فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة
فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة
فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة
الشيخ عبدالله بن محمد البصري
أَمَّا بَعدُ:
فأُوصِيكم – أيُّها النَّاسُ – ونَفسِي بتقوَى اللهِ – عزَّ وجلَّ – ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الحج: 77].
أيها المسلمون:
هل تَرَون أمْنًا أعَمَّ، أو طُمَأنينةً أتمَّ ممَّا نحن فيه في هذه البلاد؟!
لا أظن الألْسِنَة ستُجيب إلاَّ بأنَّه: لا أكثر أمْنًا، ولا أتمَّ طمأنينةً، ولا أوسع رزقًا، ولا أبْرَك عيشًا لِمَن قَنَع – ممَّا نحن فيه.
فهل تَرَونا وفِينا هذه النِّعمة شَكَرناها وأعطيناها حقَّها؟
ثم ما الواجبُ علينا لحفْظِها وتقييدها؟!
إنه لا أفضل في شُكر النِّعم ولا أكْمَل مِن أن تتوجَّه القلوبُ إلى خالقها ورازقها والمنعِم عليها، فتفْرِده بالعبادة، وتُخْلص له العمل، وتَجتهد في رِضاه، وتَنْصَب في طاعته.
فإنه – تعالى – لمَّا امْتنَّ على أهل سبأ بالجنَّتين، طلَب إليهم شُكره، فقال: ﴿ لَقَدْ كَانَ لِسَبَأٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ﴾ [سبأ: 15].
ولما أنْعَمَ على أهل مكَّة بالأمْن وكَفاف العيش، وجَّهَهم إلى كيفية الشُّكر، فقال – سبحانه -: ﴿ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش: 1 – 4].
ولمَّا امتَنَّ – سبحانه – على نبيِّه – عليه الصلاة والسلام – بما امتَنَّ به؛ مِن شَرْح صدره، ووضع الوِزْر عنه، ورَفْع ذِكْره – أمَرَه بالنَّصب في عبادته والرغبة إليه، فقال: ﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ﴾ [الشرح: 7 – 8].
قال الشيخ عبدالرحمن السعدي – رحمه الله -: "أيْ: إذا تفرَّغت من أشغالك، ولم يَبْق في قلبك ما يَعُوقه، فاجتهد في العبادة والدعاء، ﴿ وإلى ربِّك ﴾ وحْدَه ﴿ فارْغَب ﴾؛ أيْ: أعْظِمِ الرَّغبةَ في إجابة دعائك، وقَبول عباداتك، ولا تَكُنْ ممَّن إذا فَرغوا وتفرَّغوا لَعِبوا وأعْرَضوا عن ربِّهم وعن ذِكْره، فتَكُونَ مِن الخاسرين"؛ انتهى كلامُه.
أيها المسلمون:
إنَّ مِن أفضل أعمال الشُّكر عند الله وأزكاها، وأوجبها بعد التوحيد وآكدها، تِلْكم الصلاةَ التي جعَلَها محمَّدٌ – صلى الله عليه وسلم – غايةَ شُكره لربِّه؛ فعن المغيرة بن شعبة – رضي الله عنه – قال: قام النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – حتى توَرَّمت قدَمَاه، فقِيل له: قد غَفَر الله لك ما تقدَّم مِن ذنبك وما تأخَّر، قال: ((أفلاَ أكون عبْدًا شَكورًا؟!))؛ رواه البخاري ومسلم والنَّسائي.
وفي رواية لهما وللترمذي قال: إنْ كان النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – لَيقوم – أوْ لَيُصلِّي – حتَّى تَرِم قدَماه – أو ساقاه – فيُقال له، فيقول: ((أفلاَ أكون عبْدًا شَكورًا؟!)).
إنَّها الصلاة – يا عباد الله – ثاني أركان الدين، وعَمُود خَيْمته، والفارِقَة بين المسلم والكافر، والتي بصلاحها يكون صَلاح العَمَل يوم القيامة وقَبولُه، وبِفسادها يكون فسادُه ورَدُّه.
قال – عليه الصلاة والسلام – فيما رواه الشيخان: ((بُنِي الإسلام على خَمس: شهادةِ أن لا إله إلا الله وأنَّ محمَّدًا رسول الله، وإقامِ الصَّلاة، وإيتاءِ الزَّكاة، وحجِّ البيت، وصومِ رمضان)).
