صلى الله عليه وسلم باللفظ والمعنى ، القرآن الكريم كتاب الإسلام الخالد ، ومعجزته الكبرى ، وهداية للناس أجمعين ، قال تعالى : " كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ "، ولقد تعبدنا الله بتلاوته آناء الليل وأطراف النهار
اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا ، اللهم اجعله شفيعاً لنا ، وشاهداً لنا لا شاهداً علينا ، اللهم ألبسنا به الحلل ، وأسكنا به الظلل ، واجعلنا به يوم القيامة من الفائزين ، وعند النعماء من الشاكرين ، وعند البلاء من الصابرين ، اللهم حبِّب أبناءنا في تلاوته وحفظه والتمسك به، واجعله نوراً على درب حياتهم، برحمتك يا أرحم الراحمين ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .
جزاكِ الله خير الجزاء
يا مبدعة المنتدى …. ما أجمل موضوعاتكِ
تمزج الفائدة بالمتعة .. فكونكِ تعرضي سبب اختياركِ للموضوع
بشيء من الآيات والأحاديث التي تؤكد عليه
شيء يميزكِ ويزيدكِ تألقا … وأيضا يكسب متابعي موضوعاتكِ الفائدة
ولكِ بإذن الله الأجر يالحبيبة
دام نبض عطاؤكِ
وروعة تصميماتكِ
وإلى الأمام دوما
ويجازيكِ الله الجنه ونعيمها
ويجعلكِ من أهل القرآن وخاصته
ويديم عليكِ التقوى وحب تلاوة القرآن الكريم
أسعدني موضوعكِ أختي المباركه
حقاً فلاش رائع
وقمه في الجمال والروعه
وأسمحي لي بهذه الإضافه عزيزتي
عُلوُّ المنزلة عند الله تعالي:
منزلة قارئ القرآن تَرتفع وتترقَّى كلما أخلص النية وابتغى وجه الله – تعالى – وكلما ازدادت صلته بكتاب الله – عز وجل.
قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((يُقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتَقِ ورتل، كما كنت تُرتِّل في الدنيا؛ فإنَّ منزِلَتَك عند آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُها))
[17].
وقارئ القرآن أحد رجلين:
رجل آتاه الله مَلَكة الفصاحة والبيان والنطق السليم، فهو مع السفرة الكرام البررة.
ورجل لم يَنشَأ على الفصاحة والبيان؛ لعُجمته، أو بعده عن العلم والعلماء.
وكلاهما في منزلة عالية رفيعة.
عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: "قال رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((الذي يقرأ القرآن وهو ماهِرٌ به، مع السفرة الكِرام، البَررة، والذي يقرأ القرآن وهو يَتَعْتَع فيه، وهو عليه شاق له أجران))"
[18].
وفي الحديث الصحيح أن رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال:
((إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويَضع آخرين))[19].
مضاعفة الأجر:
وقارئ القرآن تُضاعف حسناته، ويُجزل الله – تعالى – أجره؛ قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((مَن قرأ القرآن، له بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول:
(الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولا م حرف، وميم حرف))[20].
وعن عقبة بن عامر – رضي الله عنه – قال خرج علينا رسول الله ونحن في الصُّفَّة، فقال: ((أيُّكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بُطْحان – أو إلى العَقيق – فيأتي منه بناقتين كَوْماوَين، في غير إثم، ولا قطيعة رحم؟)) فقلنا:
"يا رسول الله، كلنا نحب ذلك". قال:
((أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم – أو فيقرأ – آيتين من كتاب الله – عز وجل – خير له من ناقتين، وثلاث خير من ثلاث، وأربع خير من أربع، ومن أعدادهن من الإبل)).
الشفاعة:
والقرآن يأتي شفيعًا يوم القيامة لمن تعاهده بالدرس والفَهم والعمل؛ لذلك حثَّ الرسول – عليه الصلاة والسلام – على قراءته، قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شَفيعًا لأصحابه))
[21].
وروى مسلم أيضًا أن رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال:
((يؤتى بالقرآن وأهله الذين يَعملون به، تَقْدمهم سورة البقرة وآل عمران، تُحاجَّان عن صاحبهما))
[22].
