قالت: بعد عامين من الزواج وإنجابي طفلتين أصبح زوجي يتأخر في عمله ولا يعود مبكرًا, وإذا عاد فإنه يتناول الطعام، ويظل طوال الوقت مشغولاً بأوراق عمله، أمَّا في الإجازات فإنه ينصرف للخروج مع أصدقائه، وعندما يرجع يكون منهكًا للغاية, واذا أردتُ الحديث معه يقول: ليس الآن.. أنا مشغول.. ولا أدري متى سينتهي من مشغولياته؟! أما هو فيقول: بعد مرور عام على زواجي اتجهت للسهر مع أصدقائي؛ إذ زوجتي امرأة محدودة الثقافة, حديثها الدائم يدور في فلك الأسرة واحتياجات المنزل والأسعار ومشاكل الجيران، فقد حاولت بشتى الطرق أن أتوصل معها بطرق مختلفة حتى ينفتح بيننا الحديث والحوار حول بعض القضايا التي نقرأ عنها؛ ولكن دون فائدة, فكان الحلُّ بالنسبة لي هو السهر مع الأصدقاء، فنجلس ونتسامر بعيدًا عن الزوجات. أكَّد الدكتور "سيد صبحي"- أستاذ الصحة النفسية بتربية عين شمس في إحدى دراساته-: "إن الزوجين إذا عاشا حالة من الخلافات، وتراجعت لغة الحب وتحولت الحياة إلى روتين قاسٍ, ووصلت إلى درجة كبيرة من التباعد فإن كِلا الطرفين لا يملك إلا أن ينسحب ويلوذ بنفسه دون إعلان صريح عن الإخفاق, حتى لا تصدمها فجأة حقيقة أن ما يجمع بينهما هو الجدران الخاوية، فلا كلام بينهما؛ بل وجوم صامت دون تواصل حقيقي، وربما أحاديث ممتدة؛ ولكنها فارغة من المعنى.. وهنا تزيد المشكلات، وتتعقد وتبدأ سلسة طويلة من عدم التفاهم، وفهم الأمور بطريقة غير سليمة.
الحوار الميت إن الحب الذي يبدأ مع الزواج لا يكاد يمر عليه سنوات, أو ينتصف معه العام, حتى يبدو وكأنه شمعة انتهت صلاحيتها وآن الأوان لأن يخبو نورها, ويحل مكانه الحوار الميت, والملل والروتين الزوجي الذي يتهدد معه حصن الأسرة وسعادة الزوجين.
إن هذه المشكلة التي تحدث بين الزوجين بعد مرور سنوات على الزواج أو بعد الأربعين عمومًا لا يجب أن ننظر إليها على أنها ظاهرة؛ بل هي حدثٌ عارضٌ سرعان ما يختفي، فالزوج في هذا السن يحتاج إلى رعاية خاصة من زوجته.
سبب الملل
إننا نرى أنَّ تسرُّب الملل إلى الحياة الزوجية يعود بالدرجة الأولى إلى الزوجة, التي ما إن تنجب الأطفال وتزداد المسئوليات حتى تنصرف عن زوجها، وعن مشاركته أفراحه وأتراحه؛ ليكون في المرتبة الثانية أو الثالثة في حياتها، فيبدأ- لتعويض هذا الجزء الكبير من الحب الذي فقده- بالاتجاه إلى أصدقائه أو إلى أوراقه ومكتبه وكتبه؛ ليجد نفسه التي يفقدها, وربما فكَّر كثيرًا في الزواج حتى يعوض هذا الحب مع امرأة أخرى تمنحه الحب والاهتمام, ويكون هو الأول في حياتها.
فالمرأة إذًا هي الوحيدة التي تستطيع علاج هذا الملل في حياته، فتشارك زوجها اهتماماته وهواياته، ولا تؤثر مسئوليات الأبناء على منحه حقه من الحب والسعادة التي كان ينالها أول عهده بها.
الملل لا يعرف منزلي تقول إحداهن: رغم أنني سيدة متزوجة منذ 15 عامًا إلا أن الملل الزوجي لم يعرف طريقه إلى منزلي، وذلك لأن الزوجة الذكية تستطيع تجنب وقوع الملل الزوجي, فهي تمتلك جميع مقومات التغيير والتجديد في مظهرها، واختيار الوقت المناسب للحديث مع الزوج، والتفاهم في جميع الأمور التي تخصهم.
وتوافقها الرأي أخرى فتقول: الزوجة بيدها كل مفاتيح السعادة وإشاعة أجواء الودِّ، فبعض النساء وللأسف يكرسن وقتهن للأولاد، فيصبح الزوج في المرتبة الثانية بعد أن كان الأول في حياتها، وعلى الزوجة أن تنقذ حياتها من تسرب الملل، فتشعر زوجها باهتمامها ورعايتها له وتناقشه في أمور حياتها، وتشاركه هواياته، والخروج سويًّا للتنزة.. وأهم شيء هو الحرص على التفاهم والترابط الأسري.لقد أصبح من المتعارف عليه بين كثير من الأزواج أن
متعة الزواج والسعادة الزوجية ما هي إلا سنوات، وسيحل محلها الملل والقلاقل والعراقيل، والكل يُرجع هذه المشكلة إلى الزوجة؛ لأنها في الغالب هي المسئولة عن التحول, والدليل على ذلك أنها الوحيدة التي بإمكانها إعادة الحب والسعادة إلى الحياة الزوجية.
زوجك هو الماضي والمستقبل
يقول د. عادل صادق- في أحد أبحاثه: "إن الزوج ليس هو المستقبل فقط، وإنما هو الماضي أيضًا، ومن الطبيعي أن تكون عين الإنسان على المستقبل دائمًا بينما في الزواج فإن عيون الزوجين تكون على الماضي، إنهما يهتمان بالماضي مثل اهتمامهما بالمستقبل, والماضي معناه جذورهما وامتدادهما.
كنَّا معًا وسنظل معًا |