وقال – صلى الله عليه وسلم -: ((رأْسُ الأمر الإسلام، وعَموده الصلاة، وذِرْوة سَنامه الجهادُ في سبيل الله)).
وقال – عليه الصلاة والسلام -: ((أوَّل ما يُحاسَب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإنْ صَلَحَتْ صَلَح له سائر عمله، وإنْ فَسدَت فسَدَ سائرُ عمَلِه)).
وإنَّ للصلاةِ غير هذا لَفضائِلَ عظيمةً، ومَزايا كريمةً، وإنَّ لها في لسانِ الحبيب – عليه الصلاة والسلام – وقلبِه ونفْسِه مِن الذِّكْر وعظيم المنْزلة – ما يَدْفع القلوبَ إلى محبَّتها، والتمسُّك بها، وعدَمِ التفريط فيها.
عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((الصَّلواتُ الخَمْس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان – مكفِّرات لما بينهنَّ إذا اجتُنِبت الكبائر))؛ رواه مسلم.
وعنه – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((أرأيْتُم لو أنَّ نَهرًا بباب أحدكم يَغتسل فيه كلَّ يوم خمْسًا، هل يَبْقَى مِن دَرَنه شيء؟)) قالوا: لا يَبقى من درَنِه شيء، قال: ((فذلك مثلُ الصلوات الخمس، يَمحو الله بهِنَّ الخطايا)).
وعن عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – قال: سألْتُ النبي – صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الأعمال أحَبُّ إلى الله؟ قال: ((الصلاة لوقتها))؛ الحديث متفق عليه.
وعن عُبادة بن الصَّامت – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((خمْسُ صلوات افترضهنَّ الله – تعالى – مَن أحْسَنَ وُضوءَهن، وصلاَّهنَّ لِوَقْتهن، وأتمَّ ركوعهن وخشوعهن – كان له على الله عهْدٌ أنَّ يَغفر له، ومَن لم يَفعل فليس له على الله عهْد، إن شاء غفَرَ له، وإن شاء عذَّبه))؛ رواه أحمد وغيره، وصححه الألباني.
وعن أبي أمامة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((صَلُّوا خَمْسَكم، وصُوموا شَهْرَكم، وأَدُّوا زكاةَ أموالكم، وأَطيعوا ذا أمْرِكم، تدخلوا جنةَ ربِّكم))؛ رواه أحمد والترمذي وصحَّحه الألباني.
وكان – صلى الله عليه وسلم – يقول: ((يا بلال، أقِم الصلاة؛ أرِحْنا بها)).
وعن علي – رضي الله عنه – قال: كان آخِر كلام النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((الصَّلاةَ الصلاةَ، اتقوا الله فيما مَلَكت أيمانُكم))؛ رواه أبو داود وابن ماجه، وصحَّحه الألباني.
هذا قليل مِن كثير ممَّا ورَدَ في شأْنِ الصلاة، وقد كان – عليه الصلاة والسلام – وأصحابُه – رضي الله عنهم – يُقيمونها في حال السِّلْم والحَرب، والمَنْشط والمَكْره؛ ولأَجْلها بنَى – عليه الصلاة والسلام – مسجِدَه حين قَدِم المدينة.
وفيه كان أصحابُه يَصفُّون خلْفَه ويأتَمُّون به، حتى لقد كان أحَدُهم يُؤْتَى به يُهَادَى بين الرَّجُلين حتى يُقَام في الصَّف، ولم يكُنْ شيءٌ يَشغلهم عنها، ولا يُلْهيهم عن أدائها في الجماعة.
قال – سبحانه -: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ﴾ [الفتح: 29].
هكذا كانوا رَغْم ما كابَدُوه مِن شظَفِ العيش، وتَوَالي الفَقْر، ولُزوم المَسْكنة، أَمَّا ونحن فيما نَحن فيه مِن أمْنٍ وطُمَأنينة، وعافية وصحة، ورَغَد في العيش، فما الذي يَمنعُنا مِن إقامة هذه الشَّعيرة الإسلامية، والرَّكيزة الإيمانية، والعبادة الربانية؟!
ألَم يقُلِ الله – سبحانه -: ﴿ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ [النساء: 103]؟! فماذا نَنتظر؟ وأيَّ أمْرٍ نُريد غيرَ هذا؟!