فالقرآن شافِع، مُشفَّع، وماحِل (مدافع) مُصدَّق، مَن جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار))[23].
حصول البركة لبيوت حملة القرآن:
وحامل القرآن الذي يتلوه، ويحرِص على تنفيذ أحكامه، ينال بركة وثواب ذلك في
نفسه، وفي ولده، وجميع أهل بيته.
قال عبد الله بن مسعود: "إن هذا القرآن مَأدُبة الله فمَنِ استَطَاع منكم أن يتعلم منه شيئًا فليفعل، فإن أصفر البيوت من الخير – الذي ليس فيه من كتاب الله شيء، وإنَّ البَيْتَ الَّذي ليس فيه من كتاب اللَّه شيءٌ كخراب البيت الذي لا عامر له، وإن الشيطان يخرج من البيت الذي يسمع منه سورة البقرة".
نزول السكينة:
عن البراء بن عازب – رضي الله عنه – قال: "كان رجل يقرأ سورة الكهف، وعنده فرسٌ مربوط بشَطَنين، فتغشَّته سحابة، فجَعَلت تدور وتدنو، وجعل فرسُه ينفِر منها، فلما أصبح أتى النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – فذكر ذلك له، فقال – صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((تلك السكينة، تنَزَّلت للقرآن))"[24].
وفى "صحيح مسلم" عن أبي هريرة، أن رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال:
((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله – تعالى – يتلون كتاب الله، ويَتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة وغَشِيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده))
[25].
فاحذرْ أخي المسلم أن تَشغَلك أمور الحياة – أيًّا كانت – عن صِلتك بكتاب الله – عز وجل – تلاوة وفهمًا؛ فشواغِل الحياة لن تنقضي ما دامت الحياة.
وفرق كبير بين من يواجه الحياة وأحداثها ومشاغلها مَوصولَ الحبال بربه مُتزوِّدًا من كلامه، وبين من يُواجهها ضعيف الصلة بمصدر العزة – القرآن الكريم – قليلَ التَّزوُّد من معينه وفضائله، وإن الوقت الذي يعيشه المسلم مع كتاب ربه ليس وقتًا ضائعًا، ولا يتوقَّف بسببه أيُّ عمل من الأعمال، إنَّهُ وقْتٌ يكتسب المسلم فيه طاقة إيمانية وقوة روحية تضاعف من همته ونشاطه، وتنعكس آثارُها الإيجابيَّة على نفسيَّته.
ثم هو وقت مبارَك، ويبارك الله بسببه في بقية الأوقات، ويعطي صاحبه أفضل مما يؤمِّل، قال – صلَّى الله عليه وسلَّم – فيما يَرويه عن ربّه عز وجل:
((من شغله القرآن وذكري عن مسألتي، أعطيته أفضل ما أعطي السائلين))[26].
فضل حفظ القرآن:
المحافظة على القرآن والتحذير من نسيانه:
إن من أوتي حفظ القرآن كله أو حفظ بعضه، فقد أوتى حظًّا عظيمًا، ورُزق خيرًا عميمًا، وإنْ ظنَّ أن أحدًا أوتي خيرًا منه فقد حقَّر ما عظَّمَ اللهُ – عز وجل؛ لذلك جاءت الأحاديث النبوية صحيحةً صريحة تحذِّر من نسيان القرآن، وتَحثُّ على تعهده بمداومة التلاوة؛ لتثبيت الحفظ، فعن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – عن النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال:
((تعاهدوا هذا القرآن، فوالذي نفسي بيده، لهو أشدُّ تَفلُّتًا من الإبل في عُقُلها))[27].
وعن عمر – رضي الله عنه – أنَّ رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال:
((إنَّما مثل صاحب القرآن كمثل صاحبِ الإبل المعقَّلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت))[28].
إكرام أهل القرآن:
القرآن كلام الله تعالى القديم، وحبله المتين، وحملته هم أولياء الله تعالى، ما حافظوا عليه، واهتموا بفهمه، وحرَصوا على تبليغ تعاليمه، فلا عجب أن يكونوا موضع الإكرام والإجلال.
قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه، ولا الجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط))[29].
