. مؤسسة الرسالة :
ومن أعجب الحكايات ما حدّثني به الشيخ الكبير حسين بن المعمّر بن أبي حسين المؤذِّن ببغداد؛ قال : حدّثني الشيخ أبو منصور – وكان حافظاً لكتاب الله تعالى –
قال : لمّا كنتُ شاباً اشتهيتُ أن أتفرّج في البلاد، فخرجتُ من بغداد، فقدمتُ أرضَ صور (وهي مدينة في جنوب لبنان)، فوجدتُ خلقاً كثيراً من المسلمين يقتتلون، فقلتُ : ما لهم؟
فقيل لي : هؤلاء السنّة والشيعة.
فقعدتُ أنظر إليهم، فغَلَبَ أهلُ السنةِ الشيعةَ، وكان أهل السنّة أقل منهم بكثير، وقتلوا منهم خمسة عشر، ثم مضوا إلى البلدة يتحاكمون إلى ملك الكفار.
فقلتُ : ما يكون فُرجة أحسن من هذه! لأمضينّ معهم أُبصر ماذا يكون .
فدخلتُ معهم على الملك في دارٍ كبيرةٍ، وإذا رجل على سرير وعليه قميص خام وسراويل خام – يعني كأنه يتزهّد .
فقال للترجمان – وهو قائم على رأسه – : " ما للمحمديين ؟"
فقال : "لا أعلم".
فقال : "ادعُ لي القسيس" .
فدعوه له، فإذا قد جاء رجل لابسٌ ثوبَ شعرٍ، وسراويل شعر أسود، وقلنسوة كذلك، فقام إليه الملك وقبّل رجليه وأجلسه موضعه،
ثم قال : "ما لهؤلاء المحمديين ؟"
قال : "أيُّها الملك، أليس قد كان لعيسى اثنا عشر حواريًّا ؟"
قال : "بلى" .
قال : "فلو بلغك عن أحدٍ أنه يَسُبُّ أحداً من الحواريين، ما كنت تصنع به ؟"
قال : "كنتُ أقتله وأُحَرِّقه وأسحقه وأذريه في الهواء" .
قال : "فإنَّ محمداً كان له عشرة من أصحابه مثل حواريي عيسى، صدَّقوه ونصروه، فهؤلاء السُّنَّة يحبون العَشَرة، وهؤلاء الآخرون يحبون واحداً ويلعنون التسعة" .
قال : فقال الملك : "أخرِجوهم !"
وقال لأصحابه : "ابزُقوا عليهم !"
ثم قال لأهل السُّنَّة : "لا ترجعوا تكلِّموهم قد شكوا منكم" .
فقال أهل السنة : "لولا كرامتك كُنّا قتلناهم كلّهم" .
فقال : "كنتم قتلتموهم ؟! فإنّ هؤلاء ليسوا بمسلمين ولا نصارى ولا يهود" . اهـ .
سلمت يداكِ على موضوعكِ الرائع