تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » حقوق النبي علينا

حقوق النبي علينا 2024.

  • بواسطة
حقوق النبي – صلى الله عليه وسلم – علينا
حقوق النبي – صلى الله عليه وسلم – علينا
حقوق النبي – صلى الله عليه وسلم – علينا

دار

تفريغ محاضرة حقوق النبي – صلى الله عليه وسلم – علينا
للشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل

الخطبة الاولى

وجوب محبته


الحمد لله؛ هدانا صراطه المستقيم، ومنَّ علينا ببعثة سيِّد المرسلين؛ {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} [آل عمران: 164].
أحمده عددَ ما خلق، وملْء ما خلق، وأشكره عدد ما أحْصى كتابه، وملْء ما أحصى كتابه، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله، أنصح النَّاس للنَّاس، وأتقاهم لله؛ {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة: 128]، صلَّى الله وسلَّم وبارك عليْه، وعلى آله وأصحابه؛ آمنوا بالله ورسولِه وعزَّروه ونصروه واتَّبعوا النُّور الذي أنزل عليْه، أولئك هم المفلحون، الأنصار منهم والمهاجرون، والتَّابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أمَّا بعد:
فأوصيكم – أيها النَّاس – ونفْسي بتقوى الله – عزَّ وجلَّ – فاتَّقوه حقَّ التَّقوى واستمْسِكوا بالعروة الوثقى، واعلموا أنَّكم إلى ربكم راجِعون، وعلى أقوالكم وأفعالِكم محاسبون، فحاسِبوا أنفسكم قبل الحساب، وزِنوا أعمالَكم قبل الميزان؛ {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لاَ تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ} [الحاقة: 18].

أيُّها النَّاس:
اختار الله – تعالى – لهذه الأمَّة أفضلَ رسُله، واختار له من الأسماء ما يدلُّ على الحمد والثَّناء، فسمَّاه محمَّدًا، فهو – صلَّى الله عليه وسلَّم – محْمود عند الله تعالى، محمود عند ملائكته، محمود عند إخوانه المرْسلين – عليهم الصَّلاة والسلام – محْمود عند أهل الأرْض كلِّهم، وإن كفر به بعضهم؛ لأنَّ صفاتِه محْمودة عند كلِّ ذي عقْلٍ وإن كابر وجحد، فصدق عليْه وصفه نفسه حين قال – عليْه الصَّلاة والسَّلام -: ((أنا سيِّد ولدِ آدمَ يومَ القيامة ولا فخر، وأوَّل من تنشقُّ عنْه الأرض، وأوَّل شافع، بيدي لواء الحمد، تحته آدم فمَن دونه))؛ رواه ابن حبَّان.

أغاث الله – تعالى – به البشريَّة المتخبِّطة في ظلُمات الشِّرْك والجهل والخرافة، فكشف به الظُّلمة، وأذْهب الغمَّة، وأصلح الأمَّة، فهو الإمام المطْلق في الهدى لأوَّل بني آدم وآخرهم.

هدى الله تعالى به من الضلالة، وعلَّم به من الجهالة، وأرشد به من الغَواية، وفتح به أعيُنًا عمْيًا، وآذانًا صمًّا، وقلوبًا غلفًا، وكثَّر به بعد القلَّة، وأعزَّ به بعد الذلَّة، وأغنى به بعد العيلة.

عرّف الناسَ ربَّهم ومعبودَهم غايةَ ما يمكن أن تناله قُواهم من المعرفة، ولم يدَع لأمَّته حاجة في هذا التَّعريف، لا إلى من قبله، ولا إلى مَن بعده، بل كفاهم وشفاهم، وأغناهم عن كلِّ مَن تكلَّم في هذا الباب؛ {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [العنكبوت: 51]، وعرَّفهم الطَّريق الموصِّلة إلى ربِّهم ورضوانه، ودار كرامته، ولم يدَع – صلَّى الله عليه وسلَّم – حسنًا إلاَّ أمر به، ولا قبيحًا إلاَّ نَهى عنْه.

وعرَّفهم حالهم بعد القدوم على ربِّهم أتمَّ تعريف، فكشف الأمر وأوضحه، ولم يدَعْ بابًا من العِلم النَّافع للعباد، المقرِّب لهم إلى ربِّهم إلاَّ فتحه، ولا مشكِلاً إلاَّ بيَّنه وشرحه، حتَّى هدى به القلوبَ من ضلالها، وشفاها به من أسْقامها، وأغاثها به من جهْلِها، فأيّ بشرٍ أحقّ بأن يُحب؟! جزاه الله عنَّا وعن أمَّته أجْمعين أفضل الجزاء.