ومن كرامة أهل القرآن على ربهم أن جعلهم مُقدَّمين على غيرهم في حياتهم وبعد مماتهم.
عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – أن النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد، ثم يقول: ((أيهما أكثر أخذًا للقرآن؟)) فإذا أشير إلى أحدهما قدَّمه في اللَّحد))[30].
فليت من أكرمهم الله – تعالى – بحفظ كتابه وحمل رسالته يدركون منزلتهم عند ربهم – عز وجل – ويؤدُّون واجبهم تجاه الأمانة التي حُمِّلوها؛ فإن ذلك عِزُّهم وشرفهم في الدنيا، ورصيدهم الذي يرفع مكانتهم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
أخلاق حامل القرآن:
ينبغي أن يكون حامل القرآن هو رجل الدعوة، ورجل الدعوة يجب أن يكون رجل القرآن مُتحليًا بأكرم الشمائل، مَصونًا عن دنيء المكاسب، مترفِّعًا على الجبابرة والطغاة، مُتجافِيًا عن سفاسف الأمور، متواضِعًا للصالحين، ذا سكينة ووقار، شريف النفس، عاليَ الهمة، دائبًا في نشر الخير، حريصًا على تبليغ الرسالة، ودعوة الناس إليها.
عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: ((من قرأ القرآن فقد استدرج النبوَّة بين جنبيه، غير أنه لا يوحى إليه، لا ينبغي لصاحب القرآن أن يَجِد مع من وجد، ولا يجهل مع من يجهل، وفي جوفه كلام الله))[31].
وهذه الأخلاق فهمها أصحاب النبي الكريم – صلَّى الله عليه وسلَّم – وتحلَّوا بها، وحرَصوا على نقلها لمن وراءهم.
قال عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه -: "ينبغي لحامل القرآن أن يُعرف بليله قائمًا إذ الناس نائمون، وبنهاره صائمًا إذ الناس مُفطِرون، وبعفَّة لسانه إذ الناس يهجرون، وبحزنه إذ الناس يفرحون، وببكائه إذ الناس يَضحكون، وبصمته إذ الناس يخوضون، وبخشوعه إذ الناس يختالون، وينبغي لحامل القرآن أن يكون مستكينًا ليِّنًا، ولا ينبغي له أن يكون جافيًا، ولا ممارِيًا، ولا صيَّاحًا، ولا صخَّابًا، ولا حديدًا – أي: سريع الغضب -"[32].
وعن الحسن البصري – رحمه الله – قال: "إن من كان قبلكم رؤوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل، ويُنفِّذونها بالنهار"[33].
وقال الفضيل بن عياض – رحمه الله -:
"ينبغي لحامل القرآن أن لا يكون له حاجة إلى أحد من الخلفاء فمن دونهم، فحامل القرآن حامل راية الإسلام، لا ينبغي له أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلغو مع من يلغو؛ تعظيمًا لحق القرآن"[34].
خـاتمة:
وبعد أخي المسلم:
إن القرآن مائدة الله – عز وجل – يَدعو مُنادِيها صباح مساء: هلمَّ إلى قِرى الكريم، وضيافة العزيز الحكيم. فأقبل يا أخي، أقبل، ولا تتردد، تَزوَّد من مائدة القرآن؛ ففيها شفاء النفس من أمراضها، وسلامة الأجسام من أدوائها، وراحة الصدور من كآبتها وانقباضها،
{قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [فصلت: 44].
إن نماذج الحياة على صعيد الفرد والدولة والأمة قد وضَّحها القرآن وبيَّنها، وتكفَّل بالسعادة والسيادة، والعزة والسُّؤدَد، لمن أقام الحياة على وَفق هديه، وفي ضوء تعاليمه.
وإن أمَّة أعرضت عن كتاب ربها، واتخذته وراءها ظِهريًّا، حَريَّةٌ أن يطول ليلها، ويدوم شقاؤها، ويستذلهَّا أعداؤها، وينهبون خيراتها، ويسومونها سوء العذاب.
فمتى يصحو عقلاء الأمة، ويحملون أنفسهم على منهج القرآن، ويقودون أمتهم إلى هذا النهج القويم؟!
