الكهف كما نعرفه هو فجوة داخلة في جوف الجبل لا يستطيع الخارج منها اي من تلك الفجوة معرفة ما بداخلها.. إذا لا بد ان تبحث وتكتشف حتى تصل إلى معرفة حقيقة ما في الكهف..
ومن هنا فإن اسم السورة لا يجب أن يمر علينا دون أن نفكر فيه.. ونعلم أن الله سبحانه وتعالى قد جاء فيها بكهوف معنوية.. يعني أشياء تنبئنا بما يستتر هنا من حقائق في الكون.. وفي أحداثه.. إن الله يريد أن يخبرنا من إسم السورة أن لا نأخذ الأشياء بظاهر الأمور..فالذي يبدو لنا شرا قد يكون في قضاء الله فيه خيرا والعكس صحيح.
والكهف الذي ذكره الله سبحانه وتعالى في هذه السورة.. هو كهف حسي.. التجأ إليه فتية مؤمنون وكان سترا لحق. إيماني.. خائف على نفسه من طغيان باطل كافر.
قال تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا} لم يذكر سبحانه وتعالى في هذه الآية.. سوى أن ذا القرنين قد وصل إلى قوم لم يجعل الله بينهم وبين الشمس سترا وبعض الناس يمر على هذه الآية دون أن يتنبه إليها..
ولكن العقل يجب أن يقف هنا ليسأل.. ما هي الحكمة في هذه الآية.. فإذا فكرنا فيها.. نجد أن الله سبحانه وتعالى يريد أن يخبرنا أن هناك قوما لم يجعل لهم من دون الشمس سترا.. ما معنى هذا الكلام !!..
ما هو المقصود من أن الله سبحانه وتعالى لم يجعل لهم من دون الشمس سترا.. هل المفروض أن هذه الأرض قاحلة.. ليس فيها شجر يستر الناس عن الشمس.. أم المقصود أنه ليس لديهم مساكن يجلسون فيها لتسترهم من الشمس.. أم المفروض أنهم عرايا مثلا.. ليس عندهم ملابس تقيهم الشمس كل هذا يخطر على العقل البشرى..
ولكن الحقيقة أن كل هذه الأشياء لا تستر الشمس فالشمس موجودة خارج المنزل ولو جلست تحتها.. كما أنها موجودة حتى ولو ارتديت الملابس التي تقيك من الشمس.. إذن كل هذا قد يبعد الشمس عنك ولكنه لا يسترها.. أي لا يخفيها ولكن ما هو الذي يستر الشمس.. الذي يجعلها تختفي.. تغيب تذهب..
ما الذي يستر الشمس في أي وضع من الأوضاع بحيث لا تجدها.. إنه الظلام.. إنه الليل.. الليل هو الذي يستر الشمس فلا تجد أشعتها في أي مكان.. ولا تنظرها أينما كنت.. وكيفما كنت.. ولو صعدت لأعلى مكان.. ولو خرجت إلى الشارع.. فإنك لا ترى الشمس لأنها مستورة عنك بالظلام..
هنا يجب أن نتوقف قليلا.. الله سبحانه وتعالى في الآية الأولى وضع لنا القوانين التي يجب أن يسير عليها الممكن في الأرض.. وقال لنا إننا يجب أن نضيف إلى الأسباب التي يعطيها الله سبحانه وتعالى أو يمكننا منها..
ثم بعد ذلك عندما بلغ ذو القرنين بين السدين وجد يأجوج ومأجوج أنهم قوم مفسدون في الأرض ولكنه في الآية الكريمة {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا}.
ثم يزد الله سبحانه وتعالى شيئا مما قام به ذو القرنين عندما بلغ هذه الأرض.. ولما كان القرآن الكريم كل حرف فيه بميزان دقيق.. فلا بد أن الله سبحانه وتعالى يريد أن يقول لنا شيئا في هذه الآية الكريمة وحدها.. إذن ما هي الحكمة المستورة في هذه الآية الكريمة..؟
بعض الناس يمر على هذه الآية ولا يسأل نفسه هذا السؤال.. الله سبحانه وتعالى جعل لذي القرنين عملا حين بلغ مغرب الشمس.. وجعل له عملا حين بلغ السدين.. ولكن في هذه الآية الكريمة لم يجعل له عملا..
إذن لا شك أن المراد هنا هو ما ذكره الله سبحانه وتعالى: {لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْرًا} ومن هنا فإن معنى الآية أن الاسكندر قد وصل إلى مناطق في الأرض لا تغيب عنها الشمس فترة طويلة.. أي أنه لا يتعاقب عليها الليل والنهار كباقي أجزاء الكرة الأرضية بل تظل الشمس مشرقة عليها لفترة طويلة لا يسترها ظلام..
وإذا بحثنا الآن نجد أن هناك مناطق في العالم تغيب عنها الشمس 6 شهور في العام.. فالشمس لا تغيب عن القطب الشمالي مدة 6 شهور.. وعن القطب الجنوبي مدة 6 شهور فكأن الله يريد أن يخبرنا أن هناك أماكن في الأرض لا تخضع لقواعد تعاقب الليل والنهار كالتي تخضع لها باقي أجزاء الأرض.. وإنما تشرق الشمس عليها دون أن يسترها الظلام لفترة طويلة..