وقفة مع النفس .!
مع غروب شمس الثامن والعشرين من شهر آب ، لهذا العام /2012/ م ، دخل يوم ميلاد له جديد ، تجاوز فيه سنة بعد إكمال العقد السادس من العمر ، قضى منه أكثر من النصف بعيداً عن بلده ..
وغمرته عناية الله ورعايته ، وفضل اختياره له ، ولطفه به ، ونعمه الحسّيّة والمعنويّة بكلّ أنواعها وأطيافها ، وحسنها وألطافها .. حتّى إنّه لم ير من بؤس الحياة وضرّها ما يستحقّ أن يذكر ، أو يسطر ..
فيطرق قلبه على أعتاب العبوديّة خَجِلاً وَجِلاً ، ويستشعر سؤال الربّ جلّ جلاله وعتابه : « عبدي ! ألم أعطِكَ .؟! ألم أحبُكَ .؟! ألم أكفِكَ .؟! ألم أغنِكَ .؟! ألم .. ألم .. ألم .؟! » أفلا يكون عبداً شكوراً .؟!
ومنذ ما كان في منتصف العمر ، وهو يرقب الموت بين الخطوة والأخرى ، ويمنّي النفس أن يستعدّ للقائه ، كما يستعدّ العروس لعروسه ..
وتلفّه الغفلة ، فيسوّف ما يسوّف .. وتهزّه الفواجع ، فيصحو ويتذكّر .. ثمّ يغفو ، ويغفل ..
ألا ما أعظم نعمة الله ومنّته بما قدّر من العمر ، فما كان يحسب أن سيبلغ نصفه ، أو ثلثيه .. بلهَ أن يتجاوز عقد الستّين ..
وكان عندما يسأل ، وهو في عقد الأربعين عن عمره يقول مازحاً : « هو ماضٍ نحو السبعين أو الثمانين أو التسعين » ، على حسب مقتضى الحال .. وربمّا أخذ السامع الأمر على ظاهره ، وبنى عليه كثيراً من القول ، فكان الموقف طريفاً ..
ويرنو إلى عدّاد الأشهر والسنين ، يمشي ولا يتوقّف ، يمرّ مرّ السحاب ، ويأخذ معه بعض الأحبّة والأصحاب .. ويتّعظ قليلاً بفقد الأحبّة ، وذكريات الراحلين ، وعبر الأحداث والسنين .. وهو في سكرة الهوى ، وداء التسويف .. يعظ ولا يتّعظ ، ويذكّر ولا يتذكّر .. وبين لسانه وعمله بعد كبير ، وخلف مرير ..
ضادِهِم إذ وَنَوا — وخَلّفكَ الجهدُ إذ أسرَعُوا
وأصبَحتَ تَهدِي ولا تَهتَدِي — وَتُسمِعُ وَعظاً ولا تَسمُعُ
فيا حَجَرَ الشحذِ حتّى مَتى — تَسُنُّ الحديدَ ولا تَقطعُ .؟!
ومع إحساس النفس بدنوّ الأجل ، تجدّ في العمل ، ويخفّ تعلّقها بكثير ممّا حولها ، ويقوى نظرها إلى ما تستقبل من أمرها ، وتستشعر التفريط فيما سبق من أيّامها ، ويلهج لسان حالها وقالها في كثير من المواقف : « لو استقبلت من أمري ما استدبرت .. » ..
ثمّ يغفو ويغفو .. وقد نصب له الشيطان والنفس الأمّارة الشرَك بعد الشرَك .. لقد كان يحسب أن صراعه معهما سينتهي بجولة فاصلة ، وضربة قاضية ، وما كان يحسب ، أنّه كلّما تقدّم خطوات على الطريق دهمه إعصار فيه نار ، فزلزل أعطافه ، وأحرق أطرافه ، وصدّه عن سبيله ، وردّه عن غايته ..
ولكنّه لن ييأس أو يستسلم ، وله إقرار بخطيئته ، وحجّة من فطرته ، وأسوة بأبيه آدم في زلّته وأوبته ، ورجاء بفضل الله ورحمته ..
فيا ربّ مغفرتك أوسع من ذنوبي ، ورحمتك أرجى عندي من عملي ..
وتَنوّعَت ألوانُه وتَعدّدَت — أوطارُه وغَدوتُ كالحيران
ودُخانُه حَجَبَ البَصيرةَ والهُدى — فَكَأنّني في غَيبةِ السكران
جَاهَدتُه وحَسِبتُ أنّي غالبٌ — فعَدا بمَكرٍ لا يُرى بمَكان
أنجُو وأُصرَعُ في مُحيطٍ هادِرٍ — مِن عَالم الإغراءِ والبُهتانِ
فأزلُّ عَن تَقوَى عَرفتُ طَريقَها — أوّاهُ مِن ضَعفي ومِن عِصياني
لا حَولَ لي يا رَبّ إنّي عاجزٌ — فادفَع بحَولِكَ كيدَه الشيطاني
ضَعفِي وخوفي في التِجاءٍ ضَارع — مَا خابَ مَن يَرجُوكَ باطمِئنانِ
يا أرحَمَ الرُّحماءِ إنّي عَائِذٌ — بسَوابِقِ التكريمِ وَالإحسَانِ
أنتَ العَليمُ بما أخافُ وأرتَجِي — وَبسِرّيَ المَكتُومِ والإعلانِ
فاختر لِعَبدِكَ ما تُحبُّ وتَرتَضي — سَلّمتُ قلبي فاكفِني أحزاني
وامنُن عليَّ بتَوبةٍ مَقبُولةٍ — واختِم بتَوحِيدٍ وطُهرِ جَنانِ
أختي الحبيبة
جزيتِ خيرالجزاء
موضوع رائع وقيم وهادف لاحرمتي أجره
أستفدت منه كثيراً سلمت يمينك
جزاكـ الله خيرا ونفع بكـ الإسلام والمسـلـمـيـن
وجـعــل عـمـلـكـ فـي مـيـزان حسناتكـ
وجمعنا بكـ في الفردوس الأعلى
نسأل الله العون والسداد والتوفيق لنا جميعاً
أسأل الله أن يجعلنا وأياكِ من الدعاة لدينه,,
وأن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل
اللهم آمين…
سلمت يمنياك لطرحك الهادف
لاحرمت الاجر
احسنتِ الاختيار
جزاك الله خير الجزاء
وجعله الله فى موازين حسناتك
لا حرمت تواجدكم العطر
أسأل الله العلى العظيم لنا الآجر والثواب