إنَّنا لم نفقد الأمل، وما زلنا نتطلع إلى ذلك اليوم الذي نرى فيه شباب الدعوة ورجالها ربَّانيين في أخلاقهم، ربانيين في سلوكهم وتعاملهم، ربانيين في صداقاتهم ومعاداتهم، عندها نرجو لهم نصر الله الذي وعد عباده المؤمنين.
محمد يوسف الجاهوش
ــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] رواه مسلم، 408
[2] رواه الترمذي.
[3] "صحيح البخاري"، كتاب فضائل القرآن، حديث رقم، 5027، 5028.
[4] رواه أبو دواد، والنسائي.
[5] "التبيان في آداب حملة القرآن"، للإمام النووي.
[6] المرجع السابق.
[7] رواه مسلم.
[8] رواه البخاري.
[9] متفق عليه
[10] رواه الترمذي و أبو دواد و النسائي و قال الترمذي: "حسن صحيح".
[11] التمر الرديء
[12] متفق عليه.
[13] رواه أبو داود.
[14] رواه البيهقي.
[15] رواه الترمذي.
[16] رواه الدارمي.
[17] رواه أبو داود و الترمذي، و قال الترمذي: حسن صحيح.
[18] متفق عليه.
[19] رواه مسلم.
[20] رواه الترمذي.
[21] رواه مسلم.
[22] رواه مسلم.
[23] رواه ابن حبان.
[24] متفق عليه.
[25] رواه مسلم.
[26] رواه الترمذي وقال: "حسن صحيح".
[27] متفق عليه.
[28] متفق عليه.
[29] رواه أبو داود، وهو حديث حسن.
[30] رواه البخاري.
[31] رواه الحاكم وصحح إسناده، ووافقه الذهبي.
[32] "التبيان في آداب حملة القرآن"، الإمام الذهبي.
[33] "التبيان في آداب حملة القرآن"، الإمام الذهبي.
[34] "التبيان في آداب حملة القرآن"، الإمام الذهبي.للمزيد من مواضيعي
جزاكِ الله خير الجزاء
يا مبدعة المنتدى …. ما أجمل موضوعاتكِ
تمزج الفائدة بالمتعة .. فكونكِ تعرضي سبب اختياركِ للموضوع
بشيء من الآيات والأحاديث التي تؤكد عليه
شيء يميزكِ ويزيدكِ تألقا … وأيضا يكسب متابعي موضوعاتكِ الفائدة
ولكِ بإذن الله الأجر يالحبيبة
دام نبض عطاؤكِ
وروعة تصميماتكِ
وإلى الأمام دوما
الله يكرمك اختى الغالية اسعدتنى كلماتك الرقيقة و افرحت قلبى ربنا يسعدك فى الدنيا و الاخرة
و اتمنى من الله ان يكون عملى خالص لوجه الكريم
تشجيعك يدفعنى للامام بارك الله فيك
احبك فى الله
ويجازيكِ الله الجنه ونعيمها
ويجعلكِ من أهل القرآن وخاصته
ويديم عليكِ التقوى وحب تلاوة القرآن الكريم
أسعدني موضوعكِ أختي المباركه
حقاً فلاش رائع
وقمه في الجمال والروعه
وأسمحي لي بهذه الإضافه عزيزتي
عُلوُّ المنزلة عند الله تعالي:
منزلة قارئ القرآن تَرتفع وتترقَّى كلما أخلص النية وابتغى وجه الله – تعالى – وكلما ازدادت صلته بكتاب الله – عز وجل.
قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((يُقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتَقِ ورتل، كما كنت تُرتِّل في الدنيا؛ فإنَّ منزِلَتَك عند آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُها))
[17].
وقارئ القرآن أحد رجلين:
رجل آتاه الله مَلَكة الفصاحة والبيان والنطق السليم، فهو مع السفرة الكرام البررة.
ورجل لم يَنشَأ على الفصاحة والبيان؛ لعُجمته، أو بعده عن العلم والعلماء.
وكلاهما في منزلة عالية رفيعة.
عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: "قال رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((الذي يقرأ القرآن وهو ماهِرٌ به، مع السفرة الكِرام، البَررة، والذي يقرأ القرآن وهو يَتَعْتَع فيه، وهو عليه شاق له أجران))"
[18].
وفي الحديث الصحيح أن رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال:
((إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويَضع آخرين))[19].
مضاعفة الأجر:
وقارئ القرآن تُضاعف حسناته، ويُجزل الله – تعالى – أجره؛ قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((مَن قرأ القرآن، له بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول:
(الم) حرف، ولكن ألف حرف، ولا م حرف، وميم حرف))[20].
وعن عقبة بن عامر – رضي الله عنه – قال خرج علينا رسول الله ونحن في الصُّفَّة، فقال: ((أيُّكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بُطْحان – أو إلى العَقيق – فيأتي منه بناقتين كَوْماوَين، في غير إثم، ولا قطيعة رحم؟)) فقلنا:
"يا رسول الله، كلنا نحب ذلك". قال:
((أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم – أو فيقرأ – آيتين من كتاب الله – عز وجل – خير له من ناقتين، وثلاث خير من ثلاث، وأربع خير من أربع، ومن أعدادهن من الإبل)).
الشفاعة:
والقرآن يأتي شفيعًا يوم القيامة لمن تعاهده بالدرس والفَهم والعمل؛ لذلك حثَّ الرسول – عليه الصلاة والسلام – على قراءته، قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شَفيعًا لأصحابه))
[21].
وروى مسلم أيضًا أن رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال:
((يؤتى بالقرآن وأهله الذين يَعملون به، تَقْدمهم سورة البقرة وآل عمران، تُحاجَّان عن صاحبهما))
[22].
فالقرآن شافِع، مُشفَّع، وماحِل (مدافع) مُصدَّق، مَن جعله أمامه قاده إلى الجنة، ومن جعله خلفه ساقه إلى النار))[23].
حصول البركة لبيوت حملة القرآن:
وحامل القرآن الذي يتلوه، ويحرِص على تنفيذ أحكامه، ينال بركة وثواب ذلك في
نفسه، وفي ولده، وجميع أهل بيته.
قال عبد الله بن مسعود: "إن هذا القرآن مَأدُبة الله فمَنِ استَطَاع منكم أن يتعلم منه شيئًا فليفعل، فإن أصفر البيوت من الخير – الذي ليس فيه من كتاب الله شيء، وإنَّ البَيْتَ الَّذي ليس فيه من كتاب اللَّه شيءٌ كخراب البيت الذي لا عامر له، وإن الشيطان يخرج من البيت الذي يسمع منه سورة البقرة".
نزول السكينة:
عن البراء بن عازب – رضي الله عنه – قال: "كان رجل يقرأ سورة الكهف، وعنده فرسٌ مربوط بشَطَنين، فتغشَّته سحابة، فجَعَلت تدور وتدنو، وجعل فرسُه ينفِر منها، فلما أصبح أتى النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – فذكر ذلك له، فقال – صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((تلك السكينة، تنَزَّلت للقرآن))"[24].
وفى "صحيح مسلم" عن أبي هريرة، أن رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال:
((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله – تعالى – يتلون كتاب الله، ويَتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة وغَشِيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده))
[25].
فاحذرْ أخي المسلم أن تَشغَلك أمور الحياة – أيًّا كانت – عن صِلتك بكتاب الله – عز وجل – تلاوة وفهمًا؛ فشواغِل الحياة لن تنقضي ما دامت الحياة.
وفرق كبير بين من يواجه الحياة وأحداثها ومشاغلها مَوصولَ الحبال بربه مُتزوِّدًا من كلامه، وبين من يُواجهها ضعيف الصلة بمصدر العزة – القرآن الكريم – قليلَ التَّزوُّد من معينه وفضائله، وإن الوقت الذي يعيشه المسلم مع كتاب ربه ليس وقتًا ضائعًا، ولا يتوقَّف بسببه أيُّ عمل من الأعمال، إنَّهُ وقْتٌ يكتسب المسلم فيه طاقة إيمانية وقوة روحية تضاعف من همته ونشاطه، وتنعكس آثارُها الإيجابيَّة على نفسيَّته.
