تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » أمي عائشة رضي الله عنها وأرضاها

أمي عائشة رضي الله عنها وأرضاها 2024.


دار

دار


أمي عائشة رضي الله عنها وأرضاها

أخلاقِها

اتصفت رضي الله عنها بأخلاقها الحسنة, حتى لا تكاد تفوتها خلة أو صفة ممدوحة, ومنْ بعض تلك الصفات الحميدة, والأخلاق الكريمة:

الحَيَـاء: اشتهرت رضى اللَّه عنها بحيائها وورعها.

قالت: قَالَتْ: كُنْتُ أَدْخُلُ بَيْتِي الَّذِي دُفِنَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي فَأَضَعُ ثَوْبِي

فَأَقُولُ إِنَّمَا هُوَ زَوْجِي وَأَبِي

فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ مَعَهُمْ

فَوَاللَّهِ مَا دَخَلْتُ إِلَّا وَأَنَا مَشْدُودَةٌ عَلَيَّ ثِيَابِي حَيَاءً مِنْ عُمَرَ

مسند أحمد (52/137), حديث رقم (24480).

ويا لها من صفة حميدة تُزَيّنُ بها المرأة, ويا لها من منقبة كريمة؛ فهي من فرط حيائها تحتجب من الأموات,
بل وكانت تحتجب من الحسن والحسين، في حين أن دخولهما على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حل لهما

الخلاصة (1/68), والفتنة في عهد الصحابة (1/348).

الكَّـرَم: كانت رضى الله عنها كريمة

فيُروى أنّ "أم ذرة" كانت تزورها، فقالت: بُعث إلى السيدة عائشة بمال في وعاءين كبيرين من الخيش: ثمانين أو مائة ألف

فَدَعت بطبق وهى يومئذ صائمة، فجلست تقسم بين الناس، فأمست وما عندها من ذلك المال درهم

فلما أمست قالت: يا جارية هلُمي إفطاري، فجاءتها بخبز وزيت،

فقالت لها أم درة: أما استطعت مما قسمت اليوم أن تشترى لنا لحمًا بدرهم فنفطر به.

فقالت: لا تُعنِّفيني، لو كنتِ ذكَّرتينى لفعلت,
والشواهد على جودها وكرمها كثيرة.

سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد(11/181), والزهد لهناد بن السري (1/337), والطبقات الكبرى (8/67).

الصَّـبْر: ولها رضي الله عنها في الصبر باع طويل

ذلك أنّها شاركت النبي صلى الله عليه وسلم في حياته التي يملؤها الجد والاجتهاد, والزهد والتقشف, تقول رضي الله عنها

لِعُرْوَةَ ابْنَ أُخْتِها: "إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلَالِ ثُمَّ الْهِلَالِ ثَلَاثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَارٌ

فَقال: يَا خَالَةُ, مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ؟
قَالَتْ: الْأَسْوَدَانِ: التَّمْرُ وَالْمَاءُ, إِلَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِيرَانٌ مِنْ الْأَنْصَارِ

كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَلْبَانِهِمْ فَيَسْقِينَا".

صحيح البخاري, كِتَاب الرِّقَاقِ, بَاب كَيْفَ كَانَ عَيْشُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَتَخَلِّيهِمْ مِنْ الدُّنْيَا, حديث رقم (5978).

ومن شواهد هذا الصبر ما رواه البخاري عن عائشة

قَالَتْ: دَخَلَتْ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُ فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا

فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا, ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ, فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا فَأَخْبَرْتُهُ

فَقَالَ: "مَنْ ابْتُلِيَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ"

صحيح البخاري, كِتَاب الزَّكَاةِ, بَاب اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ وَالْقَلِيلِ مِنْ الصَّدَقَةِ, حديث رقم (5/231).

فكل ما عندها تمرة, ثمّ تجود بها لتلك المرأة, فترى فيها قول الله سبحانه: "وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ".
[الحشر: 9].

الزُّهْـد: روى البخاري عنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ أَيْمَنَ عنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَعَلَيْهَا دِرْعُ قِطْرٍ

اَلدِّرْع قَمِيص اَلْمَرْأَة, وَالْقِطْر ثِيَاب مِنْ غَلِيظ اَلْقُطْن وَغَيْرِهِ, وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ ثِيَابِ اَلْيَمَنِ تُعْرَفُ بِالْقِطْرِيَّة,… فتح الباري (8/128).

