بأن التركمان هم شعبة مهمة من شعب الأتراك و وأما كلمة تركمان كإسم, فقد لازم تاريخيا
مجموعتين شهيرتين من القبائل التركية و هي قبائل ( الأوغوز Oghuz ) و كذلك القارلوق
(Karluk ).
ماننده Turk*manand ) وتعني "أشباه الترك" لأنهم كانوا أقرب الأتراك شبها بالايرانيين
من حيث الملامح و السمات.
ويؤيد هذا الرأي من العلماء المحدثين المؤرخ الغربي غولدن الذي يرى ان كلمة تركمان هي
للاشارة الى تلك الكتلة من الشعوب التركية التي تحولت للاسلام.
على أن كلمة تركمان – كما هو متداول اليوم – تكاد تنحصر اليوم في قسم من الأتراك الأوغوز
الذين لا يزالون يعيشون في تشكيلات قروية أو ريفية (ضياع وقرى) شبيهة بحياتهم الأولى
التي كانوا عليها في بلاد التركستان.
الأوغوز أي أنهم تركمان و لكنهم أغرقوا في الحياة المدنية الحضرية فأصبحوا يدعون
بالأتراك.
تعتبرسوريا، شأنها، شأن شقيقتها وجارتها العراق، بلد متعدد القوميات والطوائفوالمذاهب،
يتعايش فيه إلى جانب القومية الأساسية العربية العديد من القوميات الاخرى مثل الكردية و
التركمانية والاشورية والسريان والارمن والشركس والداغستانيين والشيشان وقليل من
اليهود و البوسنيين.
يميز السوريين بين التركمان وبين الأتراك ,حيث يعتبرون التركمان الذين يعيشون في المدن
أتراكاوالذين يعيشون في القرى والارياف تركمانا.
وعلى هذا الاساس فأن التركمان فيسوريا ينقسمون الى نوعين:
1-التركمان الذين يقطنون في المدن الكبيرة مثل حمص وحلب و دمشق و حماه. يعتبرهم
السوريون اتراكا، وهم في الواقع أسر تركمانية أصيلةأستعربت معظمها بسبب التزاوج
والاندماج والانصهار مع اشقائهم واخوانهم العرب
2-أما الاسر التركمانية التي تعيش في القرى والارياف المنتشرة في الربوع السورية، وخاصة
القرى المنتشرة حول المدن، حلب و اللاذقية و حمص وحماة، يطلق عليهم السوريونصفة
التركمان. رغم مرور الزمان ومحاولات التعريب، بقيت قسم كبير من هذه القرى قرىتركمانية
خالصة الى الان. و تحول قسم اخر الى قرى مختلطة، يسكنها التركمان و العربوالأكراد و
البدو.
يتركز تواجد التركمان بنسب عالية في المدن الكبيرة مثل ، حلبو حمص و حماه والعاصمة
دمشق و اللاذقية. بيد أن معظم العوائل التركمانية التياستقرت في هذه المدن، قد نسيت أو
تناست أصولها القومية بسبب الاختلاطوالتزاوج والاندماج والانصهار بمرور الزمن. ورغما
عن هذة الحقيقة، ما يزال هناكعوائل تركمانية كثيرة، في هذه المدن، تتحدث اللغة التركمانية
وتعتز بأصولها القومية وتتسمى بأسماء عوائلها الكبيرة والعريقة كعائلة العماد حسن
تركماني وزير الدفاع الحالي.
ولا يخفى ان هناك عوامل و أسباب كثيرة أخرى، كانت عاملا مساعداً لنسيانكثير من العائلات
التركية والتركمانية لأصولهاالاثنية، ومن بين تلك العوامل والاسباب :
1-يتميز التركمان بالشفافية وعدم التعصب القومي الشوفيني.
2-منهجية التعريب ومحاولات طمس تاريخ الشعب التركمانيفي بلاد الشام، وتجاهل دورهم
البطولي في الدفاع عن ثغورها والذود عنها و تحريرالاجزاء التي كانت تحت الاحتلال
الفرنجي. فيلاحظ ان المناهج الدراسية لاتذكر، لامنقريب ولا من بعيد، الدور الكبير الذي لعبه
الأتراك والتركمان، جنبا الى جنب اخوانهم العرب والاكراد، في التاريخ المجيد لهذا البلد
العظيم، وفي خدمة الإسلام والمسلمين،في حقبة كانت تعتبر من احلك الحقبات في التاريخ
العربي الاسلامي، قتامةً وتدهورا. نعني بها حقبة الاحتلال الصليبي لبلاد الشام وبيت
المقدس.
فلن يجد القارىء أوالتلميذ، اية اشارة في الكتب المدرسية في سوريا، الى أن البخاري و
الخوارزمي و الفارابي كلهم من أصول تركية. ولاتذكر أن أبطالتحرير بيت المقدس هم من
الاتراك والاكراد امثال : البطل نور الدين الزنكي التركمانيو قطز التركماني و الظاهر بيبرس
التركماني و البطل المغوار صلاح الدين الايوبي أنهكردي. هؤلاء الابطال حرروا ديار العرب
والمسلمين وفلسطين من الصليبيين وقدموا ألاف الشهداء في سبيل الدفاع عن ثرى بلاد
الشام، اليس منباب الوفاء ان يذكر كتب التاريخ المدرسية من هم هؤلاء؟ وماذا كان دورهم؟.
