تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الدرس السادس / باب الإخلاص.

الدرس السادس / باب الإخلاص. 2024.

دار دار

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

باب : الإخــــــلاص

الإخلاص
هو أولها وأهمها وأعلاها وأساسها، هو حقيقة الدين ومفتاح دعوة الرسل عليهم السلام
(( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء))
((ألا لله الدين الخالص)).

الإخلاص
هو لب العبادة وروحها
قال ابن حزم: النية سر العبودية وهي من الأعمال بمنزلة الروح من الجسد،
ومحال أن يكون في العبودية عمل لا روح فيه، فهو جسد خراب.
والإخلاص
هو أساس قبول الأعمال وردها فهو الذي يؤدي إلى الفوز أو الخسران وهو الطريق إلى الجنة أو إلى النار
فإن الإخلال به يؤدي إلى النار وتحقيقه يؤدي إلى الجنة.

معنى الإخلاص

خلص خلوصاً خلاصاً، أي صفى وزال عنه شوبه، وخلص الشيء صار خالصاً وخلصت إلى الشيء وصلت إليه، وخلاص السمن ما خلص منه.
فكلمة الإخلاص تدل على الصفاء والنقاء والتنزه من الأخلاط والأوشاب.
والشيء الخالص هو الصافي الذي ليس فيه شائبة مادية أو معنوية.
وأخلص الدين لله قصد وجهه وترك الرياء. وقال الفيروز أبادي: أخلص لله ترك الرياء.

وأما تعريف الإخلاص في الشرع

فكما قال ابن القيم –رحمه الله
هو إفراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة أن تقصده وحده لا شريك له.

وتنوعت عبارات السلف فيه
فقيل في الإخلاص:
-أن يكون العمل لله تعالى، لا نصيب لغير الله فيه.
-إفراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة.
-تصفية العمل عن ملاحظة المخلوقين.
-تصفية العمل من كل شائبة.

المخلص
هو الذي لا يبالي لو خرج كل قدر له في قلوب الناس من أجل صلاح قلبه مع الله عزوجل،
ولا يحب أن يطلع الناس على مثاقيل الذر من عمله.
قال تعالى
((وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء))
وقال لنبيه صلى الله عليه وسلم : ((قل الله أعبد مخلصاً له ديني)).
قيل للفضيل بن عياض الذي ذكر هذا: ما أخلصه وأصوبه؟
قال: إن العمل إذا كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل وإن لم يكن خالصاً وكان صواباً لم يقبل، حتى يكون خالصاً صواباً،
والخالص أن يكون لله ، والصواب أن يكون موافقاً للسنة ، ثم قرأ
((فمن كان يرجو رحمة ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً)).
وقال تعالى
((ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن)) يعني أخلص القصد والعمل لله ، والإحسان متابعة السنة، والذين يريدون وجه الله فليبشروا بالجزاء
(( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه))
(( ذلك خير للذين يريدون وجه الله ))
وأما أهل النقيض وأهل الرياء فإن الله ذمهم وبيّن عاقبتهم
(( من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار))
وقد مدح الله المخلصين
(( إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً))
قال صلى الله عليه وسلم
((إنما الأعمال بالنيات))
إنه أهم حديث،
علمنا إياه صلى الله عليه وسلم في كل شيء، في الصلاة والصيام والحج وغيرها

أهمية الإخلاص

1-النجاة تكون بسببه في الآخرة.
2-اجتماع القلب في الدنيا وزوال الهم لا يكون إلا به
(( من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه وجمع له شمله وأتته الدنيا وهي راغمة،
ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر عليه ))
3-مصدر رزق عظيم للأجر وكسب الحسنات
((إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليه حتى ما تجعل في فم امرأتك)) {رواه البخاري}.
4-ينجي من العذاب العظيم يوم الدين فقد أخبرنا صلى الله عليه وسلم عن أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة وهم متصدق أنفق ليقال جواد،
وقاريء تعلم العلم وعلمه ليقال عالم، و مجاهد قاتل ليقال جريء..

وفي مجال عدم الإخلاص في طلب العلم

يقول صلى الله عليه وسلم
((من تعلم علماً مما يبتغى به وجه الله لم يتعلمه إلا ليصيب به عرض من عرض الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة))
الإخلاص يريح الناس يوم يقول الله للمرائين اذهبوا إلى الذين كنتم تراءون بأعمالكم في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء.

كذلك الإخلاص هو أساس أعمال القلوب
وأعمال الجوارح تبع ومكمل له، الإخلاص يعظم العمل الصغير حتى يصبح كالجبل
كما أن الرياء يحقر العمل الكبير حتى لا يزن عند الله هباء
(( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً)).
يقول ابن أبي جمرة وهو من كبار العلماء: وددت لو أنه كان من الفقهاء من ليس له شغل إلا أن يعلم الناس مقاصدهم في أعمالهم
ويقعد للتدريس في أعمال النيات ليس إلا، فإنه ما أتى على كثير من الناس إلا من تضييع ذلك
يتبع غداً أن شاء الله.