أيَنتظر أحدُنا أن تَذهب طُمأنينتُه بحرْب أو مرَض، أو جُوع أو خوف؟ أيَنتظر أحدنا أن يَفْجَأَه هاذِمُ اللَّذات، فيُوَافي ربَّه غيْرَ مُقِيم للصَّلاة؟! أيَنتظر تارك الصلاة أن يَطْرحه المرَضُ على الفراش فيتمنَّى إقامة الصلاة بأركانها وواجباتها، وشروطها وسُنَنِها ومكملاتِها، فلا يَستطيع إلاَّ أن يُومِئ بها إيماءً؟!
أننتظر عدُوًّا يَستبيح بَيضَتنا، فيمنعنا دُخولَ بيوتِ ربِّنا، ويَحْرِمنا التَّمتُّع بالصَّفِّ مع إخواننا، ويُفْقِدنا الخشوع في صلاتنا؟!
أما ونحن في مأمَنٍ مِن كلِّ هذا وعافية، لا يَحُول بين أحدنا وبين مسجده إلاَّ أنْ يُتِمَّ طُهوره، ويَستعيذَ بالله مِن شيطانه، فما الذي يَجعلنا نُجانب طريقَ الفلاح ونَسلك طريق الخَسَار؟!
لقد بَدأ – سبحانه – صفاتِ أهلِ الجنة المفْلِحين بالخشوع في الصلاة، وختَمَها بالمحافظة على الصلاة، فقال: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1 – 2] إلى أنْ قال: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 9 – 11].
فماذا بَعْد هذا أيها المسلمون؟ إنه ما بَعْدَ المحافظة على الصلاة إلاَّ ترْكها، وليس دُون الاهتمام بها إلا السَّهْو عنها والتَّكاسل في أَدائها، أمَّا تَرْكها فهو كُفْر ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأمَّا التَّكاسل عنها وتَأخيرها عن وقْتِها، فهو نِفاق وفُسوق، وأمَّا التَّهاوُن في أدائها مع الجماعة، فهو حِرْمان كبير، وترْكٌ لواجب عظيم.
قال – تعالى – في حق المشركين: ﴿ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ﴾ [التوبة: 5]، وقال: ﴿ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ﴾ [التوبة: 11].
وقال – عليه الصلاة والسلام -: ((العَهْد الذي بَيننا وبينَهم الصَّلاة، فمَن تَرَكها فقد كفَر))؛ رواه أحمد وغيره، وصحَّحه الألباني.
وقال – سبحانه -: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 142].
وقال – سبحانه -: ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ﴾ [الماعون: 4 – 7].
وعن عبدالله بن مسعود – رضي الله عنه – قال: "مَن سَرَّه أنْ يَلْقى الله غدًا مُسلمًا، فلْيُحافِظْ على هؤلاء الصَّلوات الخَمْسِ حيثُ يُنادَى بهنَّ؛ فإنَّ الله شرَعَ لنبيِّكم – صلَّى الله عليه وسلَّم – سُنَن الهُدى، وإنَّهن مِن سُنن الهُدى، ولو أنَّكم صلَّيْتم في بيوتكم كما يُصلِّي هذا المتخلِّف في بيته، لتركْتُم سُنَّة نبيِّكم، ولو تركتُم سنةَ نبيِّكم لضَلَلتُم.
وما مِن رجل يتطهَّر فيُحْسِن الطُّهور، ثم يَعْمد إلى مسجدٍ مِن هذه المساجد إلا كتَب الله له بكلِّ خُطوة يَخطوها حسنةً، ورَفعه بها درجةً، ويحطُّ عنه بها سيئةً، ولقد رأيتُنا وما يتخلَّف عنها إلا منافقٌ مَعلومُ النِّفاق، ولقد كان الرجُلُ يُؤتَى به يُهَادَى بين الرَّجُلين حتى يُقام في الصَّف"؛ رواه مسلم.
وقال – عليه الصلاة والسلام -: ((أثْقَلُ الصَّلاة على المنافِقِين صلاةُ العشاء وصلاة الفجر، ولو يَعْلمون ما فيهما لأتَوْهما ولو حبْوًا، ولقد همَمْتُ أنْ آمُرَ بالصَّلاة فتُقام، ثم آمُرَ رجلاً فيصلِّيَ بالناس، ثم أَنطَلِقَ معي برجال معَهم حُزَمٌ مِن حطَبٍ إلى قوم لا يَشْهدون الصَّلاة؛ فأحرق عليهم بيوتهم بالنار))؛ متَّفَق عليه.
