وقال سبحانه { إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ } فاطر28
وقال سبحانه { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } المجادلة11
فضل العلماء
وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: قال النبي « فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم وإن الله وملائكته وأهل السموات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت يصلون على معلم الناس الخير»
رواه الترمذي وقال الشيخ الألباني :صحيح .
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت النبي يقول
« العلماء ورثة الأنبياء , وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم , فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر»
رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وقال الشيخ الألباني :صحيح .
وقال عُمَرُ رضي الله عنه أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ -صلى الله عليه وسلم-
قَدْ قَالَ « إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ».
رواه مسلم .
وما أتي في النصوص الشرعية من ذكر للعلماء
فهو يقصد به علماء الشريعة الغراء الذين عرفوا بسلامة المعتقد واتباع منهج السلف الصالح وعرفوا بحسن القصد وطيب المعشر وصالح العمل .
والعلماء هم الذين بذلوا أوقاتهم وأفنوا أعمارهم وشابت لحاهم في نشر العلم وتعليمه،الذين شهدت لهم الأمة بالعدالة والإمامة والتبحر في علوم الشريعة وصدر الناس عن رأيهم فهم أئمة الهدى ، ومصابيح الدجى , وأهل الرحمة والرضا , بهم يقتدى , وبعلمهم يهتدى , كم من جاهل علموا ، وتائه أرشدوا ، وحائر بصروا ، وعلى طريق الجنة دلوا ، وكم من مهموم ومكروب لكربته فرجوا ، وقد أمر الشرع بتوقيرهم وإجلالهم
فعن أَبِى مُوسَى الأشعري قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
« إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط
« رواه أبو داود وقال الشيخ الألباني :حسن
ومن أصول منهج السلف احترام العلماء وتوقيرهم والتأدب معهم غاية الأدب .
توقير العلماء
ومن توقير العلماء , الدعاء لهم والثناء عليهم , والسؤال عنهم وتفقد أحوالهم وأخذ العلم عنهم ونشر فتواهم ، ومن توقيرهم ستر عيوبهم والذب عنهم , والنصح لهم, وإعانتهم على البر والتقوى ، ومن عظمت الشريعة في نفسه أحب حملتها وعلماءها وعظم ما يحملونه من علم الكتاب والسنة , وحرص على التأدب معهم , وطاعتهم إذا أمروا أو نهوا لأن طاعتهم من طاعة الله ,
وسؤالهم عما أمر الله عز وجل به قال سبحانه { فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ }النحل43
فكان السلف على هذه الطريقة من توقير للعلماء ومعرفة حقهم.
قال طاووس رحمه الله: إن من السنة توقير العلماء .
وهذا ابن عباس رضي الله عنه الصحابي الجليل حبر الأمة يأخذ بزمام ركاب زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه
ويقول « هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا « هذا مع علم ابن عباس رضي الله عنه وجلالة قدره» .
ويقول الإمام أبو حنيفة في حق شيخه حماد رحمهم الله:
ما صليت صلاة منذ مات حماد إلا واستغفرت له مع والدي لأستغفر لمن تعلمت منه أو علمني».
والناس في هذا الباب ( توقير العلماء ) على ثلاثة أقسام
القسم الأول : أناس طعنوا في أهل العلم ، وأطلقوا لألسنتهم العنان ، وتركوا ما يجب عليهم من التوقير ، ومعرفة الفضل لأهل الفضل ، وتجرؤوا عليهم وطعنوا فيهم من الخوارج سفهاء الأحلام و حدثاء الأسنان ، وغيرهم من الطوائف المبتدعة .
القسم الثاني: أناس رفعوا منزلة أهل العلم فوق منزلتهم، جعلوهم في منزلة الأنبياء المعصومين،
فيقول مرشدهم : إن للعلماء منزلة ليست لنبي مرسل ولا لملك مقرب ، فرفعوهم فوق منزلتهم ،
والعياذ بالله وربما عبدوهم من دون الله ،وهؤلاء وغيرهم من طوائف أهل البدع.
القسم الثالث : أهل السنة والمتبعون للمنهج الحق ، فعرفوا لأهل العلم حقهم ، وقاموا بتوقيرهم ، والذب عنهم واقتدوا بما هم عليه من الحق ، واعتذروا عن أخطائهم .
التعدي على العلماء
فإن الجناية على العلماء طعن في الدين ,
ومن هنا قال الإمام الطحاوي : وعلماء السلف من السابقين ومن بعدهم من التابعين أهل الخير والأثر , وأهل الفقه والنظر
لا يذكرون إلا بالجميل ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل .
وقال الامام أحمد رحمه الله : هم خلفاء الرسول في أمته وورثة النبي في حكمته والمحيون لما مات من سنته , فبهم قام الكتاب وبه قاموا , وبهم نطق الكتاب , وبه نطقوا ، قيضهم الله لحفظ الدين , ولولا ذلك لبطلت الشريعة , وتعطلت أحكامها وهم في كل زمان الأصل في أهل الحل والعقد ، وهم المعنيون مع الأمراء ،
في قوله تعالى { أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ } النساء59,
ولذلك كان الوقوع فيهم من أكبر الذنوب وفاعله لا يفلح أبداً .
وقال ابن المبارك رحمه الله : من استخف بالعلماء ذهبت آخرته , ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه ومن استخف بالإخوان
ذهبت مروءته .
وقال ابن الأذرعي : الوقيعة في أهل العلم لا سيما أكابرهم من كبائر الذنوب .
لحوم العلماء مسمومة
وقال الإمام أحمد رحمه الله : لحوم العلماء مسمومة من شمها مرض ومن أكلها مات ، أي قد يكون مرض ومات قلبه .
وما أجمل قول ابن عساكر رحمه الله قال : واعلم يا أخي وفقنا الله وإياك لمرضاته وجعلنا ممن يخشاه ويتقيه حق تقاته , ان لحوم العلماء مسمومة ، وعادة الله هتك أستار منتقصيهم معلومة ، ومن أطلق لسانه في العلماء بالثلب ابتلاه الله قبل موته بموت القلب .
قال تعالى { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }النور63
وإذا رأيت الرجل يغمز ويلمز علماء أهل السنة فلا ترج فيه خيراً واعلم انه على شفا هلكة وسبيل بدعة .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : –
وبتوقير العلماء توقر الشريعة ، لأنهم حاملوها ، وبإهانة العلماء تهان الشريعة لأن العلماء إذا ذلوا وسقطوا أمام الناس ذلت الشريعة التي يحملونها ، ولم يبق لها قيمة عند الناس ، وصار كل إنسان يحتقرهم ويزدريهم فتضيع الشريعة .
واعلم يا رعاك الله أن إهانة العلماء وازدراءهم أو تنقصهم أو الاستخفاف بهم أمر عظيم ،
أعظم جرماً من إهانة وازدراء غيرهم ، وذلك لأنها ليست إهانة لذواتهم فحسب بل تتعدى إلى إهانة ما يحملونه من العلم ،
ولذا يخشى على من أهان العلماء أو ازدراهم من حلول العقوبة المعجلة به ، لشناعة جرمه وعظيم جنايته .
واعلم وفقك الله أن بقاء العلماء في الناس نعمة ورحمة , وذهابهم مصيبة ورزية ،
قال النبي « إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من صدور العلماء ، ولكن يقبضه بموت العلماء , حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً , فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا» متفق عليه
من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما .
ولعلي أذكر هنا نماذج من توقير أهل العلم بعضهم لبعض ومن علمائنا ومشايخنا في هذا العصر
لنعرف أنه لا يعرف الفضل لأهل الفضل إلا ذووه .
قال الشيخ الألباني رحمه الله : خلت الأرض من عالم وأصبحت لا أعرف إلا أفراداً قليلين أخص بالذكر منهم :
العلامة ابن باز والعلامة ابن عثيمين .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : لا أعلم تحت قبة الفلك في هذا العصر أعلم بالحديث من الشيخ الألباني.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
الألباني رجل من أهل السنة رحمه الله , مدافع عنها ، إمام في الحديث ، لا نعلم أحداً يباريه في عصرنا .
بعد هذا يارعاك الله ألا يستحق أهل العلم منا التوقير والاحترام ، وعدم الصدور إلا عن قولهم المبني على الكتاب والسنة ،
والدعاء لهم والذب عنهم ومعرفة حقهم , فاللهم اغفر وارحم جميع علمائنا ،
وجازهم إحساناً وأعظم لهم المثوبة والجزاء الحسن لما قدموه للإسلام والمسلمين .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
منقول
بارك الله فيكى يا اختى
مواضيعك كلها هادفه جازاكى الله بها خيرا ان شاء الله
وحقق الله طموحك الجميل باذن الله تعالى
موضوع جميل
سلمت يداكِ