَوَارِ الْكُنَّسِ).
القرآن يتفوق دائماً
ينبغي أن نعلم أن الكلمات القرآنية أدق من الكلمات التي يستخدمها علماء الغرب، فهم يسمونه ثقباً أسوداً، وهذه التسمية جاءت قبل سنوات على لسان أحد العلماء ظنّ بأن هنالك فجوات في السماء أو ثقوب سوداء (يعني هي أماكن فارغة) فأطلق هذا الاسم، لكن تبين أن هذه الثقوب وزنها كبير جداً يعني بلايين وبلايين وبلايين من الأطنان تتركز ضمن دائرة ضيقة هي الثقب الأسود، ولذلك فإن القرآن لم يسمها ثقباً أو أسود،
لأن الثقب يعني الفراغ، وهذه الأجسام على العكس ليس فيها فراغ أبداً بل قمة الوزن والكتلة والجاذبية موجودة فيها.
وهم يسمون هذا النجم أسود، مع العلم أن التسمية الصحيحة ينبغي أن تكون أنه (لا يرى) وهذا ما يصرح به كبار علماء الفلك في الغرب يقولون، بل يتساءلون في مقالاتهم الصادرة حديثاً يقولون: هل الثقب الأسود هل هو أسود فعلاً، ويتبين بنتيجة أبحاثهم أن هذا الثقب لا لون له لأنه غير مرئي لا يرى أبداً.
من شدة الجاذبية يجذب الضوء إليه، لا يدع شيئاً ينفلت منه، ولذلك يقول العلماء إن أهم صفة تميّز هذه الثقوب السوداء أنها لا ترى، ولا يمكن رؤيتها مهما تطورت الأجهزة وحتى لو خرجنا خارج الأرض إلى الفضاء الخارجي لن نستطيع رؤية هذه الأجسام.
ومن هنا ندرك أن القرآن عندما أطلق لفظ (الخُنّس) بالجمع إنما كانت هذه الكلمة صحيحة مائة بالمائة ودقيقة علمياً، بينما العلماء يطلقون المصطلحات وبعد فترة من الزمن يحاولون تغيير هذه المصطلحات فلا يستطيعون ويبقى المصطلح العلمي على الرغم من أنه مصطلح خاطئ وغير دقيق يبقى مستخدماً، وهذه ميزة يتميز بها كتاب الله تبارك وتعالى أنه يعطينا التعبير الدقيق مباشرة، يعني قبل ألف وأربعمائة عام أطلق القرآن لفظ الخنس في زمن لم يكن أحد يتخيل ما هي هذه الثقوب وما هي هذه الأجسام.
الثقب الأسود يتكلم!
وجد العلماء أن هذه المخلوقات تصدر ترددات صوتية باستمرار أثناء عملها، وكأنها تسبح الله تعالى! ومن هنا أقول دائماً قد تكون هذه الأصوات هذه الترددات الصوتية الخفية التي لا نستطيع أن نسمعها ولكن الأجهزة الدقيقة ترصدها بدقة كاملة، قد تكون هذه الأصوات هي أصوات تسبيح لله تبارك وتعالى لأن كل المخلوقات تسبح الله عز وجل، يقول تعالى: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [الإسراء: 44].
كشفوا هذا الأمر من خلال الموجات التي يحدثها هذا الثقب الأسود في الغبار الكوني عندما يبتلع الغبار الكوني هذا الثقب فإنه يحدث أشبه بالموجات الصوتية ترددات صوتية وقاموا بتسجيل هذه الترددات أيضاً، وقالوا إنها في المجال المسموع وبعد ذلك وجدوا أن كل النجوم تصدر أصواتاً وكل الكائنات تصدر أصواتاً أيضاً وجدوا أن الكون في بداية خلقه أيضاً أصدر ترددات صوتية، وجدوا حتى أن الخلية خلايا الإنسان تصدر أيضاً هذه الأصوات.
