بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول الدّكتور أحمد شوقي إبراهيم عضو الجَمْعيّة الطّبية المَلَكيّة بلَنْدن واستشاري الأمراض الباطنية والقلب :
إنّ الميول الإنسانية تنقسم إلى ثلاثة أقسام، ويختلف سلوك وتصرّفات الأشخاص باختلاف هذه الميول ومدى السّيطرة عليها :
1- الميول الشهوانية وتؤدي إلى الثّورة والغضب..
2- الميول التسلّطية وتؤدي إلى الكِبْر والغَطْرَسَةِ وحبّ الرّياسة ..
3- الميول الشّيطانية وتسبب الكراهية والبغضاء للآخرين.
ومهما كانت ميول الإنسان فإنَّهُ يتعرض للغضبِ فيتحفز الجسم ويرتفع ضغط الدّم فيصاب بالأمراض النّفسية والبدنية مثل السُّكَّر والذّبحة الصَّدرية.
وقد أكَّدت الأبحاث العِلْميَّة أن الغضبَ وتكراره يُقَلِّلُ من عُمُر الإنسان.
لهذا ينصحُ الرّسول صلى الله عليه وسلم المسلمين في حديثه "لا تَغَضَبْ" وليس معنى هذا عدم الغضبِ تمامًا بل عدم التَّمادي فيه وينبغي أن يغضب الإنسان إذا انتهكت حُرُمَاتُ الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم يقول لمن يغضب : "وَإذا غَضِبَ أحدُكُم فَلْيَسْكُت"…
لأنّ أي سلوك لهذا الغاضب لا يمكن أن يوافقَ عليه هو نفسه إذا ذهبَ عنه الغضبُ. ولهذا يقولُ الرّسول صلى الله عليه وسلّم :" لاَ يَحْكُمْ أَحَدُكُم بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُو غَضْبَانُ". [رواه مسلم].
والقرآن الكريم يصوّر الغضبَ قوَّة شيطانيّة تَقْهَرُ الإِنْسانَ وتَدْفَعه إلى أفعالٍ ما كان يأتيها لو لم يكن غاضبًا لسيدنا موسى ألقَى الألواح وأخذ برأس أخيه يجرّه إليه ..
فلمّا ذهب عنه الغضبُ.. ولمّا سكت عن موسى الغضب أخَذَ الألواح .. قال تعالى : ﴿وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ..﴾ [الأعراف : 154]
وكأنّ الغضب وَسْوَاسٌ قرع فِكْر مُوسى ليلقي الألواح..
وتجنب الغَضَب يحتَاجُ إلى ضبطِ النَّفس مع إيمان قويّ بالله
ويمتدح الرسول صلى الله عليه وسلم هذا السلوك في حديثه بقوله :
"لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرعَةِ، إِنّمَا الشَّدِيدُ الَّذي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ"..
ولا يكون تجنّب الغضبِ بتناول المهدّئات لأنّ تأثيرها يأتي بتكرار تناولها ولا يستطيع متعاطي المهدئات أن يتخلّص منها بسهولة
ولأنّ الغضبَ يُغيّر السلوك فإنّ العلاج يكون بتغيير سلوكِ الإنسانِ في مواجهة المشكلات اليوميّة فَيتَحَوّلُ غضبُ الإِنْسانِ إلى هدوء واتّزان ..
ويضيف الدكتور أحمد شوقي : إنّ الطبّ النّفسي توصّل إلى طريقتين لعلاج المريض الغاضب.
الأولى : من خلال تقليل الحساسية الانفعالية وذلك بتدريب المريض تحت إشراف طبيب على ممارسة الاسترخاء مع مواجهة نفس المواقف الصعبة فيتدرب على مواجهتها بدون غضب أو انفعال..
الثانية : من خلال الاسترخاء النّفسي والعضلي وذلك أن يطلب الطبي من المريض أن يتذكر المواقف الصعبة وإذا كان واقِفًا فليجلس أو يضطجع ليعطيه فرصة للتروي والهدوء ..
هذا العلاج لم يتوصل إليه الطبُّ إلاّ في السنوات القليلة الماضية بينما علمه الرسول صلى الله عليه وسلم لأصحـابه في حديثه :
"إذا غضِبَ أَحَدُكُم وَهْوَ قائِمٌ فَلْيَجْلِسْ، فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الغَضَبُ وإلاَّ فَلْيَضْطَجِعْ". [رواه أحمد، وأبو داوود. صحيح]
|