دار دار
دار
[IMG]http://mohammed14.***********/123b2copy.gif[/IMG]

دار دار

ومن فوائد الإخلاص

أنه يقلب المباحات إلى عبادات وينال بها عالي الدرجات، قال أحد السلف: إني لأستحب أن يكون لي في كل شيء نية حتى في أكلي ونومي ودخولي الخلاء
وكل ذلك مما يمكن أن يقصد به التقرب إلى الله. لأن كل ما هو سبب لبقاء البدن وفراغ القلب للمهمات مطلوب شرعاً.
النية عند الفقهاء
تمييز العبادات عن العادات وتمييز العبادات عن بعضها البعض، إرادة وجه الله عزوجل .
الإخلاص ينقي القلب من الحقد والغل ويسبب قبول العمل لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(( إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجهه)).
الإخلاص سبب للمغفرة الكبيرة للذوب.
تنفيس الكروب لا يحدث إلا بالإخلاص ، والدليل على ذلك حديث الثلاثة الذين حبستهم صخرة ففرج الله همّهم ،
وكان منهم الرجل الذي وفى عاملاً أجره ونماه وصبر على ذلك سنين، وقد كان يقول كل واحد منهم اللهم إنك إن كنت تعلم أننا فعلنا ذلك ابتغاء وجهك ففرج عنا ما نحن فيه.
وبالإخلاص يرزق الناس الحكمة، ويوفقون للصواب والحق
((إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً))
وبالإخلاص يدرك الأجر على عمله وإن عجز عنه بل ويصل لمنازل الشهداء والمجاهدين وإن مات على فراشه((ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً أن لا يجدوا ما ينفقون)).

وقال صلى الله عليه وسلم
((إن أقواماً خلفنا في المدينة ما سلكنا شعباً ولا وادياً إلا وهم معنا حبسهم العذر))
بالإخلاص
يؤجر المرء ولو أخطأ كالمجتهد والعالم والفقيه، وهو نوى بالاجتهاد استفراغ الوسع وإصابة الحق لأجل الله،
فلو لم يصب فهو مأجور على ذلك
فالمرء ينجو من الفتن بالإخلاص، ويجعل له حرز من الشهوات ومن الوقوع في براثن أهل الفسق والفجور،
لذلك نجى الله يوسف عليه السلام من امرأة العزيز
(( ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه، كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين))

الإخلاص في التوحيد

قال صلى الله عليه وسلم
((ما قال عبد لا إله إلا الله قط مخلصاً إلا فتحت له أبواب السماء حتى تفضي إلى العرش ما اجتنب الكبائر)).
في السجود
قال صلى الله عليه وسلم
((ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة وحط بها عن خطيئة)).
في الصيام
قال صلى الله عليه وسلم
((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) ،
(( من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)).
في قيام الليل
قال صلى الله عليه وسلم
(( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)).
-الإخلاص في ترك الحرام،المحبة في الله، الصدقة….
(حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله).
(( خرج للمسجد لا يخرجه إلا الصلاة لم يخطو خطوة إلا رفعت له بها درجة وحطت به خطيئة،

-الإخلاص في الخروج إلى المساجد
فإن صلى ما دامت الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه اللهم صل عليه اللهم صل عليه اللهم ارحمه، ولا يزال أحدكم في صلاة ما انتظر الصلاة)).

-الإخلاص في طلب الشهادة:

(( من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه)).

-الإخلاص في اتباع الجنائز
(( من اتبع جنازة مسلم إيماناً واحتساباً وكان معه حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها
فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط كأحد ومن صلى ثم رجع قبل أن يدفن فإنه يرجع بقيراط)).
-الإخلاص في التوبة
(( قصة قاتل المائة نفس وملائكة الرحمة)).
ومن عجائب المخلصين ما حصل لصاحب النفق، حاصر المسلمون حصناً واشتد عليهم رمي الأعداء ، فقام أحد المسلمين وحفر نفقاً فانتصر المسلمون،
ولا يُعرَف من هو هذا الرجل، وأراد مَسْلَمَة يريد أن يعرف الرجل لمكافأته،
ولما لم يجده سأله بالله أن يأتيه، فأتاه طارق بليل وسأله شرطاً وهو أنه إذا أخبره من هو لا يبحث عنه بعد ذلك أبداً ، فعاهده، و كان يقول : (( اللهم احشرني مع صاحب النفق)).
وعمل الخلوة كان أحب إلى السلف من عمل الجلوة.
يقول حماد بن زيد
كان أيوب ربما حدث في الحديث فيرقّ وتدمع عيناه، فيلتفت و ينتخط ويقول ما أشد الزكام!!، فيظهر الزكام لإخفاء البكاء.
للإمام الماوردي قصة في الإخلاص في تصنيف الكتب، فقد ألف المؤلفات في التفسير والفقه وغير ذلك ولم يظهر شيء في حياته لما دنت وفاته
قال لشخص يثق به
الكتب التي في المكان الفلاني كلها تصنيفي وإنما إذا عاينت الموت و وقعت في النزع فاجعل يدك في يدي فإن قبضت عليها فاعلم أنه لم يقبل مني شيء فاعمد إليها وألقها في دجلة بالليل وإذا بسطت يدي فاعلم أنها قبلت مني وأني ظفرت بما أرجوه من النية الخالصة،
فلما حضرته الوفاة بسط يده ، فأظهرت كتبه بعد ذلك.

دار دار
دار
دار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.