ألاَ فاتَّقوا الله – أيُّها المسلمون – واركعوا مع الراكعين، واغْنَموا الأُجور في صلاة الجماعة، قال – عليه الصلاة والسلام -: ((صلاة الرَّجل في الجماعة تَضْعف على صلاته في بيته وفي سُوقه خمْسًا وعشرين درجةً؛ وذلك أنَّه إذا توَضَّأ فأحْسَنَ الوُضوء، ثُم خرَج إلى المسجد لا يُخرِجه إلا الصَّلاة، لم يَخْطُ خُطوةً إلا رُفِعت له بها درجةٌ وحُطَّ عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تَزَل الملائكة تصلِّي عليه ما دام في مُصلاَّه: اللهم صلِّ عليه، اللَّهم ارْحَمه، ولا يَزال في صلاة ما انْتظر الصَّلاة)).
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ * فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ ﴾ [المدثر: 38 – 48].
الخطبة الثانية
أمَّا بعد:
فاتَّقوا الله – عباد الله – واتَّقوا يومًا تُرْجعون فيه إلى الله.
أيُّها المسلمون:
صحَّ عنه – صلَّى الله عليه وسلَّم – أنَّه قال: ((سيَأتي على النَّاس سنواتٌ خَدَّاعات، يُصَدَّق فيها الكاذب، ويُكذَّب فيها الصَّادق، ويُؤْتَمن فيها الخائن، ويُخوَّن فيها الأمين، ويَنطق فيها الرُّوَيْبِضة))، قيل: وما الرُّويبضة؟ قال: ((الرَّجُل التَّافِه يتكلَّم في أمر العامَّة)).
وإنَّ بعض ما نَراه ونَسْمعه في الواقع لَيُذكِّرنا هذا الحديثَ العظيم؛ حيث تَسابَق كثيرون على الفَتْوى بلا دِرَاية، وسارَعُوا إلى القول على الله بلا علم.
ألا وإنَّ ممَّا يُرَوَّج له بين فترة وأخرى في الصُّحف والقنوات: التَّهوينَ مِن شأن صلاة الجماعة، وتلمُّسَ المَعاذير لمن يَتْركونها ويتكاسلون عنها.
وتَاللهِ إنَّ هذا لَنَوع مِن استبدال الأَدْنَى بالذي هو خير؛ إذ يُؤْخَذ رأْيُ أهْل الضَّلالة والتَّفاهة، الخونَةِ الكاذبين، ويُجْفَى قول أهل العلم الصَّادقين المتَّقين – في أَمْر قد صحَّت فيه الأحاديث الواضحات؛ بل جاءت به الآيات البيِّنات المُحْكَمات.
ولْنختَصِر الكلام في ذلك – أيُّها المسلمون – ولْنأخذ فَتوى إمام المُفْتِين محمَّد – صلَّى الله عليه وسلَّم – الذي أَمَرنا الله – تعالى – بردِّ كلِّ خلاف إلى قوله؛ حيث قال: ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59].
رَوى مسلم والنَّسائيُّ وغيرهما عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: أتى النَّبيَّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – رجُلٌ أعمى، فقال: يا رسول الله، ليس لي قائد يَقُودني إلى المسجد، فسأل رسولَ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – أن يرخِّص له يصلِّي في بيته، فرخَّص له، فلمَّا ولَّى دَعَاه، فقال: ((هل تَسمع النِّداء بالصَّلاة؟))، قال: نعم، قال: ((فأَجِب)).
اللَّهمَّ إنَّا نَعُوذ بك مِن عِلْم لا يَنفع، ومن قَلْب لا يَخشع.
اللهمَّ ربَّنا لا تُزِغ قلوبنا بعدَ إذْ هَدِيتَنا، وهَبْ لنا مِن لدُنْك رحمةً؛ إنَّك أنت الوهَّاب.
اللهمَّ ثبِّتنا بالقول الثَّابت في الحياة الدُّنيا وفي الآخرة.
فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة
فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة
فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة
جعل ربي عملك هذا بميزان حسناتك
جزاك الله خير عزيزتي
بارك الله فيك صفاء
وجزاك كل خير
شاكرة لك عذب المرور
يعطيك ربي الف عافيه
بانتظار الجديد
جَزآكـي الله جَنةٌ عَرضُهآ آلسَموآتَ وَ الآرضْ
بآرَكـَ الله فيكـِي عَ آلمَوضوعْ
آسْآل الله آنْ يعَطرْ آيآمكـِ بآلريآحينْ
دمْتي بـِ طآعَة الله ..}