أن الذي لايعرف تاريخ امته يبقى طفلا ابد الدهر كما يقول الكاتب محمد حسنين هيكل.
ان انتشار التركمان في المدن السورية كحلب ودمشق وحمص واضح وجلي فيها من
خلالملاحظة البنية الديموغرافية لأهالي هذه المدن، فأن معظم اهالي هذه المدن يشبهونالاتراك
الى حد كبير بسب التزاوج بين التركمان والاتراك والطبقات الغنية من اسر تلكالمدن. وفي
الحقيقة ان هناك عوائل تركمانية موسرة وغنية عديدة، في المدن الكبيرة ،ويمثلون الطبقة
الغنية المترفة والمتعلمة، بسبب نشاطاتهم الاقتصادية والتجارية،وتبوئهم مناصب حكومية
كبيرة
يعتنق التركمان السوريون الدين الإسلامي، وهم يتكلمون اللغة التركية التي تعتبر لغتهم الأم
و الأساسية ويجيدون اللغة العربية. نبغ من بينهم الشعراء والكتاب والمفكرين والسياسيين
كبار.. يميل التركمان الى الاندماج في الحياة العامة بحكم شفافيتهموانفتاحهم وتفاعلهم مع
المجتمعات التي يعيشون فيها. أما من الناحية الاجتماعية، فأنتأثير التركمان ، في الحياة
الاجتماعية السورية واضح وجلي، من خلال استخدامالمفردات اللغوية التركية في اللهجة
العامية الشامية، بالاضافة الى العاداتوالتقاليد التركية التى اصبحت جزءً من الحياة اليومية في
البلاد، وان معظمالمأكولات والحلويات الشامية اللذيذة تركية المنشأ والمواصفات والاسم.
. فمن أشهر العائلات التركية في مدينة حمص هي عائلة الباشا مصطفى بن حسين
التركماني،ويلقبون حاليا بلقب الحسيني وعائلة حسام الدين ( الحسامي) وعائلةالصوفي
وعائلة الوفائي..فمن اشهرالعائلات في مدينة حلب هي عائلة كال محمد مصطفىباشا من
عشيرة الحاج علي الذين يقطنون في قرية سلوى ومنهم الحاج نعسان اغا ابن كالمحمد
والاستاذ فاروق مصطفى عضو اتحاد الكتاب العرب وعضو في اللجنة المركزية لحزبالاتحاد
الاشتراكي في سورية ومن اشهر العوائل التركمانية في دمشق ، عائلةالعظمة، و اليها
ينتسب الشهيد يوسف العظمة و عائلة القباني ( اقبيق) التي ينتسبإليها كلاً من أبي خليل
القباني و الشاعر الكبير نزار القباني ولعل ابرز الشخصيات التركمانية في سوريا في الوقت
الحاضر هي وزير الدفاع السوري العماد حسن التركماني.
ومن الصفات الاخرى التي يتميز بها التركماني هو احترام الآخر ، و تظهر بشكل واضح لدى
عادات التركمان التي توارثوها ابا عن جد، فالتركماني ينشىْ اولاده منذ الصغرعلى حب
الوطن و احترام الكبير، والوفاء للصديق وعدم المهابة من العدو. ويقال بأنهذه المبادىء
منقولة من شريعة جينكيز خان المسمى ( الياسا أو نزادق)
هذا ويسكن عدد كبير من التركمان في محافظة اللاذقية فتراهم يتوزعون في أم الطيور و راس
البسيط و برج اسلام و صليب التركمان و البدروسية و غيرها .
لاتوجد احصائية رسمية حسب التصنيف العرقي للسكان في سوريا.الا ان الاعتقاد سائدبانهم
يشكلون الاقلية القومية الثالثة في سوريا ويقدر عدد نفوسهم ما يقارب 700000 نسمة. ولم
تعترف بهم الحكومة السورية كقومية كان لها دور بارز في تاريخ سوريا،وانما جرى
تهميشهم والعمل على اذابتهم في المجتمع السوري . نجحت الحكومة في مسعاهانجاحا كبيرا.
نعم أن تركمان سوريا هم اقلية، تجمعها مع أخوانهم العرب والاكراد وغيرهم من
مواطنيسوريا رابطة حب سوريا وروابط القرابة والدم، وانهم جزء لايتجزأ من النسيج
الاجتماعيلسوريا وشعبها العريق والدفاع عنه في الملمات والمحن. ان الشعب التركماني
معروفبوفائه وعدم تصيده في الماء العكر فانهم خير سند لهذه البلاد العريقة. ونعتقد أن
ترسيخ
مفهوم وروح المواطنة السورية دون تمييز، هو صيانة وتعزيز الوحدة الوطنيةللشعب
السوري، أرضا وشعبا وكيانا، وينبغي أن تعزز هذه القوميات والأديان والطوائف والمذاهب
الوحدة الوطنية السورية وتكون عناصر قوة لبناء وطن على قاعدة المساواة بين كافة مواطنيه.