تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » صلاة التراويح – وقفات فقهية

صلاة التراويح – وقفات فقهية 2024.

دار

صلاة التراويح – وقفات فقهية

د – خالد النجار

صلاة التراويح من العبادات التي تحمل الكثير من الذكريات الرمضانية الجميلة حيث الاجتماع والوحدة وسماع القرآن بأصوات ندية والدعاء والتضرع والقنوت.. وكثير من العبادات الروحانية والإيمانية الرائعة.


ولما كان مقصد العبادة الأعظم القبول عند الرحمن والتطلع إلى خير جزاء في رحاب الجنان تحتم على كل مخلص أن يلم بأحكامها وآدابها رجاء نيل بركتها وعظيم ثوابها غير منقوص، وتخليصها من البدع والآفات التي ربما تعصف بها بالكلية ويصير تعبنا هباء منثورا.


لذلك رأيت أن أجمع من دقيق المسائل وغوامض الأسرار الفقهية ما تمس إليه الحاجة راجيا النفع لي ولعموم المسلمين، والله المستعان وعليه التكلان.


• عن جابر رضي الله عنهما لما ذكر مواقيت صلاة النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: "والعشاء أحيانًا يؤخرها، وأحيانًا يعجل، إذا رآهم اجتمعوا عجل، وإذا رآهم أبطأوا أخر" [البخاري 1/141 ومسلم 646]

وقد اعتاد الناس في بعض البلاد تأخير صلاة العشاء في رمضان نصف ساعة أو نحوًا من هذا عن أول وقتها، حتى يفطر الناس على مهل ويستعدوا لصلاة العشاء والتراويح.
وهذا العمل لا بأس به، بشرط ألا يؤخر الإمام الصلاة إلى حد يشق على المأمومين.
والأولى في هذا الرجوع إلى أهل المسجد، والاتفاق معهم على وقت الصلاة، فهم أعلم بما يناسبهم.


• سميّ قيام الليل في رمضان بصلاة التراويح لأنّ السّلف رحمهم الله كانوا إذا صلّوها استراحوا بعد كلّ ركعتين أو أربع من اجتهادهم في تطويل الصلاة اغتناما لموسم الأجر العظيم وحرصا على الأجر المذكور في قوله – صلى الله عليه وسلم -: ﴿ مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ﴾ [رواه البخاري].


• إذا دار أمر صلاة التراويح بين الصلاة أول الليل مع الجماعة، وبين الصلاة آخر الليل منفردًا، فالصلاة مع الجماعة أفضل، لأنه يحسب له قيام ليلة تامة.

قال البهوتي في "دقائق أولي النهى" (1/2245):
وَالتَّرَاوِيحُ بِمَسْجِدٍ أَفْضَلُ مِنْهَا بِبَيْتٍ، لأَنَّهُ – صلى الله عليه وسلم – جَمَعَ النَّاسَ عَلَيْهَا ثَلَاثَ لَيَالٍ مُتَوَالِيَةً، كَمَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ، وقال – صلى الله عليه وسلم -: (مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ حُسِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ).

الراوي: أبو ذر الغفاري المحدث:الألباني – المصدر: صحيح النسائي – الصفحة أو الرقم: 1363
خلاصة حكم المحدث: صحيح


• ينبغي التنبيه على أن من قال من الأئمة بأن الانفراد في صلاة التراويح في البيت أفضل من الجماعة في المسجد إنما هو لمن كان يحفظ شيئًا من القرآن – أو القرآن كله – ويقوى على الصلاة في البيت ولا يخاف الكسل فتضيع عليه الصلاة، وأن لا تنقطع الجماعة في المسجد بانقطاعه، وهذا الشروط إن لم تتحقق فلا شك أن صلاة التراويح في المسجد جماعة أفضل عندهم.

وهناك شرط خاص وهو أن يكون المصلي في بيته منفردًا – مفضِّلًا له على الصلاة في الحرمين – من أهل الحرمين؛ فالقادم للحرم المكي – ومثله القادم للمدينة للصلاة في المسجد النبوي – لأداء العمرة لا ينطبق عليه أفضلية صلاة التراويح في بيته.


قال محمد الدسوقي المالكي – رحمه الله -:

"ندْب فعلِها في البيوت مشروط بشروط ثلاثة: أن لا تُعطل المساجد، وأن يَنشط لفعلها في بيته، وأن يكون غير آفاقي بالحرمين، فإن تخلف منها شرط:

كان فعلُها في المسجد أفضل" [حاشية الدسوقي (1 / 315 )].