ثم هو وقت مبارَك، ويبارك الله بسببه في بقية الأوقات، ويعطي صاحبه أفضل مما يؤمِّل، قال – صلَّى الله عليه وسلَّم – فيما يَرويه عن ربّه عز وجل:
((من شغله القرآن وذكري عن مسألتي، أعطيته أفضل ما أعطي السائلين))[26].
فضل حفظ القرآن:
المحافظة على القرآن والتحذير من نسيانه:
إن من أوتي حفظ القرآن كله أو حفظ بعضه، فقد أوتى حظًّا عظيمًا، ورُزق خيرًا عميمًا، وإنْ ظنَّ أن أحدًا أوتي خيرًا منه فقد حقَّر ما عظَّمَ اللهُ – عز وجل؛ لذلك جاءت الأحاديث النبوية صحيحةً صريحة تحذِّر من نسيان القرآن، وتَحثُّ على تعهده بمداومة التلاوة؛ لتثبيت الحفظ، فعن أبي موسى الأشعري – رضي الله عنه – عن النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال:
((تعاهدوا هذا القرآن، فوالذي نفسي بيده، لهو أشدُّ تَفلُّتًا من الإبل في عُقُلها))[27].
وعن عمر – رضي الله عنه – أنَّ رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال:
((إنَّما مثل صاحب القرآن كمثل صاحبِ الإبل المعقَّلة، إن عاهد عليها أمسكها، وإن أطلقها ذهبت))[28].
إكرام أهل القرآن:
القرآن كلام الله تعالى القديم، وحبله المتين، وحملته هم أولياء الله تعالى، ما حافظوا عليه، واهتموا بفهمه، وحرَصوا على تبليغ تعاليمه، فلا عجب أن يكونوا موضع الإكرام والإجلال.
قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه، ولا الجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط))[29].
ومن كرامة أهل القرآن على ربهم أن جعلهم مُقدَّمين على غيرهم في حياتهم وبعد مماتهم.
عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – أن النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد، ثم يقول: ((أيهما أكثر أخذًا للقرآن؟)) فإذا أشير إلى أحدهما قدَّمه في اللَّحد))[30].
فليت من أكرمهم الله – تعالى – بحفظ كتابه وحمل رسالته يدركون منزلتهم عند ربهم – عز وجل – ويؤدُّون واجبهم تجاه الأمانة التي حُمِّلوها؛ فإن ذلك عِزُّهم وشرفهم في الدنيا، ورصيدهم الذي يرفع مكانتهم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
أخلاق حامل القرآن:
ينبغي أن يكون حامل القرآن هو رجل الدعوة، ورجل الدعوة يجب أن يكون رجل القرآن مُتحليًا بأكرم الشمائل، مَصونًا عن دنيء المكاسب، مترفِّعًا على الجبابرة والطغاة، مُتجافِيًا عن سفاسف الأمور، متواضِعًا للصالحين، ذا سكينة ووقار، شريف النفس، عاليَ الهمة، دائبًا في نشر الخير، حريصًا على تبليغ الرسالة، ودعوة الناس إليها.
عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: ((من قرأ القرآن فقد استدرج النبوَّة بين جنبيه، غير أنه لا يوحى إليه، لا ينبغي لصاحب القرآن أن يَجِد مع من وجد، ولا يجهل مع من يجهل، وفي جوفه كلام الله))[31].
وهذه الأخلاق فهمها أصحاب النبي الكريم – صلَّى الله عليه وسلَّم – وتحلَّوا بها، وحرَصوا على نقلها لمن وراءهم.
قال عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه -: "ينبغي لحامل القرآن أن يُعرف بليله قائمًا إذ الناس نائمون، وبنهاره صائمًا إذ الناس مُفطِرون، وبعفَّة لسانه إذ الناس يهجرون، وبحزنه إذ الناس يفرحون، وببكائه إذ الناس يَضحكون، وبصمته إذ الناس يخوضون، وبخشوعه إذ الناس يختالون، وينبغي لحامل القرآن أن يكون مستكينًا ليِّنًا، ولا ينبغي له أن يكون جافيًا، ولا ممارِيًا، ولا صيَّاحًا، ولا صخَّابًا، ولا حديدًا – أي: سريع الغضب -"[32].