محبَّته – عليه الصَّلاة والسَّلام – واجبةٌ على كلِّ مسلم؛ إذْ هي من محبَّة الله تعالى، وكذَب مَن زعَمَ أنَّه يُحب الله – تعالى – وهو لا يحبُّ خليلَه وصفيَّه من العالمين، محمَّدًا – عليْه الصَّلاة والسَّلام.

إنَّ محبَّة الله ورسولِه من أعظم واجبات الإيمان، وأكبر أُصوله، وأجلّ قواعده، بل هي أصْل كلِّ عملٍ من أعمال الإيمان والدين، كما أنَّ التَّصديق أصلُ كلِّ قول من أقْوال الإيمان والدِّين.

دلَّ على ذلك نصوص الكتاب والسنَّة، وأطبقت عليه الأمَّة؛ {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الفَاسِقِينَ} [التوبة: 24]، فالآية نصٌّ على أنَّ محبَّة الله – تعالى – ومحبَّة رسوله – صلَّى الله عليه وسلَّم – يَجب أن تقدَّم على كلِّ محبوب مهما كان.

قال القاضي عياض – رحِمه الله تعالى -: "كفى بِهذا حضًّا وتَنبيهًا، ودلالة وحجَّة على إلزام محبَّته، ووجوب فرضِها وعِظَم خطرِها، واستِحقاقه لها – صلَّى الله عليه وسلَّم – إذ قرَّع الله مَن كان مالُه وأهله وولده أحبَّ إليْه من الله ورسوله، وتوعَّدهم بقوله تعالى: {فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ}، ثمَّ فسَّقهم بتمام الآية، وأعلَمَهم أنَّهم ممَّن ضلَّ ولَم يهده الله تعالى".

وهذه المحبَّة العظيمة للنَّبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – لازمُها أن يكون النَّبيُّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – أوْلى بالمؤْمِن من أيِّ أحدٍ من النَّاس مهْما كان قربه منه ومحبَّته له، بل هو – صلَّى الله عليْه وسلَّم – أوْلى بالمؤمن من نفسِه التي يحبُّها أعظم المحبَّة، ويقدِّمُها على كل شيء.

روى الشَّيخان من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: ((ما من مُؤْمِنٍ إلاَّ وأنا أَوْلَى النَّاس بِهِ في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اقرؤوا إن شِئْتُمْ: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ}))، وروى مسلم من حديث جابر – رضِي الله عنْه – عن النَّبيِّ – صلَّى الله عليْه وسلَّم – أنَّه قال: ((أنا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ من نَفْسِهِ)).

إنَّ المحبَّة الكاملة للنَّبيِّ – صلَّى الله عليْه وسلَّم – الَّتي ينجو بها العبدُ من العذاب، ويستحقُّ عليها النَّعيم – يجب أن تتجاوز محبَّة المؤمن لنفسه، وتتخطَّى محبَّته لوالديْه وأهلِه وأولاده وأمواله.

ففي شأن تقْديم محبَّته – صلَّى الله عليْه وسلَّم – على محبَّة الأمِّ والأب، والزَّوجة والولد، وكلّ محبوب سوى الله تعالى – ورد الخبرُ عن أنسٍ – رضِي الله عنْه – قال: قال النَّبيُّ – صلَّى الله عليْه وسلَّم: ((لا يُؤْمِنُ أحدُكم حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِه))؛ متَّفق عليْه.

وفي شأن تقْديم محبَّته على محبَّة النَّفس، روى البُخاري من حديث عبدالله بن هشام – رضِي الله عنْه – قال: كنَّا مع النبيِّ – صلَّى الله عليْه وسلَّم – وهُو آخِذٌ بِيَدِ عُمَرَ بن الخَطَّابِ، فقال له عُمَرُ: يا رَسُولَ اللَّه، لأَنْتَ أَحَبُّ إليَّ من كل شَيْءٍ إلاَّ من نَفْسِي، فقال النَّبيُّ – صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((لا وَالَّذِي نَفْسِي بيده، حتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ من نَفْسِكَ))، فقال له عُمَرُ: فإنَّه الآنَ والله لأَنْتَ أَحَبُّ إليَّ من نَفْسِي، فقال النَّبيُّ – صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الآنَ يا عُمَرُ))؛ أي: الآن عرفت فنطقت بما يجب.

