حكم عمليات التجميل في الشريعة الاسلامية
الحمد لله وبعد ،
لقد طرح أحدُ الرواد في أحد المنتديات سؤالاً عن حكم عمليات جراحة التجميل ، وهذه المسألة من النوازل التي اهتم بها علماء الشريعة
وذلك بالرجوع إلى أهل الاختصاص وهم الأطباء وسؤالهم عن هذه العمليات ، وبعد سؤالهم ينبني عليه الجواب من خلال كلام أهل العلم .
وممن بحث هذه المسألة بحثا جيدا ، وأصل المسألة تأصيلا دقيقا مبنيا على ما ورد عن الأطباء
الشيخ الدكتور محمد بن محمد المختار الشنقيطي – نفع الله بعلمه –
في كتابه " أحكام الجراحة الطبية والآثار المتربة عليها "
وقد أجبت السائل على سؤاله وذلك بتلخيص هذا المبحث من كتاب الشيخ المذكور ، فكان تفصيل المسألة كما يلي :
لقد ذكر صاحب كتاب " أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها "(ص173- 188)
الشيخ الدكتور محمد بن محمد المختار الشنقيطي – نفع الله بعلمه –
تفصيلا في هذه المسألة ،
وملخصه ما يلي : عرّف الأطباء المختصون جراحة التجميل بأنها :
جراحة تجرى لتحسين منظر جزء من أجزاء الجسم الظاهرة ، أو وظيفته إذا ما طرأ عليه نقص ، أو تلف أو تشوه
وجراحة التجميل تنقسم عندهم – أي الأطباء – إلى قسمين :
1 – جراحة التجميل الحاجية – ضروري – .
ومقصودهم بكونه ضروريا لمكان الحاجة الداعية إلى فعله ، إلا أنهم لا يفرقون فيها بين الحاجة التي بلغت مقام الاضطرار ( الضرورة )
والحاجة التي لم تبلغه ( الحاجية ) كما هو مصطلح الفقهاء رحمهم الله .
وهذا النوع المحتاج إلى فعله يشتمل على عدد من الجراحات التي يقصد منها إزالة العيب سواء كان في صورة نقص ، أو تلف ، أو تشوه ،
فهو ضروري ، أو حاجي بالنسبة لدواعية الموجبة لفعله ، وتجميلي بالنسبة لآثاره ونتائجه .
والعيوب التي توجد في الجسم على قسمين :
القسم الأول : عيوب خلقية :
وهي عيوب ناشئة في الجسم من سبب فيه لا من سبب خارج عنه
وهما ضربان :
الضرب الأول : العيوب الخلقية التي ولد بها الإنسان .
الضرب الثاني : العيوب الناشئة من الآفات المرضية التي تصيب الجسم .
أمثلة الضرب الأول :
– الشق في الشفة العليا " الشفة المفلوجة " .
– التصاق أصابع اليدين والرجلين .
ومن أمثلتها :
– كسور الوجه الشديدة التي تقع بسبب حوادث السير .
– تشوه الجلد بسبب الحروق .
– تشوه الجلد بسبب الآلات القاطعة .
– التصاق أصابع الكف بسبب الحروق
قال الشيخ بعد هذا التقسيم :
وهذا النوع من الجراحة الطبية وإن كان مسماه يدل على تعلقه بالتحسين والتجميل إلا أنه توفرت فيه الدوافع الموجبة للترخيص بفعله .
فمما لا شك فيه أن هذه العيوب يستضر الإنسان حسا ، ومعنى ، وذلك ثابت طبيا ، ومن ثم فإنه يشرع التوسيع على المصابين بهذه العيوب
بالإذن لهم في إزالتها بالجراحة اللازمة …
ولا يشكل على القول بجواز فعل هذا النوع من الجراحة ، ما ثبت في النصوص الشرعية من تحريم تغيير خلق الله تعالى …
وذلك لما يأتي :
أولا : أن هذا النوع من الجراحة وجدت فيه الحاجة الموجبة للتغيير ، فأوجبت استثناءه من النصوص الموجية للتحريم .
ثانيا : أن هذا النوع لا يشمل على تغيير الخلقة قصدا ، لأن الأصل فيه أنه يقصد منه إزالة الضرر والتجميل والحسن جاء تبعا .
ثالثا : أن إزالة التشوهات والعيوب الطارئة لا يمكن أن يصدق عليه أنه تغيير لخلقة الله ، وذلك لأن خلقة العضو هي المقصودة من فعل الجراحة وليس المقصود إزالتها .
وبناء على ما سبق فإنه لا حرج على الطبيب ولا على المريض في فعل هذا النوع من الجراحة والإذن به
ويعتبر جواز إزالة العيوب الخلقية في هذا النوع مبنيا على وجود الحاجة الداعية إلى فعله
وأما العيوب الحادثة بسبب الحروق والحوادث ونحوها فإنه تجوز إزالتها بدون ذلك الشرط اعتبارا للأصل الموجب لجواز مداواة نفس الحرق ، والجرح …
والله تعالى أعلم .
أولا : لقوله تعالى : " ولآمرنهم فليغيرن خلق الله " .
ثانيا : لحديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
( يلعن المتنمصات والمتفلجات للحسن اللآتي يغيرن خلق الله) . رواه البخاري ومسلم .
ثالثا : لا تجوز جراحة التجميل التحسينية كما لا يجوز الوشم والوشر والنمص بجامع تغيير الخلقة في كل طلبا للحسن والجمال .
اسم الكتاب : أحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها..
المؤلف : محمد بن محمد المختار بن أحمد مزيد الجكني الشنقيطي..
الباب الأول : في التعريف بالجراحة الطبية
الباب الثاني : في الجراحة المشروعة والجراحة المحرمة
الباب الثالث : في أحكام الممهدات والعمل الجراحي
الباب الرابع : في المسئولية عن الجراحة والمسائل
رابط الكتاب هنا
http://www.saaid.net/book/open.php?cat=4&book=4327
تجميع رائع وقيّم في نفس الوقت
جزاكِ الله خيراً
وبارك الله فيكِ وفي طرحكِ
ومنتشر في زماننا هذا
جزاكي الله خير
وجعله في ميزان حسناتك
ام البنات تشكر لك هذا الجهد الرائع