بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور،أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعه إلى يوم الدين،وسلم تسليماً كثيراً … أما بعد
فان الصدق رأس الفضيلة، وأجمل خلق حميد اتصف بها الإنسان فيزداد هيبةً ووقارا، إن الصدق ضرورة لانتظام العالم، ففيه تحفظ الحقوق وتصان النفوس ويتم النظام ويعيش الناس أمناً واطمئنانا، حقيقة الصدق الإتيان بما يطابق الواقع وإظهار الحقيقة على حقيقته، فهو عنوان الإسلام وميزان الإيمان وأساس الدين وخصلة حميدة في حق من اتصف بها
والصدق يهدي إلى العمل الصالح الموصل للجنة، وتَحَرِّي الصدق وقصدُه والاعتناء به في كل عملٍ صغيرٍ أو كبيرٍ، للخالق أو المخلوق، فيه ضرر على الغير أو لا ضرر فيه – يرفع صاحبه إلى مقام الصديقين، فيكتبه الله في عدادهم، فينال بصدقه وتحريه للصدق منزلة الصديقين وثوابهم، ويعرف في ذلك في الملأ الأعلى، ويلقي ذلك في قلوب الناس وألسنتهم، ويوضع له القبول في الأرض.
فعن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((عليكم بالصدق؛ فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقًا، وإياكم والكذبَ؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابًا))؛ رواه مسلم (2607).
والصدق التزام بالعهد ، كقوله تعالى : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ)(الأحزاب/23) ، والصدق نفسه بجميع معانيه يحتاج إلى إخلاص لله عز وجل ، وعمل بميثاق الله في عنق كل مسلم ، قال تعالى : (وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً * لِيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ )(الأحزاب/7 ، 8) ، فإذا كان أهل الصدق سيُسألون ، فيكف يكون السؤال والحساب لأهل الكذب والنفاق ؟
والصدق من الأخلاق الأساسية التي يتفرع عنها غيرها ، يقول الحارث المحاسبي : " واعلم – رحمك الله – أن الصدق والإخلاص : أصل كل حال ، فمن الصدق يتشعب الصبر ، والقناعة ، والزهد ، والرضا ، والأنس ، وعن الإخلاص يتشعب اليقين ، والخوف ، والمحبة ، والإجلال والحياء ، والتعظيم ، فالصدق في ثلاثة أشياء لا تتم إلا به : صدق القلب بالإيمان تحقيقـًا ، وصدق النية في الأعمال ، وصدق اللفظ في الكلام "
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى في المدارج: "فالصدقُ في هذه الثلاثة:
• الصدق في الأقوال: استواء اللسان على الأقوال كاستواء السُّنبلة على ساقِها.
• والصدق في الأعمال: استواء الأفعال على الأمر والمتابعة كاستواء الرأس على الجسد.
• والصدق في الأحوال: استواء أعمال القلب والجوارح على الإخلاص، واستفراغ الوُسْعِ وبَذْل الطاقة، وبحسَب كمال هذه الأمور فيه وقيامها به تكون صِدِّيقيَّتُه؛ ولذلك كان لأبي بكر الصِّديق رضي الله عنه وأرضاه ذروة سَنامِ الصِّدِّيقيَّة، سُمي الصديق على الإطلاق، والصِّديق أبلغُ من الصَّدوق، والصَّدوق أبلغ من الصادق" (مدارج السالكين: 25/2).
وقد أمر الله سبحانه أهل الإيمان : أن يكونوا مع الصادقين . وخص المنعم عليهم بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين . فقال تعالى ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين وقال تعالى : ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين فهم الرفيق الأعلى وحسن أولئك رفيقا ولا يزال الله يمدهم بأنعمه وألطافه ومزيده إحسانا منه وتوفيقا . ولهم مرتبة المعية مع الله . فإن الله مع الصادقين ، ولهم منزلة القرب منه . إذ درجتهم منه ثاني درجة النبيين .
وأخبر تعالى أن من صدقه فهو خير له . فقال فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم .
وأخبر تعالى عن أهل البر . وأثنى عليهم بأحسن أعمالهم : من الإيمان ، والإسلام ، والصدقة ، والصبر . بأنهم أهل الصدق فقال ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون وهذا صريح في أن الصدق بالأعمال الظاهرة والباطنة . وأن الصدق هو مقام الإسلام والإيمان .
ومن علامات الصدق : طمأنينة القلب إليه . ومن علامات الكذب : حصول الريبة ، كما في الترمذي – مرفوعا – من حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الصدق طمأنينة . والكذب ريبة .
لقد وعَد الله الصادقين بأعظم الجزاء، وأفضل الثواب؛ وما ذلك إلا لعِظَم هذه الخَصلة التي تحلَّوْا بها، والصفة التي اتصَفوا بها، بل إن اللهَ جعَل مرتبة الصِّديقين بعد مرتبة النبيين، وجعَلهم من المنعَم عليهم الذين وعَد اللهُ أهلَ طاعتِه وطاعةِ رسوله برفقتِهم في الجنة؛ فقال -تعالى-: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ﴾ [النساء: 69]، والصِّدِّيقون – كما يقول الشيخ عبدالرحمن السعدي -: "هم الذين كمُل تصديقُهم بما جاءت به الرسلُ، فعلِموا الحقَّ وصدَّقوه بيقينهم وبالقيام به؛ قولاً وعملاً وحالاً ودعوةً إلى الله".
فلنصدق الناس وربَّ الناس في القول والعمل؛ فالعبرة ليست بالعمل وحده، إنما بما يقرُّ في القلب، لا بحصول العمل أو كثرته
غاليتي
جزاكِ الله كل خير وزادكِ في علمكِ
ورزقكِ الخير كله وبارك فى عمركِ وشرح لكِ صدركِ ويسر لكِ أمركِ …
شَرآئط عِرفَآنْ وَجدَآئِل شُكرْ دُمتي هَكذَآ
تقدٌيرُيَ وُأحترُآميُ لـِ سموك
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يعرف المؤمن؟ قال : ( بوقاره ولين كلامه وصدق حديثه )
وان شاءالله تكون جنه الفردوس
للفوز بها
جزاكِ الله كل خير غاليتي
وبوركت جهودك لروعة ماقدمت
دمتِ بحمى الرحمن .