ثَمَنُ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ

فَقَالَتْ: ارْفَعْ بَصَرَكَ إِلَى جَارِيَتِي, وانْظُرْ إِلَيْهَا؛ فَإِنَّهَا تُزْهَى

أَيْ تَأْنَفُ أَوْ تَتَكَبَّر … فتح الباري (8/128).

أَنْ تَلْبَسَهُ فِي الْبَيْتِ, وَقَدْ كَانَ لِي مِنْهُنَّ دِرْعٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَمَا كَانَتْ امْرَأَةٌ تُقَيَّنُ
بِالْمَدِينَةِ
إِلَّا أَرْسَلَتْ إِلَيَّ تَسْتَعِيرُهُ"

أَيْ تُزَيُّنُ … فتح الباري (8/128).

وَفِي الحديث دليلٌ على تَوَاضُعِ عَائِشَة رضي الله عنها، فهي تلبس ما يأبى الخدمُ أن يلبسوه, وَأَمْرُهَا فِي التواضعِ مَشْهُور

وَفِيهِ حِلْمُ عَائِشَة عَنْ خَدَمِهَا وَرِفْقُهَا فِي اَلْمُعَاتَبَةِ, وَإِيثَارُهَا بِمَا عِنْدَهَا مَعَ اَلْحَاجَةِ إِلَيْه.

صحيح البخاري, كِتَاب الْهِبَةِ وَفَضْلِهَا وَالتَّحْرِيضِ عَلَيْهَا, بَاب الِاسْتِعَارَةِ لِلْعَرُوسِ عِنْدَ الْبِنَاءِ, حديث رقم (2435).

وقال عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: كَانَتْ عَائِشَةُ تَقْسِمُ سَبْعِينَ أَلْفًا وَهِيَ تُرَقِّعُ دِرْعَهَا

فتح الباري (8/128), وشرح صحيح البخاري لابن بطال (7/146).

فأيّ زهد أبلغ من هذا, يجتمع المال بين يديها فتنفقه, ثمّ تكتفي بثوب مرقّع؛ وهي رضي الله عنها
"لاَ تُمْسِكُ شَيْئًا مِمَّا جَاءَهَا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ إِلَّا تَصَدَّقَتْ"

الزهد لأبي داود (1/347), وكتاب الزهد لابن حنبل (1/165

صحيح البخاري, كِتَاب الْمَنَاقِبِ, بَاب مَنَاقِبِ قُرَيْشٍ, حديث رقم (3243).

ويُروى "أَنَّهَا سَاقَتْ بَدَنَتَيْنِ فَضَلَّتَا؛ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ بَدَنَتَيْنِ مَكَانَهُمَا فَنَحَرَتْهُمَا, ثُمَّ وَجَدَتِ الأُولَتَيْنِ فَنَحَرَتْهُمَا أَيْضًا
ثُمَّ قَالَتْ: هَكَذَا السُّنَّةُ فِي الْبُدْنِ.

السنن الكبرى وفي ذيله الجوهر النقي (9/289), وسنن الدارقطني (2/242)
وصحيح ابن خزيمة (4/298), وقال الأعظمي: إسناده صحيح.

الإِيثَــار:يُقال: آثَرْتُ فلاناً على نفسي أَي فَضَّلْتُه,وانظر: لسان العرب, مادة: أثر (4/5).

لمّا طُعن أميرُ المؤمنين عمر, وآلت حالُه إلى ما آلت إليه, قال لابنه عبد الله:

"انْطَلِقْ إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ؛ فَقُلْ: يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ السَّلَامَ

وَلَا تَقُلْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؛ فَإِنِّي لَسْتُ الْيَوْمَ لِلْمُؤْمِنِينَ أَمِيرًا

وَقُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ؛ فَسَلَّمَ – أي عبد الله –

وَاسْتَأْذَنَ ثُمَّ دَخَلَ عَلَيْهَا فَوَجَدَهَا قَاعِدَةً تَبْكِي

فَقَالَ: يَقْرَأُ عَلَيْكِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ السَّلَامَ, وَيَسْتَأْذِنُ أَنْ يُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيْهِ

فَقَالَتْ: كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي, وَلَأُوثِرَنَّ بِهِ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي؛ فَلَمَّا أَقْبَلَ – أي ابنه – قِيلَ: هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَدْ جَاءَ.

قَالَ: ارْفَعُونِي؛ فَأَسْنَدَهُ رَجُلٌ إِلَيْهِ؛

فَقَالَ: مَا لَدَيْكَ؟

قَالَ: الَّذِي تُحِبُّ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ, أَذِنَتْ.

قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ, مَا كَانَ مِنْ شَيْءٍ أَهَمُّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ, فَإِذَا أَنَا قَضَيْتُ فَاحْمِلُونِي, ثُمَّ سَلِّمْ

فَقُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّاب

إنّما أوصي أن يُستأذن بعد موته لاحتمال أن يكون الإذن في الاستئذان الأول في حياته حياء منه وأن ترجع عن ذلك بعد موته,
فأراد عمر أن لا يكرهها في ذلك, فرحم الله فاروق الأمّة, ما أعدله, وما أحسنه, وما أنزهه,

عمدة القاري شرح صحيح البخاري (24/326).

فَإِنْ أَذِنَتْ لِي فَأَدْخِلُونِي, وَإِنْ رَدَّتْنِي رُدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِين".

صحيح البخاري, كِتَاب الْمَنَاقِبِ, بَاب قِصَّةِ الْبَيْعَةِ وَالِاتِّفَاقِ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَفِيهِ مَقْتَلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
حديث رقم (3424).

فيا لهُ من إيثار, أنْ تخصُّ أمير المؤمنين بما سألَ من الدفن عند النبي صلى الله عليه وسلم وتترك نفسها,

وردت رواية عن عائشة فيمن يُدفن في حجرتها,

قالت رضي الله تعالى عنها: "رأيت كأنَّ ثلاثة أقمار سقطت في حجرتي؛ فسألت أبا بكر رضي الله عنه

فقال: يا عائشة, إن تصدق رؤياك

يدفن في بيتك خير أهل الأرض ثلاثة؛ فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفن,

قال لي أبو بكر: يا عائشة, هذا خير أقمارك, وهو أحدها"

رواه الحاكم, وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه, وقال الذهبي في التلخيص: على شرط البخاري ومسلم,

المستدرك على الصحيحين, كتاب المغازي والسرايا (3/62), حديث رقم (4400).

وهو فضيلة سامية اتصفت بها أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها

وفيه دليل على كمال إيمانها وحسن طويّتها ورفعة أخلاقها, وطهارة قلبها, وكريم شيمها

ولها رضي الله عنها في هذا الميدان مشاهد كثيرة, وإنّما ذكرت هذا الحدث لأنّه أعلاها وأعظمها.

عبـادتها

وهي رضي الله عنها الصّوامة القوّامة, فعَنْ عُرْوَةَ : أَنَّ عَائِشَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهَا كَانَتْ تَصُومُ الدَّهْرَ فِى السَّفَرِ وَالْحَضَرِ

السنن الكبرى وفي ذيله الجوهر النقي (4/301), ومسند ابن راهويه (2/39).

وعنه قال: كنت إذا غدوت أبدأ ببيت عائشة أسلم عليها؛ فغدوت يوما فإذا هي قائمة تسبح وتقرأ "فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم"

وتدعو وتبكي وترددها؛ فقمت حتى مللت القيام, فذهبت إلى السوق لحاجتي, ثم رجعت فإذا هي قائمة كما هي تصلي وتبكي

صفة الصفوة (2/31).

ودخل عليها عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ يَوْمَ عَرَفَةَ وَهِيَ صَائِمَةٌ وَالْمَاءُ يُرَشُّ عَلَيْهَا

فَقَالَ لَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَفْطِرِي

فَقَالَتْ: أُفْطِرُ؟ وَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "إِنَّ صَوْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ الْعَامَ الَّذِي قَبْلَهُ"

مسند الإمام أحمد بن حنبل (41/438), حديث رقم (24970)

وقال الهيثمي: رواه أحمد, وعطاء لم يسمع من عائشة,

بل قال ابن معين: لا أعلمه لقي أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

وبقية رجاله رجال الصحيح, مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (3/435).

وهذا قليل من كثير, أردتُ بذكره الإشارة إلى عظيم أخلاقها, وحسن طويّتها رضي الله عنها,

وإلاّ فلها في كل أبواب الخير يدٌ طولى رضي الله عنها وأرضاها.

دار


رضي الله عنها وارضاها
سلمت يمنياك على انتقائك الجميل
جزاك الله خير الجزاء
اثابك الله

رضي الله عنها وارضاها

موضوووع راااائع .. يعطيك العافية يالغالية

دار

رضي الله عنها
بارك الله فيك
وجزاك الله سعادة دائمة في الدنيا والاخرة
تسلم اناملك

معلومات قيمة جدا ومهمة

اسمحى لي ابدي اعجابي بقلمك وتميزك واسلوبك الراقي وتالقك

دار
الوسوم:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.