آثار المعاصي, وعقوباتها:
جاء في كتاب الجواب الكافي لابن القيم, رحمه الله , ما مختصره:
وللمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة, المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة مالا بعلمه إلا الله.
1. حرمان العلم, فإن العلم نور يقذفه الله في القلب, والمعصية تطفئ ذلك النور.
2. وحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله لا يوازنها ولا يقارنها لذة أصلا ولو اجتمعت له لذات الدنيا بأسرها لم تف بتلك الوحشة وهذا أمر لا يحس به إلا من في قلبه حياة.
3. الوحشة التي تحصل بينه وبين الناس, وبالاخص أهل الخير. ويقرب من حزب الشيطان بقدر ما بعد من حزب الرحمن فتراه مستوحشا من نفسه.
4. تعسير أموره فلا يتوجه إلى أمر إلا ويجده مغلقا دونه, أو متعسرا عليه, ويا للعجب؟ كيف يجد العبد أبواب الخير والمصالح مسدودة عنه متعسرة عليه وهو لا يعلم من أين أتى؟؟
5. ظلمة يجدها في قلبه حقيقة يحس بها كما يحس بظلمة الليل البهيم إذا ادلهمّ, فتصير ظلمة المعصية لقلبه كالظلمة الحسية لبصره, فإن الطاعة نور, والمعصية ظلمة.
6. أن المعاصي توهن القلب والبدن.
فوهنها القلب: فأمر ظاهر, بل لا تزال توهنه حتى تزيل حياته بالكلية.
ووهنها للبدن: فإن المؤمن قوته في القلب, وكلما قوي القلب قوي بدنه.
وأما الفاجر فإنه وإن كان قوي البدن فهو أضعف شيء عند الحاجة, فتخونه قوته وهو أحوج ما يكون إلى نفسه, فتأمل قوة أبدان فارس والروم كيف خانتهم أحوج ما كانوا إليها, وقهرهم أهل الإيمان بقوة أبدانهم وقلوبهم؟؟
7. حرمان الطاعة: فلو لم يكن للذنب عقوبة إلا أنه يصد عن طاعة تكون بدله, ويقطع طريق طاعة أخرى فينقطع عليه طريق ثالثة, ثم رابعة وهلمّ جرّا فينقطع عليه بالذنب طاعات كثيرة كل واحد منها خير من الدنيا وما عليها.
8. أن المعاصي تقصر العمر وتمحق بركته, فإن البر َكما يزيد في العمر فالفجور ينقص.
9. أن المعاصي تزرع أمثالها ويولد بعضها بعضا حتى يعز على العبد مفارقتها والخروج منها وكما قال بعض السلف: إنّ من عقوبة السيئة: السيئة بعدها, وإن من ثواب الحسنة: الحسنة بعدها.
10. وهو من أخوفها على العبد –أنها تضعف القلب عن إرادته فتقوى فيه إرادة المعصية, وتضعف إدارة التوبة شيئا فشيئا إلى أن ينسلخ من قلبه إرادة التوبة بالكلية.
11. أنه ينسلخ من القلب استقباحها فتصير له عادة
إما عقوبتها
1. أنها تطفئ من القلب نار الغيرة
2. ذهاب الحياء الذي هو مادة الحياء القلب وهو اصل الخير, وذهابه ذاهب كل خير بأجمعه وفي الصحيحين عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال(الحياء خير كله) وقال (إن مما أدرك الناس من كلام النبؤة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت) .. رواه أبو داود في كتاب الأدب.
3. أنها تضعف في القلب تعظيم الرب-جل جلاله.
4. أنها تخليه بينه وبين نفسه وشيطانه وذلك الهلاك الي يرجى معه نجاة.
5. أنها تخرج العبد من دائرة الإحسان وتمعنه من ثواب المحسنين.. أن الإيمان سبب جالب لكلِ خير, وكلّ خير في الدنيا والآخرة فسببه الإيمان, فكيف يهون على العبد أن يرتكب شيئآ يخرجه من دائرة الإيمان ويحول بينه وبينه.
6. أنها تضعف سير القلب إلى الله والدار الآخرة وتعوقه وتوقفه وتعطله عن السير.
7. الذنوب تزيل النعم وتحل النقم فما زالت عن العبد نعمة إلا بسبب الذنب كما قال علي رضي الله عنه (ما نزل بلاء إلا بذنب, ولا رفع بلاء إلا بتوبة)
8. ما يلقيه الله سبحان من الرعب والخوف في قلب العاصي فلا تراه إلا خائفا مرعوبا
9. توقع الوحشة العظيمة في القلب فيجد المذنب نفسه مستوحشا وقد وقعت الوحشة بينه وبين ربه وبينه وبين نفسه فكلما كثرت الذنوب اشتدت الوحشة
10. المعيشة الضنك في الدنيا وفي البرزخ والعذاب في الآخرة قال تعالى:
﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ ﴿124﴾ ﴾
قال رجل لسفيان الثوري :أشكو مرض البعد عن الله
فقال له :عليك بعرق الإخلاص وورق الصبر و عصير التواضع ،ضع كل ذلك في
إناء التقوى و صبّ عليه ماء الخشية و أقد عليه نار الحزن و صفّه بمصفاة المراقبة
و تناوله بكوب الصدق و اشربه من كأس الإستغفار و تمضمض بالورع
و ابعد نفسك عن الحرص و الطمع تشف من مرضك
بإذن الواحد القهّار
موضوع رائع
سلمت يمناك
ولاحرمتي الاجر
لاتحرمينا من مواضيعك المتميزة