بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحياة معركة .. معركة حامية الوطيس ..
معركة لا تهدأ بيننا وبين الشيطان _ وجنوده وفروخه _
معركة لا تنتهي إلا بخروج الأنفاس ، وانقطاع الحياة بسكين
الموت ..
معركة غبارها كثيف .. والجلبة فيها عالية .. والآلام فيها كثيرة ..
والجراح فيها قد تكون شديدة دامية تنزف بغزارة …!
ولكن لا خيار أمامنا .. لا خيـار ..!
إما أن نسلّم ونرفع الراية البيضاء لمعسكر الشيطان وأهله ،
فخسر بذلك دنيانا وأخرانا معا ..
وإما أن نصبر على ما يصيبنا .. ونصابر مهما كانت المرارة التي
نتلقاها ..
ونرابط على أعتاب الله ثقة بموعوده ..
ونحتسب ما يصيبنا كم جراحات ، في سبيل الله ..
الطريق الثاني هو خيارنا الوحيد ..
على رغم وعورته وصعوبته والمشقة فيه.. لكن ثقتنا انه هو
الطريق الأسلم ..
كلا ، بل هو الطريق الوحيد الموصل إلى خيري الدنيا والآخرة معا ..
لسبب بسيط .. بسيط جدا لو تفكرنا ..
أننا في هذا الطريق نكون في كنف الله . ومعيته . ورحمته …
وهل يضيع من يعيش في معية ربه جل جلاله ..؟
لقد قالوا : لا كرب .. ولك رب ..!
بمعنى : إذا وثقت بربك هان كربك ، وتيسر فرجه …
فعلينا أن نصبر ونصابر .. ونرابط ونتق الله جهدنا ..
علينا أن نحتسب الأجر .. وأن نضع رضا الله نصب أعيننا .
علينا أن نوطن أنفسنا أن الدنيا كلها ليست سوى ساعة ..
ساعة مهما طالت فإنها تبقى ساعة ..
ساعة فحسب .. وسوف تزول .. وستتلاشى .. وستنتهي ..
وستصبح معاناتنا بعدها مجرد ذكرى نتحدث عنها
لمجرد التفكه بها ومنها !!
هذه المعاناة القاسية نفسها ..
__ حين نكون بكلية قلوبنا مع ربنا سبحانه ._
فإنها لا تلبث أن تغدو سحابة صيف ، عن قريب تتقشّع ..
ولكن ..
ولكن .. لنضع في حسابنا ,, أن الشيطان لم يمت بعد ..!!
وأنه لا يفتر من المحاولة ، والمداراة ، والمناورة ،
والمحاورة ، واهتبال الفرص ،
للهجوم من جديد مرة بعد مرة بعد مرة ..
حتى ينال من أحدنا فرصة ليرديه .. ليصرعه ..
ليضربه الضربة القاضية ….!
منا _ للأسف _ من يهوله أن يجد نفسه مكوراً في جولة ..!
يروعه أن يرى نفسه ملقى على الأرض … فيؤثر الاستسلام ،
فنراه ينزوي إلى ركن في الحلبة ، في ضعف وفي جزع
محاولا أن يحمي عينيه فحسب ، تاركا جسده كله مكشوفا
لوابل لكمات الشيطان تنهال عليه كالرصاص …!!
كــــلا …!
لنثق أن الواحد منا أكبر من هذا …
مهما كانت الجولة هذه المرة ليست لصالحك ..
فثق أن هذه هي طبيعة المعركة :
يوم لك .. ويوم عليك .. وتلك الأيام يداولها الله بين الناس ….
فلا ينبغي أن تجزع .. فتقرر الاستسلام .. وهل يريد الشيطان منك
إلا ذلك !؟
أنت أكبر من ذلك ..
وتذكر دائما .. أن كل شيء غير الكفر والشرك . هيّن ..
هيّن ويمكن أن يعوضه الإنسان بجرعة صدق وعزم وهمة عالية ،
فإذا هو أرفع مما كان ، وأعلى مما يتصور ..
بهمة قوية . وسير صحيح ..وتعلق بالله .
يجد هذا الإنسان نفسه وقد تجاوز ما كان فيه ..
بل استطاع أن يسخر ما هو فيه من حالة انكسار :
إلى عامل نهوض وإشراق وتألق ..ورفرفة عالية .!!
تذكر دائما وأبدا .. أن ضربات الدهر لا تحابي أحداً ..
حتى صفوة الخلق أعني أنبياء الله تعالى ،
نالهم منها ما نالهم .. ولكنهم تلقوها بثبات المؤمن الذي عرف
الحقائق ،
وأجاد فن التعامل معها ..
فعلى مقدار الثقة بالله …
وعلى مقدار المعرفة الجيدة بالله …
وعلى مقدار فهم حقائق الحياة …
وعلى مقدار قوة التعلق والشوق باليوم الآخر …
يتلقى المؤمن هذه الضربات __ مهما كانت موجعة __
برباطة جأش ..
لأنه على تمام الثقة أن الله سبحانه لن يضيعه ..
وأن الله سيعوضه العوض الكبير الذي سيفرح به في يوم عصيب ..
وأمثال هؤلاء لا يعرفون شيئا اسمه الرؤية الضبابية للكون …!!
هذا شيء مضحك بالنسبة لهم . وحين يسمعون إنساناً يردد مثل
هذا الكلام ،
يتمتمون ، وفي عيونهم تترقرق دموع الشكر لله :
الحمد لله الذي عافانا مما ابتلي به كثير من الناس ………!!!
الحديث ذو شجون .. والحال مختلفة الظنون ..
وعلى كل حال ..
أوصيك بهذه الجرعات السريعة :
__ الفزع إلى الصلاة …… نوافل كثيرة منها ( طبعا بعد أداء الفرائض )
__ ( إدمان ) .. أقول :.. إدمان ذكر الله تعالى ..
ليلك ونهارك ، وصبحك ومسائك ، ولسانك يدور بذكر مولاك الحق
ولا عليك أن تجعلي شعارك منذ اليوم قول القائل :
والذكرُ أعظمُ بابٍ أنت داخلُهُ **** للـهِ ، فاجعلْ لهُ الأنفاسَ
حُرّاسـا
__ كثرة المناجاة لله .. وإطالة النفس فيها .. وإظهار الانكسار خلالها ..
وانصباب الدموع معها
فإنها باب عجيب وقريب إلى تحصيل مرضاة الله سبحانه .
__ الصدقة والإنفاق ولو بالقليل مما تجود به نفسك ..
__ الحرص على طلب العلم النافع .. والصحبة الطيبة المعينة على
طاعة الله ..
وبالله وحده نستعين .. وعليه نعتمد .. ومنه نستمد المدد والعون
مما قرات واعجبنى بارك الله لكاتبة |