• إذا فاتتك صلاة العشاء، وجئت والإمام يصلي التراويح، فالأولى أن تدخل خلفه بنية العشاء، فإذا سلم أتممت صلاتك، ولا تصل منفردا، ولا مع جماعة أخرى، حتى لا تقام جماعتان في وقت واحد فيحصل بذلك تشويش وتداخل في الأصوات.

لأن القول الراجح: أنه يجوز أن يأتمّ المفترض بالمتنفل بدليل حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاة العشاء ثم يرجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة، هي له نافلة ولهم فريضة.


قال الشيخ ابن عثيمين:
"إنما الذي أتوقف فيه: هو انتظارهم الإمام حتى يدخل في التسليمة الثانية [يعني الركعتين الأخريين]، ويتمون الصلاة معه:

فإن هذا أتوقف فيه؛ لأن الرسول – صلى الله عليه وسلم – يقول: (فما أدركتم فصلُّوا وما فاتكم فأتموا) فإن ظاهره: أن الإنسان يتم ما فاته مع إمامه وحده، يعني: ما ينتظر حتى يشرع الإمام في التسليمة الثانية، وإنما نقول: إذا سلَّم الإمام في الصلاة التي أدركتَه فيها: فأتِمَّ، ولا تنتظر حتى يدخل في صلاةٍ أخرى".
[فتاوى نور على الدرب].


وقد رجح النووي رحمه الله جواز ذلك حيث قال:
ولو صلَّى العشاء خلف التراويح: جاز، فإذا سلَّم الإمام: قام إلى ركعتيه الباقيتين، والأولى أن يتمها منفردًا، فلو قام الإمام إلى أخريين من التراويح، فنوى الاقتداء به ثانيًا في ركعتيه: ففي جوازه القولان فيمن أحرم منفردًا ثم نوى الاقتداء، والأصح: الصحة".


أما ما فاتك من التراويح فإن أردت الإتيان به، فإنك تشفع الوتر مع الإمام، ثم تصلي ما فاتك، ثم توتر.

ومعنى شفع الوتر مع الإمام: ألا تسلم معه في صلاة الوتر، بل تقوم وتأتي بركعة ثم تسلم.


• ثبت أن عمر لما جمع الصحابة على صلاة التراويح كانوا يصلون عشرين ركعة، ويقرؤون في الركعة نحو ثلاثين آية من آي البقرة، أي: ما يقارب أربع صفحات أو خمسًا، فيصلون بسورة البقرة في ثمان ركعات، فإن صلوا بها في ثنتي عشرة ركعة رأوا أنه قد خفف.


هذه هي السنة في صلاة التراويح، فإذا خفف القراءة زاد في عدد الركعات إلى إحدى وأربعين ركعة، كما قال بعض الأئمة، وإن أحب الاقتصار على إحدى عشرة أو ثلاث عشرة زاد في القراءة والأركان، وليس لصلاة التراويح عدد محدود، وإنما المطلوب أن تصلي في زمن تحصل فيه الطمأنينة والتأني، بما لا يقل عن ساعة أو نحوها.


• لا حرج في قراءة الإمام من المصحف في قيام رمضان، لما في ذلك من إسماع المأمومين جميع القرآن، ولأن الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة قد دلت على شرعية قراءة القرآن في الصلاة، وهي تعم قراءته من المصحف وعن ظهر قلب، وقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها أمرت مولاها ذكوان أن يؤمها في قيام رمضان، وكان يقرأ من المصحف، ذكره البخاري رحمه الله في صحيحه معلقًا مجزومًا به.


لكن لا ينبغي حمل المأموم للمصحف في صلاة التراويح.. قال الشيخ ابن باز: "لا أعلم لهذا أصلا، والأظهر أن يخشع ويطمئن ولا يأخذ مصحفا، بل يضع يمينه على شماله كما هي السنة، يضع يده اليمنى على كفه اليسرى الرسغ والساعد ويضعهما على صدره، هذا هو الأرجح والأفضل، وأخذ المصحف يشغله عن هذه السنن، ثم قد يشغل قلبه وبصره في مراجعة الصفحات والآيات وعن سماع الإمام، فالذي أرى أن ترك ذلك هو السنة، وأن يستمع وينصت ولا يستعمل المصحف، فإن كان عنده علم فَتَح على إمامه، وإلا فتح غيره من الناس، ثم لو قدر أن الإمام غلط ولم يُفتح عليه ما ضر ذلك في غير الفاتحة إنما يضر في الفاتحة خاصة؛ لأن الفاتحة ركن لا بد منها أما لو ترك بعض الآيات من غير الفاتحة ما ضره ذلك إذا لم يكن وراءه من ينبهه، ولو كان واحد يحمل المصحف على الإمام عند الحاجة فلعل هذا لا بأس به، أما أن كل واحد يأخذ مصحفا فهذا خلاف السنة".