وعن الحسن البصري – رحمه الله – قال: "إن من كان قبلكم رؤوا القرآن رسائل من ربهم، فكانوا يتدبرونها بالليل، ويُنفِّذونها بالنهار"[33].
وقال الفضيل بن عياض – رحمه الله -:
"ينبغي لحامل القرآن أن لا يكون له حاجة إلى أحد من الخلفاء فمن دونهم، فحامل القرآن حامل راية الإسلام، لا ينبغي له أن يلهو مع من يلهو، ولا يسهو مع من يسهو، ولا يلغو مع من يلغو؛ تعظيمًا لحق القرآن"[34].
خـاتمة:
وبعد أخي المسلم:
إن القرآن مائدة الله – عز وجل – يَدعو مُنادِيها صباح مساء: هلمَّ إلى قِرى الكريم، وضيافة العزيز الحكيم. فأقبل يا أخي، أقبل، ولا تتردد، تَزوَّد من مائدة القرآن؛ ففيها شفاء النفس من أمراضها، وسلامة الأجسام من أدوائها، وراحة الصدور من كآبتها وانقباضها،
{قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [فصلت: 44].
إن نماذج الحياة على صعيد الفرد والدولة والأمة قد وضَّحها القرآن وبيَّنها، وتكفَّل بالسعادة والسيادة، والعزة والسُّؤدَد، لمن أقام الحياة على وَفق هديه، وفي ضوء تعاليمه.
وإن أمَّة أعرضت عن كتاب ربها، واتخذته وراءها ظِهريًّا، حَريَّةٌ أن يطول ليلها، ويدوم شقاؤها، ويستذلهَّا أعداؤها، وينهبون خيراتها، ويسومونها سوء العذاب.
فمتى يصحو عقلاء الأمة، ويحملون أنفسهم على منهج القرآن، ويقودون أمتهم إلى هذا النهج القويم؟!
إنَّنا لم نفقد الأمل، وما زلنا نتطلع إلى ذلك اليوم الذي نرى فيه شباب الدعوة ورجالها ربَّانيين في أخلاقهم، ربانيين في سلوكهم وتعاملهم، ربانيين في صداقاتهم ومعاداتهم، عندها نرجو لهم نصر الله الذي وعد عباده المؤمنين.
محمد يوسف الجاهوش
ــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] رواه مسلم، 408
[2] رواه الترمذي.
[3] "صحيح البخاري"، كتاب فضائل القرآن، حديث رقم، 5027، 5028.
[4] رواه أبو دواد، والنسائي.
[5] "التبيان في آداب حملة القرآن"، للإمام النووي.
[6] المرجع السابق.
[7] رواه مسلم.
[8] رواه البخاري.
[9] متفق عليه
[10] رواه الترمذي و أبو دواد و النسائي و قال الترمذي: "حسن صحيح".
[11] التمر الرديء
[12] متفق عليه.
[13] رواه أبو داود.
[14] رواه البيهقي.
[15] رواه الترمذي.
[16] رواه الدارمي.
[17] رواه أبو داود و الترمذي، و قال الترمذي: حسن صحيح.
[18] متفق عليه.
[19] رواه مسلم.
[20] رواه الترمذي.
[21] رواه مسلم.
[22] رواه مسلم.
[23] رواه ابن حبان.
[24] متفق عليه.
[25] رواه مسلم.
[26] رواه الترمذي وقال: "حسن صحيح".
[27] متفق عليه.
[28] متفق عليه.
[29] رواه أبو داود، وهو حديث حسن.
[30] رواه البخاري.
[31] رواه الحاكم وصحح إسناده، ووافقه الذهبي.
[32] "التبيان في آداب حملة القرآن"، الإمام الذهبي.
[33] "التبيان في آداب حملة القرآن"، الإمام الذهبي.
[34] "التبيان في آداب حملة القرآن"، الإمام الذهبي.للمزيد من مواضيعي
الله يكرمك غاليتى اسعدتى قلبى بتقييمك الجميل و اثريت موضوعى باضافتك الرااااااائعة
اثابك الله و نفع بك و رفع قدرك اللهم امين