الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
فإن تربية الجيل الناشئ في المجتمع المسلم من أعظم المهام التي ينبغي العناية بها وبذل الجهد في سبيل تحقيقها وإنجاحها على أكمل وجه وأحسن حال.
وتربية الجيل يجب أن تكون على القيم الصالحة والأخلاق الفاضلة والمبادئ العادلة لينشأ الجيل مباركا صالحا يخدم دينه وأسرته ووطنه ويكون حاميا عن دينه من الأعداء.
وقد كان رسولنا الكريم صل الله عليه وسلم يعتني بالناشئة ويخصهم بتوجيهاته ووصاياه وحسن تعامله معهم وله معهم قصص ومواقف رائعة كما في حديث ابن عباس قال كنت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما قال يا غلام: (إني أعلمك كلمات احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك). رواه الترمذي.
وجعل ابن عباس يبيت معه في صحبة خالته ميمونة رضي الله عنه فقام ووجد الرسول يصلي فصلى معه وعلمه كيفية الإئتمام. وعن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه قال كنت غلاما في حجر رسول الله صل الله عليه وسلم فكانت يدي تطيش في الصحفة فقال لي: (يا غلام سم الله وكل بيمينك وكل مما يليك). رواه البخاري.
حتى الصغار لم يحرمهم من لطفه وعنايته فقد كان يسلم على الصبيان ويحملهم ويلاطفهم ويحنكهم ويدعو لهم كما قال محمود بن الربيع: (عقلت مجة مجها رسول الله صل الله عليه وسلم في وجهى وأنا ابن خمس سنين من دلو). رواه البخاري.
فقد كان صل الله عليه وسلم قدوة حسنة رائعة في مشاهد الصغار ومخيلتهم وفكرهم يقتدون به قولا وعملا وينهلون من قيمه وأخلاقه فكان نبراسا مضيئا في حياة الجيل الناشئ.
وقد كانت الناشئة على مر التاريخ تتربى وترتبط بسيرة النبي صل الله عليه وسلم والسلف الصالح والقدوات الصالحة
واسوأ ما في التربية المنحرفة أن يرتبط الجيل بنماذج سيئة من خلال تعظيم الإعلام لرموز الفن والغناء والتمثيل ويرى تعظيم هذه النماذج في أسرته ويصبح ويمسي على متابعة البرامج الساقطة والمشاهد الهابطة التي تسوق للرذيلة وتقضي على الفضيلة ويندهش لتناقل من حوله أخبار هؤلاء فيصبحوا قدوات مؤثرة في حياته وينشأ على تعظيمهم
وتقليدهم في الفكر والسلوك.
إن ارتباط الجيل الناشئ بهذه النماذج له أثر سيئ في يناء شخصيته ورؤيته للأشياء وتصنيف القيم والأخلاق لديه وله أثر سيئ في الاستهانة في ارتكاب المحظورات والتساهل في فعل الفرائض ذلك أن كثيرا من البرامج لا تغرس في فكر المتلقي وسلوكه أهمية الارتباط بطاعة الله وتزين له المنكرات باسم التقدم والرقي.
وهناك خطر عظيم ينشأ من الاقتداء بالقدوات السيئة ألا وهو غياب هويته الدينية وضعف انتمائه لتقاليده وعاداته وقومه بحيث يصبح انسان لا يحمل ولاء ولا غيرة انسان تافه خال من مقومات الحضارة والثقافة الراشدة.
إنه من المؤسف أن يتولع الصغير بمتابعة أخبار الفن وصيحات الموضة وتقليعات الفنانين ويستغرق ذلك جل وقته واهتمامه وتفكيره في الوقت الذي تكون حياته خاوية من متابعة البرامج المفيدة والهوايات النافعة والمعاني المهمة. وسبب توجهه الخاطئ هو تعلقه بهذه القدوة السيئة بحيث أصبح الناشئ يرى ويسمع ويتذوق الأشياء من خلاله وغاب دور الأب والمعلم والأسرة والقرابة في توجيهه إلى معالي الأمور وترك سفاسفها.
