الترهيب من هجر العمل بالقرآن الكريم
يدور القرآن الكريم بين الترغيب والترهيب ليصل العبد بذلك إلى الله رب العالمين
{… إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} (90) سورة الأنبياء.
فكما ورد الترغيب في العمل بالقرآن الكريم ،
ورد كذلك الوعيد الشديد والتهديد الأكيد في الدنيا والآخرة لمن ترك العمل بالقرآن الكريم ،
فلا يحل حلاله ، ولا يحرم حرامه ، ولا يأتمر بأمره ، ولا ينته عن نهيه ، فمن ذلك أن :
1- هاجر العمل بالقرآن الكريم له مثل السوء :
قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (5) سورة الجمعة.
قال الإمام ابن القيم – رحمه الله- : ( فقاس من حملة كتابه – سبحانه – ليؤمن به ويتدبره ويعمل به ويدعو إليه ، ثم خالف ذلك ، ولم يحمله إلا على ظهر قلب، فقراءته بغير تدبر ولا تفهم ولا اتباع له ، ولا تحكيم له وعمل بموجبه ، كحمار على ظهره زاملة أسفار لا يدري ما فيها ، وحظه منها حمله على ظهره ليس إلا ، فحظه من كتاب الله كحظ هذا الحمار من الكتب التي على ظهره .
فهذا المثل وإن كان قد ضرب لليهود فهو متناول من حيث المعنى لمن حمل القرآن فترك العمل به ، ولم يؤد حقه ، ولم يرعه حق رعايته ) ([1]).
2- هاجر العمل بالقرآن الكريم يعذب في قبره إلى قيام الساعة :
روى البخاري من حديث سمرة بن جندب رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم وفيها : "فانطلقنا حتى أتينا على رجل مضطجع على قفاه، ورجل قائم على رأسه بفهر أو صخرة، فيشدخ به رأسه، فإذا ضربه تدهده الحجر، فانطلق إليه ليأخذه فلا يرجع إلى هذا حتى يلتئم رأسه، وعاد رأسه كما هو، فعاد إليه فضربه، قلت: (من هذا ؟) قالا: انطلق".
وفي آخر الحديث: "والذي رأيته يُشدخ رأسه فرجل علمه الله القرآن، فنام عنه بالليل ولم يعمل فيه بالنهار، يفعل به إلى يوم القيامة "([2]) فانتبهي أيتها القارئة العزيزة.
3- هاجر العمل بالقرآن الكريم وقود النار يوم القيامة :
عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يظهر الإسلام حتى تختلف التجار في البحر ، وحتى تخوض الخيل في سبيل الله ، ثم يظهر قوم يقرءون القرآن ، يقولون : مَنْ أقرأ منا ؟ مَنْ أعلم منا ، ومًنْ أفقه منا ؟ " ثم قال لأصحابه : " هل في أولئك من خير ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " أولئك منكم من هذه الأمة ، وأولئك هم وقود النار "([3]).
4- هجر العمل بالقرآن الكريم سبب من أسباب الفتنة وعلامة من علامات الساعة:
عن علقمة عن عبدالله قال : ( كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يهرم فيها الكبير ويربو فيها الصغير ، إذا ترك منها شيء قيل تركت السنة . قالوا : ومتى ذلك ؟ قال : إذا ذهبت علماؤكم وكثرت جهلاؤكم ، وكثرت قراؤكم وقلت فقاؤكم ، وكثرت أمراؤكم ، وقلت أمناؤكم ، والتمست الدنيا بعمل الآخرة ، وتفقه لغير الدين )([4]) .
وكل ذلك حاصل في زماننا فإلى الله المشتكى ،
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .