أخواتي الغاليات في منتدى رجيم بالنظر لطلب بعض الأخوات توضيح حكم زيارة القبور بالنسبه للنساء
فلهذا كان موضوعي وذلك لعدم معرفة النساء مدى الأثم الذي تتحمله النساء من جراء هذه الزيارات
وتفضلوا أخواتي الأطلاع والإستفاده من هذه الفتاوى والأحكام
السؤال: هل زيارة النساء للقبور مُحرمة؟
الإجابة: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد اختلف العلماء في هذه المسألة:
فمنهم من قال: يجوز للنساء زيارة القبور إذا أمن منهن الافتتان والجزع والصياح وشق الجيوب، وما شابه ذلك،
وهو رواية عن الإمام أحمد، حكاها ابن قدامة، وهو وجه عند الشافعية حكاه الروياني في البحر وصححه؛ كما في "المجموع" للنووي، واستدلوا بأدلة، منها: حديث بريدة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها"
(رواه مسلم)، وزاد (أبو داود والنسائي)
من حديث أنس: "فإنها تذكر الآخرة"، زاد (الحاكم) من حديث أنس أيضًا:
"وترق القلب، وتدمع العين، فلا تقولوا هجراً، أي: كلامًا فاحشًا"،
وهو خطاب عام يعم الرجال والنساء؛ لتساويهم في علة الزيارة وهو تذكر الآخرة.
قال الحافظ ابن حجر في (الفتح): واختلف في النساء؛ فقيل: "دخلن في عموم الإذن، وهو قول الأكثر، ومحله ما إذا أمنت الفتنة"،
وقال أبو العباس القرطبي في (المفهم): "ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج، والتبرج، وما ينشأ منهن من الصياح ونحو ذلك؛ فقد يقال:
"إذا أمن جميع ذلك، فلا مانع من الإذن؛ لأن تذكر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء".
ومنها حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر فقال "اتقي الله واصبري"
الحديث (متفق عليه)، ومنها ما رواه (مسلم) عن عائشة أنها قالت:
يا رسول الله: كيف أقول إذا زرت المقابر، قال:
"قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين".
ومنها ما أخرجه (الأثرم والحاكم) عن عبدالله بن أبي مليكة أن عائشة أقبلت ذات يوم من المقابر؛ فقلت لها:
"يا أم المؤمنين، من أين أقبلت؟ قالت: من قبر أخي عبد الرحمن بن أبي بكر، فقلت لها: أ
ليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور؟
قالت: نعم، ثم أمر بزيارتها"،
صححه العراقي والألباني في الإرواء.
ومن أهل العلم من قال بكراهة زيارة النساء للقبور، واحتجوا بحديث أبي هريرة عند أحمد، قال
: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله زوارات القبور"
(صححه الألباني)،
وبأن النساء فيهن رقة قلب وكثرة جزع وقلة احتمال للمصائب، وهذا مظنة لبكائهن ورفع أصواتهن.
وقد فصَّل الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله في هذه المسالة في (الشرح الممتع)، فقال: "في المسألة خمسة أقوال:
فقيل: إنها سنة للنساء، كالرجال.
وقيل: تكره.
وقيل: تباح.
وقيل: تحرم.
وقيل: من الكبائر.
والمشهور من المذهب عند الحنابلة: أنها تكره، والكراهة عندهم للتنـزيه، أي لو زارت المرأة القبور، فإنه لا إثم عليها. والصحيح: أن زيارة المرأة للقبور من كبائر الذنوب، ودليل ذلك ما يلي:
أن النبي صلى الله عليه وسلم: "لعن زائرات القبور"، واللعن لا يكون إلا على كبيرة من كبائر الذنوب؛ لأن معناه الطرد والإبعاد عن رحمة الله، وهذا وعيد شديد.
ومن جهة النظر، فلأنَّ المرأة ضعيفة التحمل، قوية العاطفة، سريعة الانفعال فلا تتحمل أن تزور القبر، وإذا زارته حصل لها من البكاء، والعويل،
وربما شق الجيوب، ولطم الخدود، ونتف الشعور، وما أشبه ذلك . وأيضاً إذا ذهبت وحدها إلى المقابر،
فالغالب أن المقابر تكون في مكان خال، يخشى عليها من الفتنة أو العدوان عليها، فكان النظر الصحيح موافقاً للأثر.
واستثنى الأصحاب من فقهاء الحنابلة: قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقبري صاحبيه، وقالوا: إن زيارة النساء لهذه القبور الثلاثة لا بأس بها، وعللوا ذلك:
بأن زيارتهن لهذه القبور الثلاثة لا يصدق عليها أنها زيارة؛ لأن بينهن وبين هذه القبور ثلاثة جدر، كما قال ابن القيم: " فأجاب رب العالمين دعاءه وأحاطه بثلاثة الجدران ".
والذي يترجح عندي: أنه لا استثناء؛ لأن وصولهن إلى القبور إما أن يكون زيارة، أو لا يكون، فإن كان زيارة وقعن في الكبيرة، وإن لم تكن زيارة فلا فرق بين أن يحضرن إلى مكان القبر،
أو أن يسلمن على النبي صلى الله عليه وسلم من بعيد، وحينئذٍ يكون مجيئهن للقبور لغواً لا فائدة منه، ب
ل في زماننا هذا قد يكون هناك مزاحمة للرجال، وأعمال لا تليق بالمرأة المسلمة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن قال قائل: ما تقولون في حديث عائشة -: "أنها زارت قبر أخيها" ؟
فالجواب: أن قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يعارض بقول أحد كائناً من كان، وها هي عائشة تقول:
"شبَّهتمونا بالحمير والكلاب"
، أي في قطع الصلاة إذا مرت المرأة من بين يدي المصلي مع أن النبي صلى الله عليه وسلم صرح بأن:
"الكلب الأسود، والحمار، والمرأة تقطع الصلاة"
، فهي غير معصومة، ولا يمكن أن يستدل بفعلها مع قول النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن قيل: ما تقولون في الحديث الثابت في صحيح مسلم "حيث فقدت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، وطلبته، ثم أدركته في البقيع يسلم عليهم،
ثم رجع من البقيع ورجعت هي قبله حتى أدركها في البيت،…. قالت يا رسول الله:
أرأيت إن خرجت ماذا أقول قال: قولي: السلام عليكم دار قوم مؤمنين…." إلخ؟
فالجواب: يفرق بين المرأة إذا خرجت بقصد الزيارة، وإذا مرت بالمقبرة بدون قصد الزيارة، فإذا مرت بالمقبرة بدون قصد الزيارة، فلا حرج أن تسلم على أهل القبور،
وأن تدعو لهم بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة، وأما إذا خرجت لقصد الزيارة فهذه زائرة للمقبرة فيصدق عليها اللعن.
فإن قيل: ما تقولون في اللفظ الوارد في الحديث: "لعن الله زوَّارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج زوارات" بصيغة المبالغة؟
فالجواب: الحديث ورد بلفظين: "زائرات"، و"زوارات"، فإن كانت "زوارات" للنسبة فلا إشكال،
وإن كانت للمبالغة فإن لفظ "زائرات" فيه زيادة علم، فيؤخذ به؛ لأن "زائرات" يصدق بزيارة واحدة، و"زوارات"
في الكثير للمبالغة، ومعلوم أن الوعيد إذا جاء معلقاً بزيارة واحدة، ومعلقاً بزيارات متعددة؛ فإن مع المعلق بزيارة واحدة زيادة علم؛
لأنه يحق الوعيد على من زار مرة واحدة على لفظ "زائرات"، دون لفظ: "زوارات"، ولو أخذنا "بزوارات" ألغينا دلالة "زائرات".
وقد تكلم "شيخ الإسلام" رحمه الله على هذه المسألة في (مجموع الفتاوى) كلاماً جيداً ينبغي لطالب العلم أن يراجعه وذكر عدة أوجه في الرد على من قال:
إن النساء يسن لهن زيارة القبور، وللشيخ "
بكر أبو زيد" جزء مطبوع فصل فيه في أحكام هذه المسألة، تحسن مراجعته،، والله أعلم.
الشيخ عبد العزيز بن باز
السؤال: هل تشرع زيارة القبور للنساء؟
الإجابة: ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه لعن زائرات القبور من حديث ابن عباس ومن حديث أبي هريرة ومن حديث حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنهم جميعا.
وأخذ العلماء من ذلك أن الزيارة للنساء محرمة. لأن اللعن لا يكون إلا على محرم، بل يدل على أنه من الكبائر. لأن العلماء ذكروا أن المعصية التي يكون فيها اللعن أو فيها وعيد تعتبر من الكبائر.
فالصواب أن الزيارة من النساء للقبور محرمة لا مكروهة فقط. والسبب في ذلك والله أعلم أنهن في الغالب قليلات الصبر، فقد يحصل منهن من النياحة ونحوها ما ينافي الصبر الواجب وهن فتنة،
فزيارتهن للقبور واتباعهن للجنائز قد يفتتن بهن الرجال وقد يفتتن بالرجال، والشريعة الإسلامية الكاملة جاءت بسد الذرائع المفضية إلى الفساد والفتن، وذلك من رحمة الله بعباده.
وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال:
"ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء"
متفق على صحته. فوجب بذلك سد الذرائع المفضية إلى الفتنة المذكورة.
ومن ذلك ما جاءت به الشريعة المطهرة من تحريم تبرج النساء وخضوعهن بالقول للرجال وخلوة المرأة بالرجل غير المحرم وسفرها بلا محرم وكل ذلك من باب سد الذرائع المفضية إلى الفتنة بهن،
وقول بعض الفقهاء: إنه استثني من ذلك قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه رضي الله عنهما قول بلا دليل،
والصواب أن المنع يعم الجميع، يعم جميع القبور حتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم وحتى قبر صاحبيه رضي الله عنهما. وهذا هو المعتمد من حيث الدليل.
وأما الرجال فيستحب لهم زيارة القبور وزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام وقبر صاحبيه، لكن بدون شد الرحل؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:
"زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة"
رواه مسلم في صحيحه.
وأما شد الرحال لزيارة القبور فلا يجوز، وإنما يشرع لزيارة المساجد الثلاثة خاصة، لقوله لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى متفق على صحته،
وإذا زار المسلم مسجد النبي صلى الله عليه وسلم دخل في ذلك على سبيل التبعية زيارة قبره صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه وقبور الشهداء وأهل البقيع وزيارة مسجد قباء من دون شد الرحل،
فلا يسافر لأجل الزيارة ولكن إذا كان في المدينة شرع له زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر صاحبيه، وزيارة البقيع والشهداء ومسجد قباء.
أما شد الرحال من بعيد لأجل الزيارة فقط فهذا لا يجوز على الصحيح من قولي العلماء، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى"
أما إذا شد الرحل إلى المسجد النبوي فإن الزيارة للقبر الشريف والقبور الأخرى تكون تبعا لذلك، فإذا وصل المسجد صلى فيه ما تيسر ثم زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم وزار قبر صاحبيه وصلى
وسلم عليه. عليه الصلاة والسلام ودعا له ثم سلم على الصديق رضي الله عنه ودعا له ثم على الفاروق ودعا له، هكذا السنة،
وهكذا القبور الأخرى لو زار مثلا دمشق أو القاهرة أو الرياض أو أي بلد يستحب له زيارة القبور لما فيها من العظة والذكرى والإحسان إلى الموتى بالدعاء لهم والترحم عليهم إذا كانوا مسلمين،
فالنبي عليه السلام قال:
"زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة".
وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا:
"السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين" هذه هي السنة من دون شد الرحل،
ولكن لا يزورهم لدعائهم من دون الله؛ لأن هذا شرك بالله عز وجل وعبادة لغيره وقد حرم الله ذلك على عباده في قوله سبحانه:
{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}
[سورة الجن:الآية 18]
وقال سبحانه: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ* إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}
[سورة فاطر: الآيتان 13-14]
فبين سبحانه أن دعاء العباد للموتى ونحوهم شرك به سبحانه وعبادة لغيره وهكذا قوله سبحانه:
{وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ}
[سورة المؤمنون: الآية 117]
فسمى الدعاء لغير الله كفرا، فوجب على المسلم أن يحذر هذا، ووجب على العلماء أن يبينوا للناس هذه الأمور حتى يحذروا الشرك بالله، فكثير من العامة إذا مر بقبور من يعظمهم استغاث بهم وقال:
المدد المدد يا فلان أغثني انصرني اشف مريضي، وهذا هو الشرك الأكبر والعياذ بالله، وهذه الأمور تطلب من الله عز وجل لا من الموتى ولا من غيرهم من المخلوقين.
أما الحي فيطلب منه ما يقدر عليه؛ إذا كان حاضرا يسمع كلامك أو من طريق الكتابة أو من طريق الهاتف وما أشبه ذلك من الأمور الحسية تطلب منه ما يقدر عليه؛
تبرق له أو تكتب له أو تكلمه في الهاتف تقول ساعدني على عمارة بيتي أو على إصلاح مزرعتي، لأن بينك وبينه شيئا من المعرفة أو التعاون، وهذا لا بأس به، كما قال الله عز وجل في قصة موسى:
{فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ}
[سورة القصص: الآية 15] الآية.
أما أن تطلب من الميت أو الغائب أو الجماد كالأصنام شفاء مريض أو النصر على الأعداء أو نحو ذلك فهذا من الشرك الأكبر وهكذا طلبك من الحي الحاضر ما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه
وتعالى يعتبر شركا به سبحانه وتعالى؛
لأن دعاء الغائب بدون الآلات الحسية معناه اعتقاد أنه يعلم الغيب أو أنه يسمع دعاءك وإن بعد، وهذا اعتقاد باطل يوجب كفر من اعتقده، يقول الله جل وعلا:
{قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللَّهُ}
[سورة النمل: الآية 65]
أو تعتقد أنه له سرا يتصرف به في الكون فيعطي من يشاء ويمنع من يشاء كما يعتقده بعض الجهلة في بعض من يسمونهم بالأولياء، وهذا شرك في الربوبية أعظم من شرك عباد الأوثان،
فالزيارة الشرعية للموتى زيارة إحسان وترحم عليهم وذكر للآخرة والاستعداد لها، فتذكر أنك ميت مثل ما ماتوا فتستعد للآخرة وتدعو لإخوانك المسلمين الميتين وتترحم عليهم وتستغفر لهم،
وهذه هي الحكمة في شرعية الزيارة للقبور. والله ولي التوفيق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – المجلد الخامس.
الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي
التصنيف: قضايا المرأة المسلمة
السؤال: ما حكم زيارة النساء للقبور؟
الإجابة: زيارة النساء للقبور محل خلاف بين أهل العلم، فقد نهاهن رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها في البداية، وورد عنه لعن زوارات القبور من النساء،
ثم بعد ذلك سألته عائشة عما يقوله من زار الأموات فعلَّمها ما يقوله من زار الأموات، فذهب كثيرٌ من أهل العلم إلى أن حديث عائشة ناسخٌ للحديث الأول وأجازوا الزيارة، لكن آخرين يرون البقاء على التحريم.
فالأحوط للمرأة ألا تزور، وإن زارت فلا تدخل بين القبور، بل تقف بحيث تنظر إلى القبور وتراها لتتذكر الآخرة فقط، تقف أمام القبور كما كان النبي صلى الله عليه وسلم
يفعل، فالتخطف بين الأجداث لا يفيد الإنسان شيئاً.
يقف الإنسان أمام القبور بحيث يرى أصحابها وقد قدموا إلى ما قدموا وانقطعوا، ويرى هذه القبور التي يمكن أن تكون رياضاً من رياض الجنة، ويمكن أن تكون حفراً من حفر النار،
وليس لدينا أي خبر عنها فمن كنا نراه من أهل الصلاح ومن كنا نراه من أهل الطلاح لا ندري لعل الله لم يقبل من الأول ولعله غفر للثاني،
فلا يمكن أن نجزم بأن قبراً من القبور صاحبه في روضة من رياض الجنة أو في حفرة من حفر النار إلا من مات على الكفر باليقين أو من شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة على التعيين.
الشيخ محمد بن صالح العثيمين
السؤال: ما حكم زيارة المقابر؟ وحكم قراءة الفاتحة عند زيارتها؟ وحكم زيارة النساء للقبور؟
الإجابة: زيارة القبور سنة أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن نهى عنها كما ثبت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم في قوله:
"كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكركم الآخرة"
رواه مسلم.
فزيارة القبور للتذكر والاتعاظ سنة، فإن الإنسان إذا زار هؤلاء الموتى في قبورهم، وكان هؤلاء بالأمس معه على ظهر الأرض يأكلون كما يأكل، ويشربون كما يشرب،
ويتمتعون بدنياهم وأصبحوا الآن رهناً لأعمالهم إن خيراً فخير، وإن شراً فشر فإنه لا بد أن يتعظ ويلين قلبه ويتوجه إلى الله عز وجل بالإقلاع عن معصيته إلى طاعته.
وينبغي لمن زار المقبرة أن يدعو بما كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به وعلمه أمته:
"السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم واغفر لنا ولهم"
يقول: هذا الدعاء.
ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ الفاتحة عند زيارة القبور وعلى هذا فقراءة الفاتحة عند زيارة القبور خلاف المشروع عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما زيارة القبور للنساء فإن ذلك محرم لأن النبي صلى الله عليه وسلم لعن زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج،
فلا يحل للمرأة أن تزور المقبرة هذا إذا خرجت من بيتها لقصد الزيارة، أما إذا مرت بالمقبرة بدون قصد الزيارة
فلا حرج عليها أن تقف وأن تسلم على أهل المقبرة بما علمه النبي صلى الله عليه وسلم أمته، فيفرق بالنسبة للنساء بين من خرجت من بيتها لقصد الزيارة،
ومن مرت بالمقبرة بدون قصد فوقفت وسلمت، فالأولى التي خرجت من بيتها للزيارة قد فعلت محرماً وعرضت نفسها للعنة الله عز وجل وأما الثانية فلا حرج عليها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الثاني – باب القبور.
الشيخ عبد الحي يوسف
السؤال: هل يجوز للنساء زيارة القبور، خاصة وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "لعن الله زوارات القبور"؟
الإجابة: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن زيارة القبور سنة في حق النساء كما هي في حق الرجال، وقد دلت على ذلك نصوص من السنة، منها:
1 – قوله صلى الله عليه وسلم:
"كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكركم الآخرة"، فقوله: "فزوروها"
شامل للرجال والنساء، ثم إن الحكم معلل بتذكر الآخرة، ولا شك أن النساء بحاجة إلى تذكر الآخرة كالرجال.
2 – قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها حين سألت عن الدعاء الذي تقوله إذا أتت المقابر: قولي:
"السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمسـتأخرين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون"، فلو كانت زيارتهن للقبور محرمة أو مكروهة لما علمها هذا الدعاء.
3 – لما مر صلى الله عليه وسلم في المقابر فوجد امرأة جالسة عند قبر تبكي فسأل عنها، فقيل له: إن ابنها قد مات، قال لها:
"يا أمة الله اتقي الله واصبري"،
ولم يقل لها: قومي فإن زيارة القبر لا تحل لك.
4 – زيارة أمنا عائشة رضي الله عنها قبر أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما بعد موته، ولما قيل لها:
أليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور؟ قالت: نعم، ثم أمر بزيارتها.
.. وهذا الحكم مشروط بأن يكون غرض المرأة من زيارة القبور تذكر الآخرة والسلام على الموتى والدعاء لهم، وأن تحذر كل الحذر من أن تخرج متبرجة بزينة أو متعطرة أو أن تحدث في القبور معصية من لطم خد أو شق جيب أو الدعاء على نفسها بالويل والثبور.
أما قوله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله زوارات القبور"، فالمراد كما قال أهل العلم: من يكثرن من زيارة القبر لأن ذلك يفضي بهن إلى مخالفة الشريعة من مثل الصياح
والتبرج واتخاذ القبور مجالس للنزهة وتضييع الوقت في الكلام الفارغ.
قال القرطبي رحمه الله: "اللعن المذكور في الحديث إنما هو للمكثرات من الزيارة، لما تقتضيه الصيغة من المبالغة، ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج والتبرج، وما ينشأ من الصياح ونحو ذلك".
قال الشوكاني رحمه الله: "وهذا الكلام هو الذي ينبغي اعتماده في الجمع بين أحاديث الباب المعارضة في الظاهر"، والله تعالى أعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
نقلاً عن شبكة المشكاة الإسلامية.