وقال ابن عثيمين: حمل المصحف لهذا الغرض فيه مخالفة للسنة وذلك من وجوه:

الوجه الأول: أنه يفوت الإنسان وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى في حال القيام.

والثاني: أنه يؤدي إلى حركة كثيرة لا حاجة لها وهي فتح المصحف وإغلاقه ووضعه تحت الإبط.

والثالث: أنه يشغل المصلي في الحقيقة بحركاته هذه.

والرابع: أنه يفوت المصلي النظر إلى موضع السجود وأكثر العلماء يرون أن النظر إلى موضع السجود هو السنة والأفضل.

والخامس: أن فاعل ذلك ربما ينسى أنه في صلاة إذا لم يكن يستحضر قلبه أنه في صلاة، بخلاف ما إذا كان خاشعًا واضعًا يده اليمنى على اليسرى مطأطئًا رأسه نحو سجوده فإنه يكون أقرب إلى استحضار أنه يصلي وأنه خلف الإمام.

• من بدع صلاة التراويح الدعاء الجماعي بعدها، والوارد عن النبي – صلى الله عليه وسلم – بعد صلاة التراويح هو قول: سبحان الملك القدوس ثلاث مرات، ويرفع صوته في الثالثة.

فعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَقْرَأُ فِي الْوِتْرِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَإِذَا سَلَّمَ قَالَ: سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ، سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ، سُبْحَانَ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ، وَرَفَعَ بِهَا صَوْتَهُ؛ [صحيح النسائي/ الألباني (1653)].

ثم في صلاة الوتر سوف يقنت الإمام ويؤمن المصلون خلفه، كما كان يفعل ذلك أبي بن كعب رضي الله عنه لما صلى بالناس التراويح في عهد عمر رضي الله عنه، وهذا يغني عن إحداث هذه البدعة.

الكلمة التي يلقيها بعض الأئمة والوعاظ بين ركعات صلاة التراويح لا بأس به إن شاء الله، والأحسن أن لا يداوَم عليه، خشية أن يعتقد الناس أنه جزء من الصلاة، وخشية من اعتقادهم وجوبه حتى إنهم قد ينكرون على من لم يفعله.

• قال ابن عثيمين: وارتياد الإنسان المسجد من أجل حسن القراءة، واستعانته بحسن قراءة إمامه على القيام لا بأس به، اللهم إلا إذا خشي من ذلك فتنة، أو خشي من ذلك إهانة للإمام الذي حوله، مثل أن يكون هذا الرجل من كبراء القوم، وانصرافه عن مسجده إلى مسجد آخر يكون فيه شيء من القدح في الإمام، فهنا قد نقول: إنه ينبغي أن يراعي هذه المفسدة فيتجنبها.
[مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين (14/241، 242)].

• صلاة التراويح أربع ركعات أو أكثر بتسليمة واحدة دون الجلوس بين الركعتين ليس من السنة، قال الشيخ ابن باز:
"هذا العمل غير مشروع، بل مكروه أو محرم عند أكثر أهل العلم، لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: (صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى) متفق على صحته من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، ولما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يصلي من الليل إحدى عشر ركعة، يسلم من كل اثنتين، ويوتر بواحدة) متفق على صحته والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

وأما حديث عائشة المشهور: (إن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يصلي من الليل أربعاً، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن).. الحديث متفق عليه، فمرادها: أنه يسلم من كل اثنتين، وليس مرادها أنه يسرد الأربع بسلام واحد، لحديثها السابق، ولما ثبت عنه – صلى الله عليه وسلم – من قوله: (صلاة الليل مثنى مثنى) كما تقدم، والأحاديث يصدق بعضها بعضاً، فالواجب على المسلم أن يأخذ بها كلها، وأن يفسر المجمل بالمبين. [فتاوى إسلامية (2/156)].

• صلاة الوتر هي من صلاة الليل، ومع ذلك فهناك فرق بينهما.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "الوتر من صلاة الليل، وهو سنة، وهو ختامها، ركعة واحدة يختم بها صلاة الليل في آخر الليل، أو في وسط الليل، أو في أول الليل بعد صلاة العشاء، يصلي ما تيسر ثم يختم بواحدة ". [فتاوى ابن باز (11/309)].

