قال : وسمعته يقول :
" فشق مابين هذه إلى هذه " .
فقلت ( أحد الرواة ) للجارود ، وهو إلى جنبى ما يعنى به ؟ قال :
من ثُغرة نحره إلى شعرته – وسمعته يقول من قصه إلى شعرته – " فاستخرج قلبي ، ثم أُتيت بطست من ذهب مملوءة إيماناً ، فغسل قلبى ، ثم حُشى ثم أعيد ، ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض " – فقال له الجارود :
هو البراق يا أبا حمزة ؟ قال أنس :
نعم – " يضع خطوة عند أقصى طرفه ، فحُملتُ عليه ، فانطلق بى جبريل حتى أتى السماء الدنيا ، فاستفتح . فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل قيل : ومن معك ؟ قال : محمد قيل : وقد أُرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحباً به فنعم المجىء جاء ، ففتح ، فلما خلصت فإذا فيها آدم ، فقال :
هذا أبوك آدم فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد السلام ثم قال : مرحباً بالابن الصالح ، والنبى الصالح .
ثم صعد بى حتى أتى السماء الثانية فاستفتح قيل : من هذا ؟
قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد قيل : وقد أُرسل إليه ؟ قال : نعم قيل : مرحباً به ،
فنعم المجىء جاء ، ففتح فلما خصلت إذا يحيى وعيسى وهما ابنا خالة قال : هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما ، فسلمت ، فردا ثم قالا : مرحباً بالأخ الصالح والنبى الصالح .
ثم صعد بى إلى السماء الثالثة فاستفتح قيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟
قال : محمد قيل : وقد أُرسل إليه ؟ قال : نعم قيل : مرحباً به ، فنعم المجئ جاء ففتح ، فلما خلصت إذا يوسف ، قال : هذا يوسف فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فردّ ثم قال :
مرحباً بالأخ الصالح والنبى الصالح .
ثم صعد بى حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح قيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟
قال : محمد ، قيل : أوقد أُرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحباً به فنعم المجىء جاء ففتح ، فلما خلصت فإذا إدريس ، قال : هذا إدريس فسلم عليه ، فسلمت عليه فردّ ، ثم قال :
مرحباً بالأخ الصالح والنبى الصالح .
ثم صعد بى حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد قيل : أوقد أُُرسل إليه ؟ قال : نعم ، قيل : مرحباً به ، فنعم المجىء جاء ، فلما خلصت فإذا هارون قال : هذا هارون فسلم عليه ، فسلمت ، فردّ ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبى الصالح .
ثم صعد بى حتى أتى السماء السادسة فاستفتح قيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد أُرسل إليه ؟ قال : نعم قال : مرحباً به ، فنعم المجىء جاء ، فلما خلصت فإذا موسى ، قال : هذا موسى فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فردّ ثم قال : مرحباً بالأخ الصالح والنبى الصالح ، فلما تجاوزت بكى ، قيل : ما يُبكيك ؟ قال : أبكى لأن غلاماً بُعث بعدى يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتى .
ثم صعد بى إلى السماء السابعة ، فاستفتح جبريل ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : وقد بُعث إليه ؟ قال : نعم ، قال : مرحباً به ، ونعم المجىء جاء فلما خلصت فإذا إبراهيم قال : هذا أبوك ، فسلم عليه قال : فسلمت عليه ، فردّ السلام ، ثم قال :
مرحباً بالأبن الصالح ، والنبى الصالح .
ثم رُفعت لى سدرة المنتهى ، فإذا نَبَقُها مثل قلال هجر وإذا ورقها مثل آذان الفيلة قال :
هذه سدرة المنتهى وإذا أربعة أنهار : نهران باطنان ، ونهران ظاهران . فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : أما الباطنان فنهران فى الجنة ، وأما الظاهران فالنيل والفرات ، ثم رُفع لي البيت المعمور ، ثم أُتيت بإناء من خمر ، وإناء من لبن ، وإناء من عسل ، فأخذت اللبن فقال : هى الفطرة التى أنت عليها وأمتك ثم فُرضت على الصلاة خمسين صلاة كل يوم ، فرجعت فمررت على موسى ، فقال : بم أُمرت ؟
قال : أمرت بخمسين صلاة كل يوم . قال : إن أمتك لا تستطيع خمسين صلاة كل يوم وإنى والله قد جربت الناس قبلك ، وعالجت بنى إسرائيل أشد المعالجة ، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك ، فرجعت ، فوضع عني عشراً ، فرجعت إلى موسى فقال مثله ، فرجعت فوضع عني عشراً ، فرجعت إلى موسى فقال مثله ، فرجعت إلى موسى فقال مثله ، فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يوم ، فرجعت فقال مثله ، فرجعت فأُمرت بخمس صلوات كل يوم ، فرجعت إلى موسى ، فقال : ثم أمرت ؟ قلت : أمرت بخمس صلوات كل يوم ، قال : إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم ، وإنى قد جربت الناس قبلك ، وعالجت بنى إسرائيل أشد المعالجة ، فأرجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك قال : سألت ربى حتى استحييت ولكن أرضى وأسلّم قال : فلما جاوزت نادى مُناد : أمضيت فريضتى وخففت عن عبادى )) .
