كما أضافت النتائج إلى ذلك أن الأطفال الذين يرضعون رضاعة طبيعية يصبحون أكثر سعادة وأكثر صحة وأكثر انطلاقا من أولئك الأطفال الذين تربوا على اللبن الصناعي. وقد ساعدت تلك الدراسة على إنهاء الجدل الطويل الدائر حول فوائد لبن الأم على الذكاء ودور الطبيعة والتغذية في نسبة ذكاء الطفل.
وقد رحب بتلك النتائج أصحاب الحملات الدعائية للحفاظ على الصحة الذين يقولون أن بريطانيا بها أقل معدلات رضاعة طبيعية في أوروبا وأن ما يقدم من أجل تدعيم وتشجيع الأمهات الجدد على الرضاعة الطبيعية يعد قليلا. حيث أن حوالي خمس النساء البريطانيات يخترن عدم إرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية بينما ثلث النساء يتركن الرضاعة الطبيعية لأطفالهن بعد ستة أشهر من إرضاعهم.
ولقد اكتشفت العلاقة بين الرضاعة الطبيعية والذكاء لأول مرة في عام 1929 وكانت تستخدم دائما كحافز لتشجيع الأمهات على إرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية. ومع ذلك فقد ذكرت دراسة هامة أجراها مجلس البحوث الطبية البريطاني العام الماضي أن العلاقة بين الرضاعة الطبيعية والذكاء ليست حقيقية.
حيث وجدت تلك الدراسة أن البحث السابق قد فشل في أن يضع في اعتباره خلفية الأم مثل هل الأم متفائلة ومتعلمة تعليما عاليا أو متقدمة في العمر وهل تتلقى دعما منزليا كبيرا أم لا. أما الآن فهناك دراستان تفترض أن لبن الثدي يساعد الأطفال مهما كانت خلفية الظروف التي تعيشها الأسرة.
وقد أجريت إحدى هاتين الدراستين على 1037 طفل من أطفال نيوزيلندا, وقد تم اختبار نسبة الذكاء لدى الأطفال الذين تبلغ أعمارهم السابعة والتاسعة والحادية عشرة والثالثة عشرة. وقد تم جمع عينات من الحمض النووي DNA من الأطفال المشاركين في الدراسة بعد أن بلغوا سن الثامنة عشرة.
أما الدراسة الثانية فقد أجريت على 2232 من التوائم البريطانية والذين تم قياس نسبة ذكائهم عندما بلغوا سن الخامسة من عمرهم. وقد وجد كلا البحثين أن نسب الذكاء لدى الأطفال الذين تلقوا رضاعة طبيعية كانت أعلى بسبع نقاط حتى بعد أن أخذت في الاعتبار الخلفيات الاجتماعية التي أتوا منها طالما أنهم يرثون جين معين اسمه FADS2من والديهم.
وإن الجين المسمى FADS2 قد ساعد في طريقة معالجة الجسم للأحماض الدهنية الموجودة في الغذاء. كما أوضح بحث سابق أن سلسلة الأحماض الدهنية غير المشبعة (Pufas) تتراكم في المخ أثناء شهور ما بعد الولادة.
وتلك الأحماض توجد في لبن الأمهات كما في لبن الأبقار الذي أضيف حديثا إلى ألبان الأطفال الصناعية. ويعتقد أن سلسلة الأحماض الدهنية غير المشبعة Pufas هامة بالنسبة لنمو المخ في فترة الطفولة لأنها ضرورية لنقل الإشارات العصبية بكفاءة والمساعدة على زيادة نمو الألياف العصبية.
وقد جاءت تلك النتائج في صحيفة أبحاث الأكاديمية الوطنية للعلوم. وقد قال البروفيسور "تيري موفيت" الذي يرأس معهد الطب النفسي في لندن…" لقد كان الجدل الدائر خلال القرن الماضي حول الذكاء يتركز على دور الطبيعة في مقابل دور التغذية. وقد اكتشفنا أن الطبيعة والتغذية يعملان معا. وإن النتائج التي توصلنا إليها تؤيد فكرة أن المحتوى الغذائي للبن الثدي هو المسئول عن الفروق التي توجد في نسبة الذكاء بين البشر. ولكنها ليست مجرد علاقة بسيطة بل تعتمد إلى حد ما على التكوين الجيني لكل طفل."
وخلال العقد الماضي بدأ العديد من صناع لبن الأطفال الصناعي في إضافة نوعين من الأحماض الدهنية غير المشبعة هما حمض DHA وحمض AA إلى منتجاتهم من الألبان الصناعية. ولكن الأطفال الذين شاركوا في الدراسة الجينية قد ولدوا في الفترة ما بين 1972 و 1973 في نيوزيلنداوالفترة ما بين 1994 و 1995 في انجلترا قبل أن تبدأ عملية إضافة الحمض الدهني إلى لبن الرضع الصناعي.
ولهذا فإن المحكمين مازالوا غير قادرين على تحديد هل الحمض الدهني غير المشبع المضاف إلى الألبان الصناعية قد أحدث اختلافا أم لا. ومع ذلك ففي معامل الاختبارات اتضح أن الحيوانات التي تعطى مكمل غذائي من الحمض الدهني تحقق نتائج أفضل في اختبارات التعلم والتذكر وحل المشكلات.
وقد أوضحت دراسات ماضية أن الأطفال الذين رضعوا رضاعة طبيعية كانوا أقل عرضة للإصابة بالربو والأمراض الجلدية وأمراض القلب والسمنة في حياتهم بعد ذلك.
وتقول "روزي دوديز" مستشارة الرضاعة الطبيعية في المجلس الوطني لولادة الأطفال في بريطانيا أن فوائد الرضاعة الطبيعية للأمهات والأطفال واضحة تماما. " ففي الشهور الأولى من عمر الطفل تؤدي الرضاعة الطبيعية إلى حمايته من أمراض الجهاز التنفسي والأمراض المعوية. والأمر يعود إلى النساء إما أن يخترن الرضاعة الطبيعية أو الرضاعة الصناعية ولكننا نلفت الانتباه إلى أن النساء لا يحصلن على الدعم والمعلومات الصحيحة. وإن معدلات الرضاعة الطبيعية منخفضة نسبيا في بريطانيا مقارنة مع أوروبا وأكثر انخفاضا مقارنة ببقية العالم."
ترجمة : محمد حامد
مصادر مختلفة
جــــــزاك اللـــــه خيـــــــــــــرا
</B></I>