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "والسنة قولاً وفعلاً قد فرقت بين صلاة الليل وبين الوتر، وكذلك أهل العلم فرقوا بينهما حكماً، وكيفية:

أما تفريق السنة بينهما قولاً: ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً سال النبي – صلى الله عليه وسلم – كيف صلاة الليل؟
قال: (مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة) [رواه البخاري].

وأما تفريق السنة بينهما فعلاً: ففي حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يصلي وأنا راقدة معترضة على فراشه، فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوتر.
[رواه البخاري]، ورواه مسلم (1/51) بلفظ: (كان يصلي صلاته بالليل وأنا معترضة بين يديه فإذا بقي الوتر أيقظها فأوترت).
وروى (1/508) عنها قالت: (كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها ).
وروى (1/513) عنها حين قال لها سعد بن هشام بن عامر: أنبئيني عن وتر رسول الله – صلى الله عليه وسلم -؟
قالت: (ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله ويحمده، ويدعوه، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يقوم فيصلي التاسعة، ثم يقعد فيذكر الله، ويحمده، ويدعوه، ثم يسلم تسليماً يسمعنا).

وأما تفريق العلماء بين الوتر وصلاة الليل حكماً:
فإن العلماء اختلفوا في وجوب الوتر، فذهب أبو حنيفة إلى وجوبه، وهو رواية عن أحمد ذكرها في "الإنصاف" و"الفروع"، قال أحمد: من ترك الوتر عمداً فهو رجل سوء ولا ينبغي أن تقبل له شهادة.
والمشهور من المذهب أن الوتر سنة، وهو مذهب مالك والشافعي.

وأما صلاة الليل فليس فيها هذا الخلاف، ففي "فتح الباري" (3/27): "ولم أر النقل في القول بإيجابه إلا عن بعض التابعين.
قال ابن عبد البر: شذ بعض التابعين فأوجب قيام الليل ولو قدر حلب شاة، والذي عليه جماعة العلماء أنه مندوب إليه ".

وأما تفريق العلماء بين الوتر وصلاة الليل في الكيفية: فقد صرح فقهاؤنا الحنابلة بالتفريق بينهما فقالوا: صلاة الليل مثنى مثنى، وقالوا في الوتر: إن أوتر بخمس، أو سبع لم يجلس إلا في آخرها، وإن أوتر بتسع جلس عقب الثامنة فتشهد، ثم قام قبل أن يسلم فيصلي التاسعة، ثم يتشهد ويسلم، هذا ما قاله صاحب "زاد المستقنع". [مجموع فتاوى ابن عثيمين (13/262-264)].

وبهذا يتبين أن صلاة الوتر من صلاة الليل، ولكنها تخالف صلاة الليل في بعض الفروقات، منها: الكيفية.

الأفضل في صلاة التراويح أن تُصلى إحدى عشرة ركعة، كما كان النبي – صلى الله عليه وسلم – يصلي في رمضان وغيره، فيصلي ركعتين ركعتين.. ثم يوتر بثلاث، ولو زاد المصلي عن إحدى عشر أو نقص فلا حرج عليه.

وأما الصفة المسئول عنها فهي إحدى صفات صلاة الوتر، فعن عائشة رضي الله عنها – وسئلت عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم – فقالت: (إن النبي – صلى الله عليه وسلم – كان َيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ لا يَجْلِسُ فِيهَا إِلا فِي الثَّامِنَةِ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يَنْهَضُ وَلا يُسَلِّمُ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّ التَّاسِعَةَ، ثُمَّ يَقْعُدُ فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا) [رواه مسلم (746)].

قال ابن القيم – في بيان أنواع قيام ووتر النبي صلى الله عليه وسلم -:
"النوع الخامس: تسع ركعات يسرد منهن ثمانيا لا يجلس في شيء منهن إلا في الثامنة، يجلس يذكر الله تعالى ويحمده ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة ثم يقعد ويتشهد ويسلم ثم يصلي ركعتين جالسا بعدما يسلم ". [زاد المعاد (1 / 317)].

وقد ظن بعض الناس أن هذه الأحاديث معارضة لما ثبت في الصحيحين من قول النبي – صلى الله عليه وسلم – (صَلاَةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى) وليس الأمر كذلك؛ لأن هذا الحديث وارد في صلاة قيام الليل، والصورة التي ذكرناها والواردة في السؤال إنما هي في صلاة الوتر.

