الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتمُّ التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان على يوم الدين .
أما بعد :
للصدق أهمية قصوى عند من نوَّر الله بصيرته ولهذا أمر الله تعالى به عباده المؤمنين
قال تعالى
( يَـَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُواْ اتّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصّادِقِينَ )
[ التوبة /119]
والصدق يهدي إلى البر الذي هو جوامع الخير ، والبر يهدي إلى الجنة
والآثار الواردة في فضل الصدق والتحلى به كثيرة منها :
(حديث ابن مسعودٍ في الصحيحين)
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر و إن البر يهدي إلى الجنة و ما يزال الرجل يصدق و يتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا و إياكم و الكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور و إن الفجور يهدي إلى النار و ما يزال الرجل يكذب و يتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا .
التخلي عن الكذب
يجب على المسلم أن يحفظ لسانه من الكذب ،
وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الكذب ، وورد النكير الشديد في السنة الصحيحة على الكذب ، فقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن الكذب والعياذ بالله يهدي إلى الفجور وهو جوامع الشر والفجور يهدي إلى النار والعياذ بالله ، وبين كذلك أن الكذب من صفات المنافقين ، ولذا كان أبغض الخلق إليه الكذب .
(حديث ابن عمر في صحيح البخاري )
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أفرى الفِرى أن يُريَ الرجل عينيه ما لم تريا
(حديث عائشة في صحيح الجامع)
قالت : كان أبغض الخلق إليه الكذب .
(حديث أبي هريرة في الصحيحين )
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب و إذا وعد أخلف و إذا ائتمن خان .
(حديث عبد الله ابن عمرو في الصحيحين )
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أربعٌ من كن فيه كان منافقا خالصا و من كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا ائتمن خان و إذا حدث كذب و إذا عاهد غدر و إذا خاصم فجر .
تحريم الكذب في الرؤيا :
(حديث ابن عباس في صحيح البخاري )
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من تحلَّم بحُلمٍ لم يره كُلِّف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل ، ومن استمع إلى حديث قومٍ وهم له كارهون صُبَّ في أُذنيه الآنكُ يوم القيامة ، ومن صور صورةً عُذِّب وكُلِّفَ أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ .
*معنى من تحلَّم: أي قال أنه رأى رؤيا ولم يرى
معنى أن يعقد بين شعيرتين :
هذا دليل على استمرار العذاب لأن العقد بين طرفي الشعيرة لا يمكن ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم ولن يفعل ،
وهذا نظير قوله تعالى: (إِنّ الّذِينَ كَذّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السّمَآءِ وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنّةَ حَتّىَ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ)
[الأعراف / 40]
(حديث ابن عمر في صحيح البخاري )
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : أفرى الفِرى أن يُريَ الرجل عينيه ما لم تريا .
تحريم الكذب لإضحاك القوم :
(حديث معاوية ابن حيدة في صحيحي أبي داوود والترمذي )
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :ويلٌ للذي يُحَدِّثُ فيكذبُ ليضحك به القوم ويلٌ له ويلٌ له .
{ تنبيه } :
ويجوز الكذب في ثلاثة أمور هي : الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها .
(حديث أم كلثوم بنت عقبة في الصحيحين)
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ليس الكذاب بالذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا .
زازاد مسلم
(ولم أسمعه يُرَخَّص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث : الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها )
جواز المعاريض :
(حديث عمران ابن حُصين في صحيح الأدب المفرد موقوفاً)
قال إن في المعاريض لمندوحةٌ عن الكذب .
معنى مندوحة : سعة
قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما :
ما يسرني بمعاريض الكلام حُمُرُ النعم .
وقال بعض السلف :
كان لهم كلامٌ يدرؤون به عن أنفسهم العقوبة ، فقد لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم طليعةً للمشركين وهو في نفرٍ من أصحابه فقال المشركون ممن أنتم ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم نحن من ماء . فنظر بعضهم إلى بعض فقالوا : أحياء اليمن كثيرةٌ لعلهم منهم وانصرفوا .
وأراد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (من ماء) قوله قال تعالى: (خُلِقَ مِن مّآءٍ دَافِقٍ) [الطارق / 6]
وكان حماد رحمه الله تعالى
إذا جاء إليه من لا يريد الاجتماع به وضع يده على ضرسه وقال ضِرسي ضِرسي .
وسئل أحمد عن المروزي
وهو عنده ولم يرد أن يخرج إلى السائل فوضع أحمد أصبعه في كفه وقال ليس المروزي هاهنا وماذا يصنع المروزي ها هنا .
مما قرأت
غير منقول