وإذا حقَّق المؤمن هذه المحبَّة للرَّسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – واستولتْ محبَّته على قلبِه فقدَّمه على كلِّ محبوب، قطف ثمرة ذلك بحلاوة يجدُها في قلبه، وأنس كبير يَجتاح نفسه، لا يناله بِجاه، ولا يشتريه بمال، ولا يتحصَّل عليه العبد إلاَّ باستيلاء محبَّة الله ورسوله على قلبه؛ كما قال النَّبيُّ – صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((ثَلاثٌ من كُنَّ فيه وَجَدَ حَلاوَةَ الإيمَانِ: أنْ يَكُونَ الله وَرَسُولُه أَحَبَّ إليه مِمَّا سِوَاهُمَا، وأنْ يُحِبَّ المَرْءَ لا يُحِبُّهُ إلاَّ لله، وأنْ يَكْرَهَ أنْ يَعُودَ في الكُفْرِ كما يَكْرَهُ أنْ يُقْذَفَ في النَّارِ))؛ رواه الشيخان.

وبهذه المحبَّة الخالصة للرَّسول – صلَّى الله عليه وسلَّم – ينال العبد شفاعتَه، ويُحشر في زمرته، ويُرافقه في الجنَّة؛ كما روى أنس – رضِي الله عنه – فقال: جاء رَجُلٌ إلى رسول اللَّهِ – صلَّى الله عليه وسلَّم – فقال: يا رَسُولَ اللَّه، مَتَى السَّاعَةُ؟ قال: ((وما أعْدَدْتَ لِلسَّاعةِ؟)) قال: حُبَّ اللَّهِ ورَسُولِه، قال: ((فإنَّكَ مع من أحْبَبْتَ))، قال أنَسٌ: فما فَرِحْنا بَعْدَ الإسْلامِ فَرَحًا أشَدَّ من قَوْلِ النَّبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – ((فإنَّكَ مع من أحْبَبْتَ))، قال أنَسٌ: فأنا أُحِبُّ اللَّهَ ورَسُولَهُ وأبا بَكْرٍ وعُمَرَ، فأرْجُو أنْ أكُونَ مَعَهُمْ وإنْ لم أعْمَلْ بِأعْمَالِهِم؛ رواه البُخاري ومسلم.

ولا يظنَّن ظانٌّ أنَّ هذه المحبَّة لا يحقِّقُها إلاَّ الصَّحابة – رضِي الله عنْهم – أو أهل القرون المفضَّلة، فييْئس من تحْقيقها، ويقصِّر في تحصيلها؛ فإنَّها وإن كانت في أهل الصَّدر الأوَّل من الإسلام أكثر منها في غيرِهم، إلاَّ أنَّ أفرادًا من متأخِّري هذه الأمَّة يحقِّقونَها، ويقدِّمون محبَّة الله تعالى ومحبَّة رسولِه – صلَّى الله عليه وسلَّم – على كلِّ محبَّة، وودُّوا لو فدَوا النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – بأرواحهم، ويتمنَّون رؤيته بأهلِهم وأموالِهم؛ كما روى مسلم من حديث أبي هريرة – رضِي الله عنْه – أنَّ رسولَ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – قال: ((مِن أشَدِّ أُمَّتِي لي حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي، يَوَدُّ أحَدُهُمْ لو رَآنِي بِأهْلِه ومَالِه)).

فنسأل الله – تعالى – أن يجعلنا منهم، وأن يَملأ قلوبَنا محبَّة لله تعالى، ولرسولِه – صلَّى الله عليه وسلَّم – ولِما يحبه الله ورسولُه، آمين يا ربَّ العالمين.

وأقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم.

دار
الخطبة الثانية

الحمدُ لله حمدًا طيِّبًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحبُّ ربُّنا ويرْضى، أحمده وأشكُره، وأتوبُ إليْه وأستغْفِره، وأشهد أن لا إلهَ إلاَّ الله وحْده لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله وسلَّم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابِه، ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.

أمَّا بعد:
فاتَّقوا الله – عباد الله – وأطيعوه؛ {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} [البقرة: 281].

أيُّها المسلمون:
محبَّة النَّبيّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – قربةٌ وعبادة يتقرَّب بها المؤمن لله تعالى، والعبادة التي أرادها الله تعالى ويحبُّها ويرضاها من العبد هِي ما ابتُغِي به وجْهه – عزَّ وجلَّ – وكانت على الصِّفة التي شرعها في كتابِه العظيم، وعلى لسان نبيِّه الكريم – صلَّى الله عليه وسلَّم – فعِمادها الإخلاص لله تعالى، ومُتابعة رسولِه – صلَّى الله عليْه وسلَّم.

فأمَّا الإخلاص في الأعمال، وابتِغاء وجه الله بها، فهو مقتضى شهادة أن لا إلهَ إلاَّ الله؛ لأنَّ معناها: لا معْبود بحقٍّ إلاَّ الله – سبحانه وتعالى.