قال ابن القيم رحمه الله بعد أن ساق أحاديث في أنواع وتره صلى الله عليه وسلم:
"وكلها أحاديث صحاح صريحة لا معارض لها، فَرُدَّتْ هذه بقوله – صلى الله عليه وسلم -: (صلاة الليل مثنى مثنى) وهو حديث صحيح، ولكن الذي قاله هو الذي أوتر بالتسع والسبع والخمس، وسننه كلها حق يصدق بعضها بعضا، فالنبي – صلى الله عليه وسلم – أجاب السائل له عن صلاة الليل بأنها (مَثْنَى مَثْنَى) ولم يسأله عن الوتر، وأما السبع والخمس والتسع والواحدة: فهي صلاة الوتر، والوتر اسم للواحدة المنفصلة مما قبلها وللخمس والسبع والتسع المتصلة، كالمغرب اسم للثلاث المتصلة، فإن انفصلت الخمس والسبع بسلامين كالإحدى عشرة كان الوتر اسما للركعة المفصولة وحدها، كما قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: "صَلاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ أَحَدُكُمْ الصُّبْحَ أَوْتَرَ بِوَاحِدَةٍ تُوتِرُ لَهُ مَا صَلَّى) فاتفق فعله صلى الله عليه وسلم وقوله، وصدَّق بعضُه بعضاً". [إعلام الموقعين (2 / 424، 425)].

وعلى هذا، فصلاة التراويح لا تصلى تسع ركعات متصلة بتشهدين وسلام واحد، وإنما الذي يُصلى كذلك هو صلاة الوتر.

• من السنة أن يقرأ في الركعة الأولى من ثلاث الوتر: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾
وفي الثانية: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾
وفي الثالثة: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ ويضيف إليها أحياناُ: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾ و ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾.

وله أن يصلي ركعتين (بعد الوتر إن شاء)، لثبوتهما عن النبي – صلى الله عليه وسلم – فعلاً بل قال – صلى الله عليه وسلم -: "إن هذا السفر جهد وثقل، فإذا أوتر أحدكم، فليركع ركعتين، فإن استيقظ وإلا كانتا له".
والسنة أن يقرأ فيهما: ﴿ إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ ﴾ و﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ﴾.

وثبت في صحيح مسلم (738) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها أن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – كان يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بعد الوتر وَهُوَ جَالِسٌ.
قال النووي رحمه الله: الصَّوَاب: أَنَّ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ فَعَلَهُمَا – صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بَعْد الْوِتْر جَالِسًا؛ لِبَيَانِ جَوَاز الصَّلَاة بَعْد الْوِتْر، وَبَيَان جَوَاز النَّفْل جَالِسًا، وَلَمْ يُوَاظِب عَلَى ذَلِكَ، بَلْ فَعَلَهُ مَرَّة أَوْ مَرَّتَيْنِ أَوْ مَرَّات قَلِيلَة.

وقال الشيخ ابن باز أيضاً في بيان الحكمة من صلاة النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – ركعتين بعد الوتر ما نصه: والحكمة في ذلك – والله أعلم – أن يبين للناس جواز الصلاة بعد الوتر.

• إذا كنت إماما وتريد أن تصلي التهجد بالليل، فإنه يجوز لك أن تصلي الوتر بالجماعة ثم تصلي بعد ذلك ما شئت من الركعات ركعتين ركعتين، ولا تعيد الوتر. ولك أن لا تصلي الوتر مع الجماعة، وتؤخر الوتر حتى يكون آخر صلاتك بالليل.
وعليك في هذا مراعاة الجماعة الذين يصلون معك، فإن كان لا يوجد أحد يصلي بهم الوتر غيرك، وعدم صلاتك بهم سيؤدي إلى تركهم للوتر أو لا يحسنون صلاته، فصلّ بهم الوتر.

دار

جزاكِ الله خيرا وبارك الله فيكِ

ادامك الله ذخرا للاسلام والمسلمين

اسال الله ان يحفظك ويسدد خطاكِ ويوفقكِ لما يحبه ويرضاه

دمتِ بود.

شكرا لك
على الموضوع القيم
لاعدمناك
دمتي بحفظ الله
ورعايته
دار

بارك الله فيك
جعله الله في ميزان حسناتك
موضوع وطرح أكثر من رائع بوكت جهودك المميزة
تقيمي
دمتي بحفظ الله ورعايته

2 فكرتين بشأن “صلاة التراويح – وقفات فقهية 2024.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.