إنه من الملاحظ أن كثيرا من أبنائنا لديهم ثقافة عالية في أخبار الفن والرياضة ومعرفة تفاصيل الفنانين والممثلين والبرامج التافهة وما استجد من الأحداث في الوقت الذي نجدهم يجهلون سيرة النبي صل الله عليه وسلم وأخبار أصحابه العظام وقادة المسلمين وتاريخهم المشرق ومواقف العزة والغلبة لهذا الدين العظيم فلا يعرف الناشئ أزواج النبي صل الله عليه وسلم ولا قصة الخلفاء الراشدين ولا فتوحات الأبطال إلا لمحات يسيرة. لقد غاب عن كثير من الناشئة استحضار القدوات الحسنة وصاروا لا ينتمون لهم فكرا وخلقا ولا يعيشون أخلاقهم وشمائلهم.
ويزداد الأمر سوءا إذا كان الأب أو الأم يربي الطفل على تعظيم هؤلاء ويعوده على أداء وتقمص سلوكياتهم فيعلمه الرقص والغناء ليلا نهارا ويظهر له الاهتمام بمتابعة أهل الفن ويرى أن هذه التربية تصقل مواهب الطفل وتفجر الإبداع في قدراته ولا يحفل أبدا بذكر أخبار السلف والصالحين ولا تعويده على فعل الفرائض والله المستعان.
ومن كانت هذه عادته فقد خان الأمانة وغش الرعية فيما استرعاه الله وائتمنه عليه.
ومن جناية الإعلام التافه أنه يقيم البرامج والمسابقات التي تربي الناشئ على ممارسة اللهو والرقص والغناء وتنمي قدراته في هذه المواهب الشيطانية مع ربطه برموز الفن ليرعوا مواهبه ويغذوا قيمه الهابطة.
ينبغي على المسلمين أن يعنوا بهذه القضية ويشغلوا وقتهم في معالجة هذه الظاهرة السيئة ويكثفوا من وضع البرامج والأنشطة التي تعزز القدوة الحسنة في المدارس والنوادي ومحيط الأسرة والمسابقات وفي المقابل يعملون على تركيز ثقافة النفور من القدوات السيئة والتنفير من أفعالهم المشينة والاهتمام على تأصيل مبدأ التفريق بين القدوة الحسنة والقدوة السيئة.
وعلى الدولة والمسؤولين ملاحقة ومتابعة الإعلام ومحاسبته في إخراج البرامج الهابطة وتكثيف البرامج الصالحة ومزاحمة الباطل ولا يحل للمجتمع المسلم أن يترك ملاك القنوات التجارية يعبثون بعقول وسلوكيات أبنائنا بحجة حرية الإعلام وثقافة الإبداع.
إنه من المؤلم حقا أن يصبح الساقطون والساقطات من أهل الفن شخصيات معتبرة لها قيمة وشهرة وذيوع واحترام وتقدير في مجتمع يلتزم بالشرع ويظهر شعائر الدين وأهله معروفون بالخير والشهامة والمروءة والفضل.
ومن البرامج النافعة في تعزيز القدوة الحسنة في حياة الناشئة تسليط الضوء على رجالات فذة ساهمت في بناء مجتمعنا في مجالات شتى مفيدة دنيوية أو دينية في مجال العلم والاقتصاد والسياسة والعمل التطوعي والطب
أين دور المراكز والجمعيات التطوعية عن إحياء نماذج مؤثرة في باب القدوة الحسنة بوضع المسابقات والقصص المشوقة والأشعار التي تجذب الناشئة وتغرس فيهم حب الفضيلة والقيم الإسلامية والأخلاق الزاكية بدل الارتماء في أحضان القدوات السيئة.
الأمر يتفاقم وإن لم نتداركه سينشأ جيل يفكر ويتنفس ويتخلق بثقافة وروح الغرب ليس له عروبة ولا إسلام إلا بالانتماء ومظاهر شكلية خاوية والله المستعان.