لقد زود الله هذه النجم بمجال جذب قوي جداً ولكنه محدود يحيط بالنجم مشكلاً حزاماً يسمى أفق الحدث، خارج هذا المجال لا يستطيع الثقب الأسود فعل شيء، ولكن أي جسم يدخل هذا الأفق فإنه يتلاشى ويتحول إلى فوتونات ضوئية ويُبتلع ولا نعود نرى منه شيئاً. ولولا هذا الأفق لابتلعت هذه النجوم كل شيء في الكون!
ما هو الهدف من هذه الحقيقة الكونية؟
والآن نأتي إلى الهدف من ذكر هذه الحقائق: ما الذي يريده الله منا أن نتعلمه أو ندركه من هذه الحقائق؟ هل مجرد أن ندرك أن هنالك أجساماً في السماء هي ثقوب سوداء، أو أن الهدف مجرد أن القرآن سبق علماء الغرب.. لا.. إنها أهداف ولكن الهدف الرئيسي عندما نقرأ هذا النص الكريم (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ، الْجَوَارِ الْكُنَّسِ)
وهكذا.. آيات كونية يسوقها الله تبارك وتعالى يختمها بقوله: (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) وهنا ندرك الهدف أن الله تبارك وتعالى كأنه يريد أن يقول لنا: كما أنكم أدركتم وجود هذه الأجسام التي لا ترى، والله تعالى يرى كل شيء وقد حدثكم عنها، وكما أنكم بأجهزتكم وقياساتكم أدركتم أن القرآن حدثكم عن اكتشافات استغرقت عشرات السنين والقرآن نزل قبل ألف وأربعمائة سنة في زمن لم يكن أحدٌ على وجه الأرض يتخيل شيئاً عن هذه المخلوقات الكونية، وكما أنكم تدركون أن هذه الأجسام موجودة لا شك فيها ينبغي عليكم أن تدركوا أن هذا القرآن هو قول رسول كريم ليس كلام بشر، ليس بقول شاعر، أو كاهن، ليس من تعليم بشر!
وقد تصل كتلة الثقب الأسود إلى أكثر من ألف مليون كتلة الشمس.!
لذلك هي مخلوقات عظيمة جداً، ومخلوقات غير مرئية ولكن الله تبارك وتعالى أقسم بها (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ).
من الأشياء العظيمة أيها الأحبة في هذه الأجسام أن العلماء يقولون: إنها من أعظم الظواهر الكونية، يعني ظاهرة الثقب الأسود ظاهرة عظيمة ومخيفة ومرعبة وتتجلى فيها قدرة الخالق عز وجل، في إتقانه لهذه الصناعة (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) [النمل: 88،] وبسبب عظمة هذه الأجسام فقد أقسم الله تعالى بها، والله لا يقسم إلا بعظيم، طبعاً الله تبارك وتعالى يقسم بما يشاء من مخلوقاته، ولكن هذه المخلوقات بما أنها عظيمة ومهمّة أقسم الله تبارك وتعالى بها أن القرآن حق.
ولذلك عندما تعرض الكفار للنبي صلى الله عليه وسلم وانتقدوه (وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) [الفرقان: 5]
أمر الله تبارك وتعالى نبيه أن يرد عليهم: (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) [الفرقان: 6]
أي أن الله تبارك وتعالى هو من أنزل هذا القرآن وهو أعلم بأسرار السماوات والأرض فإذا أردتم أن تدركوا
وتستيقنوا صدق هذا الكتاب فعليكم أن تتعمقوا في أسرار الكون.
ــــــــــــ
بقلم عبد الدائم الكحيل
انا في تفسيري هي عوامل التنضيف من رياح وامطار واشعه وتعريه يعني أدوات تنظيف الكون والارض ولوالا هي لابقيت على حالها إلى يوم القيامه وتعفنة لارض ولاكن الله جند الجواري الكنس من لباكتيريا إلى العوامل لاخرا
المطهره والمنقيه من المخلفات لغير صالح تكدسها في كوكبنا الملي بالمخلفات الكثيره
والله اعلم واجل
الشاعر علي سالم المسهلي