وأمَّا متابعة النَّبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – فهِي مقتضى الشهادة بأنَّ محمَّدًا رسول الله، ولازم من لوازمها؛ إذ معنى الشهادة له بأنَّه رسولُ الله حقًّا: طاعتُه فيما أمر، وتصْديقه فيما أخبر، واجتِناب ما عنْه نهى وزجر، وأن لا يعبد الله تعالى إلاَّ بِما شرع – صلَّى الله عليه وسلَّم.

فمن حقَّق ذلك فقد حقَّق كمال المحبَّة للنَّبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – وكمال تعظيمِه، وغاية توْقيره.

وأيّ تعظيم أو توْقير للنَّبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – لدى مَن شكَّ في خبره، أو استنْكَفَ عن طاعته، أو ارتكب مُخالفتَه، أو ابتدع في دينه وعبدَ الله تعالى من غير طريقه؟!

وكثيرٌ ممَّن ضلُّوا في هذا الباب يعبدون الله تعالى بمحْض أهوائهم، ويعبِّرون عن حبِّهم للنَّبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – بما لا يحبُّه الله ورسوله من الأقوال والأفعال، ومن ذلك: ما يفعلُه كثيرٌ من المسلمين في هذا الزَّمن من الاحتِفال بالمناسبات النبويَّة: المولد والإسراء والهجرة ونحوها، وجعْل الأيَّام الموافقة لها من كلِّ عامٍ موسِمًا وعيدًا يَجتمعون فيه لتذاكُر أحْوال النَّبيِّ – صلَّى الله عليْه وسلَّم – وتلاوة سيرته، وإلقاء القصائد في مديحه، وإطرائه على نحوٍ يُخالف سنَّته الَّتي جاء فيها قوله – عليْه الصَّلاة والسَّلام -: ((لا تُطْرُونِي كما أطْرَت النَّصَارَى ابن مَرْيَمَ؛ فإنَّما أنا عَبْدُهُ، فَقُولُوا: عبد الله ورَسُولُه))؛ رواه البخاري.

وقد أمرنا – صلَّى الله عليه وسلَّم – بلزوم سنَّته، واتِّخاذ طريقتِه وطريقة خلفائه الرَّاشدين المهديِّين من بعده، وأوصانا بذلك؛ فقال – عليه الصَّلاة والسَّلام -: ((فعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وسُنَّةِ الخُلَفاءِ المَهْدِيِّينَ الرَّاشِدينَ، تَمَسَّكُوا بها وعَضُّوا عليها بِالنَّوَاجِذِ، وإيَّاكُمْ ومُحْدَثَاتِ الأمُورِ؛ فإنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ))؛ رواه أبو داود.

ولا يشكُّ كلُّ مطَّلع على سنَّة النَّبيِّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – قارئٍ لسيرتِه، وسيرة خلفائه الرَّاشدين من بعده، لا يشكُّ أنَّ هذه الاحتِفالات بمولده أو إسرائه أو هجْرته – عليْه الصَّلاة والسَّلام – محدثة بعد زمنِه وزمن خلفائه من بعده – رضِي الله عنْهم – وفيها من المخالفة لسنَّته وسيرته ما فيها، وإن رأى أصحابُها خلافَ ذلك؛ جهْلاً منهم أو هوى، ولو كان منهم مَن يُحبُّ النَّبيَّ – صلَّى الله عليه وسلَّم – حقيقةً فإنَّهم قد أخطؤوا الطَّريق في تعْبيرهم عن هذه المحبَّة، والصَّواب في ذلك اتِّباع سنَّته – صلَّى الله عليه وسلَّم – واجتِناب ما أحدثه النَّاس عن جهل أوهوى؛ {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الكَافِرِينَ} [آل عمران: 31، 32]، {مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} [النساء: 80]، {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ} [الحشر: 7].

وصلُّوا وسلِّموا على نبيِّكم كما أمركم ربُّكم بذلك…

دار



حقوق النبي – صلى الله عليه وسلم – علينا
حقوق النبي – صلى الله عليه وسلم – علينا
حقوق النبي – صلى الله عليه وسلم – علينا

مشكووووووره والله يعطيك الف عافيه

دار

محاضرة راااائعه
جزاكِ الله خيرا على نقلكِ المميز
وبارك فيك
لا عدمناااكِ

انارتن موضوعي لاعدمتِ طلتكنّ دوما ً
عليه افضل الصلاة والسلام
بارك الله فيكِ
وكتب لكِ الاجر
نفع الله بكِ وبما قدمتِ..~

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.