من الأخطاء في العبادة ما يلي :
إهمالها كلية : ومن كان هذا حاله – نسأل الله العافية – فهو معرض نفسه للخطر العظيم فإن كان ما أهمله الصلاة فقد خرج من دين الإسلام وأن حافظ على الصلاة وأهمل غيرها فقد عرض نفسه للخطر
فإن حافظ على الفرائض وأهمل النوافل فهذا نقول له :
لن يحاسبك الله إلا على الفرائض ولكن هل تضمن سلامة الفرائض التي تؤديها من النقص ؟ هل تضمن أنها ستكتب لك كاملة ؟
إنك بحاجة إلى ما يسد نقص الفرائض
التقصير في العبادة : بمعنى أنه يؤدي بعض العبادات ويترك بعضها أو يتهاون فيها فهذا لم يتركها بالكلية وإنما ترك بعضها أو تهاون فيها وهذا أيضا إن كانت العبادة المتروكة الصلاة فقد كفر
وإن كان غيرها فهو على خطر
أداؤها بدون خشوع : ليس المقصود من العبادة مجرد الحركات الظاهرة التي تمارسها الجوارح دون أن يكون لها تأثير في الباطن ودون أن تؤدي مقتضاها وإنما المقصود هو عمل القلب من الخشوع والتذلل وبذلك
تحصل التقوى التي هي أعظم مقاصد العبادة
وإذا كان الخشوع والتقوى ضعيفا فمعنى هذا أن العبادة لم تؤد بالشكل الصحيح ولم تؤد مقتضاها ومن أعظم ما نعانيه في أداء العبادة هو عدم حضور القلب فتجدنا نبدأ بالعبادة ثم ننتهي دون أن نعرف ماذا قلنا
ثم بعد الصلاة نذكر الأذكار الواردة ونرددها كترديد الببغاء دون تفكر أو تمعن لمعانيها أو حضور القلب عند قراءتها
قصر العبادة في المناسبات : يظن بعض الناس أن العبادة محصورة في مناسبة معينة كرمضان مثلا فتجد في رمضان الإقبال على المساجد , وقراءة القرآن , والصدقة , وهذا شيئ محمود ولكن هل هذا مقصور على رمضان فقط ؟
بئس القوم لا يعرفون الله إلا في رمضان فرب رمضان رب غيره من الشهور
إنك تتألم حينما يصوم المسلم ويصلي في رمضان ثم ما إن يعلن العيد حتى يعلن هو عن عصيانه وتمرده على الله فيقضي إجازة العيد في المعاصي والمنكرات
أو عبادة الله تكون في رمضان فقط ؟
نعم هناك مناسبات ينبغي اغتنامها بمزيد من العبادة كرمضان ونحوه ولكن لا يعني هذا أن العبادة تكون في هذه المناسبة فقط
قصر العبادة على الشعائر التعبدية فقط : وينسى العبادة بمفهومها الشامل الواسع ولذا تجده يقصر في جوانب كثيرة كالمعاملة , وحسن الخلق , وصنع المعروف , وحسن العشرة مع الزوجة والأهل والأقارب وغيرها
لأنه لم يفهم العبادة بمعناها الشامل بل حصرها في الصلاة والصوم والذكر والقراءة ونحوها من الشعائر التعبدية
وكذلك المرأة تقصر في خدمة زوجها وحسن تبعلها له مع أنها ملتزمة لأنها تشعر أن هذا عبادة , بعض الآباء يتصدق على أقاربه بل وأولاده لأنه لا يشعر أن النفقة على هؤلاء عبادة
الغلو وعدم الرفق : يدخل الشيطان للإنسان من الباب الذي يحب فإذا رأى من الإنسان إعراضا عن العبادة زهده فيها وثقلها عليه وإن رأى إقبالا وحبا لله حاول به أن يدفعه إلى الغلو والتنطع أو الابتداع
ومن الأخطاء في العبادة الغلو وعدم الرفق ولا شك أن الغلو غير محمود ومنهي عنه يقول صلى الله عليه وسلم : { خذوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا }
ويقول صلى الله عليه وسلم :{ إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيئ من الدلجة } { إياكم والغلو في الدين }
وأنكر على من أراد التبتل وترك النوم والفطر وتزوج النساء
ولكن لا يختلط علينا نتساهل في العبادة ونتركها أو نترك بعضها بحجة عدم الغلو هذا غير صحيح
الغلو أيها الإخوة أن تتجاوز الحد المشروع وأما اجتهادك في حدود المشروع فليس غلوا مثال ذلك : لا نقول لمن يصوم ثلاثة أيام من الشهر , أو من يختم القرآن في كل أسبوع , إنك غلوت وشددت على نفسك لا نقول له ذلك مادام قادرا على هذا العمل
لأنه لم يتجاوز الحد المشروع
الحد المشروع هنا يصوم يوما ويفطر يوما ويختم كل ثلاثة أيام فإن زاد على ذلك فقد تجاوز الحد
ففرق بين الاجتهاد في العبادة في حدود الطاقة وحدود المشروع وبين الغلو الذي هو مجاوزة للحد المشروع
يبقى عندنا إشكال وهو أننا نقرأ عن بعض السلف أنهم كانوا يشددون على أنفسهم في العبادة فما توجيه ذلك ؟
أقول : العبرة والقدوة بما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن كان مستنا فليستن بسنته صلى الله عليه وسلم وقد كان الاتقى والأخشى لله
فلا يقتدى بمن خالف هديه صلى الله عليه وسلم ولكن يمكن أن نلتمس العذر لأولئك في أنهم التزموا أشياء سهلة بالنسبة لهم لا تشق عليهم
والمشقة تتفاوت بين الناس فما كان شاقا على شخص لا يكون شاقا على غيره أو أنهم لم يفعلوا ذلك على سبيل الدوام أي لم يداوموا عليه
من أجمل ما قرأت ونقلته لكم
موضوع مهم
سلمت يداكِ
..
وبارك في جهودكِ
أسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل
وان يثبتنا على الحق ما حيينا
ورزقتي الفردوس الاعلي
وجعل كل ما يخطه قلمك في ميزان حسناتك