أنصح نفسي أولا ثم إياكم
إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة …موعظة
نعيش هذه الأيام مع واعظ الصيف ، فهل أصغت
قلوبنا لموعظته ؟! وهل وعينا درسه ؟!
من منا الذي لم يؤذه حر الصيف ، ولا لفح وجهه سَمومُه ؟!
كلنا وجد من ذلك نصيبا قل منه أو كثر ، فأي شيء
تعلمناه من الحر؟
روى الشيخان وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قال :
**إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم .
تخريج السيوطي
(حم ق 3 ) عن أبي هريرة (حم ق د ت) عن أبي ذر (ق) عن ابن عمر.
تحقيق الألباني
(صحيح) انظر حديث رقم: 339 في صحيح الجامع.
وعند ابن ماجه بإسناد صحيح قال صلى الله عليه وسلم :
**اشتكت النار إلى ربها فقالت : يا رب أكل بعضي بعضا فأذن لها بنفسين نفس في الشتاء و نفس في الصيف فهو أشد ما تجدون من الحر و أشد ما تجدون من الزمهرير .
تخريج السيوطي
(مالك ق هـ) عن أبي هريرة.
تحقيق الألباني
(صحيح) انظر حديث رقم: 990 في صحيح الجامع.
إن شدة الحر التي يجدها من وقف حاسر
الرأس حافي القدمين في حر الظهيرة ما هي إلا نَفَس
من فيح جهنم ، نعوذ بالله منها ومن حرها ..
في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
**ناركم هذه التي توقد بنو آدم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم قيل : يا رسول الله ! إن كانت لكافية ? قال : فإنها فضلت عليها بتسعة و ستين جزءا كلهن مثل حرها .
تخريج السيوطي
(حم ق ت) عن أبي هريرة.
تحقيق الألباني
(صحيح) انظر حديث رقم: 6742 في صحيح الجامع.
فحقٌ على العاقل أن يسأل نفسه وهو يتقي حر الدنيا :
ماذا أعد لحر الآخرة ونارها ؟
يا من لا يصبر على وقفة يسيرة في حر الظهيرة
كيف بك إذا دنت الشمس من رؤوس الخلق ، وطال وقوفهم
وعظم كربهم ، واشتد زحامهم ؟!
روى الإمام مسلم عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
**إذا كان يوم القيامة أدنيت الشمس من العباد حتى تكون قيد ميل أو اثنين فتصهرهم الشمس فيكونون في العرق كقدر أعمالهم فمنهم من يأخذه إلى عقبيه و منهم من يأخذه إلى ركبتيه و منهم من يأخذه إلى حقويه و منهم من يلجمه إلجاما .
تخريج السيوطي
(حم ت) عن المقداد.
تحقيق الألباني
(صحيح) انظر حديث رقم: 777 في صحيح الجامع.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال :
**يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه .
تخريج السيوطي
(خ ت هـ) عن ابن عمر.
تحقيق الألباني
(صحيح) انظر حديث رقم: 8146 في صحيح الجامع.
تلكم نار الآخرة ، وذاك حر الموقف ، فأين المتقون ؟!
اللهم إن أجسادنا لا تقوى على النار ، فأجرنا منها يا رحيم
رأى عمر بن عبد العزيز رحمه الله قوما في جنازة قد هربوا
من الشمس إلى الظل ، وتوقوا الغبار ، فأبكاه حال الإنسان
يألف النعيم والبهجة ، حتى إذا وُسِّد قبره فارقهما
إلى التراب والوحشة !!!
إخواني .. لئن كنا نتقي الحر بأجهزة التكييف
والماء البارد والسفر إلى المصائف ، وكل هذه نعمٌ
تستوجب الشكر ..
فهل تأملنا وتفكرنا كيف نتقي حر جهنم ؟
كيف ندفع لفحها وسمومها عن أجسادنا الضعيفة
ووجوهنا المنعمة ؟
يقول صلى الله عليه وسلم :
**من صام يوما في سبيل الله باعد الله بذلك اليوم حر جهنم عن وجهه سبعين خريفا .
تخريج السيوطي
(ن هـ) عن أبي سعيد.
تحقيق الألباني
(صحيح) انظر حديث رقم: 6329 في صحيح الجامع.
صيام الهواجر ومكابدة الجوع والعطش في يوم شديد
حرّه بعيد ما بين طرفيه ، ذاك دأب الصالحين وسنة السابقين
والمحروم من حُرم … يقول أبو الدرداء رضي الله عنه :
(( صوموا يوما شديدا حره لحر يوم النشور
وصلوا ركعتين في ظلمة الليل لظلمة القبور ))
إن من أعظم ما يُدفع به العذاب وتُتقى به النار :
الاستكثار من الحسنات والتخفف من السيئات ، فذاك هو الزاد
وتلك هي الجُنّة ..
خرج ابن عمر رضي الله عنه في سفر معه بعض أصحابه
فوضعوا سفرة لهم ، فمر بهم راع ، فدعوه إلى أن يأكل
معهم فقال : إني صائم ، فقال ابن عمر :
في مثل هذا اليوم الشديد حره وأنت بين هذه الشعاب
في آثار هذه الغنم وأنت صائم ؟!
فقال : أُبادر أيامي هذه الخالية ..
فهلم نبادر أيامنا الخالية ، حتى تلتذ أسماعنا
وما ألذه من مقال يوم يُقال :
كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ [الحاقة : 24]
وصى عمر رضي الله عنه عند موته ابنه عبد الله
فقال له : عليك بخصال الإيمان ، وسمى أولها :
الصوم في شدة الحر في الصيف ..
وكان مجمع التيمي يصوم في الصيف حتى يسقط ..
وكانت بعض الصالحات تتوخى أشد الأيام حرا فتصومه
فيقال لها في ذلك ، فتقول : إن السعر إذا رخص اشتراه كل أحد ..
تشير إلى أنها لا تؤثر إلا العمل الذي لا يقدر عليه إلا قليل
من الناس لشدته عليهم .. وهذا من علو الهمة ..
لما صبر الصائمون لله في الحر على شدة العطش والظمأ
أفرد لهم بابا من أبواب الجنة وهو باب الريان
من دخله شرب ، ومن شرب لم يظمأ بعدها أبدا ..
فإذا دخلوا أغلق على من بعدهم فلا يدخل منه غيرهم ..
إخواني في الله .. لنغتنم صيفنا بالطاعات ، ولنستزد فيه
من الحسنات ، فالأجر يعظم مع المشقة ، وعند الصباح يحمد
القوم السُرى .. حذار حذار أن تُقعدنا عن المبادرة إلى الخير
نفوس تعاف الحر ، وتحب الراحة ، فنندم يوم لا ينفع الندم ..
روى الأئمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه وسلم قال :
**سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عادل و شاب نشأ في عبادة الله و رجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إليه و رجلان تحابا في الله فاجتمعا على ذلك و افترقا عليه و رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه و رجل دعته امرأة ذات منصب و جمال فقال : إني أخاف الله رب العالمين و رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه .
تخريج السيوطي
(مالك ت) عن أبي هريرة وأبي سعيد (حم ق ن) عن أبي هريرة (م) عن أبي هريرة وأبي سعيد معا.
تحقيق الألباني
(صحيح) انظر حديث رقم: 3603 في صحيح الجامع.