وصف الجنة
إن قيمة الشيء تعرف بمعرفته ووصف الجنة مما لا تحيط به البصائر.
عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، قال: "شهدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا وصف فيه الجنة حتى انتهى ثم قال في آخر حديثه:
«فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر» ثم قرأ هذه الآية:
((تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ
* فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ))
[رواه مسلم].
وسأل الصحابة رضي الله عنهم النبي صلى الله عليه وسلم عن صفة الجنة فقال:
لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها
الملاط: ما يوضع بين اللبنتين المسك الأذفر وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت وتربتها الزعفران من
يدخلها ينعم ولا يبأس ويخلد ولا يموت ولا يبلى ثيابهم ولا يفنى شبابهم»
[رواه أحمد والترمذي والدرامي].


ما أعظمه من فوز
اختي أعريني سمعك قليلا: أرأيتِ وأنتِ في دار الدنيا إذا أتاكِ الخبر الذي تحبه فرحت وانبسطت أسارير وجهك،
وإذا كانت الفرحة عارمة كدت أن تخرج من جلدك،
فكيف اختي: بمن جاءته البشرى من ملائكة الرحمن أنه من أهل الجنة؟!
((إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ))
[فصلت: 30].
فما أحلاها من فرحة وما أسعدها من لحظات للمؤمنين


الخلود في الجنة
إن من منن الله تعالى العظيمة على أهل الجنة أن كتب لهم الخلود في جنانه، فإن الإنسان بطبعه لا يحب زوال النعمة؟
وكانت دار الدنيا دنيئة رخيصة لأن نعيمها زائل
((وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى))
[طه: 131].
لذلك إذا كان يوم القيامة نادى منادي الرب سبحانه وتعالى: «
إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبداً وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبداً وأن تشبوا فلا تهرموا أبداً وإن لكم
أن تنعموا فلا تبتئسوا أبداً فذلك قوله عز وجل:
((وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ))
[رواه مسلم].
فما أسعدها من لحظات للمتقين

اللذَّة الكبرى
اخواتي حبيباتي
بقيت لذَّة من أجلها شمر المشمرون واجتهد المجتهدون،
وتسابق لنيلها أصحاب الهمم العالية من أولياء الله،
لذَّة أنست أهل الجنة نعيمهم،
فما وجدوا بعدها لذَّة أعلى منها قال النبي صلى الله عليه وسلم :
((إذا دخل أهل الجنة الجنة يقول تبارك وتعالى
تريدون شيئًا أزيدكم" فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟! ألم تُدخلنا الجنة وتُنجِّنا من النار؟ قال: فيُكشف الحجاب،
فما أُعطوا شيئًا أحبَّ إليهم من النظر إلى ربِّهم تبارك وتعالى»
[رواه مسلم والترمذي].
وفي رواية: ثم تلا هذه الآية: }
لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ…
وقال تعالى:
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ
[القيامة: 22 – 23].


أخي الحبيبة: رؤية الله هي الغاية القصوى في نعيم الآخرة،
والدرجة العليا من عطايا الله الفاخرة، بلغنا الله منها ما نرجو"
[ابن الأثير/ جامع الأصول].
حبيباتي
شدوا الإزار لتبلغوا الدار،
دار تتمتَّعون فيها برؤية الرب تبارك وتعالى،،
وإياك أن تكون من المحجوبين؛
فإنَّ المؤمنين يرَون ربهم بحسب أعمالهم،
فأهل الدرجات العليا أكثر رؤية لربهم عزَّ وجل من غيرهم،
جعلنا الله وإياكم إخواتي من الفائزين برؤية الله تعالى،
في دار القرار ناعمين هانئين بلقياه.
متاع الدنيا قليل
اختي الحبيبة
رزقني الله وإياكِ حسن الخاتمة،
إنها الجنة،
وقد علمت ما فيها من الخير الكثير والنعيم الدائم،
فهي عزاء المؤمنين في الدنيا إذا عملوا لها، وبشراهم بعد الممات.
قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى
[النساء: 77]
ويكفي ذما للدنيا قوله صلى الله عليه وسلم
موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها
[متفق عليه].


حبيباتي
لا تغرَّنكم الدنيا،
وقد رأيتم فعلها بمن قبلكم،
فهل رأيتم نعيمًا دام فيها لأحد؟
وها هو الموت غادٍ ورائح،
والسعيد غدًا من بشَّرته ملائكة الرحمن بالجنان والنعيم المقيم،
والشقاء كلُّ الشقاء لمن بشَّرته ملائكة الرحمن بالنيران والعذاب المقيم، فهنيئًا لمن ودَّع الشقاء،
«وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين»،
وجمعني الله وإياكن اخواتي في جنانه ومنازل كرامته.
والحمد لله أولاً وأخيرًا، والصلاة على نبينا محمد وآله وصحبه وسلامه.