أسأل الله العلى العظيم أن يعيننا على الحق
ويرزقنا ذرية صالحة نربيها على الحق وحسن إتباعة
وعلى سنة حبيبنا ونبينا محمد
صل الله علية وسلم
خالد بن سعود البليهد
عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة
منتدى صيد الفؤاد
جعله الله فى ميزان حسناتك..
واسمحى لى بهذه الاضافة..
ما السبب في قلة القدوة المؤثرة إيجابياً في الوسط التربوي ؟
وتكون الإجابة على هذا السؤال بالأمور التالية :
1- عدم توافر جميع الصفات التالية في كثير من الأشخاص الذين هم محل للاقتداء :
أ- الاستعداد الذاتي المتمثل في طهارة القلب وسلامة العقل واستقامة الجوارح .
ب- التكامل في الشخصية أو في جانب منها بحيث يكون الشخص محلاً للإعجاب وتقدير الآخرين ورضاهم، مع سلامة في الدِّين وحسن الخلق .
ج- حب الخير للآخرين والشفقة عليهم والحرص على بذل المعروف وفعله والدعوة إليه، فمن كان على هذه الصفة أحبه الناس وقدروه وتأسوا به، ومن فقد هذه الصفة لم يلتفتوا إليه .
2- عدم تسديد النقص أو القصور الذي قد يعتري من هم محل للاقتداء كالآباء والمعلمين وأهل العلم في صفة من تلك الصفات مما يصرف الناس عن التأسي بهم، وهذا يرجع إلى عدم إدراك هؤلاء للواجب، أو عدم تصورهم لأثر القدوة في التربية والإصلاح، أو لضعف شخصي ناتج عن استجابة لضغط المجتمع ، أو لسلبية عندهم نحو المشاركة في تربية الناشئة وإصلاح أفراد المجتمع .
3- مزاحمة القدوات المزيفة المصطنعة للتلبيس على الناس وإضلالهم عن الهدى وتزيين السوء في أعينهم، وصرفهم عن أهل الخير وخاصة الله، فقد أسهم الإعلام المنحرف والمشوب في صناعة قدوات فاسدة أو تافهة، وسلط عليها الأضواء ومنحها من الألقاب والصفات والمكانة الاجتماعية ما جعلها تستهوي البسطاء من الناس أو ضعاف النفوس والذين في قلوبهم مرض، وتوحي بزخرف القول الذي يزين لهؤلاء تقليدهم ومحاكاتهم .
ومن هنا تأتي الحاجة ملحة لأن نعيد إلى الناس بيان حياة الرسول – صلى الله عليه وسلم- القدوة والأسوة الحسنة للناس جميعا، ونعنى بتربية الأبناء والشباب، وإعطائهم الصورة الصحيحة للقدوة الصالحة، وإبرازهم الشخصية المستحقة للاتباع والاحتذاء .
تقبلى مرورى و تقييمى غاليتى..
طرح مهم جدا
فالقدوة تؤثر ثاثيرا قويا اذا كانت القدوة صالحة كان الجيل صالح واذا كانت القدوة سيئة كان الجيل كذلك
كما قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم " في الحديث الصحيح ( المرء على دينه خليله فلينظر احدكم من يخالل )
القدوة دورًا هامًّا في بناء الإنسان، وتؤثر على تحديد وجهته الدينية والنفسية خاصة في المراحل الأولى؛ لأن من طبيعة الإنسان التفاعل مع محيطه والتشبه بمن يكن لهم احترامًا.
وهنا أشار القرآن الكريم بقوله: ﴿ وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ﴾
يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي: "الأسوة نوعان: أسوة حسنة، وأسوة سيئة، فالأسوة الحسنة هي الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومن نهج نهجه، وأما الأسوة بغيره إذا خالف – أي خالف الرسول – فهو الأسوة السيئة".
لاحرمت الاجر
جزاكن الله خيراً على المرور
وعلى الإضافة المثمرة
نفعنا الله و إياكن بما نكتب ونسمع
جعله الله فى ميزان حسناتك..