2 – وهذه المعجزة تشتمل على مجموعة من المعجزات :
* منها أن سقف بيته انشق كما فى بعض الروايات .
* ومنها قطع المسافة التى تقطع فى آلاف الأعوام فى أقل من ساعة زمن .
* ومنها خضوع البراق له وعدم نفوره منه .
* ومنها خرق السموات .
وهذا خلافاً للمنكرين الذين يقولون إن السموات لا تقبل الخرق . وهذا يرد عليه بأنكم تؤمنون بنزول جبريل – عليه السلام – وصعوده، فما المانع أن يصعد محمد معه مرة .
* ومنها ما رآه فى أثناء هذه الرحلة من عذاب العصاة ، ونعيم الطائعين .
* ومنها الكلام مع رب العالمين – سبحانه – .
* ومنها اللقاء بالأنبياء والصلاة لهم والحديث معهم .
* ومنها الكلام مع بعض الملائكة كملك الموت .
* ومنها رؤية فى ما فى العالم العلوى .
صحيح : رواه البخارى كتاب مناقب الأنصار باب المعراج رقم (3885) .
ومما ينبغيى الإشارة إليه هنا أن رواية هذا الحديث الذى معنا جاءت موجزة أحيانا ، ومشكلة أحيانا أخرى . فالإيجاز جاء فى عدم وصف الإسراء ، ولذلك بوّب الإمام البخارى على هذا الباب باب المعراج ، وأيضاً ذكر فى هذا الحديث أنه كان يُخفف فى كل مرة عشر صلوات خلافاً لما هو غالب على الروايات من ذكر خمس صلوات .
والإشكال جاء : من ذكر الشرب من اللبن وعدم الشرب من الخمر ، والماء بعد النزول من السموات خلافاً لما هو معروف من شرب اللبن قبل بدء العروج إلى السموات السبع .
3 – وضع بيت المقدس أمامه وهو بمكة :
ومن المعجزات التي تتعلق بالإسراء والمعراج أن قريشاً سألته عن وصف بيت المقدس وعن عدد أبوابه . فجلّى الله له بيت المقدس حتى وضعه أمامه فأخبرهم عما يريدون لم يخطئ في حرف واحد يقول رسول الله : " لما كذبنى قريش قمت فى الحجر فجلىّ الله لي بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته ، وأنا أنظر إليه ".
حديث صحيح : رواه البخارى فى مناقب الأنصار باب حديث الإسراء رقم (3886)
ورواه مسلم فى الإيمان باب ذكر المسيح ابن مريم – عليهما السلام – ، ورواه احمد (1/309).[
4 – إخباره عن عير لقريش :
ومن المعجزات المتعلقة بالإسراء والمعراج :
قالت قريش يوم الإسراء لرسول الله : هل مررت بإبل لنا فى مكان كذا وكذا ؟ قال :
" نعم والله ، قد وجدتهم قد أضلوا بعيراً لهم في طلبه ، ومررت بإبل بني فلان انكسرت لهم ناقة حمراء " قالوا : فأخبرنا عن عدتها وما فيها من الرعاء. قال : كنت عن عدتها مشغولاً ، فقام . فأتى الإبل فعدها وعلم ما فيها من الرعاء ثم أتى قريشاً ، فقال :
" هى كذا وكذا ، وفيها من الرعاء فلان وفلان " فكان كما قال .
وفى رواية البيهقي : قلنا يا رسول الله : كيف أُسريّ بك ؟ قال : فكان مما قال : "إن من آية ما أقول لكم أنى مررت بعير لكم في مكان كذا وكذا ، وقد أضلوا بعيراً لهم ، فجمعه فلان ، وإن مسيرهم ينزلون بكذا وكذا . ويأتونكم يوم كذا وكذا يقدمهم جمل آدم عليه مسح أسود وغرارتان سوداوان " فلما كان ذلك اليوم ، أشرف الناس ينظرون حتى كان قريباً من نصف النهار حتى أقبلت العير ، يقدمهم ذلك الجمل الذى وصفه رسول الله . ] رواه البيهقى وقال : إسناده صحيح ] .
وفى رواية أخرى :
أُسرى بالنبى إلى بيت المقدس ، ثم جاء من ليلته ، فحدثهم بمسيره ، وبعلامة بيت المقدس وبعيرهم ، فقال ناس : نحن لا نصدق محمداً بما يقول ، فارتدوا كفاراً ، فضرب الله أعناقهم مع أبى جهل .
رواه احمد (1/374) ، وقال ابن كثير فى التفسير (3/15) : إسناده صحيـح .
وأثابكِ الله بحسن الثواب
وأجاركِ من النار
وأدخلكِ الجنه
شكرا لكِ